أصدرت الدائرة الجنائية "هـ" – بمحكمة النقض – حكما فريدا من نوعه، بإلغاء حكم أول درجة بسجن "شخص" 10 سنوات وغرامة 200 ألف جنيه، لاتهامه تكوين جماعة منظمة للهجرة غير الشرعية، والقضاء مجددا ببراءته مما نسب إليه، مستندة على دفع "تشابه الأسماء"، وقالت نصا:
ومن ثم فإن ما أورده الحكم وجعله عماد قضائه في التدليل على أن الطاعن هو مرتكب الواقعة - لا أصل له ولا تسانده التحقيقات والمستندات إثباتاً واستخلاصاً، وإنما هو ابتداع من الحكم وانتزاع له من الخيال ولاسيما أن الطاعن لم يُسأل في أي دور من أدوار التحقيق ولم يعرض عرضاً قانونياً على شاهد الإثبات الثاني طوال مرحلة المحاكمة، ولا يغير من ذلك ما جاء بتحريات المباحث من أن الطاعن هو مرتكب الواقعة إذ أنها لا تتضمن سوى رأى مجريها والتي لا يجوز الركون إليها بمفردها في القضاء بالإدانة، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما أسند إليه.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 7179 لسنة 89 القضائية، لصالح المحامى بالنقض جورج أنطون، برئاسة المستشار عابد راشد، وعضوية المستشارين أحمد أحمد خليل، ووليد عادل، وأحمد محمود شلتوت، وشريف عصام، وبحضور كل من رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض أحمد عبد العزيز، وأمانة سر محمد فوزى.
الوقائع.. اتهام شخص بتكوين جماعة منظمة للهجرة غير الشرعية
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم 597 لسنة 2018 مركز مطوبس، والمقيدة بالجدول الكلى برقم 1450 لسنة 2018 كفر الشيخ، بأنه - وآخرين سبق الحكم عليهم - في الأول من ديسمبر سنة 2017 بدائرة مركز مطوبس، محافظة كفر الشيخ، كونوا فيما بينهم جماعة إجرامية منظمة لأغراض تهريب المهاجرين بأن شرعوا في نقل عدد من المهاجرين، تجاوز عددهم عشرين شخصاً، وكان ذلك باستخدام وسيلة نقل "عائمة صيد" غير مجهزة تم استعمالها في غير الغرض المخصص له.
وكان من شأن ذلك تهديد حياة من يجري تهريبهم من المهاجرين وتعريض صحتهم للخطر ومعاملتهم بطريقة غير إنسانية بأن استعملوا طرقا احتيالية لخداع المجنى عليهم سالفي الذكر بإيهامهم بمقدرتهم على تسفيرهم إلى دولة ليبيا بطريق غير شرعي، وتحصلوا بذلك على المبالغ المالية المبينة مقداراً بالأوراق وقد خاب أثر جريمتهم لسبب لا دخل لإرادتهم فيه، وهو تعطل وسيلة النقل آنفة البيان وضبطهم بمعرفة السلطات الفرنسية وترحيلهم بمعرفة السلطات المختصة على النحو المبين بالتحقيقات.
المحكمة تقضى على المتهم بالسجن 10 سنوات وغرامة 200 ألف جنيه
وفى تلك الأثناء – أحالته النيابة العامة إلى المحاكمة الجنائية العاجلة أمام محكمة جنايات كفر الشيخ لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 6 من فبراير سنة 2019 عملاً بالمواد 1، 4، 5، 6 فقرة 1، 2 بنود 1-2-3-5-6 والمادة 7 البندين رقمى 1، 5، 9 من القانون رقم 82 لسنة 2016 أولا: بمعاقبة "عزت. ب" بالسجن المشدد 10 سنوات وبتغريمه مائتي ألف جنيه، ثانياً: بمعاقبة المهاجرين بالسجن المشدد 5 سنوات وبتغريمهم 200 ألف جنيه.
فطعن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض في 14 من فبراير سنة 2019، ومحكمة النقض قضت بجلسة 8 من مايو سنة 2022 بعدم قبول الطعن المقدم منه شكلاً، فتقدمت نجلة المحكوم عليه بطلب رجوع في هذا الحكم استناداً إلى أن مذكرة أسباب طعنه بالنقض تم إيداعها في الميعاد المقرر قانونا بتاريخ 7 من أبريل سنة 2019 ولم تعرض على محكمة النقض قبل الفصل في موضوع الطعن، فحرر المكتب الفني المحكمة النقض مذكرة مشفوعة بالرأي، وعرض الأمر على محكمة النقض، وحددت جلسة لنظر الطعن.
مذكرة الطعن تستند على تشابه الأسماء لإلغاء الحكم
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: حيث إن هذه المحكمة سبق وأن قضت بجلسة 8 من مايو سنة 2022 بالنسبة للطاعن بعدم قبول طعنه شكلاً استناداً إلى أنه لم يقدم أسباباً لطعنه، غير أنه تبين بعد ذلك أن أسباب هذا الطعن كانت قد قُدمت إلى قلم كتاب نيابة كفر الشيخ الكلية من محام مقبول، ولم تعرض على هذه المحكمة قبل صدور الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً - على ما هو ثابت من مذكرة المكتب الفني المحكمة النقض المرفقة، لما كان ما تقدم، فإنه يتعين الرجوع عن حكم محكمة النقض الأنف بيانه .
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت: حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه - وآخرين سبق الحكم عليهم - بجريمتي تكوين جماعة إجرامية بغرض تهريب المهاجرين، والشروع في تهريبهم حال كونهم أكثر من 20 شخصا وتعريض حياتهم للخطر مقابل الحصول على منفعة مادية - قد شابه فساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه اطرح دفاعه المؤيد بالمستندات بانتفاء صلته بالواقعة، وأنه ليس المعنى بالاتهام بما لا يصلح رداً ، ودون أن يعن بتحقيقه أو بتمحيص المستندات المقدمة منه - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
متى يبنى الحكم على أسس صحيحة؟
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: ومن حيث إنه وإن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص الواقعة وثبوتها في حق المتهم من أدلتها وعناصرها المختلفة إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغاً وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائماً في أوراق الدعوى، فالأحكام يجب أن تبنى على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها، فإذا استند الحكم إلى رواية أو واقعة لا أصل لها في التحقيقات، فإنه يكون معيباً لابتنائه على أساس فاسد متى كانت الرواية أو الواقعة هي عماد الحكم، فلا مشاحة أن يقدر قاضي الموضوع التحقيقات وما بها من أدلة وأن يستخلص منها الوقائع التي يعتقد ثبوتها ويبني عليها حكمه، ولكن بشرط أن تكون هذه الوقائع متمشية مع تلك التحقيقات، وما بها من أدلة بحيث إذا كان لا أثر لها في شيء منها، فإن عمل القاضي في هذه الصورة يعتبر ابتداعاً للوقائع وانتزاعاً لها من الخيال، وهو ما لا يسوغ له إتيانه، إذ هو مكلف بتسبيب حكمه تسبيباً من جهة الوقائع على أدلة تنتجها ومن جهة القانون على نصوص تقتضى الإدانة في تلك الوقائع الثابتة.
النقض تكتشف واقعة تشابه الأسماء
لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد دفع بانتفاء صلته بالاتهام وقدم حافظة مستندات طويت على صورتين ضوئيتين لبطاقتي رقم قومي - الأولى خاصة به وتحمل اسمه "....." والثانية لشخص يدعى "....." وكان البين من الاطلاع على المفردات بعد ضمها أن شاهد الإثبات الثاني " ...."، وقرر بالتحقيقات أن من اتفق معه على تسفيره لدولة ليبيا يدعى "...." أقواله وأقوال باقي شهود الإثبات من ذكر اسم الطاعن أو نسبة الاتهام إليه، وكان الحكم المطعون فيه رغم ما قرر به المجنى عليه بالتحقيقات من أن مرتكب الواقعة يدعى "....".
ووفقا لـ"المحكمة": ورغم أن ما قدمه الطاعن من مستندات تظاهر دفاعه من أنه ليس المعنى بالاتهام ويوجد شخص آخر يتشابه اسمه معه نسب الاتهام للطاعن باعتبار أنه المعنى بالاتهام، ومن ثم فإن ما أورده الحكم وجعله عماد قضائه في التدليل على أن الطاعن هو مرتكب الواقعة - لا أصل له ولا تسانده التحقيقات والمستندات إثباتاً واستخلاصاً، وإنما هو ابتداع من الحكم وانتزاع له من الخيال ولاسيما أن الطاعن لم يُسأل في أي دور من أدوار التحقيق ولم يعرض عرضاً قانونياً على شاهد الإثبات الثاني طوال مرحلة المحاكمة، ولا يغير من ذلك ما جاء بتحريات المباحث من أن الطاعن هو مرتكب الواقعة إذ أنها لا تتضمن سوى رأى مجريها والتي لا يجوز الركون إليها بمفردها في القضاء بالإدانة، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما أسند إليه، وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة: أولاً: بالرجوع في الحكم الصادر بجلسة 8 مايو 2022 فيما قضى به من عدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للطاعن "ع. ع"، ثانياً: بقبول الطعن المقدم منه شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وببراءته مما أسند إليه.
محكمة النقض تتصدى لأزمة تشابه الأسماء 1