الجمعة، 13 سبتمبر 2024 06:34 م

تأثير السياسة على صياغة ورسم التشريعات.. 4 مميزات تتسم بها التشريعات فى الأنظمة الديمقراطية.. و3 تأثيرات اجتماعية وسياسية.. وخبير: تحقيق العدالة يتطلب مرونة وشفافية للقوانين.. وأن تكون قابلة للمساءلة

تأثير السياسة على صياغة ورسم التشريعات.. 4 مميزات تتسم بها التشريعات فى الأنظمة الديمقراطية.. و3 تأثيرات اجتماعية وسياسية.. وخبير: تحقيق العدالة يتطلب مرونة وشفافية للقوانين.. وأن تكون قابلة للمساءلة محكمة - صورة أرشيفية
الإثنين، 26 أغسطس 2024 08:00 م
كتب علاء رضوان

تبدو الحاجة ملحة إلى كل من القوانين والسياسات في المجتمعات المعاصرة، لأنها تساعد في الحفاظ على النظام المجتمعي، ورغم ما تحويه القوانين والسياسات العامة من تداخل وترابط إلا أنهما بلا شك مصطلحان متباينان لهما سمات مختلفة حينًا ومتشابهة حينًا آخر، ولا يمكن لأي مجتمع أن يمضي قدمًا دون القوانين والسياسات، فإصدار القوانين تتطلب وجود سياسة تشريعية واضحة ومتجانسة تستهدف إصدار سلسلة قوانين ولوائح، متكاملة في أحكامها ومتسقة في غاياتها، ويكون من شأن تطبيقها التصدي لمسألة أو عدة مسائل تقع في صلب اهتمامات ومصالح المجتمع من جانب اجتماعي أو مالي أو اقتصادي أو تنموي أو بيئي وحتى دولي، وهي تعد جزءاً من السياسات العامة بمختلف مجالاتها وأهدافها الكلية والجزئية.

المشرعون في المجالس التشريعية أو التنظيمية يسعون بشكل دائم ومستمر إلى وضع القواعد التي تُحدد العمل الحكومي، وعلى الطرف المقابل تهتم الحكومة بالقضايا العامة كالصحة والتعليم والثقافة والإعلام والبيئة والرياضة وغيرها، ويُترجم هذا الاهتمام في السياسات العامة التي تتبناها الحكومة، وتظهر في صورة قرارات ومشروعات وبرامج وقوانين في شتى المجالات، ومع أن القوانين تُعَد صناعة حكومية محضة إلا أنها مُغايرة للسياسات العامة، وتمثل العملية التشريعية منهجية لترجمة السياسات العامة إلى مجموعة من النصوص القانونية التي تتصف بالتجرد والموضوعية والإلزام.  
 

1

 

تأثير السياسة على صياغة ورسم التشريعات

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في تأثير السياسة على صياغة ورسم التشريعات، حيث تُعتبر التشريعات أداة أساسية للحفاظ على النظام الاجتماعي وتحقيق العدالة، حيث تضع الإطار القانوني الذي يحكم السلوكيات المقبولة وتحدد العقوبات المناسبة للمخالفات، ومع ذلك، فإن صياغة هذه التشريعات وتطبيقها تتأثر بشكل كبير بالنظام السياسي السائد في كل بلد – بحسب أستاذ القانون الجنائى والخبير القانوني الدولى محمد أسعد العزاوي.

في البداية - سنتكلم هنا عن تأثير السياسة على صياغة ورسم التشريعات من خلال تقسيم الحديث إلى خمسة مطالب، حيث سنتناول في المطلب الأول منهُ التشريعات في الأنظمة الديمقراطية، بينما سنتناول في المطلب الثاني منهُ التشريعات في الأنظمة الديكتاتورية، وسنتحدث في المطلب الثالث، عن الانظمة الديمقراطية والديكتاتورية في التشريعات، أما المطلب الرابع فسنتطرق فيه إلى التأثيرات الاجتماعية والسياسية للتشريعات، أما في المطلب الخامس والذي كان من نصيب أمثلة حول تأثير السياسة على صياغة ورسم التشريعات – وفقا لـ"العزاوى". 
 

أهمية_القانون_في_تنظيم_العلاقة_بين_الناس

 

المطلب الأول: التشريعات في الأنظمة الديمقراطية

 

في الأنظمة الديمقراطية، تتسم التشريعات بوجود آليات للمساءلة والشفافية التي تضمن حقوق الأفراد وتحميهم من التعسف، ومن هنا يمكن تلخيص تأثير الديمقراطية على التشريعات في النقاط التالية – الكلام لـ"العزاوى":

أولاً - الشفافية والمساءلة تكون عملية صياغة القوانين في الأنظمة الديمقراطية مفتوحة للمناقشة العامة والتدقيق من قبل وسائل الإعلام والمجتمع المدني، مما يعزز الشفافية والمساءلة.

ثانياً - حماية حقوق الإنسان غالبًا ما تضع الديمقراطيات حقوق الإنسان في صميم تشريعاتها الجنائية، حيث يتم التركيز على حماية حقوق الأفراد وضمان محاكمات عادلة.

ثالثاً- التعددية وحرية التعبير، تسهم حرية التعبير والتعددية في توفير منصة للنقاش العام حول التشريعات الجنائية، مما يسمح بوجود نقاشات متنوعة تسهم في تحسين القوانين وتطويرها.

رابعاً- التوازن بين الأمن والحرية، تسعى الأنظمة الديمقراطية إلى تحقيق توازن بين الحفاظ على الأمن العام وضمان الحريات الفردية، وهو ما ينعكس في صياغة القوانين الجنائية وغيرها. 
 

2

 

المطلب الثاني: التشريعات في الأنظمة الديكتاتورية

 

في الأنظمة الديكتاتورية، يتم استخدام التشريعات الجنائية كأداة لتعزيز السيطرة السياسية وتقييد الحريات الفردية، ومن هنا يتميز تأثير الديكتاتورية على التشريعات بالآتي:

أولاً- استخدام القانون كأداة قمع، غالبًا ما تُستخدم القوانين الجنائية في الأنظمة الديكتاتورية كوسيلة لقمع المعارضة السياسية وتقييد حرية التعبير.

ثانياً- غياب الشفافية والمساءلة، تفتقر عملية صياغة القوانين في الأنظمة الديكتاتورية إلى الشفافية، حيث تُتخذ القرارات بشكل مركزي دون مشاركة أو مساءلة من قبل الجمهور.

ثالثاً-  تجاهل حقوق الإنسان، تركز التشريعات في الأنظمة الديكتاتورية على حماية النظام بدلاً من حماية حقوق الأفراد، مما يؤدي إلى انتهاكات متكررة لحقوق الإنسان.

رابعاً- تسييس النظام القضائي، يتم تسييس النظام القضائي في الأنظمة الديكتاتورية لخدمة أهداف النظام الحاكم، حيث تُستخدم المحاكم كأداة لتصفية الخصوم السياسيين. 
 

630208e310e5a

 

المطلب الثالث: الأنظمة الديمقراطية والديكتاتورية في التشريعات.

 

أولاً- آليات صياغة القوانين، في الديمقراطيات، يتمتع المواطنون بدور كبير في صياغة القوانين من خلال الانتخاب والتمثيل البرلماني، بينما في الديكتاتوريات، تُصاغ القوانين من قبل النخبة الحاكمة دون مشاركة شعبية.

 

ثانياً- التركيز على حقوق الأفراد مقابل النظام بينما تركز الديمقراطيات على حماية حقوق الأفراد وضمان العدالة، تميل الديكتاتوريات إلى حماية النظام الحاكم واستخدام التشريعات كوسيلة لتأمين سلطتها.

 

ثالثاً- مرونة التشريعات واستجابتها للتغيير، كما تتميز التشريعات في الأنظمة الديمقراطية بالمرونة وقدرتها على التكيف مع التغيرات الاجتماعية والسياسية، بينما تظل التشريعات في الأنظمة الديكتاتورية جامدة وتتغير فقط لتلبية احتياجات النظام الحاكم.

 

رابعاً - التطبيق الفعلي للقوانين، يتسم تطبيق القوانين في الديمقراطيات بالموضوعية والحياد، حيث يتم تطبيق القانون على الجميع دون تمييز. في المقابل، يُستخدم القانون في الديكتاتوريات كأداة لتصفية الحسابات السياسية والقمع. 

 

الفرق_بين_الدستور_والقانون

 

المطلب الرابع: التأثيرات الاجتماعية والسياسية للتشريعات

 

اولاً- الثقة في النظام القضائي، تعزز التشريعات العادلة والشفافة الثقة في النظام القضائي وتعزز الاستقرار الاجتماعي في الأنظمة الديمقراطية، بينما يؤدي استخدام القانون كأداة قمعية في الديكتاتوريات إلى انعدام الثقة وزيادة التوترات الاجتماعية.

ثانياً - الاستقرار السياسي والاجتماعي، تحقق الأنظمة الديمقراطية استقرارًا سياسيًا واجتماعيًا من خلال سيادة القانون والمساءلة، في حين قد تواجه الديكتاتوريات اضطرابات سياسية واجتماعية نتيجة القمع وعدم العدالة.

ثالثاً - التنمية الاقتصادية، تعزز التشريعات الجنائية العادلة التنمية الاقتصادية من خلال حماية الحقوق وتشجيع الابتكار والاستثمار، بينما تؤدي القوانين القمعية إلى هروب رأس المال وتدهور اقتصادي. 
 

قانونية-حول-أزمة-دارفور-بين-السياسة-و-القانون-الدولي-الانساني

 

المطلب الخامس: أمثلة حول تأثير السياسة على صياغة ورسم التشريعات

 

أولا- دولة الولايات المتحدة الأمريكية إصلاح نظام الرعاية الصحية، قانون الرعاية الصحية بأسعار معقولة (Affordable Care Act - ACA) حيث كانت هذه القضية محورية في الحملة الانتخابية للرئيس باراك أوباما في 2008م، وبعد انتخابه، عمل الحزب الديمقراطي على صياغة هذا القانون الذي واجه معارضة شديدة من الحزب الجمهوري، ومن ثم تم تعديل القانون عدة مرات، وكان محورًا للجدل السياسي لسنوات.

ثانياً- دولة الهند لديها قوانين تتعلق الزراعة، فقوانين الإصلاح الزراعي لعام 2020م، كان لتأثيرات السياسية دور كبير حيث قامت الحكومة الهندية بقيادة حزب بهاراتيا جاناتا بتقديم إصلاحات زراعية تهدف إلى تحرير سوق الزراعة، وقوبلت هذه الإصلاحات باحتجاجات ضخمة من قبل المزارعين الذين شعروا بأنها تهدد مصادر رزقهم، مما أدى إلى اضطرار الحكومة إلى إلغاء هذه القوانين بعد ضغوط سياسية يعكس تأثير السياسة على التشريع.

ثالثاً- دولة روسيا لديها قوانين الإعلام والرقابة  فقوانين تنظيم الإعلام والإنترنت ذات تأثير سياسي، الحكومة الروسية تستخدم التشريعات لتعزيز الرقابة على وسائل الإعلام والإنترنت، حيث تتأثر القوانين بشكل كبير بالسياسات الحكومية التي تهدف إلى السيطرة على تدفق المعلومات وضمان الاستقرار السياسي.

رابعاً- دولة أستراليا سياسة اللجوء والهجرة تُستخدم سياسة الهجرة في أستراليا كأداة سياسية هامة، حيث تؤثر الانتخابات والسياسات الحزبية على صياغة قوانين الهجرة، يُلاحظ تشديد القوانين في فترات معينة، خاصة مع تصاعد التوترات حول قضايا الأمن والاقتصاد.

خامساً- دولة الصين تعمل على تنظيم التكنولوجيا وقوانين الأمن السيبراني والبيانات حيث تعمل الحكومة الصينية تحت قيادة الحزب الشيوعي والتي تصدر تشريعات صارمة لتنظيم التكنولوجيا والبيانات، متأثرة بالسياسات الداخلية المتعلقة بالسيطرة على المعلومات والأمن القومي. 
 

أهمية_القانون_في_المجتمع

 

خلاصة القول:

هذا كله يؤكد أن النظام السياسي له تأثير كبير على صياغة وتطبيق التشريعات، في حين تسعى الأنظمة الديمقراطية إلى تعزيز العدالة وحماية حقوق الأفراد، بينما تستخدم الأنظمة الديكتاتورية القوانين كأداة لتحقيق السيطرة السياسية وقمع المعارضة، وبالتالي، فإن تعزيز الديمقراطية وسيادة القانون يمكن أن يسهم في تطوير تشريعات عادلة وفعالة تخدم المجتمع ككل، بالاضافة إلى ذلك أن تحقيق العدالة يتطلب أن تكون القوانين مرنة وشفافة وقابلة للمساءلة، مما يتيح للدول أن تتكيف مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وتحقيق الاستقرار والتنمية الشاملة.

 

712967-عزاوى
 
أستاذ القانون الجنائى والخبير القانوني الدولى محمد أسعد العزاوي

موضوعات متعلقة :

"قول للى أكل الحرام يخاف".. شروط استحقاق الوصية الواجبة ومتى لا تنفذ؟.. 3 شروط حددها المشرع للاستحقاق.. المادة 76 من قانون الوصية نظمت المسألة.. والغرض الحفاظ على حقوق الأحفاد من الأجداد.. والنقض تتصدى للأزمة

فين الشاي؟.. هل هناك فرق بين الرشوة والمكافأة اللاحقة والإكرامية؟.. الأولى عقوبتها المؤبد والثانية السجن والغرامة.. والأطراف تستغل المصطلح كثغرة.. والمشرع فرق بينهما بتاريخ ارتكاب الجريمة.. والنقض تتصدى للأزمة

بالتزامن مع اقتراب دخول المدارس.. "الولاية التعليمية حق مين؟".. الأصل للأب وحده.. والمشرع أجاز أن تؤول لـ"الأم" بطلب قضائى.. القرار تقديرى لقاضى الأمور الوقتية.. ويجوز التظلم عليه.. ومقترح بانشاء "قضاء مستعجل"

جريمة الابتزاز الإلكترونى ومصيدة النساء والفتيات.. 3 أنواع للابتزاز.. وفراغ تشريعى للعقوبة.. والمشرع أغفلها فى قانون الجرائم الإلكترونية لتصدى قانون العقوبات لها.. وخبير يضع 6 حلول للمُبتز.. و6 أخرى للحماية


الأكثر قراءة



print