الواقع والحقيقة يؤكدان أن شهادة الشهود أو البينة الشخصية وسيلة من وسائل الإثبات القانونية والمقصود منها أن يثبت المرء حقه أو يثبت ادعاءه في مجلس القضاء بأشخاص يسميهم للقاضي للإدلاء بالشهادة في النزاع المنظور أمام المحكمة، ودائما يلجأ الناس لإشهاد بعضهم البعض في معاملاتهم، وذلك لحفظ الحقوق ولكن هنالك من يخطئ في اختيار الشاهد أو الشهود، مما يتسبب له في المستقبل إذا حدث خلاف في ضياع حقه والسبب يعود لجهل الكثير من الناس في معرفة شروط الشهادة ومدى انطباقها على الشاهد أو شهود الذين أشهدهم على حقه عند الآخرين.
وتعتد المحاكم المصرية بشهادة الشهود و تؤثر تلك الشهادة على حجية الأحكام و لها أهميتها فى الاثبات من بين وسائل الإثبات القانونية، و كان لها أهميتها فى نصوص القانون المدنى حيث نصت العديد من المواد القانونية على أهمية الشهادة و الشهود و الاثبات فى المحاكم المدنية و الجنائية على السواء، وهناك العديد من الحالات التي يصدر فيها قرار ببطلان شهادة الشهود في القانون المصري، وشهادة الشهود أو الشهادة هي نوع من الإفادات أو المعلومات التي يدلي بها الشهاد أمام القضاء قصد كشف الحقيقة.
الشهود في المحاكمات الجنائية
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على الشهود في المحاكمات الجنائية، وأنواعها، فقد نص المشرع في قانون الإجراءات على ضرورة سماع شهادة الشهود، لما لها من أهمية في تغيير مجرى الدعوى، ومن الوسائل المستخدمة في الإثبات الكتابة، حيث عرفت منذ القدم باللوائح المنصوصة والاتفاقات الحاسمة، وثانيا الشهادة، ومن هنا فإن الدور التي تساهم فيه الشهادة في الكشف عن الوقائع، والوصول إلى النتيجة والأخذ بتحريم شهادة الزور، لضمان الحق لأهله ومصداقية للأدلة والشروط في التشريعات الجزائية – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض عاطف قمصان.
في البداية - فالشهادة من أهم طرق الإثبات وأكثرها استعمالا، فهي تساهم بشكل كبير في إظهار مرتكب الجرم، ولقد اختلف الفقهاء في تعريف الشهادة نظرا لاختلاف الفقهاء في آرائهم، فالشهادة في اللغة تعني البينة أو الدليل، إما إصطلاحا فهي كما عرفها بعض الفقهاء إثبات حادثة معينة عما يصدر عن بعض الأشخاص من قول أو فعل بطريقة مباشرة، وقد عرفها آخرون أنها تعبير شفوي يقوم به الشاهد بعد إداء اليمين أمام القاضي، وبعد التعرف على مفهوم الشهادة لا بد أن نتطرق لأهم ما يميز الشهادة عن غيرها من وسائل الإثبات، حيث تعتبر دليل مقنع غير ملزم، كما تتسم بأنها غير قاطعة، أي يمكن نفيها – وفقا لـ"قمصان".
الشهادة على 3 أشكال
تكون الشهادة على 3 أشكال: الشهادة المباشرة والشهادة السماعية والشهادة بالتسامع، فالشهادة المباشرة تعني أن يصرح الشاهد عما يصدر أمامه من قول أو فعل مباشرة دون الأعتماد على شهادة غيره، والشهادة السماعية هي أن يصرح الشاهد بها رواية عن الغير وليس منه مباشرة، إما الشهادة بالتسامع فهي أن يصرح الشاهد شهادته معتمداً على شخص سمع عن آخرين، مثال: كأن يقول شخص سمعت الناس يقولون ذلك – الكلام لـ"قمصان".
الشهود هم ثلاثة فئات:
1-شهود إثبات:
وهم من سمعتهم النيابة و هي بصدد إثبات التهمة علي المتهم و حوتهم قائمة أدلة الثبوت كدليل علي ارتكاب المتهم للجرائم المنسوبة إليه.
2-شهود النفي :
وهم من يطلب المتهم ودفاعه الاستماع إلي شهادتهم، وذلك بغرض نفي التهمة عن المتهم.
3-شهود الخبرة :
وهم ليسوا شهود إثبات أو شهود نفي، ولكن يتم الاستعانة بهم لإيضاح بعض الأمور الفنية والتي قد تغيب عن المحكمة أو النيابة أو الدفاع مثل مفتشي الصحة و الأطباء الشرعيين أو خبراء الأسلحة و الذخائر أو المراجعين الفنيين و الخبراء الحسابيين في جرائم التزوير أو الاختلاس.
-للمحكمة أن تستدعي شهود الإثبات من تلقاء نفسها أو بناءا علي طلب الدفاع إذا رأت لشهادتهم محل، وليس من المتصور أن تطلب النيابة سماع شاهد الإثبات بعد أن استمعت إليه وانفردت به، واكتفت منه لدرجة تضمين شهادته ضمن قائمة أدلة الثبوت .
-للمتهم ودفاعه أن يطلب من المحكمة التصريح بسماع شهود النفي .
-للمحكمة أن تستدعي شهود الخبرة من تلقاء نفسها أو بناءا علي طلب الدفاع .
-تبدأ المحكمة بسؤال الشاهد عن اسمه و سنه و مهنته ثم تحلفه يميناً بأن يقول الحق ولا شيء غير الحق ثم تشرع في سؤاله ( س و ج)
-بعد أن تفرغ المحكمة من سؤاله يأتي دور النيابة والتي غالبا ما تكتفي بما سبق أن أجرته من تحقيق فتُذكر المحكمة مُبدية اكتفاءها .
دور الدفاع وما يجب عليه أن يلتزم به
-ثم يأتي دور الدفاع والذي عليه أن يلتزم بالآتي – طبقا لـ"قمصان":
1-توجيه السؤال الي المحكمة و التي تقوم بدورها بتوجيهه الي الشاهد أو الاكتفاء بتوجيه كلمة ( جاوب ) الشاهد.
2-عدم تكرار أي سؤال سبق للمحكمة أو النيابة أن و جهته الي الشاهد و قام بالإجابة عليه (إلا إذا كانت الإجابة ناقصة أو غير مفهومة بالنسبة للدفاع)
3-الالتزام بأدوات الاستفهام في اللغة العربية .. متي .. أين .. من .. كيف .. ما .. ماذا .. لماذا .. علل ..
4-لا يجوز توجيه الشاهد أو مقاطعته، ولا يجوز كذلك تعنيفه أو الإشارة إليه بأي شكل عدائي أو ودود، فضلا عن أن التعامل مع الشاهد يكون بحياد تام .
5-يجب علي محامي الدفاع قبل الحضور أن يجهز أوراقه لمتابعة و تدوين أقوال الشهود بحيث يتمكن من ذلك في سرعة و مجاراة لسرد الشهود، فيضع ورقة للاستهلالية التي تقوم بها المحكمة و التي تتضمن بالنداء علي الشاهد تبين حضوره (اسمك .. سنك.. مهنتك احلف)، ويكتفي بوضع علامة صح علي كل كلمة تم تحقيقها (ذكر اسمه ....، سنه....، مهنته....).
ماذا بعد حلفه؟
ستقوم المحكمة بتلاوة قرار الاتهام في حضوره حتي يعلم ما هو قادم للشهادة بشأنه ثم تبدأ في سؤاله :
ما هي معلوماتك عن الوقائع موضوع الاتهام ؟
أو ما هو مضمون شهادتك ؟
أو جاي تشهد بأيه؟ إذا كان الشاهد محدود الثقافة ..
ثم تسأله في تفصيلات شهادته حتي إذا انتهت سألت النيابة إذا كانت ترغب في سؤاله (غالبا تكتفي).
ثم يأتي دور الدفاع :
مع الالتزام بعدم تكرار أي سؤال إلا أنه يبقي السؤال عما تناقض فيه الشاهد بين أقواله أمام النيابة وشهادته أمام المحكمة من أهم الأسئلة والذي قد يهدر شهادة شاهد الإثبات، وكذلك تناقض أقواله مع الدليل الفني، استكمال كل مافات المحكمة أو النيابة من أسئلة يكون من شأنها تحسين موقف المتهم أو نفي التهمة .
ولكنه بالنسبة لشاهد الإثبات إذا لم تري المحكمة استدعاؤه فيُنصح بعدم استدعاؤه إذا كان الاتهام غير ثابت بحق المتهم أو كانت شهادة شاهد الإثبات مهترئة، فإن استدعاؤه سوف يكون من شأنه تصحيح العوار الذي أصاب شهادته، وهو ما قد ينعكس بالسلب علي موقف المتهم، أما إذا كانت شهادته جازمة بحق المتهم، فإنه يُفضل استدعاؤه ربما ينسي أو يخطيء أو يختصر بحيث يستفيد المتهم ودفاعه من هذا القصور - هكذا يقول "قمصان".
أما بالنسبة لشاهد النفي فيُنصح للدفاع بعدم التواصل معه أو تلقينه مضمون شهادته، فإن من استشهد به هو المتهم ومن حدده هو المتهم، ومن طلبه هو المتهم، فليتحمل المتهم وزر شهادته إن كانت زوراً، وغالبا ما تتركه المحكمة لمن استدعاه ليسأله، فيجب علي الدفاع أن يكون مستعدا حتي لا يجيب المحكمة بكلمة شكرا، فيتعرض للتبكيت و الإهانة أمام الحضور .
الخبير القانوني والمحامى بالنقض عاطف قمصان