أصدرت الدائرة الجنائية ( هـ ) – بمحكمة النقض – حكما فريدا من نوعه، برفض طعن النيابة العامة على حكم البراءة، وتأييد البراءة فى قضية غسل أموال بمقدار 50 الف دولار، مستندة في حيثيات الحكم على عدة أسباب أبرزها: "1- الإدانة فى جريمة غسيل الأموال شرطها ثبوت الإدانة فى واقعة مصدر الأموال بحكم معاقب عليه.
2-الحكم الصادر بإنقضاء الدعوي الجنائية بمضي المدة هو حكم فى موضوع الواقعة".
3- متى تقرر إنقضاء الدعوي الجنائية بحكم قضائي زالت كل آثار الحكم السابق الصادر بشأنها وما كان قد يتفرع عنه من جرائم مرتبطة.
4- وأن عدم الإدانة فى جريمة مصدر الأموال يقطع الطريق على قيام جريمة غسل الأموال للتلازم بين جريمة غسل الأموال ومصدر الأموال.
ملحوظة: يأتي هذا الحكم على الرغم أن ولإن كان فعلا شرط جريمة غسيل الأموال شرطها الإدانة فى جريمة المصدر إلا أن انقضاء الدعوي الجنائية فى جريمة المصدر لا ينفي قيام واقعة السرقة.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 4629 لسنة 90 القضائية، لصالح المحامى بالنقض أحمد الحنفى، برئاسة المستشار ربيع لبنه، وعضوية المستشارين أحمد الوكيل، وهشام أنور، وأيمن الصاوي، وهشام الشرملسى، وبحضور رئيس النيابة العامة لدي محكمة النقض أحمد سرحان، وأمانة سر مصطفى خالد.
الوقائع.. إحالة شخصين للمحاكمة لإتهامها بجريمة غسل الأموال
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده في قضية النيابة العامة رقم 4756 لسنة 2018 جنايات الساحل والمقيدة برقم 182 لسنة 2018 كلي شمال القاهرة، بأنه وآخر سبق الحكم عليه في غضون عام 2008 بدائرة قسم الساحل - محافظة القاهرة ارتكب جريمة غسل أموال مقدارها - خمسين ألف دولار أمريكي وتسعين ألف جنيه مصري - والتي تحصلا عليها من جريمة سرقة موضوع القضية رقم 21560 لسنة 2007 جنح العجوزة بأن قاما بإستبدال العملة الأجنبية بما يعادلها من العملة الوطنية واستخدام كل منها جزء من ذلك المال وإجمالي المال من العملة الوطنية المتحصل عليه من الجريمة الأولية في شراء سيارة - الأول السيارة رقم 40656 ملاكي القليوبية، والثاني السيارة رقم 835010 ملاكي القاهرة، وقيام الثاني باستثمار بعض ذلك المال في شراء مصوغات ذهبية وكان القصد من ذلك السلوك إخفاء حقيقة هذه الأموال وتمويه طبيعتها وافضاء صفة المشروعية عليها والحيلولة دون اكتشاف ذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
محكمة الجنايات تقضى بالبراءة.. والنيابة تطعن
وفى تلك الأثناء – احالته النيابة العامة إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته وفقاً للقيد والوصف الوارد بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت بجلسة 5 من يناير لسنة 2021 ببراءة المتهم مما أسند إليه، فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 29 من فبراير لسنة 2021 وبذات التاريخ أودعت مذكرة بأسباب طعن النيابة العامة موقعاً عليها من محام عام بها، واستمعت المحكمة للمرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
مذكرة الطعن تستند على مخالفة الثابت بالأوراق
مذكرة طعن النيابة العامة استندت على عدة أسباب، حيث ذكرت إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه، أنه إذ قضى ببراءة من تهمة غسل أموال قد خالف الثابت بالأوراق، ذلك بأنه أسس قضاءه على انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في الجنحة رقم 43435 لسنة 2007 مدينة نصر أول الإدارة والمستأنفة برقم 7526 لسنة 2011 شرق القاهرة والمتحصل منها الأموال محل الغسل مع أن الثابت أنها متحصلة من الجنحة رقم 21650 لسنة 2007 العجوزة والمستأنفة برقم 20830 لسنة 2008 العجوزة، بما يعيب الحكم، ويستوجب نقضه.
محكمة النقض ترد على النيابة العامة
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: ومن حيث إنه وإن كان صحيحاً ما تثيره النيابة العامة بوجه طعنها إلا أن البين من المفردات المضمومة أن النيابة العامة رفعت الدعوى الجنائية على المطعون ضده في جنحة السرقة - مصدر الأموال محل الغسل - والمقيدة برقم 21560 لسنة 2007 العجوزة والتي أعيد قيدها برقم 4702 لسنة 2008، وبتاريخ 19 من يوليو لسنة 2007 قضت محكمة جنح العجوزة - غيابياً - ببراءة المطعون ضده، فأستئنافت النيابة العامة هذا الحكم، وقيد استئنافها برقم 20830 لسنة 2008 جنح مستأنف العجوزة، وقضت محكمة جنح مستأنف العجوزة - غيابياً - فيها بتاريخ 15 من أكتوبر لسنة 2008 بإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف، وبحبس المطعون ضده لمدة شهر .
لما كان ذلك - وكان الثابت من المفردات المضمومة والشهادة الصادرة من قلم كتاب نيابة العجوزة بتاريخ 21 من مارس لسنة 2023 أن المطعون ضده لم يعلن، ولم يعارض في الحكم الغيابي الاستئنافي - المار بيانه - لما كان ذلك، وكان قانون الإجراءات الجنائية يقضي في المادتين 15، 17 منه بانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح بمضى 3 سنين من يوم وقوع الجريمة، وتنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائي، أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم، أو إذا أخطر بها بها بوجه رسمي.
النقض تؤكد: الإدانة فى غسيل الأموال شرطها ثبوت الإدانة فى واقعة مصدر الأموال بحكم معاقب عليه
لما كان ذلك، وكان الثابت من المفردات المضمومة أنه لم يتخذ إجراء صحيح قاطع لمدة التقادم من المطعون ضده من تاريخ الحكم الغيابي الاستئنافي في 15 من أكتوبر لسنة 2008 إلى تاريخ جلسة يوم - أي ما يزيد على 3 سنين - ومن ثم فإن الدعوى الجنائية تكون قد انقضت بمضي المدة بالنسبة للمطعون ضده في جنحة السرقة مصدر الأموال محل الغسل - المار بيانها - وكان من المقرر أن الحكم بسقوط الدعوى الجنائية بمضي المدة هو في الواقع وحقيقة الأمر حكم صادر في موضوع الدعوى، إذ أن براءة المتهم لعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية عليه.
النقض: الحكم الصادر بإنقضاء الدعوي الجنائية بمضي المدة هو حكم فى موضوع الواقعة
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة المصدرة تعد شرطاً مفترضاً في جريمة غسل الأموال، ويرتبط معها ارتباطا وثيقا، بل وتدور معها وجوداً وعدماً، فلا مجال للحديث عن جريمة غسل الأموال ما لم توجد أموال متحصلة من مصدر غير مشروع ويشكل جريمة .
لما كان ذلك، وكان مؤدى انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في جنحة السرقة رقم 21560 لسنة 2007 العجوزة والتي اعيد قيدها برقم 4702 لسنة 2008 جنح العجوزة والمستأنفة برقم 20830 لسنة 2008 مستأنف العجوزة - مصدر الأموال محل الغسل - ولازمة عدم قيام جريمة غسل الأموال والمتحصلة من تلك الجنحة في حق المطعون ضده، ومن ثم فلا جدوى مما تثيره النيابة العامة بوجه طعنها، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعا.