مسألة السير عكس الاتجاه من المسائل الشائكة عند حالات الاستيقاف ومن ثم القبض والتفتيش، خاصة في الوقت الذى انتشرت فيه حوادث الطرق التي تتسبب في قتل الأشخاص بالخطأ بأعداد لا حصر لها، حيث ينتظر المواطن المصرى إقرار قانون المرور الجديد الذى يتضمن تشديد العقوبات على المخالفين وعلى رأسها السير عكس الاتجاه، رغم أن قانون المرور الحالي تضمن المخالفات التي لا يجوز فيها التصالح طبقا للمادة 76 مكرر، حيث يعاقب القانون بالحبس سنة وبغرامة لا تقل عن 3000 جنيه وحتى 10 آلاف إذا نتج عنها إصابة أو وفاة تصل إلى 15 ألف مع إلغاء الرخصة وسحب القيادة من السائق.
فعادة ما يتعرض السائقين لعملية التفتيش نتيجة ارتكابهم مخالفة السير عكس الاتجاه، الأمر الذى يطرح معه تساؤلاَ بشكل دائم.. هل جريمة السير عكس الاتجاه تجيز لرجل الضبط القضائي تفتيش المتهم؟..أو هل من الصواب تقرير أنه متى جاز القبض صح التفتيش؟ وهل السير عكس الإتجاه يبيح القبض والتفتيش على ركاب السيارة الأجرة؟ وغيرها من الأسئلة الشائكة التي تتعلق بالسير عكس الاتجاة وطريقة تعامل مأمور الضبط القضائى في مثل هذه الحالات، وهى إشكاليات أخرى بشأن مسألة "السير عكس الاتجاه" غير الغرامة والحبس سنة بموجب القانون عند ثبوت الاتهام على السائق وإحالته للنيابة العامة ومن ثم الحكم عليه.
هل جريمة السير عكس الاتجاه تجيز لرجل الضبط القضائي تفتيش المتهم؟
وللإجابة على تلك الإشكاليات – يقول أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق - يستقر قضاء النقض منذ زمن علي أنه متي جاز القبض صح التفتيش بغض النظر عن سبب القبض أو الغرض منه، ويؤيد معظم الفقهاء قضاء النقض بلا تحفظ ويورده مورد التطبيق السليم للقانون بحجة عموم نص المادة 46 إجراءات التي أجازت لمأمور الضبط القضائي في الأحوال التي يجوز فيها القبض تفتيش المتهم، ولهذا قضت محكمة النقض في حكم حديث لها فى الطعن المُقيد برقم 10137 لسنة 83 جلسة 2014/06/10 بأن جريمة السير عكس الاتجاه تجيز لرجل الضبط القضائي القبض على المتهم لأن القانون ربط لها عقوبة الحبس، ومن المقرر أنه متي جاز القبض صح التفتيش طبقا للمادة 46 إجراءات.
وبحسب "فاروق" في تصريحات لـ"برلماني": وجاء بهذا الحكم أنه: "لما كانت المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت لرجل الضبط القضائي القبض على المتهم في أحوال التلبس بالجنح بصفة عامة إذا كان القانون يعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر، والعبرة في تقدير العقوبة بما يرد النص عليها في القانون لا بما ينطق به القاضي في الحكم، وإذ كانت جريمة السير عكس الاتجاه والتي قارفها الطاعن – ولم ينازع في ذلك بأسباب طعنه – قد ربط لها القانون عقوبة الحبس وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على 3 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وذلك إعمالاً لنص المادة 76 مكرراً من القانون رقم 66 لسنة 1973 بإصدار قانون المرور المضافة بالقانون رقم 121 لسنة 2008، فإنه يسوغ لرجل الضبط القبض على المتهم فيها".
نص المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية
ووفقا لـ"فاروق": ولما كان قانون الإجراءات الجنائية قد نص بصفة عامة في المادة 46 منه على أنه في الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه اعتباراً بأنه كلما كان القبض صحيحاً كان التفتيش الذي يجريه من خول إجرائه على المقبوض عليه صحيحاً أياً كان سبب القبض أو الغرض منه، وذلك لعموم الصيغة التي ورد بها النص، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش يكون قد أصاب صحيح القانون .
فيما يرى عدد من الفقهاء أن الحكم فيه نظر فليس صحيحا أن نص المادة 46 إجراءات لا يوجد في القانون ما يخصصه أو يقيده بل العكس صحيح، لأن المادة 50 إجراءات فيما نصت عليه من عدم جواز التفتيش إلا للبحث عن الأشياء الجاري جمع الاستدلال أو حصول التحقيق بشأنها تخصص عموم المادة 46 إجراءات وتحد من إطلاقه، مما مفاده أنه متي كانت الجريمة محل القبض بحسب طبيعتها غير منتجه للدليل امتنع القبض وهذا هو حال جريمة السير عكس الاتجاه إذ لا أمل يرجي من أن تفتيش المتهم بارتكابها سوف يسفر عن دليل لإثباتها ضده .
الأصل أن وكيل النائب العام أو قاض التحقيق لا يستطيع الأمر بالتفتيش
مما يؤكد هذا النظر أن وكيل النائب العام أو قاض التحقيق لا يستطيع الأمر بالتفتيش إلا إذا توافرت قرائن علي وجود أشياء تفيد في كشف الحقيقة بشأن الجريمة مع المتهم - المادة 94 إجراءات - فإن انتفت تلك القرائن بطل التفتيش وإذا كان قاض التحقيق ذاته لا يملك الأمر بالتفتيش في جريمة السير عكس الاتجاه بحسبانها غير منتجه للدليل فكيف نخول لرجل الضبط القضائي سلطه تفوق سلطات قاضي التحقيق ؟ ثم أن التفتيش وفيه اعتداء علي حق الإنسان في السرية ليس إجراء عشوائيا وإنما هو إجراء هادف غايته الدليل أساسه ولهذا أجازه المشرع.
رأى محكمة النقض في الأزمة
وأكدت النقض أن المشرع يجيز التفتيش في جريمة السير عكس الاتجاه يرمي المشرع بالتناقض، إذ كيف يجيز التفتيش دون توافر شرطه؟ ومن الثوابت أنه يجب تنزيه المشرع عن التناقض، ولهذا نأمل من محكمة النقض أن تعاود النظر في حكمها محل التعليق وإلا تكتفي بقراءة نص المادتين 34 و46 إجراءات بمعزل عن بقية نصوص القانون تحقيقا للتجانس ومنعا من التضارب وهو من بديهيات تأويل القانون، وكما ذكرنا من قبل استقر قضاء النقض منذ زمن علي أنه: "متي جاز القبض صح التفتيش بغض النظر عن سبب القبض أو الغرض منه"، ويؤيد معظم الفقهاء قضاء محكمه النقض بلا تحفظ ويورده مورد التطبيق السليم للقانون بحجة عموم نص المادة 46 إجراءات التي أجازت لمأمور الضبط القضائي في الأحوال التي يجوز فيها القبض تفتيش المتهم".
لهذا قضت محكمة النقض في حكم حديث لها بأن: "جريمة السير عكس الاتجاه تجيز لرجل الضبط القضائي القبض على المتهم»، لأن القانون ربط لها عقوبة الحبس، ومن المقرر أنه متي جاز القبض صح التفتيش طبقا للمادة 46 إجراءات"، وذكر الحكم أن المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت لرجل الضبط القضائي القبض على المتهم في أحوال التلبس بالجنح بصفة عامة إذا كان القانون يعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر»، مؤكداَ أن العبرة في تقدير العقوبة بما يرد النص عليها في القانون لا بما ينطق به القاضي في الحكم، وإذ كانت جريمة السير عكس الاتجاه والتي قارفها الطاعن – ولم ينازع في ذلك بأسباب طعنه – قد ربط لها القانون عقوبة الحبس وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ثلاثة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وذلك إعمالاً لنص المادة 76 مكرراً من القانون رقم 66 لسنة 1973 بإصدار قانون المرور المضافة بالقانون رقم 121 لسنة 2008، فإنه يسوغ لرجل الضبط القبض على المتهم فيها.
وهذا يعني أنه لما كان قانون الإجراءات الجنائية قد نص بصفة عامة في المادة 46 منه على أنه في الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه اعتباراً بأنه كلما كان القبض صحيحاً كان التفتيش الذي يجريه من خول إجرائه على المقبوض عليه صحيحاً أياً كان سبب القبض أو الغرض منه وذلك لعموم الصيغة التي ورد بها النص، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش يكون قد أصاب صحيح القانون، طبقا للطعن رقم 10137 لسنة 83 جلسة 2014/06/10، أي أنه متى كانت الجريمه المتلبس بها تجاوز عقوبتها الحبس مدة تزيد عن 3 أشهر جاز القبض على المتهم ومن ثم يجوز تفتيشه، ومن ثم صحه ما أسفر عنه التفتيش من دليل، ومن ثم تساند المحكمة في قضائها بالإدانة إلى مانتج عنه التفتيش يكون صحيحا وفقا للقانون.
هل السير عكس الإتجاه يبيح القبض والتفتيش على ركاب السيارة الأجرة؟
أما للإجابة على السؤال - هل السير عكس الإتجاه يبيح القبض والتفتيش على ركاب السيارة الأجرة؟ فقد سبق وأن أجابت محكمة النقض على تلك الإشكالية في الطعن المقيد برقم 15870 لسنة 89 القضائية، حيث أصدرت الدائرة الجنائية "هـ" – بمحكمة النقض – حكما قضائيا يهم الملايين ممن يستقلون سيارات الأجرة، بإلغاء حكم أول درجة الصادر من محكمة الجنايات بالسجن 3 سنوات وتغريمه 100 ألف جنيه، لإتهامه بحيازة المواد المخدرة، والقضاء مجددا بالبراءة، تأسيسا على أن: "مجرد استقلال الطاعن كراكب لسيارة أجرة يسير بها قائدها عكس اتجاه السير المقرر ليس فيه ما يبرر القبض على الراكب وتفتيشه لعدم توافر حالة التلبس، ومن ثم يكون قبض باطل ويبطل يليه من إجراءات".
وقالت "المحكمة" في حيثيات الحكم: لما كان ذلك - وكانت المادة 54/1 من الدستور قد نصت على أن الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد وتفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقاً لأحكام القانون، وكان مؤدى هذا النص أن أي قيد قد يرد على الحرية الشخصية بوصفها حقاً طبيعياً من حقوق الإنسان لا يجوز إجراؤه إلا في حالة من حالات التلبس كما هو معرف قانوناً، أو بإذن من السلطة المختصة وكانت المادتان 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتان بالقانون رقم 137 لسنة 1972 قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على 3 أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه بالجريمة، فإن لم يكن حاضراً جاز المأمور الضبط القضائي أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره.
النقض تؤكد: السير عكس الإتجاه لا يبرر القبض والتفتيش على ركاب السيارة الأجرة
وكانت المادة 46 من القانون ذاته تجيز تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً فإن أجاز القانون القبض على شخص جاز تفتيشه وإن لم يجز القبض عليه لم يجز تفتيشه وبطل ما أسفر عنه القبض والتفتيش الباطلين، وكان من المقرر أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بحاسة من حواسه ولا يغني عن ذلك تلقي نباها عن طريق النقل من الغير شاهداً كان أو متهماً يقر على نفسه، ما دام هو لم يشهدها أو يشهد أثراً من أثارها ينبئ عن وقوعها، وكان من المقرر أيضاً أن تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها ومدى كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً لمحكمة الموضوع، إلا أن ذلك مشروط أن تكون الأسباب والاعتبارات التي تبني عليها المحكمة تقديرها صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها .