الكثير من المتضررين والمتضررات يتساءلون عن أسباب عدم الطعن بالنقض على الأحكام الصادرة من محكمة الأسرة، وذلك على الرغم أن مثل هذه الأحكام في غاية الخطورة على الأسرة المصرية، وليست بالسهلة أو البسيطة، الأمر الذى يحتاج إلى إعادة النظر في تلك الإشكالية، وذلك بالتزامن مع استمرار تنفيذ القرار الوزارى رقم 3805 لسنة 2022، بتشكيل اللجنة القضائية القانونية المختصة في قضايا ومحاكم الأسرة، لإعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية، وهنا يجب أن نتطرق إلى عدم قابلية الأحكام والقرارات الصادرة من الدوائر الاستئنافية لمحاكم الأسرة للطعن فيها بطريق النقض.
فقد نصت المادة "14" من قانون محاكم علي الأسرة علي أنه: "مع عدم الإخلال بأحكام المادة (250) من قانون المرافعات المدنية والتجارية تكون الأحكام والقرارات الصادرة من الدوائر الاستئنافية غير قابلة للطعن فيها بطريق النقض"، وقد قصد المشرع من تقرير عدم قابلية تلك الأحكام والقرارات للطعن فيها بالنقض تحقيق الاستقرار لما ينشأ عن مسائل الأحوال الشخصية من مراكز قانونية تتعلق بأهم شئون الفرد والأسرة، والنأي بها عن إطالة أمد الخصومة حولها وعن القلقلة والاضطراب في صددها.
إشكالية الطعن على أحكام الأحوال الشخصية
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية الطعن على أحكام الأحوال الشخصية حيث أن قانون إنشاء محاكم الأسرة رقم 10 لسنة 2004 قد ألغى في المادة 14 منه طريق الطعن في الأحوال الشخصية بطريق النقض بوجه عام، وذلك باستثناء حالة وحيدة المنصوص عليها في المادة 250 مرافعات والتي تجيز للنائب العام وحده الطعن بالنقض في الأحكام النهائية الصادرة في دعاوى الأحوال الشخصية – بحسب الخبير القانوني والمحامى المتخصص في الشأن الأسرى محمد رضا.
في البداية - من جانبي فلم أكن أساير هذا الاتجاه؛ وبناء عليه فقد قمت بإعداد مقترح قانون الأحوال الشخصية مقدم إلى البرلمان، وقد نص هذا المقترح على عودة محكمة النقض من جديد لنظر الطعون على الأحكام الصادرة في دعاوى الأحوال الشخصية، والحكمة من ذلك تتلخص فيما يلى: أن إلغاء حق الطعن بالنقض اقتصر على الخصوم فقط مع الإبقاء على حق الطعن بالنقض للنائب العام على الأحكام الصادرة من محكمة الأسرة، وذلك طبقًا للقواعد العامة المنصوص عليها فى المادة 250 مرافعات التى جاء فيها: للنائب العام أن يطعن بطريق النقض لمصلحة القانون فـي الأحكام الانتهائية - أياً كانت المحكمة التـى أصدرتها - إذا كان الحكم مبنياً على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو في تأويله وذلك في الأحوال الآتية – وفقا لـ"رضا":
1 - الأحكام التي لا يجيز القانون للخصوم الطعن فيها.
2 - الأحكام التى فوت الخصوم ميعاد الطعن فيها أو نزلوا فيها عن الطعن.
أحقية الطعن للنائب العام فقط دون الخصوم
ويرفع هذا الطعن بصحيفة يوقِّعها النائب العام وتنظر المحكمة الطعن فى غرفة المشورة بغير دعوة الخصوم، ولا يفيد الخصوم من هذا الطعن، وبناءً عليه فإنه لا يحق للخصوم الطعن بالنقض على الأحكام الصادرة من محكمة الأسرة، بينما يحق للنائب العام فقط الطعن بالنقض على هذه الأحكام، بينما أرى أن إلغاء حق الطعن بالنقض وإن كان له فائدة وحيدة تتمثل فى سرعة الفصل فى دعاوى الأحوال الشخصية بحكم نهائى بات – الكلام لـ"رضا" .
ولكن تتمثل فى قضاء الأحوال الشخصية، أن محكمة النقض كانت بمثابة محكمة قانون بالنسبة لقضاء الأحوال الشخصية ترسى مبادئ فيما يوجد به فراغ تشريعى بقوانين الأحوال الشخصية، وهذه المبادئ تكون ملزمة للدوائر التى تنظر دعاوى الأحوال الشخصية أمام محكمة أول درجة بمحكمة الأسرة واستئنافها – هكذا يقول الخبير القانوني المتخصص في الشأن الأسرى.
شكل التعديل النهائي
أما وقد ألغيت محكمة النقض، فقد ترتب على ذلك وجود تعارض بين الدوائر فى بعض الأحكام الصادرة من محكمة الأسرة، وبالتالى ولتدارك هذه المسألة مستقبلاً يتعين أن ينشأ بمحكمة النقض جهة يعرض عليها مسائل الأحوال الشخصية التى تحال إليها من محكمة الأسرة لإبداء الرأى القانونى فيها، وإن حدث ذلك سيكون لهذا فوائد وإيجابيات عديدة على قضاء محكمة الأسرة لذا أرى أن يكون تعديل النص كالتالى – بحسب "رضا":
"مع عدم الإخلال بأحكام المادة (250) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، تكون الأحكام والقرارات الصادرة من الدوائر الاستئنافية غير قابلة للطعن فيها بطريق النقض، ومع ذلك يجوز لمحكمة الاستئناف أن تأمر بوقف الاستئناف تعليقيًّا لأخذ رأى محكمة النقض فى إحدى المسائل القانونية المعروضة على محكمة الاستئناف ويكون رأى النقض ملزمًا فيما انتهت إليه.