أبتُلينا هذه الأيام بكارثة كبرى تتمثل في قيام مصورين الأفراح وغيرهم من معازيم الأفراح بتقطيع ونشر مقاطع فيديوهات لرقص فتيات من أهلية العريس أو العروسة على مواقع التواصل الإجتماعى، وقد يكون ما حدث من الأمور الغير منضبطة بالنسبة لآخرين، نتيجة انفعالات الفرحة العارمة داخل قاعة الفرح أو خارجها، وهذا الضرر قد يصل لتصوير العروسة ذاتها، وهى ما تُعرف بالجرائم المستحدثة نتيجة التطور التكنولوجى الذى نعيشه، ولكن يتبادر إلى الأذهان السؤال هل هذه أماكن عامة أم خاصة التي يتم فيها التصوير؟ وهل من الجائز قانونا التصوير فيها ونشر الصور على مواقع التواصل الإجتماعى؟
وفى الحقيقة للإنسان الحق في صورته الشخصية، ويتعرض هذا الحق في كثير من الأحيان للانتهاك متي أخذت صورته دون رضاه أو كان قد رضي بإلتقاطها، ولكن قام الغير بنشرها أو بثها دون رضاه، ولا إشكال أن تم التقطت الصورة في مكان خاص، إذ يعد فعل الالتقاط أو النشر جريمة طبقا للمواد 309 مكررا عقوبات وما بعدها، إذ نصت علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن، وذلك بأن التقط أو نقل بجهاز من الأجهزة أياً كان نوعه صورة شخص في مكان خاص، فإذا صدرت الأفعال المشار إليها في الفقرتين السابقتين أثناء اجتماع على مسمع أو مرأى من الحاضرين في ذلك الاجتماع، فإن رضاء هؤلاء يكون مفترضاً، ويعاقب بالحبس الموظف العام الذي يرتكب أحد الأفعال المبينة بهذه المادة اعتمادا.
المشرع وضع الحماية الجنائية لحق الإنسان في صورته الشخصية
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية الحماية الجنائية لحق الإنسان في صورته الشخصية، حيث أدت الثورة في مجال تكنولوجيا الاتصالات وازدياد الاعتماد عليها من قبل الجميع الحكومات والأفراد إلى ازدياد المخاطر المصاحبة لإستخدامها سيما خطر انتهاك الحق في الخصوصية من خلال الاعتداء علي بياناتهم الشخصية المثبتة أو المنشورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ من حق أي مستخدم لمواقع التواصل الاجتماعي ألا يحصل أحد علي بياناته الشخصية كاسمه وصورته وعمله ومحل اقامته وحالته الاجتماعية وألا يحتفظ أحد ببيانات أو يتداولها إلا بإذنه أو رضا صريح منه – بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق..
في البداية - لقد كشف الواقع العملى إفراط بعض الناس في جمع معلومات عن غيرهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي بل واستخدامها ضدهم متي لزم الأمر، بل إن بعض الناس يفضي بمكنون نفسه لمن يأنس إليه، فيصرح له عبر رسالة أو محادثة اليكترونية ببيانات شخصية تخصه عن حالته النفسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو العاطفية أو الآسرية، وليس من الأخلاق أن يحتفظ المرسل إليه بها ويتداولها دون أذن أو موافقة صريحة منه بما استلزم تجريم هذا الجمع و التداول ولو كان بغير غرض الإستخدام الضار وتشديد العقاب أن كان بقصد الاضرار لقطع الخلاف الذي احتدم حول أحقية المرسل إليه في تداول الرسائل الاليكترونية الواردة اليه دون موافقة أو إذن صريح من المرسل – وفقا لـ"فاروق".
وسن 3 قوانين للعقوبة أبرزها الجرائم الإلكترونية
ولا شك في أن وجود أطار تشريعي مناسب لحماية بيانات الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي ورصد عقوبات جنائية تترواح ما بين الحبس والغرامة يعزز من الثقة في التعامل عبر الإنترنت مما يعد عاملاً رئيسًا لازدهار التجارة والثقافة الإلكترونية وتعميق التواصل بين البشر، إذ من المعلوم أن القانون ضرورة حيوية لإقامة التعايش السلمي بين الناس فى المجتمع، إذ بمقتضاه يتم تقييدهم بالتزامات معينة يرتبط الواحد منهم بها تجاه الآخر لأنه بدون هذه الالتزامات ينطلق العنان لحرية كل منهم إلى حد يجعل من سلوكه تجاوزا وطغيانا، وكلما كان هذا السلوك المتجاوز يؤثر على ركائز المجتمع الأساسية، كلما استحق جزاء أكثر شدة كالجزاء الجنائي – طبقا لـ"فاروق".
ولهذا أصدر المشرع المصري أسوة بالعديد من التشريعات المقارنة قانون حماية البيانات الشخصية رقم 151 لسنة 2020، ولقد جاء هذا القانون محاكيًا للقوانين العالمية وعلى رأسها اللائحة المنصوص عليها من قبل الاتحاد الأوروبي -General Data Protection Regulation - وبعد أخذ المعايير الدولية لإنشاء قانون حماية البيانات الرقمية، وكذلك المبادئ التي أشارت إليها عدد من المءسسات الدولية في الاعتبار مع مراعات طبيعة المجتمع المصري والمخاطر الذي قد يتعرض لها، وقد جاء القانون المصري في 49 مادة بخلاف مواد الإصدار، مقسّمًا إلى أربعة عشر فصلاً تناولت جميع أحكامه وتصنيفات المخاطبين بها وحقوقهم وواجباتهم – الكلام لـ"فاروق".
المعالجة هي أي عملية إلكترونية أو تقنية لكتابة البيانات الشخصية
وقد عرف القانون البيانات الشخصية والبيانات الشخصية الحساسة والشخص المعني بالبيانات و الحائز والمتحكم في البيانات وغيرها، فذكر القانون أن البيانات الشخصية كل بيانات متعلقة بشخص طبيعي محدد أو يمكن تحديده بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق الربط بين هذه البيانات وأي بيانات أخرى كالاسم أو الصوت أو الصورة أما البيانات الشخصية الحساسة، فهي البيانات التي تفصح عن الصحة النفسية أو العقلية أو البدنية أو البيانات المالية أوالمعتقدات الدينية أو الآراء السياسية وتعد بيانات الأطفال من البيانات الشخصية الحساسة.
أما المعالجة فعرفها القانون بأنها أي عملية إلكترونية أو تقنية لكتابة البيانات الشخصية، أو تجميعها أو تسجيلها… أو استرجاعها أو تحليلها باستخدام أي وسيط من الوسائط أو الأجهزة الإلكترونية أو التقنية سواء تم ذلك جزئيًّا أو كليًّا، كما أوضح المشرع نطاق تطبيق القانون وذلك في المادة الثانية منه ليسري علي كل من ارتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها متى كان الجاني من المصريين داخل الجمهورية أو خارجها، أو كان من غير المصريين المقيمين داخل الجمهورية،أو كان من غير المصريين خارج الجمهورية إذا كان الفعل معاقبًا عليه في الدولة التي وقع فيها تحت أي وصف قانوني وكانت البيانات محل الجريمة لمصريين أو أجانب مقيمين داخل الجمهورية.
العقوبات المقررة كل حالة حسب وضعها
ووضع المشرع العديد من الجرائم والعقوبات التي تكفل حماية البيانات الشخصية، ويلاحظ أن الجرائم الواردة بقانون حماية البيانات الشخصية لا تنفك عن الجرائم الواردة في قوانيين أخرى كقانون جرائم تقنية المعلومات أو الملكية الفكرية أو قانون العقوبات العام بل أن العقوبات المتعلقة بجرائم حماية البيانات الشخصية لا تطبق متي ورد نص عقابي آخر يضع لذات الفعل الهاتك للبيانات الشخصية عقوبة أشد وهو ما حرص قانون حماية البيانات الشخصية علي تقريرة صراحة.
-إذ نص في المادة(35) علي أنه مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر ومع عدم الإخلال بحق المضرور في التعويض يعاقب على الجرائم المنصوص عليها في المواد التالية بالعقوبات المقررة لها.
-ونص في المادة (36) علي أن يعاقب بغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه كل حائز أو متحكم أو معالج جمع أو عالج أو أفشي أو أتاح أو تداول بيانات شخصية معالجة إلكترونيًا بأي وسيلة من الوسائل في غير الأحوال المصرح بها قانونًا أو بدون موافقة الشخص المعني بالبيانات.
-وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة شهور وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تجاوز مليوني جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا ارتكب ذلك مقابل الحصول على منفعة مادية أو أدبية، أو بقصد تعريض الشخص المعني بالبيانات للخطر أو الضرر.
-ونص في المادة (37) علي أن يعاقب بغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه، كل حائز أو متحكم أو معالج امتنع دون مقتض من القانون عن تمكين الشخص المعني بالبيانات من ممارسة حقــوقه المنصوص عليها في المـادة (2) من هذا القــانون ويعــاقب بغرامة لا تقــل عن مائتي ألف جنيه ولا تجاوز مليوني جنيه كل من جمع بيانات شخصية بدون توافر الشروط المنصوص عليها في المـادة (3) من هذا القانون.
-ونص في المادة (38) علي أن يعاقب بغرامة لا تقل عن ثلاثمائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثة ملايين جنيه، كل متحكم أو معالج لم يلتزم بواجباته المنصوص عليها في المواد (4، 5، 7) من هذا القانون.
-ونص في المادة (39) علي ان يعـــاقب بالغرامة التي لا تقـــل عن مائتي ألف جنيه ولا تجـــاوز مليـــوني جنيـــه، كل ممثل قانوني للشخص الاعتباري لم يلتزم بأحد واجباته المنصوص عليها في المـادة (8) مـن هـذا القـانون.
-ونص في المادة (40) علي ان يعاقب بغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تجاوز مليوني جنيه، كل مسئول حمـــاية بيـــانات شخصية لم يلتزم بمقتضيات وظيفته المنـصــوص عليها في المـادة (9) مـن هـذا القـانون. ويعاقب بغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه إذا وقعت الجريمة نتيجة لإهمال مسئول حماية البيانات الشخصية.
-ونص في المادة (41) علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة شهور وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسة ملايين جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل حائز أو متحكم أو معالج جمع أو أتاح أو تداول أو عالج أو أفشي أو خزن أو نقل أو حفظ بيانات شخصية حساسة بدون موافقة الشخص المعني بالبيانات أو في غير الأحوال المصرح بها قانونًا.
ونص في المادة (42) علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة شهور وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسة ملايين جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من خالف أحكام حركة البيانات الشخصية عبر الحدود المنصوص عليها في المواد (14، 15، 16) من هذا القانون.
-ونص في المادة (43) علي أن يعاقب بغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تجاوز مليوني جنيه، كل من خالف أحكام التسويق الإلكتروني المنصوص عليها في المـادتين (17، 18) من هذا القانون.
-ونص في المادة (44) علي أن يعاقب بغرامة لا تقل عن ثلاثمائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثة ملايين جنيه، كل عضو مجلس إدارة أو أي من العاملين بالمركز خالف الالتزامات المنصوص عليها في المـادة (24) مـن هـذا القـانون.
-ونص في المادة (45) علي أن يعاقب بغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسة ملايين جنيه، كل من خالف أحكام التراخيص أو التصاريح أو الاعتمادات المنصوص عليها في هذا القانون.
-ونص في المادة (46) علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تقـــل عن ســتة أشهر وبغرامة لا تقــل عن مــائتي ألف جنيه ولا تجاوز مليوني جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من منع أحد العاملين بالمركــز ممن يتمتعون بصفة الضبطية القضائية من أداء عمله.
-ونص في المادة (47) علي أن يعاقب المسئول عن الإدارة الفعليه للشخص الاعتباري المخالف بذات العقوبات المقررة عن الأفعال التي ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون، إذا ثبت علمه بها، وكان إخلاله بالواجبات التي تفرضها عليه تلك الإدارة قد أسهم في وقوع الجريمة.
-ويكون الشخص الاعتباري مسئولاً بالتضامن عن الوفاء بما يحكم به من تعويضات إذا كانت المخالفة قد ارتكبت من أحد العاملين لديه وباسم الشخص الاعتباري ولصالحه.
-ونص في المادة (48) علي انه وفي جميع الأحوال، وفضــلاً عن العقــوبات المنصوص عليها في هذا القـــانون، تقضي المحكمة بنشر حكم الإدانة في جريدتين واسعتي الانتشار، وعلى شبكات المعلومات الإلكترونية المفتوحة على نفقة المحكوم عليه، وفي حالة العود، تضاعف العقوبات الواردة في هذا الفصل بحديها الأقصى والأدنى.
-ويعاقب على الشروع في ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بنصف العقـوبة المقـررة لهـا.
-ثم نظم المشرع الصلح والتصالح في بعض الجرائم كسبت لانقضاء الدعوي الجنائية، إذ نص في المادة(49) علي أنه يجوز للمتهم في أي حالة كانت عليها الدعوي الجنائية وقبل صيرورة الحكم بـاتـًا إثبات الصلح مع المجني عليه أو وكيله الخاص أو خلفه العام، وبموافقة المركز أمام النيابة العامة أو المحكمة المختصة بحسب الأحوال وذلك في الجنح المنصوص عليها في المواد (36، 37، 38، 39، 40، 41، 43) من هذا القانون.
-ويكون التصالح مع المركز في الجنح المنصوص عليها بالمواد (42، 44، 45) من هذا القانون في أي حالة كانت عليها الدعوي.
-وفي جميع الأحوال يجب على المتهم الذي يرغب في التصالح أن يسدد قبل رفع الدعوي الجنائية مبلغًا يعادل نصف الحد الأدنى للغرامة المقررة للجريمة.
-ويسدد المتهم راغب التصالح بعد رفع الدعوي وقبل صيرورة الحكم بـاتـًا نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة، أو قيمة الغرامة المقضي بها أيهما أكبر.
-ويكـون السداد في خـزانة المحكمة المختصـة أو النيابة العامة أو المركـز بحسـب الأحوال.
-ويترتب على التصالح انقضاء الدعوي الجنائية دون أن يكون له أثر على حقوق المضـرور من الجريمة.