أزمة جديدة يواجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون داخل الهيئة التشريعية قد تٌطيح به من قصر الإليزية، بعد أن حقق اليسار الفرنسي نجاحا جديدا بتمرير مقترحه بعزل الرئيس داخل البرلمان ، وهو الأمر الذى سيسبب زلزال سياسى جديد في فرنسا بعد أن استطاع اليسار الفوز في الانتخابات البرلمانية الماضية، ويرى المراقبون أنه رغم ضعف إمكانية تحقيق المقترح إلا أن مجرد تمريره لمناقشته داخل البرلمان هو هزيمة جديدة لماكرون.
وصادق مكتب الجمعية الوطنية الفرنسية، في البرلمان الفرنسي، على دراسة إجراءات عزل إيمانويل ماكرون، واعتبر، اليوم الثلاثاء، أن إجراءات إقالة إيمانويل ماكرون "مقبولة"، وهو القرار الذى قدمه حزب فرنسا الأبية ممثلا لليسار في البرلمان بعد أن أطاح بهم ماكرون من رئاسة الوزراء رغم فوزهم بالغالبية في مجلس النواب.
وسيواجه قرار عزل ماكرون مراحل كثيرة داخل المؤسسة التشريعية، فبعد موافقة المكتب يجب إقراره قبل لجنة تشريعية مكونة من 73 نائبا، حيث يشغل اليسار 24 مقعدا فقط، وبعدها يجب أن يصوت عليه ثلثا أعضاء الجمعية الوطنية (385 نائبا) خلال أسبوعين، ويجب أيضا إكمال المرحلتين الأخيرتين في مجلس الشيوخ بالبرلمان.
و إذا تمت الموافقة على النص من قبل مجلس الشيوخ (232 صوتا) واجتمع المجلسان في جلسة مشتركة، فيجب أن يحظى القرار بتأييد 617 من أصل 925 برلمانيا من كلا المجلسين، وفي هذه الحالة تكون إقالة الرئيس فورية.
وتشكل المحكمة العليا "هيئة ذات طبيعة سياسية أكثر منها قضائية"، مهمتها النطق بإقالة رئيس الجمهورية في حالة "الإخفاق في واجباته، بما يتعارض بشكل واضح مع ممارسة ولايته"، على حد تعبيرها. وتشير المادة 68 من الدستور إلى ذلك.
وكانت الجمعية الوطنية الفرنسية وهي الهيئة السفلى للبرلمان الفرنسي، قد نظرت في قرار عزل الرئيس إيمانويل ماكرون الذي قدمه حزب "فرنسا الأبية" اليساري، بعد أن استبعد الرئيس الفرنسي مشاركة اليسار في الحكومة التي يجري تشكيلها، رغم فوز ائتلافه في الانتخابات البرلمانية.
وتم طرح الاقتراح وفقا للمادة 68 من الدستور الفرنسي، التي تنص على إمكانية عزل الرئيس من السلطة إذا أخل بواجباته، وحظي القرار بتأييد 81 نائبا من كتلة "الجبهة الشعبية الجديدة" اليسارية، من بينهم 72 برلمانيا من حزب "فرنسا الأبية"، فضلا عن حزب الخضر وعدد آخر من النواب من كتلة الديمقراطيين والجمهوريين اليساريين.
ونالت الجبهة الشعبية الجديدة، التي تعتبر تجمع لعدة أحزاب يسارية من أبرزها حزب فرنسا الأبية والحزب الاشتراكي، أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات التشريعية المبكرة التي نظمت في 7 يوليو الماضي دون الحصول على الأغلبية. وزادت من ضغوطها على ماكرون بعد اختياره رئيسا للوزراء لا ينتمي إلى صفوفها، ولا حتى إلى حزبه الذي حل في المركز الثاني في هذه الانتخابات، بل إلى حزب "الجمهوريون" اليميني الذي جاء رابعا.
وبرر ماكرون رفضه تسمية لوسي كاستيه التي اقترحها الجبهة الشعبية مرشحة لرئاسة للوزراء بقوله إن من واجبه ضمان "الاستقرار المؤسساتي"، الأمر الذى دفع حزب فرنسا الأبية لتقديم مقترح عزل ماكرون للبرلمان، ونجح في تمريره مبدئيا بعد إقناع الحزب الاشتراكى للتصويت لصالحه.
ورغم أن الخبراء يرون تمرير المقترح من البرلمان وعزل ماكرون أمر شبه مستحيل، إلا أنه بالنسبة لحزب فرنسا الأبية، فالمكسب الرئيسي هو نجاحه في إقناع الحزب الاشتراكي بهذه الفكرة وأن يصادق أعضاء مكتب الجمعية الوطنية عليه في المرحلة الأولى.
وفي تغريدة على "إكس"، حيا جان لوك ميلنشون، زعيم حزب فرنسا الأبية قرار الحزب الاشتراكي بدعم فكرة عزل ماكرون على الأقل في المرحلة الأولى مدركا جيدا أن هذه الخطوة لا تملك أية فرصة لكي تتجسد على أرض الواقع.
ويقول حزب فرنسا الأبية إن الأمر لا يعود إلى الرئيس "لإجراء مقايضات سياسية"، مشيرا إلى الصعوبات التي واجهها ماكرون منذ يوليو قبل التوصل إلى اختيار رئيس للوزراء.