يحظى ملف تصدير الكوادر والعمالة المصرية الماهرة للخارج باهتمام بالغ من الحكومة بشكل عام، ووزارة العمل بشكل خاص، فى ظل تلقى الوزارة العديد من الطلبات من عدة دول بخصوص استقدام عمالة مصرية، وهو ما يتطلب التوسع فى إعداد كوادر فنية وعمالة مدربة لتصديرها للخارج، تلبية لهذه الطلبات، وإتاحة فرص عمل جديدة أمام تلك العمالة المدربة على أحدث النظم فى مختلف القطاعات، مواكبة للتطورات العالمية، فضلا عن العمل على تنظيم المزيد من البرامج التعليمية والتدريبية المتخصصة التى من شأنها أن تسهم فى صقل مهارات تلك الكوادر، مع إصدار التراخيص اللازمة لعملهم بالخارج.
وقد أصدر الدكتور مُصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، قرارا بتشكيل مجموعة عمل من الوزراء المعنيين لوضع خطة تحرك متكاملة فيما يتعلق بملف تصدير الكوادر والعمالة المصرية المدربة، حيث تضع الحكومة هذا الملف على أجندة الأولويات.
وأكد محمد جبران وزير العمل، أن الدولة المصرية تُولى اهتمامًا كبيرًا لرعاية وحماية العمالة المصرية بالخارج، وذلك ضمن ثقافة "الجمهورية الجديدة" التى يُرسى قواعدها الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية، منوهًا إلى أهمية التعاون والتنسيق بين جهات الدولة فى الداخل والخارج من أجل تقديم أفضل الخدمات للعمالة المصرية قبل وبعد سفرها، مشيرا إلى أن مكاتب التمثيل العمالى تتابع حوالى 5 عامل مصرى بالخارج من خلال مكاتب التمثيل العمالى بالخارج.
• الإعداد وتأهيل العامل قبل السفر..
يبدأ اهتمام الدولة بالعمالة المصرية فى الخارج، قبل بدء العامل رحلته فى السفر إلى دولة المقصد، حيث تستقبله وزارة العمل فى "وحدة توجيه ما قبل المُغادرة"، وتوفر معلومات دقيقة عن جميع مراحل العمل بالخارج، فى 11 مجالا من مجالات العمل، حيث تبدأ من قرار العمال المهاجرين بالسفر، إلى عمليات التوظيف، ومتطلبات المهارات، وحقوق والتزامات العمال والإدارة الصحية، والوعى المالى، وترتيبات السفر للعودة وإعادة الإدماج، وتوفير المعلومات للعمال المهاجرين حول كيفية الوصول إلى قنوات الدعم، وآليات التظلم فى حالة الاستغلال، بهدف تقديم خدمات توعوية للعِمالة المُرشحة للعمل بالخارج، لضمان الحفاظ على حقوقهم، وحمايتهم ورعاية مصالحهم عن طريق تقديم خدمات التدريب والتوجيه والإرشـاد، وتزويدهم بالمعرفة والمهارات اللازمة،بما يُساعدهم على العمل بشكل مُستقر فى المجتمع بدولة المقصد، فضلًا عن حِمايتهم من التعرض لأى شكل من أشكال الاستغلال أو الاحتيال.
وبهدف تعزيز مهارة العامل المصري، وزيادة قدراته التنافسية بالخارج، والحفاظ على حقوقه والتوعية بواجباته وقعت وزارة العمل، اتفاقية الفحص المهنى ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالمملكة العربية السعودية، التحقق من امتلاك العامل المصرى للمؤهلات والمهارات المطلوبة للعمل، مؤكدة أهمية الحصول على هذه الشهادات قبل السفر للعمل بالسعودية طبقا للاتفاقية، لضمان امتلاك المهارات اللازمة للمهنة المتفق عليها مع صاحب العمل السعودى، علما بأن مُدة سريان شهادة الفحص المهنى 5 سنوات، وذلك للقضاء على الشهادات والصفات المهنية المضروبة التى تُهدد مُستقبل العامل المصرى فى الخارج، وتجعله لا يعمل بشكل مُستدام.
وأوضح محمد جبران، وزير العمل، أن مركز تدريب شهداء الكتيبة 103 "الشرابية سابقًا "، كمقر مُعتمد رسميًا لإجراء اختبارات الفحص المهنى طبقًا لاتفاقية "الفحص المهني" مع الجانب السعودى، وقريبًا مع بلدان أخرى، مؤكدا أن مصر حريصة على تقديم عمالة مصرية ماهرة ومُدربة جديدة لأسواق العمل العربية، والأجنبية.
• 83مركزا ثابت ومتنقل للتدريب المهنى
وتنفذ وزارة العمل عددا من البرامج التدريبية المهنية على مستوى الجمهورية، حيث تمتلك 82 مركز تدريب مهنى ثابت ومُتنقل وتقوم بتنفيذ خطة تدريبية سنوية دورية على المهن المطلوبة لسوق العمل، وقد أقرت الحكومة فى برنامجها الذى يمتد لمدة 3 سنوات رؤية متكاملة، تهدف لرفع كفاءة المشتغلين فى سوق العمل، وذلك من خلال مواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل وتطوير منظومة التدريب التى تستهدف تحسين مستوى المهارات للعمالة المصرية فى مختلف القطاعات لتأهيلهم لسوق العمل المحلى والخارجى.
قال عبد الوهاب خضر، المتحدث الرسمى لوزارة العمل، أن محمد جبران وزير العمل يضع تطوير منظومة التدريب المهنى أحد أهم أهداف الوزارة، خلال الفترة المقبلة، حيث تمتلك الوزارة نحو 82 مركز تدريب مهنى ثابت ومتنقل، يعملون فى إطار مبادرة حياة كريمة، لتدريب الشباب على المهن التى يحتاجها سوق العمل، مشيرا إلى أن خطة الوزير المستقبلية تستهدف التعاون مع القطاع الخاص، من بينها مبادرة "ابدأ" واتحاد الصناعات بهدف معرفة احتياجات الشركات من فرص العمل، وتدريب الشباب عليها، لضمان توفير فرص عمل مؤكدة يحتاجها سوق العمل بالفعل.
وأوضح خضر، أن تأهيل الشباب على المهن التى يحتاجها سوق العمل فى الداخل والخارج أصبحت ضرورة ملحة لابد من الاهتمام بها، لافتا إلى وجود لجنة مشتركة مع وزارتى التربية والتعليم والتعليم الفنى والتعليم العالى، لفهم سوق العمل، والمتغيرات التى تواجهه، لتدريب الشباب طبقا لهذه التغيرات، لافتا إلى اهتمام الوزارة بالتواصل مع شركاء التنمية فى الخارج عن طريق مكاتب التمثيل المهنى لتوفير فرص عمل للشباب بالخارج، وتدريبهم قبل السفر على الفرص المطلوبة، للحفاظ على استدامة العامل فى وظيفته.
وتستهدف الحكومة فى برنامجها، العمل على مواءمة مخرجات التعليم العالى مع متطلبات سوق العمل بالاستعانة بالمتخصصين، فضلا عن عقد شراكات مع الجهات التى توفر فرص التدريب للخريجين محليا ودوليا، وإنشاء منصات معنية بالموارد البشرية فى القطاعات المختلفة من أجل تعزيز فرص التدريب والتأهيل، بالإضافة إلى تطوير المعايير الوظيفية الخاصة بكل مسار تعليمى من أجل متابعة مخرجات التعليم وتقويمها وتحسينها، وكذلك تطوير منظومة التدريب التقنى والفنى، كما تضع الحكومة ممثلة فى وزارة العمل فى مقدمة أولوياتها تفعيل مشاركة القطاع الخاص فى التدريب، وخاصة التدريب المهنى، ودعم برامج أكاديمية التدريب المهنى والإدارى التابعة للوزارة وفقًا للتخصصات الفنية المستهدفة، بالتركيز على التدريب الفنى الصناعى بالتعاون مع القطاع الخاص لمد سوق العمل بما لا يقل عن 500 ألف فنى سنويا، بالتزامن مع مساعى الحكومة المصرية لإبرام بروتوكولات مع الشركات الدولية وخاصة الأوروبية لتوفير العمالة المدربة وفقًا لاحتياجاتها.
• رحلة العامل للخارج..
تقدم وزارة العمل الدعم اللازم لما يقرب من 5 ملايين عامل مصرى بالخارج، من خلال 9 مكاتب للتمثيل العمالى فى 8 بلدان أوروبية وعربية، هم: مكتبين فى السعودية " بجدة والرياض"، الكويت، الأردن، قطر، الإمارات، العراق وإيطاليا وبيروت، بسبب وجود كثافات عمالية فى هذه البلاد.
ووفقا لأحدث التقارير الصادرة عن وزارة العمل، فقد تمكنت المكاتب العمالية خلال الـ4 سنوات الماضية -من بداية 2020 حتى بداية 2024، من الحصول على مُستحقات وتحويلات مالية للعمالة المصرية بلغت "مليار و7 ملايين و91 ألف و300 جنيه، كما وفرت ما يقرب من 279 ألف و244 فرصة عمل، وبلغت عدد الشكاوى المُقدمة للمكاتب حوالى 22 ألف و724، تم تسوية 17 ألف و763 شكوى منها.
يقول الدكتور مظهر بسيونى، مدير عام التمثيل الخارجى ورعاية شئون العمالة الوطنية فى الخارج بوزارة العمل، أن مهمة مكاتب التمثيل العمالى مع العامل المصرى، تبدأ من مراجعة عقد العمل وشروط الاتفاق بين العامل وصاحب العمل والأجر والسكن، وكل ما يتعلق بالعامل فى الخارج قبل سفره، وبعد مراجعة العقد والشركة وأن العامل متوجه لعمل حقيقى يتم إرساله العقد لوزارة العمل لمراجعته، ويبدأ فى توجيه العامل وإرشاده فى حالة وجود أى مشكلة بين العمل وصاحب العمل، كما يقوم الملحق العمالى من التأكد من موقف الشركات وإن كان هناك شكاوى سابقة منها، حيث يعد الملحق العمالى قوائم بالشركات.
وأوضح بسيونى، أن التمثيل العمالى يتولى أيضا متابعة حصول العامل المصرى على مستحقاته بعد عودته إلى مصر، بالإضافة إلى دراسة ومتابعة قوى العرض والطلب فى أسواق العمل الخارجية واحتياجاتها من الأيدى العاملة لتتمكن الدولة المصرية من توفيرها قبل الإعلان عنها رسميا، وإعداد الدراسات اللازمة لإمكانية إنشاء مكاتب تمثيل عمالى جديدة بالخارج فى الدول الأكثر جاذبية للعمالة المصرية والمتواجدة بها بكثافة، والتنسيق مع وزارة الخارجية لبحث وحل مشكلات العمالة المصرية بالدول التى لا تتواجد فيها مكاتب للتمثيل العمالى بالخارج.
ولفت مدير عام التمثيل الخارجى ورعاية شئون العمالة الوطنية فى الخارج، إلى أن آخر أربع سنوات بلغت قيمة تحويلات العمالة من المصريين فى الخارج من خلال مكاتب التمثيل العمالى بلغت أكثر من مليار جنيه مصرى، وهى تكون عبارة عن "معاشات تقاعدية، ضمان اجتماعى، مستحقات عن شكاوى".
• اتحاد العمال..
من ناحيته، يقول مجدى البدوى، نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، رئيس النقابة العامة للعاملين بالصحافة والطباعة والإعلام، المقرر المساعد للجنة النقابات والعمل الأهلى بـ الحوار الوطنى: أن الأنماط الوظيفية تتغير على مستوى العالم أسرع كثيرا من السوق المحلى، وبالتالى تكنولوجيا الأنماط الوظيفية ليست متوفرة لدينا بالقدر الكافى، وهو الأمر الذى يحتاج إلى تطوير مراكز التدريب المهنى بشكل كبير، حيث يعود أغلبها إلى السبعينات والثمانينات ولم تعد ملائمة للاحتياجات الحالية من التدريبات.
وأكد البدوى، فى تصريحات خاصة لليوم السابع،: ضرورة تحويل التدريب إلى مشروع قومى، وربط مراكز التدريب فى الجهات المختلفة فى منظومة واحدة، ومنح تدريبات وفقا لاحتياجات وتطور الوظائف بسوق العمال الخارجى، مشيرا إلى ضرورة إلزام العمال قبل سفرهم للعمل بالخارج بخوض تدريبات مهنية للتأكد من مهاراته وأن يكون ممثل جيد للعامل المصرى بالخارج.
وأضاف: لابد من تعميم الربط الإلكترونى بين دول العالم أجمع، لضمان سفر العامل بشكل شرعى، وعدم تعرضه للنصب، فضلا عن سهولة الوصول للعامل فى حال الحاجة لذلك، وحماية حقوقه، مشيرا إلى أهمية زيادة أعداد المستشارين العمالين بالخارج، وتفعيل دورهم فى فتح أسواق عمل جديدة للعمالة المصرية، من خلال الاتفاقيات.