فى الوقت الذى كانت فيه إسرائيل بكل قادتها تهيم فى نشوة انتصاراتها الأخيرة والمتتالية منذ اغتيال حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، وما تلاها من اعتداءات وحشية ضد جنوب لبنان وحصارها لشمال غزة، جاءتها بغتة ضربة موجعة من الحزب الذى ظنت أنه يتهاوى، واستطاعت مسيرة أطلقتها المقاومة اللبنانية أن تخترق الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية وتضرب تجمع عشاء للجنود الإسرائيليين أسقتهم بين قتيل وجريح.
"العشاء الأخير" الاسم الذى اختاره رواد شبكات التواصل الاجتماعى خلال الساعات الماضية لوصف العملية النوعية التى نفّذها حزب الله مستهدفا جنود لواء غولانى، الذى يعتبر من أقوى الألوية فى جيش الاحتلال الإسرائيلى، والذى تلقى ضربة موجعة، مساء الأحد، خلال تناول جنوده العشاء فى صالة الطعام بقاعدة للتدريب بالقرب من بنيامينا جنوبى حيفا.
وبحسب ما أفادت تقارير إخبارية فى هذا الشأن فقد لقى 4 جنود مصرعهم فيما أصيب 67 آخرين فى الهجوم، الذى وصفه رئيس الأركان الإسرائيلى، هرتسى هاليفى، بـ"الصعب" ونتائجه مؤلمة، ولذلك بدأ تحقيق فورى لجيش الاحتلال حول الحادث لمعرفة كيف اخترقت المسيرة ووصلت إلى العمق ونفذت هدفها بدون اعتراضها من أنظمة الدفاع الجوية.
ويكشف التحقيق الأولى لسلاح الجو أن ثلاث طائرات مسيرة اخترقت حوالى الساعة 19.00 من المنطقة البحرية لمدينة صيدا فى لبنان، وانقطع الاتصال بأحدهم فى منطقة عكا، رغم أن المروحيات والطائرات المقاتلة كانت تلاحقه، وحاولت اعتراضه دون جدوى. وبعد حوالى نصف ساعة ضربت المنطقة بالقرب من بنيامينا.
ومرت أكثر من 20 دقيقة من لحظة رصد المسيرة حتى التبليغ عن الضربة فى قاعدة تدريبات جولانى، أى أنها طارت لمدة 15 دقيقة على الأقل فى سماء إسرائيل دون كشفها، ويدرس الجيش الإسرائيلى إمكانية أن تكون قد حلقت على ارتفاع منخفض للغاية، وهو ما سمح لها بالإفلات من الرادارات.
وأوضح التحقيق، أن الطائرة بدون طيار، ضربت غرفة الطعام بينما كان العشرات من مجندى لواء جولانى يتناولون العشاء، حيث اخترقت الطائرة بدون طيار السقف، مما تسبب فى سقوط عدد كبير من القتلى فى صفوف الجنود الإسرائيليين.
وذكر موقع واللا العبرى أن الجيش، بدأ بالفعل فى التحقيق فى كيفية فقدان الاتصال بالطائرة بدون طيار، التى واصلت التحليق لدقائق طويلة ولعشرات الكيلومترات إلى منطقة بنيامينا، وسيقوم الجيش بالتحقق مما إذا كان هذا فشلًا أم أنه حادث يشير إلى مشكلة نظامية فى قدرات الكشف والإنذار.
وأضاف الموقع "قيل لنا بأن حزب الله مهزوم ومكسور، لكنه أثبت الليلة الماضية أنه قادر على أن يكون فتاكًا"، مشيراً إلى أنه "فى الأسابيع القليلة الماضية كنا نسمع أن حزب الله قد تعرض للضرب والقضاء والإبادة"، لافتا إلى أن "هناك حقيقة غير سارة وهى أنه منذ هجوم أجهزة النداء وسلسلة الأحداث التى تبعتها، فإن الشيء الرئيسى الذى تغير على الأرض هو أن دائرة النار التى شملت المستوطنات الشمالية، توسعت إلى منطقة حيفا الكبرى وحتى جنوبها".
ولفت الموقع إلى أنه "من المعروف بالفعل أن هذه هى قاعدة تدريب لواء جولانى، وهناك بالفعل شائعات بأنهم حاولوا ليس فقط إيذاء الجنود ولكن أيضًا تصفية شخصية عسكرية كبيرة" – فى إشارة إلى رئيس الأركان الاسرائيلى هرتسى هاليفى - معتبراً أن "سياسة التعتيم برمتها فى عصر وسائل الاتصال والمنصات الرقمية يجب تحديثها".
وقال رئيس شعبة الاستخبارات السابق اللواء، يسرائيل زيف، اليوم الاثنين، أنّ حزب الله حقق من خلال عمليته إطلاق سرب من المسيّرات الانقضاضية على معسكر تدريب تابع للواء "غولاني" فى "بنيامينا"، "إنجازاً كبيراً، لذلك يجب عدم الاستخفاف به وبقدراته".
وقال زيف، وفقا لإذاعة "103 إف إم" الإسرائيلية إنّ "حزب الله استطاع التعافى على الرغم من الضربات التى تلقاها"، مشيراً إلى أنّ حزب الله يجرّ "إسرائيل اليوم إلى حرب استنزاف دامية ومؤلمة لفترة طويلة، هذا إنجاز كبير يُحسب له".