أزمة إنسانية طاحنة يشهدها السودان جراء استمرار الصراع، خاصة في ظل ارتفاع معدلات النزوح واللجوء، بينما لا تنجو المنظمات الإنسانية والمتطوعون العاملون معهم من الانتهاكات المرتكبة من قبل الميليشيات، وهو ما يفاقم الوضع الإنساني، في ضوء الدور المهم الذي تلعبه تلك المنظمات في تقديم الدعم والإغاثة للمتضررين.
وعزز الجيش السوداني تقدمه الميداني على حساب قوات الدعم السريع، حيث وصل إلى مناطق سيطرة الأخير، وبعد عام ونصف على الحرب، تغيرت خارطة مناطق السيطرة حيث تمكن الجيش من السيطرة على مواقع جديدة ومهمة كانت بقبضة الدعم السريع منذ اندلاع المعارك، كما شهدت مواقع أخرى مثل جبل مويا بولاية سنار معارك عنيفة انتهت باعلان الجيش السيطرة عليها.
من جانبها أعلنت منظمة أطباء بلا حدود، عن احتجاز قوات الدعم السريع لشاحنة مستأجرة برفقة سائقها، تتبع للمنظمة، كانت محملة بمساعدات إنسانية في طريقها إلى ولاية النيل الأبيض جنوب البلاد.
وجاء في بيان صادر عن أطباء بلا حدود، أنه تم احتجاز شاحنة مستأجرة تابعة لأطباء بلا حدود بالقوة، واحتجاز سائقها عند نقطة تفتيش تسيطر عليها قوات الدعم السريع في الشقيق، شمال غرب ولاية النيل الأبيض بالسودان.
وأوضح البيان أن آخر اتصال تم مع السائق كان بتاريخ السابع من أكتوبر الجاري، وأعربت المنظمة الإنسانية عن قلقها إزاء سلامته ومصير الإمدادات الطبية الأساسية التي كان يحملها.
وأشار البيان إلى أن الشاحنة كانت تحمل أدوية ومعدات طبية في طريقها إلى كوستي بولاية النيل الأبيض، حيث تقدم فرق أطباء بلا حدود الرعاية الصحية الأولية ودعم الصحة النفسية وخدمات أخرى للنازحين بسبب الحرب.
كما أكد البيان أن الوثائق وتصاريح السفر اللازمة الخاصة بالشحنة والشاحنة كانت متوفرة لدى أطباء بلا حدود.
وقال رئيس بعثة أطباء بلا حدود، خوان كارلوس كانو: "منذ يوليو، واجهت ولاية النيل الأبيض توقفاً تاماً في المساعدات، مما ترك المرافق الصحية دون إمدادات أساسية. إن مصادرة المساعدات الإنسانية أمر غير مقبول".
ودعا قوات الدعم السريع إلى تزويد المنظمة بأي معلومات قد تكون لديهم عن مكان وجود السائق وإعادة الشاحنة مع المواد الطبية التي كانت تحملها.
ومن ناحية أخرى كشفت اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء، عن تفشي واسع النطاق لحمى الضنك في البلاد حيث بلغت الحالات 7.6 آلاف حالة تشمل 253 وفاة.
وأفادت وزارة الصحة، بأن حالات حمى الضنك في جميع مناطق السودان وصلت إلى 2024 إصابة تتضمن 9 وفيات.
وبحسب موقع سودان تربيون، قالت عضو فرعية أم درمان في اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان أديبة إبراهيم السيد، إنه جرى تسجيل 7.632 إصابة مؤكدة بحمى الضنك عبر الفحص السريع توفى منهم 253 فردًا، فيما بلغت حالات الاشتباه 4.088 حالة.
وأشارت إلى أن انتشار مرض الملاريا، علاوة على حميات أخرى مجهولة دون معروف مسمياتها نظرًا لعدم توفر المعامل وهجرة الفنيين.
وكشفت عن انتشار طفح جلدي بكتيري يؤدي إلى جروح والتهاب حاد.
وأفادت أديبة السيد بزيادة حالات وفيات الكوليرا، نتيجة لانعدام المحاليل الوريدية حيث يحتاج المصاب بالوباء إلى 50 ــ 60 محلولًا في اليوم، ليؤدي عدم توفرها إلى زيادة الوفيات.
ويُعزى تفشي وباء الكوليرا، الذي بدأ في 12 أغسطس الماضي، إلى السيول الجارفة والأمطار الغزيرة التي اجتاحت مناطق واسعة من البلاد، مما خلق بيئة خصبة لتكاثر نواقل الأمراض، في وقت أدت فيه الحرب إلى تعطيل كامل للخدمات الصحية.
يذكر أن 25 ألف لاجئ تدفق من السودان على تشاد في الأسبوع الأول من الشهر الجاري هربا من الحرب العنيفة المتواصلة منذ 18 شهرا، وهو رقم قياسي خلال العام 2024، وفق تحذير صدر عن الأمم المتحدة.
ويرى منسق الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالمنطقة، مامادو ديا بالده، أن عتبة الـ3 ملايين لاجئ الفارين من السودان سيتم تجاوزها خلال أسبوعين أو ثلاثة.
وقال "وصل العدد إلى 3 ملايين تقريبا"، معتبرا أنها "كارثة" تعود إلى اشتداد "عنف" النزاع.
وأضاف "عندما نرى 25 ألف وافد، إنه رقم ضخم جدا"، داعيا المجتمع الدولي إلى زيادة الدعم المقدَّم، في حين تم تمويل خطة الاستجابة الإقليمية للاجئين لعام 2024 المقدرة قيمتها بـ1.51 مليار دولار، بنسبة 27% فقط.
وأكد أن هذا الدعم ليس كافيا لأن عدد اللاجئين مستمر في الارتفاع، متوقعا "أن يكون هناك المزيد من اللاجئين في تشاد في الأسابيع المقبلة" بسبب تصاعد حدة النزاع في دارفور و"انحسار المياه" الناجمة عن الأمطار.
وأوضح قائلا "نطالب بتحرك الجهات الفاعلة في مجال التنمية لتكمّل" المساعدات الإنسانية، مع التأكيد على الحاجة إلى السلام في السودان.
ورأى أن الاعتقاد بأن نزوح السكان سيقتصر على السودان والمنطقة "خطأ كبير"، مضيفا "يتوجه المزيد من الناس نحو إيطاليا، ونحو أوروبا، ونحو الجنوب الأفريقي" و"هناك من يذهب إلى دول الخليج أيضا".