أصدرت الدائرة "20" – بمحكمة القاهرة الجديدة – حكما قضائيا فريدا من نوعه، بإلزام إحدى المصانع بسداد تعويض لأسرة أحد العاملين بالمصنع يُقدر بـ 2 مليون جنيه تعويضا ماديا وأدبيا وموروثا عن وفاة والدهم نتيجة حريق بمصنع بالعبور، باعتباره تعويض وفاة أثناء وبسبب العمل، والمحكمة تستند لأحكام محكمة النقض .
صدر الحكم في الدعوى المقيدة برقم 1250 لسنة 2024 عمال القاهرة الجديدة، لصالح المحامى العمالى أحمد المصرى، برئاسة المستشار محمد جميل، وعضوية المستشارين نادر هنداوی، و محمد عصام الدين، وأمانة سر محمد كمال.
الوقائع.. وفاة عامل بسبب حريق في أحد مصانع العبور
تتحصل الوقائع في وقوع حريق في مصنع "...." بالعبور، ما أدى إلى خسائر جسيمة، كان منها وفاة "عبدالرحمن. ع"، أحد العاملين بالمصنع، فأقام الورثة دعوى تعويض تُقدر بـ2 مليون جنيه تعويضا ماديا وأدبيا وموروثا على سند من القول أن مورث المدعيان كان يعمل لدى المصنع الذى يمثله المدعى عليهما بصفتيهما حاليا، وحيث أنه قد وقع حريق بذلك المصنع ترتب عليه وفاة مورث المدعيان، وتم قيد الواقعة جنحة قضى فيها نهائيا بإدانة المدعى عليه الأول، وهو الأمر الذى حدا بهما لإقامة الدعوى الراهنة.
وفى تلك الأثناء - تداولت الدعوى بالجلسات على نحو ما ثبت بمحاضرها ومثل فيها طرفى التداعي كلا بوكيل، وقدما على مدار الجلسات حوافظ مستندات طالعتهم المحكمة، وبجلسة المرافعة الختامية قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم.
أبناء "العامل" يقيمون دعوى تعويض بـ2 مليون جنيه
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الدعوى: فلما كان المقرر بنص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية أن يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو بالإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائيا فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها، ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بني على انتفاء التهمة أو على عدم كفاية الأدلة، ولا تكون له هذه القوة إذا كان مبنياً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون"، كما نصت المادة 102 من قانون الاثبات على أنه: "لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضروريا".
وبحسب "المحكمة": وكان المقرر بقضاء محكمة النقض أن مؤدى نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية 102 من قانون الاثبات أن الحكم الصادر في المواد الجنائية تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية، وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، ومتى فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور، فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ولو بأدلة قانونية أو واقعية جديدة، طبقا للطعن المقيد برقم 1487 لسنة 72 قضائية، الصادر بجلسة 10 يونيو 2012.
التعويض ماديا وأدبيا وموروثا
وتضيف "المحكمة": لما كان ما تقدم - وكان المدعي قد أقام دعواء بغية القضاء له بإلزام المدعى عليه بأداء تعويض مادي وأدبي و موروث، وذلك على أثر إدانة المدعي عليه الأول بحكم نهائي في حادث وفاة مورث المدعيان، الأمر الذي أصبح معه ذلك الحكم قد صار حائزا لقوة الأمر المقضى به، وحائزا للحجية التي تمنع المحكمة المدنية من إعادة بحث أركان المسئولية التقصيرية وعناصرها مرة أخرى ذلك أنه بصدور الحكم الجنائي بإدانة المدعى عليه على النحو سالف البيان يكون قد ثبت في حقه عناصر تلك المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة سببية ويكون قد فصل في الأساس المشترك فيما بينه وبين الدعوى المدنية فصلا جازما بإدانته المدعى عليه الأمر الذي يمتنع معه على المحكمة، والحال كذلك أن تعيد بحث توافر تلك العناصر ويقتصر دورها على تقدير التعويض الجابر لذلك الضرر.
لما كان ذلك - وكان المقرر بنص المادة 163 من القانون المدنى: "أن كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض"، كما نصت المادة 164/1 من ذات القانون على أن (1- يكون الشخص مسئولاً عن أعماله غير المشروعة متى صدرت منه وهو مميز ......)، ونصت المادة 170 من ذات القانون على: (أن يقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر الذي لحق المضرور طبقاً لأحكام المادتين 221 و 222 مراعياً في ذلك الظروف الملابسة، فإن لم يتيسر له وقت الحكم أن يعين مدى التعويض تعييناً نهائياً، فله أن يحتفظ للمضرور بالحق في أن يطالب خلال مدة معينة بإعادة النظر في التقدير).
المحكمة تنصف الأبناء وتقضى بالتعويض
ونصت المادة 221/1 من ذات القانون على أن: ( 1- إذا لم يكن التعويض مقدراً في العقد أو بنص في القانون فالقاضي هو الذي يقدره، ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب، بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو التأخر في الوقاء به، ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوفاه ببذل جهد معقول)، كما نصت المادة 221/1 من ذات القانون على أن: (1- يشمل التعويض الضرر الأدبي أيضاً، ولكن لا يجوز في هذه الحالة أن ينتقل إلى الغير إلا إذا تحدد بمقتضى اتفاق، أو طالب الدائن به أمام القضاء) وكان المقرر بقضاء محكمة النقض أن التعويض في المسئولية التقصيرية يشمل كل ضرر مباشر متوقعاً كان هذا الضرر أو غير متوقع ويقوم الضرر المباشر وفقاً للمادة 221/1 من القانون المدني على عنصرين أساسيين هما الخسارة التي لحقت المضرور والكسب الذي فاته)، طبقا للطعن رقم 1253 لسنة 67 قضائية، الصادر بجلسة 16 يونيو 1999.
وأوضحت "المحكمة": كما أن المقرر بقضاء محكمة النقض أن يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون الضرر محققاً بأن يكون قد وقع بالفعل أو يكون وقوعه في المستقبل حتميا، طبقا للطعن رقم 1529 لسنة 70 قضائية، الصادر بجلسة 27 يناير 2004، وجرى قضاء محكمة النقض على أن البين من نصوص المواد 170، 221، 222 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الأصل في المساءلة المدنية أن التعويض عموما يقدر بمقدار الضرر المباشر الذي أحدثه الخطاء ويستوي في ذلك الضرر المادي والضرر الأدبي على أن يراعي القاضي في تقدير التعويض الظروف الملابسة للمضرور، وتقدير الضرر ومراعاة الظروف الملابسة عند تقدير التعويض الجابر له مسألة موضوعية تستقل بها محكمة الموضوع وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفى الحمله، طبقا للطعن رقم 934 لسنة 49 قضائية، الصادر بجلسة 12 يناير 1983.
وبحسب "المحكمة": وحيث أنه وعن التعويض عن الضرر المادي الذي أصاب المدعي فلما كان الثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها أن المدعى عليه قد قضى بإدانته في الدعوى الجنائية سالفة الذكر لقيامة بإرتكابه جنحة القتل الخطأ والحصول منه على مبالغ مالية وهو ما يكون قد ثبت معه عنصر الخطأ لارتكابه ذلك الفعل، كما أن المدعي قد أصابته أضرارا مادية تمثلت في فقدان المدعيان عائلهم، وحيث أنه وعن التعويض عن الضرر الأدبى، فلما كان المدعى قد أصابته أضرار معنوية وآلام نفسية من جراء وفاة مورثهم الذي ترى معه المحكمة استحقاقه للتعويض الجابر لما تعرض له من أضرار أدبية، فحيث لما كان للمحكمة من سلطة في تقدير قيمة التعويض وتقضى بمبلغ 2 مليون جنيها على نحو ما سوف يرد بالمنطوق .
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليه الأول بأن يؤدي للمدعي تعويضا ماديا وأدبيا وموروثا عما أصابهما من أضرار وقدره 2 مليون جنيها، والزمته بالمصروفات وخمسة وسبعين جنبها مقابل أتعاب المحاماة.