أصدرت الدائرة العمالية "ب" – بمحكمة النقض – حكما مهما ينظم مسألة التسوية بين العامل وصاحب العمل، ويحدد طريقين للتسوية إما مكتب العمل أو المحكمة العمالية، وتوضح أن لكل طريق قانون للتعامل معه ومُدد لسقوط الحق تختلف عن الأخر، رسخت خلاله لمبدأ قضائيا قالت فيه: "إقامة الطاعن لدعواه متبعًا في ذلك الطريق العادي طبقًا للمادة 63 مرافعات، يكون أثره صيرورته في حلٍ من اتباع أحكام المادة 70 من ق العمل، أما مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر، يُعد مخالفة للقانون وخطأ".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 11245 لسنة 85 القضائية، برئاسة المستشار حسام قرني حسن، وعضوية المستشارين محمد إبراهيم الإتربي، ومحمد منصور، وطارق علي صديق، وعلاء شعبان السجيعي، وبحضور كل من رئيس النيابة مصطفى كامل، وأمانة سر مصطفى محمد منسي.
الوقائع.. نزاع قضائى بين عامل وشركة بسبب فصله عن العمل
الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وجميع أوراق الطعن تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 579 لسنة 2012 عمال سوهاج الابتدائية على المطعون ضده (العامل) بطلب الحكم بفصله من العمل لديها، وذلك على سند من القول إنه كان من العاملين لديها، وقدم إليها مستنداً يتعلق بأداء الخدمة العسكرية الخاصة به ثبت تزويره بقصد وقف قرار إيقافه عن العمل، فأقامت الدعوى.
محكمتى أول وثانى درجة يقضيان بسقوط حق الشركة في إقامة الدعوى
وغضون 10 نوفمبر 2013 حكمت المحكمة بسقوط حق الشركة الطاعنة في إقامة الدعوى، ثم استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1456 لسنة 88 قضائية، استئناف أسيوط مأمورية سوهاج، ثم ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 22 أبريل 2015 بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة بالرأي انتهت بها إلى رفضه، عرض الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وبها التزمت النيابة رأيها.
الشركة تطعن أمام محكمة النقض لإلغاء الحكم
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم، حيث ذكرت إن ما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن حقها في إقامة الدعوى لم يسقط إعمالا لنص المادة 70 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 لأن رئيس مجلس إداراتها أحال ما نسب للمطعون ضده الى الإدارة القانونية التي اتخذت قرارها باتخاذ إجراءات رفع دعوى فصله لما نسب إليه بكتابه المؤرخ 5 سبتمبر 2012 وهو التاريخ الذي يبدأ منه ميعاد المنازعة، وأنها أقامت الدعوى في 8 سبتمبر 2012 إلا أن الحكم المطعون فيه خالف ذلك، وقضى بسقوط حقها في إقامة الدعوى عملاً بالمادة 70 سالفة البيان، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
نص المادة 70 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة 70 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 - أن المشرع قد وضع تنظيماً متكاملاً لتصفية المنازعات العمالية التي قد تنشأ بين العمال وبين أرباب أعمالهم، وذلك أما محاولة التسوية الودية عن طريق الجهات الإدارية المختصة - مكتب العمل - وفق مواعيد محددة وإجراءات ميسرة بعيداً من ساحات المحاكم - وهذا هو الطريق السهل - أو عن طريق اللجوء المباشر إلى المحكمة العمالية استناداً إلى الحق الدستوري الأصيل الذي يقضي بأن حق التقاضي هو حق مصون ومكفول للناس كافة وهذا الطريق يقتضي الاستعانة بمحام واتباع إجراءات التقاضي.
طريقين لتسوية علاقة صاحب العمل مع العامل.. ومكتب العمل الطريق الأسهل
وبحسب "المحكمة": وكان كل من الطريقين يختلف عن الآخر في إجراءاته ومواعيده بحيث إذا أختار صاحب المصلحة طريق رفع الدعوى العادية يكون قد نزل بذلك ضمناً عن مباشرة الطريق السهل الذى حاباه به المشرع وهو طريق الجهة الإدارية - مكتب العمل - والعكس هو الصحيح بما لازمه عدم جواز الخلط بين الطريقين أو المزج بينهما، ويسقط حق صاحب الشأن أو المصلحة في اللجوء إلى الجهة الإدارية إذا اختار طريق التقاضي العادي، وأن المحكمة العمالية هي إحدى دوائر المحكمة الابتدائية وتختص بالفصل في المنازعات العمالية، وذلك لسرعة إنجاز هذه القضايا وتوحيد المبادئ الصادرة فيها.
الشركة تتبع الطريق الأصعب في التسوية مع العامل وفصله
وتضيف "المحكمة": وكان الطاعن قد أقام دعواه مباشرة بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب محكمة الزقازيق الابتدائية متبعاً في ذلك الطريق العادي لرفع الدعوى إعمالاً للمادة 63 من قانون المرافعات، فيكون في حل من اتباع حكم المادة 70 من قانون العمل المشار إليها، واذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك النظر وقضى بسقوط حق الطاعن في إقامة الدعوى إعمالاً للمادة 70 من قانون العمل بقالة مرور أكثر من 76 يوماً من تاريخ بدء النزاع في 17 مايو 2012 - وعدم اللجوء إلى المحكمة المختصة في المادة 70 المشار إليها إلا بتاريخ 8 سبتمبر 2012 فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.
لذلك:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف أسيوط مأمورية سوهاج، وألزمت المطعون ضده بمصروفات الطعن ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.