الإجراءات في حقيقة الأمر تُمثل عصب قانون المرافعات وأساسه الذي تدور حوله أصوله وقواعده، ولذا لم يكن غريباً أن يطلق عليه قانون الإجراءات أو قانون الإجراءات المدنية، ويهتم قانون المرافعات بالمنظومة الإجرائية كمنظومة الإعلان ومنظومة سير العقوبة ومنظومة الحكم فيها، ويمثل الإعلان أبرز الأمور المنظمة لسير الخصومة، لذا فإن له شئناً في قانون المرافعات باعتباره من الأدوات المنظمة لسير الخصومة سيرها الطبيعي حتى بلوغ غايتها، أي الحكم الصادر في موضوعها.
ويثير الإعلان كثيرا من المشكلات التي يجب التصدي لها بعدما أثارت ردود فعل في نطاق الواقع أو في مجال التطبيق، على نحو يحث القانونيين على التصدي لها، ويعالج هذا الموضوع الكثير من الجوانب الإجرائية التي ظهرت على مستوى الواقع، ويقصد بإعلان ورقة من أوراق المرافعات ليس فقط علم المعلن إليه بمضمونها، ولكن إحاطته علما بها وتمكنيه من أن يطلع عليها وأن يعلم فحواها، وذلك عن طريق تسليمه صورتها أو الأصل نفسه عن طريق إتباع الإجراءات التي نص عليها القانون، وللإعلان أهميته الواضحة إذ من خلاله يتحقق مبدأ المواجهة.
حالات تؤدى لبطلان الاعلانات القضائية حال أغفلها القائم بالإعلان
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على حالات تؤدى لبطلان الاعلانات القضائية إذا أغفلها القائم بالإعلان، فقد نظم المشرع المصري قواعد الإعلان القضائي في قانون المرافعات بشکل يؤکد الأهمية البالغة لهذا الإجراء في الدعوى، وعلى الرغم من هذا التنظيم وهذه الأهمية، لاحظنا عددا يصعب حصره من أحکام النقض ببطلان العديد من الأحکام والإجراءات بسبب عيب من عيوب الإعلان الذي تم في الدعوى – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض مجدى أحمد عزام.
فى البداية - تُعد المادة 114 من قانون المرافعات المصري حجر الزاوية لضمان صحة الإعلان القضائي، حيث تحدد البيانات الأساسية التي يجب أن يتضمنها الإعلان لضمان إبلاغ الأطراف المعنية بتفاصيل الدعوى بوضوح ودقة. تهدف هذه المادة إلى تعزيز مبدأ المواجهة بين الخصوم وضمان حق الدفاع، مما يضمن نزاهة الإجراءات القضائية ومع ذلك، إذا خالف الإعلان هذه الضوابط، فإنه يُعتبر باطلاً، وهو ما قد يؤثر على صحة الإجراءات اللاحقة – وفقا لـ"عزام".
3 حالات حددها المشرع
ووفقا لنص المادة 10 من قانون المرافعات تنص على: "أن تسلم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو في موطنه، وإذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه في موطنه كان عليه أن يسلم الورقة إلى من يقرر أنه وكيله أو أنه يعمل في خدمته أو أنه من الساكنين معه من الأزواج والأقارب والأصهار"، فقد دلت على أن الأصل في إعلان أوراق المحضرين أن تسلم الأوراق المراد إعلانها للشخص نفسه أو في موطنه فإذا لم يجد المحضر الشخص المراد إعلانه في موطنه جاز تسليم الأوراق إلى أحد أقاربه أو أصهاره بشرط أن يكون مقيمًا معه – الكلام لـ"عزام".
فإذا أغفل المحضر إثبات صفة من تسلم صورة الإعلان أو أغفل إثبات أنه من أقارب أو أصهار المطلوب إعلانه المقيم معه، فإنه يترتب على ذلك بطلان الإعلان طبقًا لنص المادة 19 من قانون المرافعات، وعلى ذلك يجب على المحضر التالى – الكلام لـ"عزام":
1- أن يقوم بتسليم الورقة المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو في موطنه.
2- فإن لم يجده في هذا الموطن جاز له أن يسلم الورقة إلى من يدعى أنه وكيله - أو خادمه - أو من يكون ساكناً معه مع اثبات ذلك.
3- فإذا كان المحضر الذي باشر الإعلان لم يثبت عدم وجود المعلن إليه وإقامة من تسلم صورة الإعلان معه وصفته في الاستلام، فإن إغفال هذه البيانات الجوهرية يؤدي إلى بطلان الإعلان.
تطبيقات محكمة النقض بشأن حالات تؤدى لبطلان الاعلانات القضائية
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الأزمة في العديد من أحكامها، أبرزها الطعن المقيد برقم 25978 لسنة 92 قضائية، الصادر بجلسة 5 مارس 2024، والذى جاء في حيثياته: "إعلان أوراق المحضرين يكون بتسليمها للشخص نفسه أو في موطنه، أما في حالة عدم وجوده، يجوز تسليمها إلى أحد أقاربه أو أصهاره، شريطة أن تكون إقامته معه، أما إغفال المحضر إثبات صفة من تسلم صورة الإعلان أو إغفاله إثبات أنه من أقارب أو أصهار المطلوب إعلانه المقيم معه، يكون أثره بطلان الإعلان، طبقا للمادة 19 مرافعات.
حكم أخر لمحكمة النقض
وكذا الطعن المقيد برقم 11868 لسنة 90 قضائية، الصادر بجلسة 27 ديسمبر 2021، والذى جاء في حيثياته: "وجوب إثبات المحضر عدم وجود المعلن إليه وإقامة من تسلم صورة الإعلان معه وصفته في الاستلام، أما إغفال المحضر هذه البيانات الجوهرية بورقة الإعلان يُعد بطلان"، وثبوت تمسك الطاعن بصحيفة استئنافه ببطلان إعلانه أمام محكمة أول درجة بأمر الأداء والقرار الصادر فيه وإعادة إعلانه وإغفال المحضر إثبات عدم وجوده وعدم بيان صفة من تسلم الإعلان عنه، أما رد الحكم المطعون فيه هذا الدفاع بقالة أن الإعلان بصحيفة الدعوي قد تم وفق صحيح القانون يكون عدم صلاحيته رداً، يكون أثره نقض الحكم".
كما جاء في الطعن المقيد برقم 323 لسنة 50 قضائية، الصادر بجلسة 29 ديسمبر 1983، والذى جاء في حيثياته: "أغفال المحضر ذكر صفة مستلم الإعلان في موطن المطلوب إعلانه في حالة عدم وجوده أثره بطلان الإعلان"، وإغفال المحضر إثبات أن من تسلم صورة الإعلان يقيم مع المعلن إليه و أن الأخير غير موجود أثره بطلان الإعلان المادتين 10 و 19 مرافعات".