وافق مجلس الشيوخ، خلال الجلسة العامة اليوم، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، من حيث المبدأ على مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن المسئولية الطبية وحماية المريض.
ويهدف مشروع القانون، لحماية حقوق المرضى من خلال ضمان حصولهم على خدمات طبية عالية الجودة، ومعاقبة الإهمال أو التقصير الذى قد يؤدى إلى الإضرار بصحتهم أو سلامتهم وتشجيع الكفاءة الطبية عبر وضع معايير واضحة تحفز الممارسين الطبيين على الالتزام بأعلى درجات المهنية والدقة فى عملهم، مما يُسهم فى تحسين جودة الخدمات الصحية.
ويعمل مشروع القانون على تحقيق العدالة وإنصاف المرضى المتضررين من الأخطاء الطبية دون المساس بحقوق الأطباء الذين قد يقعون ضحية لاتهامات غير عادلة، وتضمن مشروع القانون تحديد التزامات مقدم الخدمة والمنشآت الطبية، بدايةً من تسجيل وتدوين كل إجراء طبى يتعلق بحالة متلقى الخدمة الطبية بالتفصيل فى الملف الطبـى الخـاص بـه، واستخدام الأدوات والأجهزة الطبية الصالحة للاستعمال والمناسبة لحالته، والالتزام بتبصيره بطبيعة مرضه ودرجة خطورتها والمضاعفات الطبية التى قد تنجم عن العلاج والحصول على موافقته قبل البدء فى تطبيقه، كما حظر الامتناع عن علاج الخدمة الطبية فى الحالات الطارئة أو التى تشكل خطراً على حياته حتى تستقر حالته الصحية فى ضوء الالتزام الدستورى المقرر فى هذا الشأن، وكذلك حظر الانقطاع عن علاجـه دون التأكد من استقرار حالته الصحية، وحظر إفشاء السر الذى تم الاطلاع عليـه أثناء تقديم الخدمة الطبية مع بيان الحالات الاستثنائية التى يمكن إفشاء السر فيها.
وشهدت الجلسة العامة التأكيد على عدة نقاط هامة فى مشروع القانون وفى مقدمتها عدم سلب التشريع الجديد بإنشاء لجنة عليا للمسئولية الطبية وحماية المريض يُناط بها النظر فى الشكاوى المتعلقة بها، اختصاص النيابة وسلطتها فى تلقى البلاغات والتحقيق فيها، فضلا عن عدم وجود أى تضارب فى ذلك.
وأكد المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس مجلس الشيوخ، على وجود ضوابط ومعايير دقيقة للغاية فى الحبس الاحتياطي، لاسيما فى ضوء توجيهات القيادة السياسية، داعيا إلى عدم الرعب من فكرة صدور أمر حبس احتياطى فى الجرائم التى تقع على مقدم الخدمة أثناء تقديم الخدمة الطبية أو بسببها، مشيرا إلى أن المُلتزم بالضوابط القانونية خارج هذا الأمر تماماً، قائلا: "أليس هناك حالات لأفراد مخالفة أيا كانت مهنتهم، يحبسون احتياطا وفقا للقانون، لماذا فكرة الرعب من الحبس الاحتياطي؟".
وحذر "عبد الرازق" من وجود يد خفية تعمل على إثارة الرعب، قائلا: "لا نريد أن نأخذ الأمور ببساطة، نحن فى فترة نرى أن هناك من يحاول العبث فى عقول الناس، لعدة أسباب لا داعى للخوض فيها".
وكانت النائبة سهير أديب، قد سجلت اعتراضها على الحبس الاحتياطى للأطباء، مشيرة إلى أن المكتسبات العديدة التى يقرها مشروع القانون للأطباء المرضى على حد السواء.
وعلق المستشار عبدالرازق، بتأكيده أنه ربما التعامل فى ظل النصوص القديمة ولم يكن هناك ما يضبط العملية مثل هذا القانون، مشيراً إلى أن هناك نصوص فى قانون العقوبات وما ينظمه قانون الإجراءات الجنائية فى إطار القواعد العامة لكل المهنة، فماذا لو اختصينا مهنة بتنظيم دقيق ينظم ماله وما عليه، شيء يتوقف عنده الكثيرون.
فعادت البرلمانية، لتصدق على حديث رئيس المجلس بأن مواقع التواصل تؤجج الفكر، إلا أنها بصفتها أستاذا للتخدير تناظر حالات مماثلة، مطالبة بألا يحبس الطبيب إلا بعد تقرير فنى يثبت إدانته.
وأكد المستشار بهاء الدين أبو شقة وكيل مجلس الشيوخ؛ أن مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن المسؤولية الطبية وحماية المريض، جاءت تفعيلاً لنص المادة (18) من الدستور، لما يتعين أن يتمتع به الطبيب سواء كان معالجا أو مجريا لعملية جراحية وبين الطمأنينة التى يتعين أن يحظى بها المرضى أو الشخص المقبل على إجراء عملية، حيث إننا أمام كفتى ميزان لابد من تساويهما.
وشدد "أبو شقة" على ضرورة استشعار الطبيب أثناء مباشرة عمله أنه يمارسه فى ضوء حماية قانونية بالضوابط المقررة للحماية العامة وأن يستشعر المواطن أيضا بالطمأنينة فى هذا الشأن، موجها رسالة طمأنة من تحت قبة مجلس الشيوخ، بوقوف المجلس النيابى مع الضمانات الدستورية والقانونية سواء للأطباء أو غير الأطباء والسلطة التشريعية تمثل الشعب، فعندما تسن تشريعا تضع جميع الاعتبارات الدستورية ولا ننحاز لهذا أو ذلك إلا لخدمة الدستور والقانون".
ولفت "أبو شقة" إلى إن ما أورده المشروع فى نصوصه من تشكيل لجنة عليا تختص بالنظر فى الشكاوى ضد مقدمى الخدمة بشأن الأخطاء الطبية مع منح الحق فى تشكيل لجنة فرعية أو أكثر على أن تلتزم اللجنة الفرعية بفحص الشكوى، أمر مشوب بالغموض بل وتتعارض مع المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية القائم، فيما ذهبت إليه بأن النيابة العامة هى التى تباشر الدعوى الجنائية فى كافة مراحلها تحقيقاً وإحالة للمحاكمة أو إصدار قرار بألا وجه وتباشرها كسلطة اتهام أمام المحكمة الجنائية.
ولفت المستشار محمود فوزي، إلى أنه لا سلب لاختصاص النيابة العامة أو تداخل بين الاختصاصات، مشيراً إلى أن الاختصاص الإدارى يترتب عليه مسئولية إدارية ومهنية لا تخل باختصاص النيابة العامة حال وجود بلاغات.
وعقب المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس المجلس، بتأكيده أن النيابة العامة تستعين أيضا بالطب الشرعى فى المسائل الفنية الدقيقة وتعتمد ما تنتهى إليه من الناحية الفنية وتعطيه الصبغة القانونية اللازمة.
وفى ضوء هذه الإيضاحات، أوضح المستشار بهاء أبو شقة، وكيل أول مجلس النواب، إن ما أبدأه المستشار محمود فوزى هو ما رغبنا أن يكون مثبتا فى المضبطة، حتى لا يحدث لغط، مشيراً إلى أنه ليس من المقصود بحديثه إلا أن يكون هناك إيضاح مثبت فى مضبطة الجلسة، فإذا كان هناك خلاف على النصوص يتم العودة إلى مضابط المجلس النيابى فى هذا الشأن.
وقال "أبو شقة"، إننا كنا أمام نصوص تستوجب الإيضاح فى مسالة مهمة، حول إذا كان هناك سلب لحق النيابة العامة أم أنه يحق للمجنى عليه التقدم مباشرة للنيابة العامة التى تباشر اختصاصها وتجرى التحقيقات الجنائية فى جانب، والشق الإدارى فى جانب آخر، وأن ما تنتهى إليه الجهة الإدارية لا يقيد الجهة الجنائية.
وبدوره ثمن المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس مجلس الشيوخ، المناقشات وأهمية التفسير الذى أوضحه المستشار محمود فوزي، ليكون فى المضابط، قائلا: "كم من مرة، أثناء نظرنا بالمحكمة الدستورية لتفسير نصوص وفقا للحق الدستورى للمحكمة، نعود للمناقشات داخل المجلس النيابى لمعرفة ضبط المسائل".
وخلال المناقشات، حرص المستشار محمود فوزى وزير شئون المجالس النيابية والقانونية والتواصل السياسى، توجيه عدد من الرسائل المهمة لتوضيح فلسفة مشروع القانون وأهميته لطرفى الخدمة، قائلا: "إن المهن الحرة لا يجوز أن تكون بدون تنظيم وهى علاقة تعاقدية والدولة هى التى تضع الإطار المنظم وتحدد الحقوق والواجبات والطب له خصوصية وهى مهنة الرحمة والضمير وهى رسالة أكثر من أنها مهنة، قائلا: أنا بروح للدكتور نتيجة ثقتى فيه وعندما أجلس على طاولة العمليات يكون نتيجة ثقتى فى الطبيب.
وتابع وزير الشئون النيابية والقانونية: أن مصر دولة ذات ريادة طبية، وهجرة الأطباء فى حد ذاتها هى اعتراف بكفاءة وجودة الأطباء المصريين، والدكتور مجدى يعقوب هو أحد المهاجرين، مؤكدا أن الحكومة تقدر الأطباء وتدعمهم ومواقفهم خلال كورونا لا تنسى لكن الحق فى الرعاية الصحية من الحقوق الأساسية التى كفلها الدستور لافتا الى ان تحقيق جودة الخدمة الطبية هو الداعى لسن القانون وهى مسئولية مشتركة بين جميع الأطراف.
وأشار فوزى إلى أن انشاء اللجنة العليا لفحص شكاوى المرضى هى ضمانة بالقانون حيث انها لجنة متخصصة فهى تضم الأطباء مؤكدا على ان القانون لايخلو من الضمانات ويحقق التوازن بين جميع الاطراف ولدينا تعريف متوازن للخطأ الطبى ومعاييره تتحدث عن الخطأ الطبى الجسيم ولدينا فى القانون تحديد واسع لحالات انتفاء المسئولية الطبية كما ينظم القانون حالات التظلم من المريض والطبيب وجعل اللجنة العليا وما تنشئه من لجان بيوت الخبرة التى تستعين بها جهات التحقيق.
وأشار فوزى، إلى أن القانون يجيز التسوية الودية فى حالات الخطأ ومأل القانون سيكون إلى التسوية الودية، مضيفا لدينا ضمانات فى الحبس الاحتياطى فهو لا يصدر إلا من رئيس نيابة ويجب أن يكون سببا فى عدم الحبس سيؤثر على الأدلة كما أنه يحدد حالات التعويض المادى، وأن القانون أجاز القانون حالات التصالح فى مراحل الدعوى ولأول مرة تمت حماية الأطقم الطبية.
وأشار فوزى، إلى أن عنوان القانون وهو المسئولية الطبية وحماية المريض جاء لتلازم السلطة مع المسؤولية، قائلا أطمئن المريض لأنه يتضمن تنظيما للعلاقة وليس فيه أى اتهام أو تحريض على الأطباء، لافتا إلى أن ما أثير من اعتراضات بشأن القانون هى حالة ناتجة عن قلة الوعى، قائلا إن المناقشات الجادة التى حدثت بالمجلس اليوم ستساهم فى التوعية وإيضاح الحقيقة، فنور الحقيقة يزيل الظلام، لافتا إلى أن لدينا دراسات مقارنة عن القوانين المطبقة المشابهة السعودية والإمارات وتونس وبها حبس احتياطي.
وقال فوزى، إن الطبيب الملتزم بالضوابط المهنية خارج القانون والمضاعفات خارج القانون، مضيفا محامو التعويضات موجودون فى كل مهنة لكن لا يجوز أن يسيء إلى أحد لحقه فى التقاضى، فالقانون كفل لكل من وجه له إساءة أن يرد، مؤكدا أن القانون ليس له علاقة بالمضاعفات فالخطأ الطبى شىء والمضاعفات شىء والطبيب ملزم ببذل عناية لكن النتيجة فى يد ربنا، متابعا: "مجلس الشيوخ يثبت مجددا أنه بيت الحكمة والمناقشات التى دارت على مدار 6 جلسات باللجنة، حيث كانت كل الآراء المطروحة ونقيب الأطباء تحدث بمفرده أكثر من كل أعضاء اللجنة ورئاسة اللجنة وأعضائها من الخبراء المتخصصين، وأنا أستفدت من آرائهم".