الثلاثاء، 21 يناير 2025 12:57 م

"الاعتراف مش سيد الأدلة".. الاعتراف بالرشوة يعفى المتهم من العقوبة.. الإعفاء يقتصر على المُبلغين من الوسطاء أو الراشين ولا يسرى على المرتشين.. والمشرع اعتبره تشجيعًا على مساعدة الدولة فى إثبات الجريمة

"الاعتراف مش سيد الأدلة".. الاعتراف بالرشوة يعفى المتهم من العقوبة.. الإعفاء يقتصر على المُبلغين من الوسطاء أو الراشين ولا يسرى على المرتشين.. والمشرع اعتبره تشجيعًا على مساعدة الدولة فى إثبات الجريمة قضايا رشوة - أرشيفية
الثلاثاء، 21 يناير 2025 09:00 ص
كتب علاء رضوان

الاعتراف المعفى من عقوبة الرشوة من الحلول العملية الآمنة للخروج من العقاب، وفى ذات الوقت هناك العديد من الإشكاليات التي تخص هذا الأمر، إذ من المعلوم أن الرشوة جريمة تنال من شرف السلطة العامة ونزاهتها وما لها فى نفوس الناس من احترام وهيبة، وهي إلى ذلك مدخل لمفاسد جمة.

 

فجريمة الرشوة تخل بسير العمل العام، وتفضى إلى اسراء البعض بغير حق عن طريق الإتجار بالوظيفة العامة، وفيها كذلك إهدار لمبدأ العدالة الذي يوجب التسوية بين الناس عندما تتكافأ ظروفهم، إذ تصبح سلطة الدولة بسبب الرشوة فى خدمة من يدفع لا من يستحق من أجل هذا جرمت القوانيين كلها الرشوة، وعاقبت عليها بعقوبات صارمة تصل إلى السجن المؤبد.   

 

201013-كطو

 

الاعتراف المعفى من عقوبة جريمة الرشوة

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكاليات الاعتراف المعفى من عقوبة جريمة الرشوة، إذ يترتب على الإحاطة به عقاب جان وإقالة آخر من العقاب لا لشيئ سوى أنه أعترف عليه، فالمشرع المصرى نظم أحكام الرشوة فى الباب الثالث من الكتاب الثانى من قانون العقوبات فى المواد من 103 إلى 111 ولم يكتف المشرع بعقاب المرتشى وحده ولا الراشي أيضا بل شمل بالعقاب كذلك أشخاص آخرين إتصلوا بالرشوة اتصالا وثيقا جعلهم فى نظر المشرع جديرين بالعقاب مثل الوسيط – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض رحاب سالم.

 

في البداية - نصت المادة 107 مكررا عقوبات على أن: "يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي ومع ذلك يعفى الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها"، وقد ورد نص المادة 107 مكررا عقوبات عاما فى عبارته يشير إلى الراشى والمرتشى، مما يؤدى إلى سريانه على كل صور الرشوة السابقة عليه بما فيها الرشوة فى حالة الأعمال الخاصة المنصوص عليها فى المادة 106 عقوبات، ولا شك فى أن الصورة الأصلية للمادة 107 عقوبات ما كانت تتناول إلا رشوة الموظفين ولم يكن فى ذهن المشرع نص المادة 106 عقوبات ولكن مع صراحة النص لا مجال للاجتهاد بمعنى سريان المادة 107 عقوبات على كل صور الرشوة – وفقا لـ"سالم" . 

 

images

 

وفى الحقيقة المشرع لاحظ تفشى الرشوة وتعذر إثباتها فى معظم الأحيان، فقرر اعفاء الراشي أو الوسيط من العقاب إذا أعترف بالجريمة تشجيعا له على مساعدة أجهزة الدولة فى الكشف عنها واثباتها، فقرر إعفاء لجناة وشوا بمجرم مثلهم، وهو المرتشى وهي سياسة تشريعية لاقت نقد لاذع من قبل بعض الفقهاء وأحكام القضاء لتعارضها مع مبادئ الأخلاق، إذ لا يستقيم أن يعفى المجتمع مجرم ارتكب جريمة نظير اعترافه ضد مجرم مثله – الكلام لـ"سالم". 

 

الإعفاء قد يكون من الراشى وحده أو الوسيط وحده:

 

- ملاحظتان هامتان:- الملاحظة الأولى:  

 

الإعفاء من العقاب فى جريمة الرشوة قاصر على الراشى والوسيط دون المرتشى، وسواء كان الوسيط ممثلا للراشى أو للمرتشى، فالمشرع في المادة 107 مكررا من قانون العقوبات قد منح الإعفاء الوارد بها للراشي بإعتباره طرفا في الجريمة، ولكل من يصح وصفه بأنه وسيط فيها سواء كان يعمل من جانب الراشي وهو الطالب، أو يعمل من جانب المرتشي وهو ما يتصور وقوعه أحيانا دون أن يمتد الإعفاء للمرتشي، طبقا للطعن رقم  2029 لسنة 38 قضائية، الصادر بجلسة 31 مارس 1969. 

 

202202050145294529

 

الملاحظة الثانية:

 

الإعفاء مقصور على حالة وقوع الرشوة التى اشترك فيها الراشى أو الوسيط، أما عرض الرشوة دون قبولها فلا يكون فيها إعفاء من العقاب لانتفاء العلة التى أدت إلى الإعفاء من العقاب فى حالة عدم قبول الموظف للرشوة وهى إثبات التهمة على هذا الموظف.  

 

نطاق العذر المعفى من العقاب:

 

العذر المعفى من عقوبة الرشوة المقرر بالمادة 107 مكررا من قانون العقوبات مقصور على حالة وقوع جريمة المرتشى بقبوله الرشوة المعروضة عليه دون حالة امتناع الموظف عن قبول الرشوة، ذلك أن الراشى أو الوسيط يؤدى فيها خدمة للمصلحة العامة بالكشف عن جريمة الرشوة بعد وقوعها والتعريف عن الموظف الذى ارتكبها وتسهيل إثبات الجريمة عليه، وهذه العلة التى أدت إلى الإعفاء من عقاب الراشى أو الوسيط منتفية فى حالة عدم قبول الموظف للرشوة، طبقا للطعن  رقم 6 لسنة 31 قضائية، الصادر بجلسة 18/4/1961 - الكلام لـ"سالم". 

 

27487-2021-637676434686334697-633

 

الإعفاء لا ينطبق على جريمة المادة 108 مكررا عقوبات:  

 

المادة 107 مكررا من قانون العقوبات تنص على أنه: "يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي ومع ذلك يعفي الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو أعترف بها"، أما نص المادة 108 مكررا من ذات القانون فيجري بأنه: "كل شخص عين لأخذ العطية أو الفائدة أو علم به ووافق عليه المرتشي أو أخذ أو قبل شيئا من ذلك مع علمه بسببه ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة مساوية لقيمة ما أعطي أو وعد به وذلك إذا لم يكن قد توسط في الرشوة".

 

ويبين من هذين النصين أن المشرع عرض في كل منهما لجريمة تختلف عن الواردة في النص الآخر وأن جريمة الوساطة في الرشوة تختلف عن جريمة تعيين شخص لأخذها ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن بأدلة سائغة أنه ارتكب الجريمة المنصوص عليها في المادة 108 مكررا آنفة الذكر فإنه لا موجب لإعمال الإعفاء المقرر في المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات لكونه قاصراً على الراشي والوسيط دون غيرهما ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن لا سند له، طبقا للطعن رقم 4482 لسنة 52 قضائية، الصادر  بجلسة 28/11/1982. 

 

243252-6

 

حالات الإعفاء من العقاب:

 

نصت المادة 107 مكرر عقوبات على أن "..... ومع ذلك يعفى الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها"، فالإعفاء يتحقق فى حالتين هما حالة إخبار الراشى أو الوسيط السلطات بالجريمة وحالة الاعتراف بها.

 

وإخبار الراشى أو الوسيط بالجريمة، وكذا إعترافه بها صنوان فى تحقيق العذر المعفى من عقوبة الرشوة، فيقوم أحدهما مقام الآخر فى ترتيب الاعفاء من هذه العقوبة، إذ من المقرر أن علة هذا الإعفاء هى أن الراشى أو الوسيط يؤدى باعترافه أو بإخباره على السواء خدمة للمصلحة العامة بالكشف عن جريمة الرشوة بعد وقوعها والتعريف عن الموظف الذى إرتكبها وتسهيل إثبات الجريمة عليه، طبقا للطعن رقم 3708 لسنة 65 قضائية، الصادر بجلسة 25/5/1997.

 

ملحوظة: والإخبار يعنى الإبلاغ، ويجب أن يكون قبل اكتشاف الجريمة، أما الاعتراف فيكون بعد وقوعها سواء علمت بها السلطات أم لم تعلم.   

 

367017-7

 

أولا : إخبار السلطات بالجريمة :

 

إذا أخبر الراشى أو الوسيط السلطات بالجريمة، فإنه يتمتع بالإعفاء من العقاب المقرر بنص المادة 107 مكرر عقوبات، وهذا الإبلاغ يفترض جريمة الرشوة قد وقعت فعلا ولكن لم يتصل علم السلطات بها، وبالتالى يتمتع الراشى أو الوسيط من الإبلاغ لأنه بهذا الإبلاغ يكون قد كشف عن الجريمة للسلطات التى أبلغها بها، والإبلاغ فى حد ذاته مجردا لا ينتج أثره إلا إذا كان لسلطة مختصة سواء كانت سلطة إدارية يتبعها الموظف المرتشى أو جهة الشرطة باعتبارها مختصة بجمع الاستدلالات عن أى جريمة وقعت بجمع الأدلة حولها.  

 

أما إذا كانت السلطات قد علمت بوقوع الجريمة فلا يتمتع الراشى أو الوسيط بالإعفاء إلا إذا اعترف بالجريمة، والمشرع لم يحدد جهة معينة تختص بتلقى الإخبار، وإنما استعمل عبارة "السلطات" ولذلك يصح الإخبار لدى الجهة الإدارية التى يعمل بها المرتشى أو لدى الشرطة أو لدى النيابة العامة، ويتعين أن يكون الإبلاغ مطابقا للحقيقة، مفصلا متضمنا جميع عناصر الجريمة وظروفها والأدلة عليها طالما أن الراشى أو الوسيط عالما بها، فإذا كان الإبلاغ مبهما أو ليس بنية صادقة لضبط الجريمة أو بغية الظهور بمظهر المبلغ فإنه لا ينتج أثره فى الإعفاء.    

 

ككسسس

 

ويلاحظ أنه إذا كان الغرض من الرشوة ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعقوبة أشد من الرشوة "الإعدام" فيجوز إعفاء الراشى أو الوسيط من العقاب متى توافرت إحدى حالتى الإعفاء من العقاب فى جريمة الاتفاق الجنائى المنصوص عليها فى المادة 48 عقوبات وهى:  

 

(1) الإخبار بوجود الاتفاق بين من اشتركوا فيه قبل وقوع الجريمة المتفق عليها وقبل البحث والتفتيش عن الجناة.

 

(2) الإخبار بعد البحث والتفتيش إذا أدى فعلا إلى ضبط الجناة، حيث تنص المادة 108 عقوبات على أنه: " ..... ويعفى الراشى أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة طبقا لنص الفقرة الأخيرة من المادة 48 عقوبات".   

 

ملحوظة: والإعفاء نتيجة الإخبار يقتص أثره على العقوبة السالبة للحرية والغرامة ولا يمتد إلى المصادرة، ذلك أن حيازة مبلغ الرشوة مخالفا للنظام العام مع عدم استظهار المحكمة  كيفية اكتشاف الجريمة قبل الإبلاغ قصور  

 

الفرق_بين_المحكمة_الإدارية_والمحكمة_العادية

 

فإذا كان المتهم الثانى بعد أن نما إلى علمه أمر اكتشاف ما تم الاتفاق عليه من رشوة مع المتهم الأول قد بادر بإبلاغ الشرطة لدرء الاتهام عن نفسه مستقبلا، وكانت المحكمة قد عرضت للدفع بتمتع الطاعن بالإعفاء طبقا لنص المادة 107 مكررا من قانون العقوبات وأطرحه فى قوله: "..... فمردود عليه بأن نص المادة 107 مكررا من قانون العقوبات يعفى الراشى أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها، وكان يشترط فى الاعتراف الذى يؤدى إلى إعفاء الراشى أو الوسيط من العقوبة وفقا لنص المادة المذكورة أن يكون صادقا كاملا يغطى جميع وقائع الرشوة التى ارتكبها الراشى أو الوسيط دون نقص أو تحريف، وأن يكون حاصلا لدى جهة الحكم حتى تتحقق فائدته، فإذا حصل الاعتراف لدى جهة التحقيق ثم عدل عنه لدى المحكمة فلا يمكن أن ينتج الإعفاء أثره".  

 

ثانيا: الاعتراف بالجريمة:

 

يشترط في الاعتراف الذي يؤدي إلى إعفاء الراشي أو الوسيط من العقوبة وفقاً لنص المادة 107 مكررا من قانون العقوبات، أن يكون صادقا كاملاً يغطي جميع وقائع الرشوة التي ارتكبها الراشي أو الوسيط، دون نقص أو تحريف، وأن يكون حاصلا لدى جهة الحكم حتى تتحقق فائدته، فإذا حصل الاعتراف لدى جهة التحقيق ثم عدل عنه لدى المحكمة، فلا يمكن أن ينتج الإعفاء، طبقا للطعن رقم 1760 لسنة 39 قضائية، الصادر بجلسة 1/2/1970.

 

فإذ كان الثابت بالحكم المطعون فيه ومحضر الجلسة أن الطاعن أنكر التهمة أمام المحكمة ولم يعترف بها، فإن الحكم لا يكون مخطئا إذا لم يعمل فى حقه الإعفاء المنصوص عليه فى المادة 107 مكررا، طبقا للطعن رقم 63909 لسنة 74 قضائية، الصادر بجلسة 26/1/2006 . 

 

103389-103389-103389-12020971313974-103389-d6678b50-a2c0-4f32-8e86-4636f74bd101_16x9_1200x676

 

أما إذا كان الاعتراف مجردا عن كل إيضاح وتفصيل أو كان مسوقا بطريقة تخالف ظروف الحادث ولا تنطبق على الوقائع الثابتة فى الدعوى فلا يستحق صاحبه الإعفاء من العقوبة لعدم توفر المقابل الذى يقصده الشارع وهو الاعتراف بالجريمة على حقيقتها حتى يمون هاديا وموصلا لاكتشاف أمر المرتشين ومعاقبتهم، وإذا حصل الاعتراف لدى جهة التحقيق ثم عدل عنه المعترف لدى المحكمة فإنه لا يمكن تطبيق هذا الإعفاء، وكذلك إذا تخلف المتهم المعترف فى التحقيقات عن الحضور بجلسة المحاكمة يمتنع على المحكمة إعمال الإعفاء فى حقه، طبقا للطعن  رقم 23201 لسنة 63 قضائية، الصادر بجلسة 3/10/1995.

 

- متى يكون الاعتراف وأمام من :

 

والاعتراف لم يحدد له النص زمنا ما ولا جهة حكومية خاصة يؤدى لديها فهو بهذا الإطلاق يكون في أي زمن ولدى أية جهة إدارية أو قضائية، لكنه لا تتحقق فائدته ولا ينتج أثره إلا إذا كان حاصلا لدى جهة الحكم وهي القضاء، أما إذا حصل لدى جهة التحقيق الإدارية أو القضائية ثم عدل عنه لدى المحكمة فلا يمكن أن ينتج الإعفاء، فللراشى أو الوسيط أن يعترف فى أى وقت إلى ما قبل صدور حكم فى الموضوع وأن اعترافه هذا يعفيه من العقاب. 

 

5973-download

 

وإذا حصل الاعتراف لدى المحكمة فما دام القانون لم يشترط له أي شرط بل جاء لفظه فيه مطلقا خاليا عن كل قيد زمني أو مكاني أو كيفي فلا يجوز أن يضع له القاضي قيودا من عند نفسه؛،بل كل ما له هو أن يتحقق من حصول مدلول لفظ الاعتراف وهو إقرار الشخص بكل وقائع الجريمة وظروفها إقرارا صريحا لا مواربة فيه ولا تضليل فمتى وقع هذا المدلول حق الإعفاء بدون نظر إلى أي أمر آخر، وإذن فللراشي أو الوسيط أن يعترف في أي وقت لغاية إقفال باب المرافعة لدى محكمة الموضوع واعترافه هذا يعفيه من العقوبة.

 

- إذا اطمأنت المحكمة للاعتراف وجب عليها إعفاء  المعترف من العقاب :

 

إذا كان الحكم المطعون فيه فى الوقت الذى عول فيه على اعتراف الطاعن الأول بجلسة المحاكمة بتقديمه رشوة للمتهم، واستند إلى هذا الاعتراف فى إدانة الأخير، فإن الحكم لم يعمل المادة 107 مكرر عقوبات التى تعفى الراشى "الطاعن الأول" من العقوبة إذا اعترف بها، وما ذهب إليه الحكم المطعون فيه بخصوص تبرير ذلك من أن اعتراف الطاعن الأول بتقديمه الرشوة للمتهم العشرين جاء ناقصا لم يغط وقائع الرشوة ينطوى بذاته على تناقض الحكم فى تعويله على الاعتراف فى الإدانة وعدم تعويله عليه فى إعفاء المعترف من العقاب ( الطعن رقم 42630 لسنة 74 ق جلسة 7/6/2005 س 56 ص 350 ).

 

- أثر الإعفاء من العقاب :

 

الإعفاء من العقاب أثره هو حظر معاقبة الراشى أو الوسيط بعد ثبوت إدانته باعترافه باشتراكه فى جريمة الرشوة، ولا يعد الإعفاء براءة للمعترف ولذلك تقضى المحكمة بإعفاء المتهم – المعترف – من العقاب وليس ببراءته.  

 

- الاعفاء من العقاب والمصادر :

 

الإعفاء من العقاب لا يمتد إلى عقوبة المصادرة التى يتعين الحكم بها فى جميع الأحوال عملا بالمادة 30/1 من قانون العقوبات.  

 

- الإعفاء من العقاب لا يجيز تسليم مبلغ الرشوة ولا تعويض الراشى:  

 

 إن جريمة الرشوة قد أثمها القانون لكونها صورة من صور اتجار الموظف بوظيفته وإخلاله بواجب الأمانة التى عهد بها إليه، ولما كان الراشى هو أحد أطراف هذه الجريمة يساهم فيها بتقديم الرشوة إلى الموظف لكى يقوم أو يمتنع عن القيام بعمل من أعمال وظيفته فإنه لا يصح أن يترتب له حق فى المطالبة بتعويض عن جريمة ساهم هو فى ارتكابها ولا يؤثر فى ذلك ما نص عليه القانون من إعفاء الراشى والمتوسط إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها، وإذن فالحكم للراشى الذى أعفاه القانون من العقاب بتعويض مدنى وبمبلغ الرشوة الذى قدمه يكون مجانبا للصواب ( الطعن رقم 434 لسنة 21 ق جلسة 25/12/1951 س 3 ص 324 .

 

- الإعفاء من العقاب وارتباط الرشوة بجريمة أخرى :  

 

انتهت الهيئة العامة للمواد الجنائية إلى أن الإعفاء من العقاب ينفك به الارتباط بين الجرائم المنصوص عليها بالمادة 32 عقوبات فلا محل لإعمال حكم تلك المادة عند القضاء بالبراءة فى إحدى التهم أو سقوطها أو انقضائها.

  

فقضت بأنه "من المقرر أن مناط الارتباط في حكم المادة (32/ 2) من قانون العقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يُقض بالبراءة في إحداها أو بسقوطها أو انقضائها أو الحكم على إحداها بحكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب، لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة المقرر لها أشد العقاب لا يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدى المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهم ثبوتاً ونفياـ ولازم ذلك ومقتضـاه أن شرط انطباق إعمال المادة (32) من قانون العقوبات القضاء بعقوبة بمفهومها القانوني في الجريمة الأشد، فإذا قضى الحكم بغير العقوبة في الجريمة الأشد ينفك الارتباط، الذي هو رهن بالقضاء بالعقوبة في الجريمة الأشد ومن ثم فإنـه لا محل لإعمال المادة (32) من قانون العقوبات عند القضاء بالإعفاء من العقاب في خصوص الجريمة الأشد "الرشوة" وبالتالي لا محل للقول بالإعفاء من العقاب بالنسبة لجريمة حيازة الطاعن لمخدر الحشيش المرتبطة بها حيث ينفك الارتباط ـ بما مؤداه ـ وجوب الفصل فيها ثبوتا أو نفيا ( الهيئة العامة للمواد الجنائية الطعن رقم 43276 لسنة 77 ق جلسة 14/4/2009 س 54 ص 12 ).  

 

فإذا كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى إدانة المطعون ضده الثانى بجريمتى الرشوة والاشتراك فى الاختلاس وأعفاه من العقاب عن الجريمة الأولى إعمالا لنص المادة 107 مكررا من قانون العقوبات ولم يوقع عليه عقوبة الجريمة الثانية الأخف بدعوى ارتباطها بالجريمة الأولى ذات العقوبة الأشد ارتباطا لا يقبل التجزئة مع أن قضاءه بإعفاء المطعون ضده المذكور من العقاب عن جريمة الرشوة يمتنع معه عليه تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات ويستتبع حتما توقيع عقوبة الاشتراك فى الاختلاس التى أثبت وقوعها منه ودلل عليها، أما وقد خالف الحكم هذا النظر وأعمل فى حق المطعون ضده حكم الفقرة الثانية من المادة 32 المشار إليها، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ( الطعن رقم 32866 لسنة 72 ق جلسة 2/2/2003 س 54 ص 251 ).  

 

ولما كان الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطا لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم، دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة، أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس، والتي هي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة، ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد ( سوابق قضائية نقض جنائى الطعن رقم 28929 لسنة 67 ق جلسة 2/4/2007 ). 

 

610995-610995-سالم
 
الخبير القانوني والمحامى بالنقض رحاب سالم

الأكثر قراءة



print