تعتبر جريمة التعامل بالنقد الأجنبي من الجرائم العمدية التي لم يستلزم القانون لها قصداً خاصاً، بل يكفى لقيامها توافر القصد الجنائي العام والذي يقتضي تعمد اقتراف الفعل المادي وتعمد النتيجة المترتبة على هذا الفعل، وإذ كانت مسألة جواز حيازة النقد الأجنبي وتجريم الاتجار به من القضايا ذات الأهمية القصوى في إطار التشريعات الاقتصادية والمالية، فقد تناول قانون البنك المركزي المصري، والجهاز المصرفي رقم 194 لسنة 2020 العديد من الضوابط والمعايير التي تحدد كيفية التعامل مع النقد الأجنبي، بما في ذلك شروط الحيازة والتداول.
ويلجأ كثير من الناس إلى تحويل الأموال إلى الخارج لاحتياجاتهم الشخصية أو إلى عائلتهم في بلد أجنبي أو لتعليم أبنائهم أو لأغراض الاستثمار والادخار، ويلزم أن تجرى عملية التحويل من خلال وسيط مرخص له وهو غالبا المصارف والبنوك المصرح لها بالتحويل، وقد لجأت تلك الجهات مؤخرا إلى توفير خدمات التحويل من خلال الإنترنت البنكى، وتحويل النقد الأجنبى يعنى تعديل أصول وخصوم المقيمين في مصر متي كان هذا التعديل ناتج عن فعلهم ومنصب على نقد أجنبي ومقابلا لتعديلات مماثلة في الخارج.
جريمة تحويل النقد الأجنبي من مصر وإليها
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على جريمة تحويل النقد الأجنبي من مصر وإليها طبقا لأحكام قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي رقم 194 لسنة 2020، وكيفية تجريم تحويل النقد، وأركان تلك الجريمة، وهل يلزم صفة خاصة فى فاعل التحويل؟ حيث يعد تحويل النقد صورة من صور التعامل بالنقد الأجنبي ذلك أن التعامل من السعة، بحيث يشمل أي تداول للنقد سواء تحويلا أو تعهدا أو مقاصة أو بيع أو شراء أو غير ذلك، ويقصد بعمليات النقد كل تصرف قانوني يرد على أوراق النقد سواء كان من شأن هذا التصرف إنشاء حق عليه أو نقله أو انقضاؤه وسواء أكان بعوض أو بدون عوض، ومن ثم يعد من قبيل التعامل هبة النقد – بحسب أستاذ القانوني الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق.
في البداية - يختلف التحويل عن تجاهل المسافر إلى الخارج إدارة النقد فلا يلجأ إليها لتحويل ما يحتاج إليه من عمله أجنبية مقابل دفع قيمتها بالجنية المصري بل يعمد إلى شخص آخر فيسلمه ما يريد تحويله مقابل أمر هذا الشخص إلى عميل له في الخارج بدفع قيمة هذا المبلغ بالعملة الأجنبية لدي وصول المسافر، إذ هنا لم يتم تحويل نقد أجنبي من مصر، لأن النقد الأجنبي لم يدخلها ابتداء كما أن التحويل يتضمن تعديل الخصوم والأصول الخاصة بمقيم في مصر علي ذمة تعديلات مقابلة في الخارج – وفقا لـ"فاروق".
تجريم تحويل النقد
فقد صدر قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي رقم 194 لسنة 2020 ونص في المادة 233 على أن يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 10 سنوات وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز 5 ملايين جنيه أو المبلغ المالي محل الجريمة أيهما أكبر، كل من تعامل في النقد الأجنبي خارج البنوك المعتمدة أو الجهات التي رخص لها في ذلك، أو مارس نشاط تحويل الأموال دون الحصول على الترخيص طبقاً لنص المادة (209) من هذا القانون – الكلام لـ"فاروق" .
أركان الجريمة
تقوم هذه الجريمة على شرط سلبى وهو عدم الحصول على ترخيص طبقاً لنص المادة (209) من هذا القانون.
أ-هل يلزم صفة خاصة فى فاعل التحويل؟
وفي الفقه خلاف حول ما إذا كان يمكن أن يقع التحويل من فرد أو هيئة أم يلزم حصوله من أحد البنوك أو المصارف المعتمدة، فقد ذهب رأي إلي استحالة حصول التحويل من فرد أو هيئة، لأن التحويل لا يتم إلا عن طريق المصارف والبنوك، وبالتالي فإن الفرد قد يصدر العملة أو يستوردها على خلاف القانون وعندئذ لا يقال أنه حولها، وإنما قد يرتكب جريمة أخرى – هكذا يقول أستاذ القانون الجنائى.
في حين ذهب جانب آخر إلى إمكانية حصول التحويل من الأفراد، فلا يلزم أن يقع من المصارف، إذ جرم المشرع التحويل علي خلاف الأوضاع المقررة وجمع بين التعامل بالنقد الأجنبي خارج البنوك والمصارف وبين التحويل في فقرة واحدة، وقد اشترط لسلامة الإجراءات أن تتم وفقا لشروط وضوابط وعن طريق المصارف المرخص لها في ذلك وليس مقبول مع عموم النص ووضوحه أن يقتصر الخطاب في حظر التحويل على المصارف وحدها دون الأفراد والهيئات – طبقا لـ"فاروق".
ملحوظة: والرأي الثانى هو الصحيح للحجة التى أوردها، أما الرأى الأول فمحل نظر إذ يضيق من نطاق التجريم بلا سند ويجعل من التحويل جريمة من جرائم ذوى الصفة، وهو ما لم يقل به أحد ويتعارض مع عله التجريم.
ب- السلوك المادي
ويضيف "فاروق": تتم الحوالة قانونا وتقع الجريمة بمجرد صدور أمر المحيل إلي عميلة في الخارج أو بالأحري المحال له بدفع القيمة إلي المستفيد بالنقد الأجنبي أي أن ينعقد الإتفاق بين المحيل والمحال له بتلاقي الإرادتين ولا يؤثر في قيام الحوالة أن يتراخي تنفيذها، كما لا يؤثر في قيام الحوالة أن يتعذر علي المستفيد اقتضاء حقه في الخارج، وللمحكمة أن تستدل علي وقوع الحوالة وأطرافها بأي طريقة غير مقيدة في ذلك بدليل بعينه، وأن كان الإثبات صعب متي جري بعيدا عن المصارف والبنوك لوجود طرف في الخارج وهو المحال له، وقد يكون غير معلوم أو بالآحري مجهول.
أما عن العقوبة
تحويل النقد الأجنبي خارج البنوك المعتمدة والجهات المرخص لها جناية عقوبتها السجن مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 10 سنوات وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز 5 ملايين جنيه أو المبلغ المالي محل الجريمة أيهما أكبر، ويجوز للقاضي إستخدام الرأفة في الحدود التي تسمح بها المادة 17 عقوبتها وهي الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر كما يجوز للقاضي عقب إستخدام الرأفة إيقاف تنفيذ عقوبة الحبس طبقا للمادة 50 عقوبات – بحسب "فاروق".