يعرف القانون الجنائي نوعان من التقادم الأول تقادم دعوى، والآخر تقادم الحكم للهرب من تنفيذيه أو بالأحرى سقوط العقوبة المحكوم بها في الدعوى، وإذا كان نظام التقادم بوجه عام يقوم على أساس واحد هو أن مضي المدة يمحو الجريمة، والحكم الصادر فيها من الأذهان ولاداع لإيقاظ ذكرى جريمة نسيها الناس.
إلا أن نظام تقادم الدعوي الجنائية للجريمة يختلف عن سقوط العقوبة بمضى المدة سواء من حيث المدد أو وقف التقادم أو انقطاعه، فمثلا تقادم الدعوي الجنائية لا يقف لأي سبب طبقا للمادة 16 اجراءات علي عكس سقوط العقوبة، إذ يرد عليه الانقطاع والوقف كوجود المحكوم عليه في الخارج .
للمتقاضين.. التقادم الجنائي في القانون
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكاليات التقادم الجنائي، ورأى محكمة النقض في الأزمة، حيث أن مناط التمييز بين نوعي التقادم هو صدور حكم بات في الدعوي، إذ منذ صدور هذا الحكم تنقضى الدعوى، ويبدأ تقادم العقوبة في السريان اما قبل صدوره، فإننا نظل في اطار تقادم الدعوي – بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق.
في البداية - لقد ذهبت محكمة جنح النقض في حكم لها الي عدم قبول الطعن بالنقض الحاصل من النيابة العامة في حكم قضي بإنقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة دون القضاء بسقوط العقوبة لمرور أكثر من 5 سنوات من تاريخ انقضاء ميعاد الطعن بالاستئناف في الحكم المستأنف، وذلك في الطعن المقيد برقم 2622 لسنة 5 جنح نقض، الصادر بجلسة 17 سبتمبر 2015.
رأى محكمة النقض في الأزمة
وقالت محكمة جنح النقض في ذلك أنه لما كان الأصل أن النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة في الطعن هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص ؛ إذ تمثل الصالح العام وتسعى في تحقيق موجبات القانون وتحقيق مصلحة المجتمع التي تقتضي أن تكون الإجراءات في كل مراحل الدعوى الجنائية صحيحة وأن تبنى الأحكام فيها على تطبيق قانوني صحيح خال مما يشوبه من الخطأ أو البطلان، إلا أنها تتقيد في كل ذلك بقيد المصلحة بحيث إذا لم يكن لها كسلطة اتهام ولا للمحكوم عليه مصلحة في الطعن فإن طعنها لا يقبل عملاً بالمبادئ العامة المتفق عليها من أن المصلحة أساس الدعوى، فإذا انعدمت فلا دعوى، ومن ثم فإنه لا يجوز للنيابة العامة أن تطعن في الأحكام لمصلحة القانون؛ لأنه عندئذ تكون مصلحتها وطعنها تبعاً لذلك مسألة نظرية بحتلا يؤبه بها .
وبحسب "المحكمة": لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة لمرور أكثر من خمس سنوات من تاريخ انقضاء ميعاد الطعن بطريق الاستئناف في الحكم المستأنف وهو ما لا تنازع فيه الطاعنة مما مؤداه أن المدة المقررة لسقوط العقوبة وهي خمس سنين تكون قد انقضت، مما كان لازمه أن تقضي المحكمة بسقوط العقوبة، إلا أنه لما كان القضاء بسقوط العقوبة يتلاقى في نتيجته مع قضاء الحكم المطعون فيه بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة ، فإن ما تثيره الطاعنة في أسباب الطعن يضحى قائماً على مصلحة نظرية بحت لا يؤبه بها، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً.
لا تطابق بين سقوط العقوبة بالتقادم وبين انقضاء الدعوى بالتقادم
وقال "فاروق": وهذا القضاء "فيه نظر" إذ لا تطابق بين سقوط العقوبة بالتقادم وبين انقضاء الدعوى بالتقادم، فتقادم الدعوى الجنائية لا يقبل الوقف بأي سبب من الأسباب - طبقا للمادة 16 إجراءات - في حين أن سقوط العقوبة يرد عليه الوقف كوجود المحكوم عليه في الخارج - المادة 532 إجراءات - ومن ثم فإن تقرير الحكم انقضاء الدعوى بالتقادم لا يتلاقى مع التقرير بسقوط العقوبة بالتقادم، لأنه من المتصور أن يكون هناك سبب لوقف تقادم العقوبة لم تتبينه المحكمة حينما ولت وجها شطر تقادم الدعوي، ومن ثم فإن قالت انعدام مصلحة النيابة العامة من الطعن لكونها نظرية كان يوجب التحقق أولا من توافر شروط سقوط العقوبة، وأنه لم يتوافر سبب لوقف تقادمها.
ويضيف أستاذ القانون الجنائى: ولا يشفع لجنح النقض أن تكون النيابة العامة في طعنها لم تنازع بتحقق سبب لوقف تقادم العقوبة، إذ منازعتها في خطأ الحكم في تقرير تقادم الدعوي الجنائية عن الجريمة دون سقوط العقوبة بمضي المدة يتضمن في ذاته النعي علي لزوم بحث وجود أسباب وقف أو انقطاع لسقوط العقوبة بما كان يتعين علي محكمة الموضوع استيفاءه لتعلق ذلك بالنظام العام، وهو مالم تلاحظه محكمة جنح النقض.