الخميس، 06 فبراير 2025 11:43 ص

اضطرابات الشخصية الهستيرية وعلاقتها بالجريمة.. تدفع المريض إلى تصرفات درامية أو غير لائقة أو منافية للأخلاق.. 4 عوامل تؤدى لزيادة احتمالية الإصابة بالمرض.. و11 معيارًا كدليل تشخيصى وإحصائى للاضطرابات النفسية

اضطرابات الشخصية الهستيرية وعلاقتها بالجريمة.. تدفع المريض إلى تصرفات درامية أو غير لائقة أو منافية للأخلاق.. 4 عوامل تؤدى لزيادة احتمالية الإصابة بالمرض.. و11 معيارًا كدليل تشخيصى وإحصائى للاضطرابات النفسية اضطرابات الشخصية الهستيرية
الخميس، 06 فبراير 2025 09:00 ص
كتب علاء رضوان

كانت ولازالت الجريمة فى المجتمعات مثار للبحث والدراسة، إذ الجريمة فى أبسط صورها سلوك مستهجن ومرفوض من أفراد المجتمع والسؤال الذى حير الباحثين لماذا يجرم البعض دون البعض؟ وهل لشخصية الإنسان المضطربة دخل فى إجرامه؟ وهل نوع هذا الإضطراب أن وجد يرشح لإرتكاب أنماط بعينها من الجرائم؟ وقد وجد الباحثين حديثا وجود ارتباط بين الجريمة وخلل الشخصية وأن كل اضطراب معين يمكن أن يضفى إلى جرائم بعينها ومن ذلك اضطراب الشخصية الهسترية.

والمسؤولية الجنائية هي صلاحية الشخص إلى أن يتحمل تبعات سلوكه الذى قد يشكل جريمة، وأساس المسؤولية الجنائية لدي الفكر الجنائي الحديث حرية الإنسان في الاختيار، فقد كان في وسعه أن يكون خيرا، ولكنه تخلى عن الطريق السوى وسلك الطريق المعوج، فحق عليه العقاب، وبالتالي لا تنتفي المسؤولية عنه إلا إذا فقد الشخص قدرته على الإدراك والاختيار - مثال ذلك - الجنون وعاهة العقل، ونص قانون العقوبات الصادر سنة 1937 علي أنه لا عقاب علي من يكون، فاقدا الشعور والاختيار لحظة ارتكاب الجريمة لجنون أو عاهة في العقل، أما الاضطرابات النفسية أو بالأحرى المرض النفسي، فكان حتي وقت قريب لا يترتب عليه تخلف المسؤولية الجنائية، إذ كان الأطباء وعلماء النفسي، يرون أنه مجرد خلل في شخصية الإنسان يجعله غير سوي، ولكن لا يفقده الإدراك والشعور تماما.  

 

جججسس

 

اضطرابات الشخصية الهستيرية وعلاقتها بالجريمة 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على اضطرابات الشخصية الهستيرية وعلاقتها بالجريمة، حيث يعد اضطراب الشخصية الهستيرية أو اضطراب الشخصية التمثيلي -  Histrionic Personality Disorder - أحد اضطرابات الشخصية الدرامية، ويتسم المصاب بهذا الاضطراب بقلة الثقة بالنفس، ومحاولة لفت الانتباه بأي وسيلة مما يقوده إلى القيام بتصرفات درامية أو غير لائقة أو منافية للأخلاق والحشمة، فضلا عن انفعالات قوية مبالغ فيها -  وأكثر ما يميز أصحاب الشخصية الهستيرية محاولة لفت الانتباه من خلال التصرفات الدرامية والشعور بالاكتئاب حين لا يكونون محور الاهتمام وعدم استقرار مشاعرهم بمعنى أنها مشاعر قليلة وسريعة التحول – بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق.

في البداية - لدي المصاب بهذا الاضطراب صورة مشوّهة عن ذاته، ويبحث في دأب عن تقديره لذاته من خلال نظرة الآخرين له حتى لو اضطر إلى اختلاق مواقف درامية أو غير لائقة لجذب الانتباه، ولا يُجيد أصحاب الشخصية الهستيرية التعبير عن عواطفهم بشكل صحيح، فقد يُحرجون شركاءهم أو أصدقاءهم أمام الناس، أو قد يبالغون في الاهتمام لدرجة تشعر فيها أن مشاعرهم مزيفة، ويهتم المصابون بهذا الاضطراب بمظهرهم الخارجي بشدة، من خلال استخدام مظهرَهم الجسدي وارتداء ملابس خليعة والتحلي بالزينة المبالغ بها، وارسال ايماءات وتلميحات جنسية مغرية واستفزازية لجذب انتباه الآخرين، وغالبًا ما تكون تصرفاتهم الجنسية غير طبيعية وتدل على عدم الوعي بمشاعرهم ويتصرّفون بطرائق إخضاعية لجذب انتباه الآخرين كجزء من لفت الانتباه إليهم – وفقا لـ"فاروق".   

 

ططسس

 

سمات الشخصية الهستيرية في سن المراهقة

وبذلك يحدث الخلط أحيانا بين المصاب من النساء بهذا الاضطراب وبين مصابي اضطرابات الشخصية النرجسية من النساء سيما النرجسية الخفية، ولكن يظل الفارق واضح في أن النرجسية تستخدم الجسد والاغراء للسيطرة علي الضحية واستغلالة وليس لمجرد لفت الانتباه، فحسب فضلا عن ان النرجسية متعددة العلاقات في ذات الوقت ومدمرة كاذبة حاقدة لا شعور ولا أحاسيس لديها مطلقا، وكل تلك الأعراض تجعل المصاب بإضطراب الشخصية الهستيرية غير قادر على الاحتفاظ بعلاقات اجتماعية سليمة وخاصة العلاقة مع شريك الحياة وعند مناقشة المصاب بالاضطراب حول تصرفاته الغريبة، لن يعترف أنه يحاول جذب الانتباه، وأنه يكسر نواميس وخلق المجتمع بل يري تصرفاته طبيعية، وأنه مثل كل الناس، وذلك بسبب أنه لا يدرك الخلل في تصرفه أو طريقة تفكيره – الكلام لـ"فاروق".

وعادة ما تظهر سمات الشخصية الهستيرية في سن المراهقة أو بداية مرحلة الشباب، ويعد هذا الخلل أكثر شيوعًا في النساء عن الرجال، وقد أعلن العالم البروفسير (عكاشة) أن نسبة النساء في مصر المصابة بهذا الاضطراب تجاوز 40 %من عدد النساء وهي نسبة مرتفعة جدا تتطلب من مؤسسات الدولة تقديم الدعم للمرأة، ويجب عدم الخلط بين اضطراب الشخصية الهستيرية كخلل في السلوك وما يستتبعه مع صعوبة التكييف مع المحيطين، وهذا جد خطير وبين الأشخاص الذين يحملون بعض سمات الشخصية الهستيرية، وهذا نذر يسير وسهل العلاج – هكذا يقول "فاروق".   

 

ك

 

4 عوامل تؤدى لزيادة احتمالية الإصابة بإضطراب الشخصية الهستيرية

ولم يعرف حتى الآن سبب محدد وراء الإصابة بإضطراب الشخصية الهستيرية الدرامية، ولكن يرجح أنه ينتج عن مزيج من عوامل جينية وبيئية، فأما العوامل الجينية فهي نتيجة عوامل وراثية، إذ لوحظ انتشاره في بعض العائلات، ومع ذلك يمكن أن يرجع سبب الإصابة إلى تقليد الطفل سلوك أحد أبويه الذي يعاني من اضطراب الشخصية التمثيلي، وأما العوامل البيئية فتتمثل البيئة التي نشأ فيها الطفل، أو الأحداث التي مر بها في مرحلة الطفولة، وكذلك طبيعة علاقته بأسرته، وقد تزيد بعض العوامل من خطر الإصابة بإضطراب الشخصية الهستيرية مثل ما يلي:

-تدليل الطفل وعدم معاقبته عند ارتكاب أي خطأ.

-تعرض الطفل للإساءة اللفظية.

-التعرض لصدمة في مرحلة الطفولة.

-الافراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. 

 

الفرق_بين_المحكمة_الإدارية_والمحكمة_العادية

 

11 معيارا كالدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية

وعادة ما يوهم المصابون بإضطراب الشخصية الهستيرية الغير بأنهم أشخاص ناجحون ويتمتعون بمهارات اجتماعية جيدة وهي مهارات زائفة، ويستخدمون ذلك في التلاعب بالأشخاص ومحاولة جذب الانتباه، هذا وقد أمكن ايضاح 5 أعراض لتشخيص هذا الاضطراب وفقًا لمعايير الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية هي:

1-الإحساس بعدم الراحة والانزعاج عندما لا يجد الشخص نفسه محط أنظار الآخرين.

2-الاهتمام الشديد بالمظهر الخارجي والجسد وارتداء ملابس غير لائقة، وإرسال ايحاءات وتلميحات جنسية لجذب الانتباه.

3-التصرف بشكل درامي والقيام بردود أفعال عاطفية مبالغ فيها للتأثير في الآخرين.

4-اللجوء إلى أساليب الإغراء أو القيام بتصرفات استفزازية للفت الانتباه.

5-تقلبات في المشاعر.

6-سرد الأحداث بانطباعاته الشخصية التي تفتقر للمصداقية.

7-سهولة التأثر بالآخرين والعوامل المحيطة.

8-الأنانية وعدم الاهتمام بمشاعر من حولهم.

9-صعوبة القدرة على إقامة علاقات ناجحة مع الآخرين.

10-الاعتقاد بحب واهتمام الآخرين له.

11-الحساسية من النقد وعدم تقبله. 

 

وووسس

 

وقد تظهر على المصاب بالشخصية الهستيرية أعراض أخرى، مثل؛

1-سهولة الشعور بالإحباط وسرعة الملل من الالتزام بروتين معين.

2-التسرع في اتخاذ القرارات، والقيام بتصرفات متهورة.

3-التهديد بالانتحار فقط لجذب الانتباه.

 

علاج اضطراب الشخصية الهستيرية الاستعراضية

ويرى المتخصصين أن علاج اضطراب الشخصية الهستيرية الاستعراضية أمرا صعبًا؛ نظرًا لأن المصابين به عادة لا يدركون أنهم بحاجة إلى العلاج، كما أن شعورهم السريع بالملل يجعل من الصعب عليهم الالتزام بخطة علاجية، وربما يسعى مصابو اضطراب الشخصية التمثيلي إلى طلب العلاج نتيجة إصابتهم بالقلق أو الاكتئاب، أو الخروج من علاقة فاشلة، ويتضمن علاج اضطراب الشخصية الهستيرية علاج نفسي سلوكى وآخر دوائي فاما العلاج النفسي فهدفه احتواء الحالة حتي لا تتحول الشخصية الهستيرية الي سيكوباتية عن طريق الحد من الأعراض وتحسين علاقات الشخص الاجتماعية.   

 

س

 

وأما العلاج الدوائي فيتم باستخدام بعض الأدوية التي تعالج الاضطرابات النفسية الأخرى المصاحبة لهذه الحالة، مثل تقلب المزاج، والقلق، والاكتئاب، ويوجد علاج حديث يسمي العلاج الطبي البديل من خلال  ممارسة تقنيات التأمل الواعي، مثل اليوغا، والتاي تشي، وكذلك الارتجاع البيولوجي من خلال التحكم في المشاعر العاطفية المبالغ فيها، والأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الهستيرية أكثر عرضة للإصابة ببعض المضاعفات منها الاكتئاب ونوبات الهلع وإدمان الكحول أو تعاطي المخدرات ومحاولة الانتحار.

وفى الأخير يؤكد "فاروق": وقد تم ملاحظة أن أغلب الجرائم التي تقع من مصابي اضطراب الشخصية الهستيرية جرائم تتعلق بالآداب مثل الفعل الفاضح العلني والاغراء علي الفسق وافساد الاخلاق والتعدى علي القيم  في المجتمع، فضلا عن القذف والسب والتنمر والبلطجة وتعاطي المخدرات، وفي مقابل ذلك فان مصابى اضطراب الشخصية الهستيرية أكثر من غيرهم عرضة، لأن يكونوا مجني عليهم في جرائم التحرش الجنسي وهتك العرض بل والاغتصاب.

 

ء

   640042-ططط

أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق

print