أصدرت الدائرة "السابعة" أحوال شخصية – مأمورية استئناف السادس من أكتوبر - بمحكمة استئناف القاهرة، حكما فريدا من نوعه، بإلغاء حكم أول درجة بإلزام الزوج برد وتسليم المشغولات الذهبية للزوجة، والقضاء مجددا برفض الدعوى لثبوت براءة ذمة الزوج من هذه المشغولات الذهبية، مستندة على المبدأ الذى أرسته محكمة النقض بأن المقرر أن العرف جري علي أن لمشغولات الذهبية تظل في حوزة الزوجة لتتزين بها، ولا يصح إتهام الزوج بتبديدها.
صدر الحكم في الاستئناف المقيد برقم 9777 لسنة 6 قضائية، لصالح المحامى بالنقض محمود البدوى، برئاسة المستشار أحمد فتحى سلامه، وعضوية المستشارين يحيي عبدالباسط محمد، وأيمن عبدالغفور، وبحضور كل من وكيل النيابة حازم جبره، وأمانة سر هيثم هانى.
الوقائع.. الزوجة تطالب زوجها بتسليم المشغولات الذهبية الثابتة بقائمة المنقولات
وقائع الاستئناف سبق وأن أحاط بها الحكم المستأنف والذي نحيل إليه بشأنها منعا من التكرار وأن كنا نوجزها بالقدر اللازم لحمل أسباب ومنطوق هذا القضاء في أن المدعية أقامت الدعوى رقم 182 لسنة 2024 أسرة أوسيم بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة أول درجة بتاريخ 17 يناير 2021 بطلب إلزام المدعي عليه بتسليم المشغولات الذهبية الثابتة بقائمة المنقولات وهي 50 جرام ذهب عيار 21 مع الزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وذلك على سند من القول أن المدعية زوجة للمدعي عليه بصحيح العقد الشرعي المؤرخ 17 يوليو 2021، وقد تسلم مشغولاتها مذهبية بموجب قائمة منقولات مزيلة بتوقيع المدعى عليه وتوقيع الشهود ثم رفض تسليمها تلك المنقولات الذهبية، ولم تتم التسوية مما حدا بها لإقامة دعواها.
محكمة أول درجة تلزم الزوج برد الدهب
وفى تلك الأثناء - تداولت الدعوى بالجلسات أمام محكمة أول درجة مثلت المدعية وقدمت أصل قائمة وصورة من وثيقة زواج الطرفين، وأصل انذار بعرض قيمة القائمة استلمتها المدعية مع التحفظ على حقها في المطالبة بالمشغولات الذهبية، واستمعت المحكمة الي شهود الطرفين، فقرر شاهدي المدعية أن خلافات نشبت بين الطرفين وأن المدعية ضُربت من المدعي عليه وأنها غادرت مسكن الزوجية دون مشغولاتها الذهبية، كما استمعت الي شاهدي المدعي عليه، فقررا أنها خرجت علي أثر خلافات بين الطرفين وكانت ترتدي ذهبها.
وإذ قضت محكمة أول درجة بتاريخ 29 أبريل 2024 بإلزام المدعي عليه برد وتسليم المشغولات الذهبية خمسون جرام ذهب عيار 21، والمبينة وصفا بقائمة المنقولات الزوجية للمدعية، والزمت المدعي عليه بالمصاريف والأتعاب.
الزوج يستأنف الحكم.. ويؤكد: الزوج خرجت بذهبها
وحيث لم يرتضي المستأنف ذلك القضاء، فطعن عليه بالاستئناف الماثل بصحيفة أودعت قلم کتاب المحكمة بتاريخ 4 يونيو 2024، وأعلنت قانونا للمستأنف ضدها طلب في ختامها الحكم بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع أصليا إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا برفض الدعوى لثبوت براءة ذمته من هذه المشغولات الذهبية مع الزام المستأنف ضدها بالمصروفات والأتعاب عن الدرجتين، وذلك لأسباب حاصلها القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وتجاهل الرد علي دفاع المستأنف، كما أنها غادرت مسكن الزوجية متحلية بمصاغها.
وبالفعل الاستئناف تداول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة المرافعة الاخيرة حضر المستأنف واصر علي حجز الاستئناف للحكم والنيابة فوضت الرأي، وقررت المحكمة حجز الدعوي للحكم .
المحكمة تنصف الزوج
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن الموضوع وكان المقرر قانونا بنص المادة الثالثة من مواد اصدار القانون 1 لسنة 2000 تصدر الأحكام طبقا لقوانين الأحوال الشخصية والوقف المعمول بها، ويعمل فيما لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة، وحيث أنه من المقرر أيضا أن فقهاء المذهب الحنفي قد ذهبوا إلى أنه لا حق للزوج في شيء من جهاز زوجته أو مصوغاتها، وليس له أن يجبرها على فرش أمتعتها ولا تقديم شيء منها له، و إنما له الانتفاع بها بإذن منها ومن ثم فليس له أن يأخذ ثمينا منه.
وتؤكد "المحكمة": إلا أن المقرر أن العرف جري علي أن المشغولات الذهبية تظل في حوزة الزوجة لتقرير بها ولا يصح إتهام الزوج بتبديدها ولا يقدح في ذلك ما ثبت بالأوراق من أن المستأنفة لم يقر من مشغولاتها الذهبية، وذلك لأن العرف قد جري على أن المشغولات الذهبية تظل في حوزة الزوجة التتزين بها وهو ما تمسك به المتهم منذ فجر الدعوي، وقد تأييد ذلك من أقوال شاهديه اللذان الطمئن لهما المحكمة، إذ قررا أنها خرجت من منزل الزوجية بحقيبة ملابسها وكانت تردي مصاغها، إذ ليس من المقبول عقلا أن تخرج من منزل الزوجية بملابسها وتترك مصاغها.
لما كان ما تقدم - فإن الواقعة تكون محوطة بالشكوك والريب في صحة اسناد استيلاء المستأنف علي مصوغاتها الأمر الذي تقضي معه المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددا برفض الدعوى حسبما سيرد بالمنطوق.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة: بقبول الاستئناف شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا برفض الدعوى.
التفاصيل الكاملة للواقعة
وفى هذا الشأن - يقول المحامى بالنقض محمود البدوى، مقيم الاستئناف، أن الزوجة تركت مسكن الزوجية، وذلك بعد جمعها لكل متعلقاتها وأشيائها وملابسها وذهبها ومصاغها، ثم أقامت جنحة تبديد ضد الزوج، وهنا الزوج اضطر أن يعرض عليها قيمة المنقولات نقدًا، وتمسك أمام محكمة الجنح إن الذهب من المتاع الشخصي الملاصق للنساء، وهنا محكمة الجنح حكمت بالحبس مع وقف تنفيذ العقوبة، ولكن أمام محكمة الجنح المستأنف كان لنا نصيبا في الحصول على حكم ببرائته بعدما تمسكنا أمام المحكمة بأن المشغولات الذهبية من الحُلي الشخصي المُلاصق للنساء، وهنا كان الحكم ببراءة الزوج من هذا الاتهام أمام محكمة جنح مستأنف أوسيم .
ويضيف "البدوى" في تصريح لـ"برلماني": ولكن القصة لم تنتهي عند هذا الحد، حيث أن الزوجة توجهت صوب محكمة شئون الأسرة، وتقدمت بدعوي طلبت فيها إلزام الزوج برد مصاغها الذهبي بما قيمته 50 جرام ذهبي عيار 21، وتداولت الدعوي بالجلسات، وتمسكت الزوجة بعدم عرض الذهب عليها بجنحة التبديد، وتمسك الزوج ببراءة الذمة بموجب عرض المنقولات أمام محكمة الجنح، وتمسك بدلالة الحكم الصادر له بالبراءة من جنح مستأنف أوسيم، وهنا المحكمة أحالت الدعوي للتحقيق، وحضر شهود عن الزوجة وشهدوا بأن الزوجة خرجت مضروبة من مسكن الزوج من غير أي شيء ولا حتي ملابسها.
رأى محكمة النقض في الأزمة
وتابع "البدوى": وحضر شهود الزوج، ولكن المحكمة أطمأنت لأقوال شهود الزوجة، وأخذت بمدلول ما شهدوا به، وحكمت بجلسة 29 أبريل 2024 بإلزام الزوج برد وتسليم المشغولات الذهبية 50 جرام عيار 21، والمبينة وصفًا وقيمة بقائمة منقولات الزوجية للمدعية، والزمت المدعي عليه بالمصروفات والأتعاب، ولكن الزوج لم يرتضي بهذا القضاء، وطعن عليه بالاستئناف، وأسس استئنافه علي ثبوت براءة ذمته من القائمة بالعرض الحاصل أمام محكمة الجنح وما انتهت إليه من براءة ذمته من المشغولات الذهبية بوصف أنها من المتاع الشخصي الملاصق للنساء، وهو ما أستقرت عليه أحكام المحاكم المصرية.
واستطرد: وقالت محكمة الاستئناف في حكمها، أنها تطمئن الي شهادة شاهدي المدعي عليه (المستأنف) بالتحقيق أمام محكمة أول درجة وتأخذ بمضمونها، وقدمت لذلك في قضائها (والذي تساند الي صحيفة استئناف المستأنف وما ورد بها من مبادئ وأحكام )، وقالت في حيثيات حكمها أنه: "المقرر ان العرف جري علي ان لمشغولات الذهبية تظل في حوزة الزوجة لتتزين بها، ولا يصح إتهام الزوج بتبديدها ولا يقدح في ذلك ما ثبت بالأوراق من أن المستأنف لم يعرض مشغولاتها الذهبية، وذلك لأن العرف قد جري علي أن المشغولات الذهبية تظل في حوزة الزوجة لتتزين بها، وهو ما تمسك به المتهم منذ فجر الدعوي، وقد تأييد ذلك من أقوال شاهديه اللذان تطمئن لهما المحكمة، إذ قررا أنها خرجت من منزل الزوجية بحقيبة ملابسها وكانت تردي مصاغها، إذ ليس من المقبول عقلا أن تخرج من منزل الزوجية بملابسها وتترك مصاغها".