الثلاثاء، 11 فبراير 2025 09:56 ص

عقوبات ترامب على الجنائية الدولية سابقة خطيرة فى وجه العدالة.. سياسيون وقانونيون: سياسة أمريكية متكررة لحماية حلفائها وعرقلة لعمل دور المحكمة كملاذ لضحايا الجرائم الدولية.. وتضعف من مصداقية النظام الدولى

عقوبات ترامب على الجنائية الدولية سابقة خطيرة فى وجه العدالة.. سياسيون وقانونيون: سياسة أمريكية متكررة لحماية حلفائها وعرقلة لعمل دور المحكمة كملاذ لضحايا الجرائم الدولية.. وتضعف من مصداقية النظام الدولى ترامب
الأحد، 09 فبراير 2025 03:00 م
كتبت إيمان علي – سمر سلامة
استنتكر سياسيون وقانونيون، قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية والتي تعد سابقة تاريخية خطيرة، وتقويض لجهود مكافحة الإفلات من العقاب على الجرائم الأشد خطورة، مشيرا إلى أن هذا القرار يأتي في إطار سياسة أمريكية متكررة تهدف إلى حماية مصالحها وحلفائها، دون مراعاة لمبادئ القانون الدولي أو حقوق الضحايا في مناطق الصراع.
 
وفي المقابل تعهدت المحكمة الجنائية الدولية، في بيان لها بمواصلة تحقيق العدالة "للملايين من ضحايا الفظائع"، وذلك ردا على عقوبات فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولاقت استهجانا أمميا وأوروبيا، حيث فرض ترامب هذه العقوبات على المحكمة بتهمة "مباشرتها إجراءات قضائية لا أساس لها ضد الولايات المتحدة وإسرائيل"، في خطوة أشادت بها تل أبيب.
 
ومن جانبه أدان الدكتور أيمن محسب، وكيل لجنة الشئون العربية بمجلس النواب، قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، والتي تمثل تحديا خطيرا لأسس العدالة الدولية وتقويضا لجهود مكافحة الإفلات من العقاب على الجرائم الأشد خطورة، مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، موضحا أن  المحكمة الجنائية الدولية تمثل حجر الزاوية في النظام القانوني العالمي، إذ تعمل على ملاحقة الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم جسيمة تهدد الأمن والسلم الدوليين.
 
وقال "محسب"، إن العقوبات التي فرضتها الإدارة الأمريكية ضد مسؤولي المحكمة تهدف إلى عرقلة عملها وتوجيه رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة لن تسمح بأي مساءلة قانونية قد تطالها أو تطال حلفاءها، لذلك فإن القرار لا يمس فقط استقلال المحكمة، بل يخلق سابقة خطيرة تتيح للدول القوية التدخل في عمل المؤسسات القضائية الدولية وتهميش دورها متى تعارضت مع مصالحها السياسية.
 
وأكد وكيل لجنة الشئون العربية، أن القرار يهدد بتقويض ثقة المجتمع الدولي في آليات العدالة الدولية، مما قد يؤدي إلى تراجع الالتزام بالقانون الدولي، وزيادة حالات الإفلات من العقاب، وهو ما قد يشجع الأنظمة القمعية والمجرمين الدوليين على ارتكاب المزيد من الانتهاكات دون خوف من المحاسبة، مضيفا أن مثل هذه الإجراءات قد تؤدي إلى تصعيد التوترات الدبلوماسية، خاصة إنها تضع المحكمة الجنائية الدولية - وهي مؤسسة دولية محايدة - في صراع مباشر مع إحدى أقوى الدول في العالم.
 
وأشار "محسب"، إلى أن المجتمع الدولي يواجه اليوم اختبارا حقيقيا في قدرته على حماية مؤسساته القانونية من التدخلات السياسية، وهو ما يتطلب اتخاذ خطوات حاسمة للرد على هذه الانتهاكات، من خلال إعلان دعم واضح للمحكمة الجنائية الدولية من قبل الدول الأعضاء، وعدم الرضوخ لأي ضغوط أمريكية تهدف إلى إضعافها، فضلا عن التحرك القانوني ضد العقوبات الأمريكية عبر الهيئات القضائية الدولية مثل محكمة العدل الدولية، باعتبارها انتهاكًا لسيادة القضاء الدولي.
 
وشدد النائب أيمن محسب، على ضرورة تعزيز دور الأمم المتحدة في حماية استقلالية المحكمة، ومطالبة مجلس الأمن الدولي بمناقشة تداعيات هذا القرار وتأثيره على النظام القانوني الدولي، محذرا من خطورة أن تكون العدالة الدولية رهينة للمصالح السياسية، أو السماح لأي دولة، مهما بلغت قوتها، بإضعاف المؤسسات القضائية التي تمثل الملاذ الأخير لضحايا الجرائم الدولية، مؤكدا أن مستقبل النظام القانوني العالمي واستقرار المجتمعات يعتمد على قدرة الدول على حماية هذه المؤسسات من أي محاولات للابتزاز أو الترهيب.
 
أستاذ علوم سياسية: قرار ترامب بفرض عقوبات يضعف العدالة الدولية
 
ويقول اللواء الدكتور رضا فرحات، أستاذ العلوم السياسية، إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية يعد خطوة استفزازية تتعارض مع مبادئ العدالة الدولية وتضعف من مصداقية النظام الدولي في تحقيق العدل والمساءلة، مشيرا إلى أن هذا القرار يأتي في إطار سياسة أمريكية متكررة تهدف إلى حماية مصالحها وحلفائها، دون مراعاة لمبادئ القانون الدولي أو حقوق الضحايا في مناطق الصراع.
 
وأوضح فرحات أن المحكمة الجنائية الدولية، على الرغم من الانتقادات التي تواجهها، تظل أحد أهم الآليات الدولية لملاحقة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية و قرار ترامب بفرض عقوبات على المحكمة، خاصة بعد إصدارها أوامر اعتقال بحق رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، يظهر ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا الدولية، حيث يتم دعم الحلفاء سياسياً حتى لو كانت هناك أدلة على ارتكاب انتهاكات جسيمة.
 
وأكد فرحات أن هذا القرار يحمل رسالة سلبية للعالم، مفادها أن الولايات المتحدة تضع مصالحها السياسية فوق مبادئ العدالة الدولية ومثل هذه الخطوات قد تعزز من شكوك الدول الأخرى في نزاهة النظام الدولي، وتضعف من جهود تحقيق السلام والاستقرار في مناطق الصراع، خاصة في الشرق الأوسط.
 
وأشار فرحات إلي ضرورة أن تعيد الولايات المتحدة تقييم سياستها الخارجية فيما يتعلق بالعدالة الدولية، وأن تلتزم باحترام مؤسسات القانون الدولي، بدلا من استخدام العقوبات كأداة للضغط السياسي لافتا إلى أن استمرار مثل هذه السياسات لن يؤدي إلا إلى مزيد من التدهور في سمعة الولايات المتحدة على الساحة الدولية، وتقويض جهود تحقيق العدالة للضحايا في مختلف أنحاء العالم.
 
وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن فرض العقوبات على الأفراد الذين يساعدون المحكمة الجنائية الدولية هو خطوة غير مسبوقة تمثل ضغطا سياسيا غير مبرر على المجتمع الدولي، متسائلا عن تأثير هذه الخطوة على مستقبل التحقيقات الدولية ومدى تأثيرها على الجرائم التي تحتاج إلى المساءلة العادلة لافتا إلى أن تعزيز العدالة الدولية يتطلب دعما دوليا قويا للمحكمة الجنائية الدولية، بعيدا عن التدخلات السياسية ومن الضروري أن تتكاتف الدول لإعادة بناء منظومة عدالة قوية، حيث لا ينبغي لأي دولة أو زعيم سياسي أن يكون فوق القانون و مثل هذه القرارات لن تخدم إلا مصالح آنية وتضر بمبادئ العدالة التي يسعى المجتمع الدولي لترسيخها.
 
خبير دولي: عقوبات ترامب على الجنائية الدولية سابقة خطيرة تهدد العدالة العالمية
 
فيما كشف الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، عن تداعيات خطيرة للعقوبات الأمريكية على المحكمة الجنائية الدولية، محذراً من مساعي نتنياهو الأخيرة لإقناع المشرعين الأمريكيين بفرض مزيد من العقوبات على المحكمة.
 
وقال الدكتور مهران في تصريحات خاصة، إن ذلك يعد سابقة خطيرة في تاريخ العدالة الدولية، حيث تتعرض المحكمة الجنائية الدولية لضغوط غير مسبوقة تهدف إلى عرقلة عملها في التحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والابادة الجماعية، خاصة في ظل الأحداث الجارية في غزة.
 
وأضاف مهران، أن العقوبات الأمريكية التي تشمل تجميد أموال المسؤولين في المحكمة وحظر دخولهم الولايات المتحدة، دفعت المحكمة لاتخاذ إجراءات احترازية غير مسبوقة، منها صرف رواتب ثلاثة أشهر مقدماً للعاملين فيها، مما يعكس خطورة الوضع.
 
وأوضح الخبير الدولي، أن تأثير العقوبات امتد ليشمل المؤسسات التي تتعاون مع المحكمة، مشيراً إلى تخوف شركة مايكروسوفت من التعامل مع المحكمة خشية تعرضها للعقوبات الأمريكية، وهو ما يمثل تهديداً خطيراً لاستقلالية القضاء الدولي.
 
وحول الموقف القانوني، أكد الدكتور مهران ان هذه العقوبات في حد ذاتها قد تشكل جرائم تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، حيث تمثل تدخلاً في عمل العدالة الدولية وعرقلة لإجراءات التحقيق في جرائم الحرب، وتمثل تهديدا مباشر لعمل المحكمة.
 
وأشار إلى أن مساعي نتنياهو للضغط على المشرعين الأمريكيين لفرض مزيد من العقوبات تأتي في سياق محاولات إسرائيل المستمرة لتقويض عمل المحكمة، خاصة في ظل التحقيقات الجارية في جرائم الحرب في غزة.
 
وحول تداعيات هذه العقوبات على مستقبل العدالة الدولية، قال الدكتور مهران: نحن أمام منعطف خطير يهدد مستقبل المساءلة الدولية، مشيرا إلى أن تراجع المؤسسات الكبرى عن التعاون مع المحكمة يضعف قدرتها على أداء مهامها في تحقيق العدالة.
 
وشدد على أن المجتمع الدولي مطالب باتخاذ موقف حازم لحماية استقلالية المحكمة الجنائية الدولية، معتبرا أن الصمت على هذه العقوبات يشجع على مزيد من الانتهاكات للقانون الدولي، مضيفا أن التطورات الأخيرة في غزة، وما تم الإعلان عنه من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين، يجب ألا يصرف الانتباه عن ضرورة حماية آليات العدالة الدولية.
 
وفي ذات السياق أكد أستاذ القانون على أن حماية استقلالية المحكمة الجنائية الدولية مسؤولية جماعية للمجتمع الدولي، مشددا علي أنه لا يمكن السماح باستخدام العقوبات كأداة لتقويض العدالة الدولية وحماية مرتكبي جرائم الحرب من المساءلة.
 
بينما يقول الدكتور حسن جونى، أستاذ القانون الدولى، إن المحكمة الجنائية الدولية هى منظمة دولية مؤلفة من دول أعضاء مؤسسة وتكون تابعة للأمم المتحدة ككل المنظمات، ولكن ذات سيادة خاصة ومستقلة في قراراتها حسب قرارات أعضاء المحكمة.
 
وأضاف «جوني»، أنه لم يحدث في التاريخ قيام دولة بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية مثلما فعلت أمريكا، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل يرفضون قرارات المحكمة الجنائية الدولية لأنهم يعتبرون أنهم ليس أعضاء بها فقرارات هذه المحكمة غير ملزمة لهم بالرغم من توقيعهم على وجود هذه المحكمة لكن هناك فرق بين التوقيع والانضمام.
 
وتابع: هناك رفض أمريكي لقرارات المحكمة الجنائية الدولية لذلك فرضت أمريكا عقوبات على موظفيها، مؤكدًا على أن أمريكا تهاجم من لا يتفق مع سياستها وأهدافها دون النظر للقوانين والأعراف الدولية.

print