أصدرت الدائرة المدنية "3" – بمحكمة النقض – ينهى وقائع الغش والتدليس والنصب في سوق البيع والشراء بإستخدام صحة التوقيع، أرست خلاله حكما قضائيا يحفظ حقوق أصحاب الأملاك من السطو عليها، قالت فيه: "حكم صحة التوقيع حتى ولو أصبح نهائياً لا يمنع من دعوى تزوير أصلية على صلب ذات المستند المقضى فيه بصحة التوقيع".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 5267 لسنة 10 قضائية، لصالح المحامى بالنقض عمران عبدالعزيز عمران، برئاسة المستشار يحيى فتحي يمامة، ومحمد أبو القاسم خليل، ومحمد شرين القاضي، وأسامة جعفر محمد، وطارق أحمد محمدين، وبحضور كل من رئيس النيابة محمد حسن عبد الرحمن، وأمانة سر بهاء الدين حسني بدري.
الوقائع.. نزاع قضائى على عقد صادر له حكم نهائي بصحة التوقيع
الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدها الدعوى رقم 1401 لسنة 2019 مدني كلي أمام محكمة القاهرة الجديدة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامها بتقديم عقد البيع المؤرخ 18 نوفمبر 2010 وفي حالة عدم تقديمه اعتباره غير موجود، وندب خبير لفحصه والقضاء برده وبطلانه، على سند من أنه قد صدر لصالح المطعون ضدها حكم في الدعوى رقم 2089 لسنة 2014 صحة توقيع مصر الجديدة بصحة توقيعه على عقد البيع المؤرخ 18 نوفمبر 2010، فأقام عنه الاستئنافين رقمي 3101، 3763 لسنة 2014 مدنى مستأنف شمال القاهرة، وطعن على العقد بالتزوير، ولعدم تمكنه من المثول أمام الخبير قضى برفض الطعن وبتأييد الحكم المستأنف.
محكمتى أول وثانى درجة تقضيان برفض الدعوى
وتابعت: وإذا كان العقد المشار إليه مزور عليه صلباً وتوقيعاً، فأقام الدعوى حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ثم استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة - مأمورية شمال القاهرة بالاستئناف رقم 9496 لسنة 23 ق، وقضت بتاريخ 1 ديسمبر 2020 برفضه، وتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم، حيث ذكرت إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ أقام قضائه بعدم قبول دعواه برد وبطلان عقد البيع المؤرخ 18 نوفمبر 2010 استناداً لسبق الاحتجاج به على الطاعن في الدعوى رقم 2089 لسنة 2014 صحة توقيع مصر الجديدة والمقضي فيها بصحة توقيعه على ذلك المحرر رغم أنها دعوى تحفظية الغرض منها إثبات صحة التوقيع ولا يحول الحكم الصادر فيها دون إقامة دعوى أصلية برد وبطلان المحرر سندها لتزويره، فإنه يكون معيباً، بما يستوجب نقضه.
دعوى صحة التوقيع ليست سوى دعوى تحفظية
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن دعوى صحة التوقيع ليست سوى دعوى تحفظية ليطمئن من بيده سند عرفي على آخر إلى أن الموقع على ذلك المحرر لن يستطيع بعد صدور الحكم بصحة توقيعه أن ينازع في صحته، ويمتنع على القاضي فيها أن يتعرض للتصرف المدون في العقد من جهة صحته وبطلانه ووجوده أو انعدامه أو زواله أو نفاذه أو توقفه وتقرير الحقوق المترتبة عليه وتقتصر حجية الحكم الصادر فيها على صحة التوقيع الموقع به على الورقة ولا يتعدى أثره إلى صحة التزامات الطرفين الناشئة عن العقد، وبالتالي فإن بحث أمر تزوير صلب السند يخرج عن نطاق الدعوى بطلب صحة التوقيع ولا بعد وسيلة دفاع فيها ولا يمنع المحتج عليه بالورقة بعد الحكم فيها من إقامة دعوى أصلية بطلب رد وبطلان المحرر لتزوير صلبه، بما لا يكون للحكم الصادر في دعوى صحة التوقيع ثمة حجية مانعة من الفصل في تزوير بيانات صفية الصور ولا تمنع صحة التوقيع من المنازعة في صحة صلب المحرر للمغايرة محرر بين كل من الموضعين.
وبحسب "المحكمة": وكان من المقرر أن الحصول على توقيع شخص على مثبت للتصرف لم تنصرف إرادته أصلا إلى إبرامه بعد على ما ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تزوير تنعدم معه هذه الإرادة ولو كان الحصول على هذا التوقيع واليد طرق احتيالية - لما كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه، بتأييد الحكم المستأنف يعدم قبول الدعوى على أنه سبق الاحتجاج بهذا المحرر في الدعوى رقم 2089 لسنة 2014 صحة توقيع مصر الجديدة والقضاء بصحة التوقيع عليه وهو ما يحول دون قبول دعوى التزوير الأصلية لسبق الاحتجاج بالمحرر في دعوى أخرى.
حكم صحة التوقيع حتى ولو أصبح نهائياً لا يمنع من دعوى تزوير أصلية
وتابعت: في حين أنه ليس من شأن دعوى صحة التوقيع أن تمنع من قبول دعوى التزوير الأصلية المقامة ممن يخشى الاحتجاج عليه بالمحرر في المستقبل إعمالاً للحق المخول له بمقتضى المادة 59 من قانون الإثبات أو المنازعة في صحة بيانات صلب المحرر، وكان دفاع الطاعن في الدعوى قد قام على أن البيع لم يصدر أصلاً وأن التزوير ينصب على صلب المحرر، فإن الحكم إذ قضى بعدم قبول الدعوى السابقة الفصل فيها، مما حجبه عن نظر الدعوى بحسب الأساس الذي أقيمت عليه، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون، بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن، وحيث إن موضوع الاستئناف صالح للفصل فيه، ولما تقدم، يتعين إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول الدعوى السابقة الفصل فيها.
وتضيف "المحكمة": وحيث إن الثابت أن حكم محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى قد وقف عند حد المظهر الشكلي دون أن تتطرق لبحث أي عنصر من عناصر الدعوى وقوفاً عند حد المظهر الشكلي، مما لا تستنفد به ولايتها في الفصل في موضوع الدعوى، الأمر الذي يوجب إحالة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل فيها.
لذلك:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه والزمت المطعون ضدها المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وحكمت في موضوع الاستئناف رقم 1496 لسنة 13 ق – مأمورية شمال القاهرة – بإلغاء الحكم المستأنف وأحالت القضية إلى محكمة القاهرة الجديدة الابتدائية، والزمت المستأنف ضدها المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.