أصدرت الدائرة المدنية والتجارية – بمحكمة النقض – حكما فريدا من نوعه، يهم ملايين المتعاملين في سوق البيع والشراء، أرسى مبدأين قضائيين بشأن دعوى صحة التوقيع على عقد البيع، قالت فيه:
"1-الحكم الصادر فى دعوى صحة التوقيع على عقد البيع لا يصلح لنقل الحيازة للمشترى.
2- نقل الحيازة بناء على حكم صحة التوقيع خطأ فى تطبيق القانون".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 2298 لسنة 75 قضائية، برئاسة المستشار جرجس عدلى، وعضوية المستشارين معتز أحمد مبروك، ومحمد منصور حازم شوقى وحمدى الصالحى، وبحضور كل من رئيس النيابة أحمد عباس، وأمانة سر ماجد عريان.
الوقائع.. نزاع حول 6 قراريط نقل حيازة الأطيان الزراعية
الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنات وباقى المطعون ضدهم الدعوى رقم 726 لسنة 2003 محكمة المنصورة الابتدائية بطلب الحكم بنقل حيازة الأطيان الزراعية البالغ مساحتها 6 ط المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى، وقال بياناً لذلك: إنه بموجب عقد البيع الإبتدائى المؤرخ 1/1/1994 باع له مورث الطاعنات المساحة محل التداعى لقاء ثمن مقبوض مقداره ( 12 ) ألف جنيه، وإذ استلمها وقام بزراعتها ولرغبته في نقل الحيازة باسمه أقام الدعوى .
محكمة أول درجة ترفض الدعوى.. والإستئناف تؤيد نقل الحيازة
في تلك الأثناء - حكمت المحكمة برفضها بحكم استأنفه المطعون ضده الأول بالاستئناف رقم 306 لسنة 56 ق المنصورة، وفيه قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبالطلبات، ثم طعنت الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
الورثة يطعنون على الحكم أمام النقض
مذكرة الطعن تضمنت 3 أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت تنعى الطاعنات بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه البطلان لعدم إيداع مسودة الحكم الأصلية عند النطق به طبقا للقانون مما يعيبه ويستوجب نقضه.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن هذا النعى في غير محله؛ ذلك أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت وعلى من يدعى أنها خولفت إقامة الدليل على ذلك، وأن ثبوت تاريخ إصدار الحكم هو محاضر الجلسات التي أُعدت لإثبات ما يجرى فيها، لما كان ذلك؛ وكان البين من محاضر جلسات محكمة الاستئناف أنها حددت جلسة 7/12/2004 لإصدار الحكم وبها أصدرت الحكم وقد ثبت أن مسودة الحكم مؤرخة بذات تاريخ صدور الحكم المطعون فيه فإن النعى على الحكم المطعون فيه بالبطلان يكون على غير أساس.
مذكرة الطعن تستند على 3 أسباب لإلغاء الحكم
وحيث إن مما تنعاه الطاعنات بباقى أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقلن: إنه وفقاً لنص المادتين 92/3 ، 94/ج من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 لا يجوز تعديل الحيازة الزراعية إلا بعد موافقة الجمعية الزراعية أو بعد أن يلتزم الحائز الجديد بالديون المستحقة عن الأرض محل التنازل قبل الحائزين السابقين وأن الأرض محل التداعى ضامنة لسداد مستحقات البنك قبل الحائز القديم وأن الحكم الصادر بصحة توقيع مورثهن على عقد البيع الإبتدائى سند الدعوى لا يُعتد به في هذه الحالة لعدم صدوره في مسألة حيازة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بنقل الحيازة للمطعون ضده الأول فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وبحسب "المحكمة" في حيثيات الحكم إن هذا النعى في محله، ذلك أنه لما كانت المادة 92/4،3 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 تنص على أنه: " ولا يجوز تعديل الحيازة الزراعية إلا بعد موافقة الجمعية التعاونية الزراعية المختصة أو بناء على اتفاق كتابى مصدق على التوقيع عليه من رئيس مجلس إدارة هذه الجمعية وعضوين من أعضائها على أن يتضمن الاتفاق إقرار الحائز الجديد بتحمل الديون المستحقة عن الأرض محل التنازل سواء للحكومة أو للمؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعى و التعاونى . ويستثنى من ذلك حالات تغيير الحيازة نتيجة تنفيذ الأحكام القضائية"، وكانت الفقرة الثانية من المادة 18 من القرار الوزاري رقم 59 لسنة 1985 بإصدار نظام بطاقة الحيازة الزراعية تنص على: "أن يكون نقل الحيازة بموجب حكم قضائى نهائي في مسألة حيازة تم تنفيذه قانوناً لصالح طالب النقل".
النقض تقرر: دعوى صحة التوقيع على عقد البيع لا يصلح لنقل الحيازة للمشترى
ووفقا لـ"المحكمة": مما مفاده أنه لا يجوز تعديل الحيازة الزراعية إلا بعد موافقة الجمعية التعاونية الزراعية أو بعد أن يلتزم الحائز الجديد بالديوان المستحقة عن الأرض محل التنازل قبل الحائزين السابقين سواء كانت هذه الديون للحكومة أو للمؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعى والتعاونى، وبصرف النظر عن تاريخ نشوء هذه الديون أو شخص المدين بها من الحائزين السابقين ويجوز تعديل الحيازة ونقلها بصدور حكم نهائي في مسألة حيازة تم تنفيذه قانوناً لصالح طالب نقل الحيازة باعتباره طريقة مستقلة لنقل الحيازة بالجمعية التعاونية الزراعية .
وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن دعوى صحة التوقيع ليست سوى دعوى تحفظية شرعت ليطمئن من بيده سند عرفى على آخر إلى أن الموقع على ذلك المحرر لن يستطيع بعد صدور الحكم بصحة توقيعه أن ينازع فى صحته ويمتنع على القاضى فيها أن يتعرض للتصرف المدون فى السند من جهة صحته وبطلانه ووجوده وانعدامه أو زواله ونفاذه أو توقفه وتقرير الحقوق المترتبة عليه، وتقتصر حجية الحكم الصادر فيها على صحة التوقيع الموقع به على الورقة، ولا يتعدى أثره إلى صحة التزامات الطرفين الناشئة عن العقد .
والحيثيات تؤكد: نقل الحيازة بناء على حكم صحة التوقيع خطأ فى تطبيق القانون
لما كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بنقل حيازة أرض التداعى إلى المطعون ضده الأول استناداً إلى عقد البيع العرفى الصادر من مورث الطاعنات والمقضى بصحة توقيعه عليه على أنه حكم قضائى نهائي في مسألة الحيازة في حين أنه لا يعتبر حكما صادراً في مسألة حيازة وبالتالي لا يترتب عليه تعديل أو نقل بيانات الحيازة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه، وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم .
لذلك:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه ، وألزمت المطعون ضده الأول المصاريف ومائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة وحكمت في موضوع الاستناف رقم 306 لسنة 56 ق المنصورة برفضه وبتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف المصاريف الاستئنافية ومائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.