أصدرت الدائرة "8" لشئون الأسرة – بمحكمة استئناف القاهرة – حكما نهائيا بإلغاء حكم أول درجة برفض دعوى تطليق الزوج زوجته بإرادته المنفردة لتغيير ملته، وقضت مجددا بالإعتراف بالتطليق طبقا للشريعة الإسلامية مستندة على أن طائفة السريان الأرثوذكس طائفة معترف بها بجمهورية مصر العربية منذ 1934 وأنه انضم لتلك الطائفة ويمارس الطقوس والشعائر الدينية، وقدم شهادة تفيد ذلك، ومن ثم تطبق أحكام الشريعة الإسلامية، وقد قضى فيه بإثبات طلاق المستأنف للمستأنف ضدها طلقة بائنه.
الخلاصة:
المستأنف والمستانف ضدهما تزوجا وفقاً لشريعة الأقباط الارثوذكس إلا أنه غير طائفته وإنضم لطائفة السريان الأرثوذكس، وعليه قام بطلاق زوجته بإدارته المنفردة تطبيقاً لأحكام الشريعة الإسلامية إلا أن محكمة أول درجة رفضت الدعوى تأسيساً على إنتفاء مصلحة المدعى فى إقامة دعواه لكونه صاحب الحق والقدرة على النطليق بقوله ولسانه، إلا أن هذا الحكم لم يلق قبولا لدى الطاعن، فطعن عليه بالاستئناف لأسباب حاصلها الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، وأن طائفة السريان الأرثوذكس طائفة معترف بها بجمهورية مصر العربية منذ 1934، وأنه انضم لتلك الطائفة ويمارس الطقوس والشعائر الدينية، وقدم شهادة تفيد ذلك، ومن ثم تطبق أحكام الشريعة الإسلامية، وقد قضى فيه بإثبات طلاق المستأنف للمستأنف ضدها طلقة بائنه.
صدر الحكم في الاستئناف المقيد برقم 19514 لسنة 140 قضائية، لصالح المحامى جون نظمى صبحى، برئاسة المستشار صلاح تونى، وعضوية المستشارين مصطفى عبدالرحمن أبو العلا، ومحمد محمد سامى، وبحضور كل من على أبو زيد، وكيل النيابة، ومحسن حسنى نظيم، أمين السر.
الوقائع.. زوج قبطى يغير طائفته لتطليق زوجته طلقة بائنة
تتحصل وقائع النزاع أن المدعى أقام الدعوى رقم 2252 لسنة 2023 أسرة الزيتون ضد المدعى عليها بطلب الحكم بإثبات طلاق المدعى عليها طلقة بائنة بتاريخ 20 أبريل 2023، وذلك على سند من القول أنه كان زوجا للمدعى عليها وفقا لشريعة الأقباط الأرثوذكس إلا أنه قام بتغيير طائفته وانضم إلى السريان الأرثوذكس، ونظرا لإختلاف مذاهبهم الدينية بينه وبين المدعى عليها فإن أحكام الشريعة الإسلامية هي واجبة التطبيق عليهما، وبناء عليه قام المدعى بطلاق زوجته بإرادته المنفردة بتاريخ 20 أبريل 2023 اعمالا لقواعد الشريعة الإسلامية، الأمر الذى حدى به بإقامة دعواه بغية الحكم بإثبات هذا الطلاق، وقد ساند دعواه بحافظة مستندات طويت على:
1-صورة ضوئية من عقد زواجه بالمدعى عليها.
2-شهادة تفيد تغيير الملة والطائفة.
محكمة أول درجة ترفض الدعوى لإنتفاء المصلحة
وفى تلك الأثناء – تداولت الدعوى بالجلسات أمام محكمة أول درجة، وفيها مثل المدعى بشخصه ومعه وعنه، محام، أقر بتطليق المدعى عليها وحضرت المدعى عليها بوكيل عنها محام، وسلم بالطلبات، وبجلسة 4 يوليو 2023 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى، وذلك تأسيسا على إنتفاء مصلحة المدعى في إقامة دعواه لكونه صاحب الحق والقدرة على التطليق بقوله ولسانه.
إلا أن هذا القضاء لم يلقى قبولا لدى المدعى، فطعن عليه بالاستئناف وطلب في ختامها أولا: بقبول الاستئناف شكلا، ثانيا: وفى موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ضدها، لإختلاف الطائفة بينهما، وبنى الإستئناف مع أسباب حاصلها: 1-الخطأ في تطبيق القانون، 2-مخالفة الثابت بالأوراق، 3-الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك أن طائفة السريان الأثوذكس المنتمى إليها المستأنف طائفة دينية معترف بها داخل جمهورية مصر العربية وخارجها وأنه انضم لتلك الطائفة، وقام بممارسة الشعائر والطقوس بالكنيسة، وقدم شهادة تفيد ذلك، مما يستوجب تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية.
الزوج يستأنف على الحكم لإلغاءه
وتداول الاستئناف بالجلسات، وفيها مثل المستأنف بشخصه والنيابة أبدت الرأي بمذكرة انتهت فيها إلى إلغاء الحكم المستـأنف والقضاء مجددا بإثبات طلاق المستأنف للمستأنف ضدها بتاريخ 20 أبريل 2023، والمحكمة قررت حجز الاستئناف للحكم.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الاستئناف: وكان من المقرر بمفاد المادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000 بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى في مسائل الأحوال الشخصية أنها قصرت تطبيق أحكام الشريعة الطائفية على المنازعات التي تقوم بين غير المسلمين متحدى الطائفة والملة، فإذا اختلفوا في الملة أو الطائفة يتعين اعمال أحكام الشريعة الإسلامية أما ما يرد بشانه نعى في تلك القوانين فتصدر الأحكام فيها طبقا لأرجح الأقوال في مذهب الإمام أبى حنيفة.
كيفية إثبات تغيير الملة والتأكد من ذلك
وبحسب "المحكمة": كما أن المستقر عليه أن تغيير الطائفة أو الملة أمر يتصل بحرية العقيدة إلا أنه عمل إرادى من جانب الجهة الدينية المختصة، ومن ثم لا يتم ولا ينتج آثره إلا بعد الدخول في الملة أو الطائفة الجديدة التي يرغب الشخص في الانتماء إليها بقبول طلب انضمامه إليها واتمام الطقوس والمظاهر الخارجية الرسمية المتطلبة، مما مقتضاه وجوب أن تكون الطائفة أو الملة وجود قانونى معترف به من الدولة ورئاسة دينية معتمدة منها من حقها الموافقة على طلب الإنضمام والتحقق من جديته.
لكن محكمة النقض استقرت في قضائها على جواز إيقاع الطلاق بالإرادة المنفردة للزوج المسيحى شأنه في هذا الشأن الزوج المسلم في حالة اختلاف الزوجين المسيحين ملة أو طائفة تطبق الشريعة الإسلامية في هذه الحالة، ذلك أن حظر الطلاق بالإرادة المنفردة ليس من الأصول الأساسية للشريعة المسيحية رغم أن الشرائع المسيحية حاليا لا تعرف الطلاق بمشيئة الزوجين أو أحدهما، فإذا طلق زوج مسيحى زوجته بإرادته المنفردة ثم رفع دعوى بإثبات ذلك الطلاق، وكانت شروط تطبيق شريعته الخاصة غير متوافرة، وبالتالي يخضع النزاع للشريعة الإسلامية، فإنه يحكم بإثبات ذلك الطلاق، ومن تاريخ إقاعه لا من تاريخ الحكم به، طبقا للطعنان رقما 16، 26 لسنة 48 ق أحوال شخصية.
محكمة الاستئناف تقضى بإقرار التطليق
ووفقا لـ"المحكمة": لما كان ما تقدم وكان الثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها أن المستأنف قد أقام دعواه المستأنف حكمها بطلب الحكم بإثبات طلاقه للمستأنف ضدها الواقع منه بتاريخ 20 أبريل 2023 وقد ثبت من الاطلاع بالصورة الضوئية من وثيقة زواج طرفى التداعى انهما تابعين لطائفة الأقباط الأرثوذكس، وتزوجا بالعقد الكنسى المؤرخ 30 أبريل 2007 وقد قدم المستأنف أمام محكمة أول درجة، وكذا أمام هذه المحكمة شهادة مؤرخة 18 أبريل 2023 تفيد انضمامه إلى طائفة السريان الأرثوذكس الصادرة من رئاسة هذه الطائفة وهى كنيسة العذراء مريم للسريان الأثوذكسن وانه صارد أحد أبنائها ويمارس شعارئها وطقوسها من 15 يناير 2023 وأصبح عضوا في سجلاتها تحت رقم 229 لسنة 2023.
وتضيف "المحكمة": وهذه الطائفة معترف بها في مصر منذ 1934، الأمر الذى يثبت معه اختلاف الملة والطائفة لطرفى الاستئناف قبل إقامة الدعوى، ومن ثم تطبق أحكام الشريعة الإسلامية على الواقعة الماثلة والتي تبيح التطليق بالإرادة المنفردة: ولما كان المستأنف قد اقر بصحيفة دعواه المبتدأة، وكذا صحيفة استئنافه الماثل أنه قام بتطليق المستـأنف ضدها بتاريخ 20 أبريل 2023 عقب تغيير ملته في 15 يناير 2023، مما يتعين معه إثبات اقراره واجابته لطلبه، وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر، الأمر الذى يتعين الغاءه والقضاء مجددا بإثبات طلاق المستأنف.
المحامى جون نظمى صبحى - مقيم الاستئناف