في ظل الأجواء الروحانية التي يغلفها شهر رمضان، وبينما تتوجه الأنظار نحو بيت الله الحرام، تسعى بعض شركات السياحة غير المرخصة لاستغلال هذه الفترة المقدسة لإيقاع المواطنين في شِباكهم.
تراهن هذه الشركات على عطش الناس للقيام بالعمرة أو الاستعداد للحج في وقتٍ يعم فيه الطهر الروحي، فتغريهم بعروض وهمية مغرية، لكنها لا تعدو كونها فخًا للنصب والاحتيال.
وما أن تسعى الأسر إلى تحقيق حلم العمر، حتى تجد نفسها في مواجهة مع واقع مرير، حيث ينقض عليها هؤلاء المحتالون، يعرضون رحلات دينية تروج لأسعار منخفضة وعروض خيالية، دون أن يكون لهم وجود قانوني أو ترخيص رسمي.
وعلى الرغم من الوعود التي يقطعونها، فإن الرحلات لا تتجاوز في كثير من الأحيان حدود الخداع، لينتهي المطاف بالمواطنين ضحايا لسرقة أموالهم وأحلامهم.
وزارة الداخلية لم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الجريمة المنظمة، بل شرعت في ملاحقة الشركات الوهمية بكل قوتها، وخلال أسبوع واحد فقط، تمكنت من ضبط أكثر من 50 شركة سياحية غير مرخصة تعمل في السوق السوداء للسياحة الدينية، لتسجل بذلك نجاحًا جديدًا في مكافحة الجريمة السياحية.
وكشفت وزارة الداخلية عن استخدام هذه الشركات لأختام مزورة ودفاتر إيصالات استلام نقدية، فضلاً عن إعلانات ودعايات لرحلات سياحية داخلية وخارجية، مما يعكس حجم الجريمة الممنهجة التي تسعى لاستغلال المواطنين.
وتكثف الأجهزة الأمنية من جهودها لمتابعة الشركات المخالفة، حيث يتم العمل على إغلاق مقراتها وضبط كافة المخالفات المتعلقة بالأمن السياحي، ومنع تلك الشركات من تنفيذ عمليات الاحتيال عبر الإنترنت أو من خلال الإعلانات الزائفة التي تعرضها في الشوارع أو على صفحات التواصل الاجتماعي.
يأتي هذا في وقت حساس، حيث يسعى العديد من المواطنين للحاق برحلات العمرة في شهر رمضان أو التحضير للحج في موسم لاحق، وقد باتت التحذيرات من الجهات الأمنية ضرورية، خاصة أن العديد من الأفراد لا يزالون يعانون من فقدان أموالهم نتيجة لعدم التأكد من مصداقية الشركات التي يتعاملون معها.
وبينما تتواصل التحقيقات في هذه القضايا، يؤكد خبراء أمنيون على ضرورة توخي الحذر والتأكد من ترخيص الشركات السياحية، إضافة إلى أهمية التحقق من الإعلانات والعروض المعروضة عبر الإنترنت، خاصة في تلك الفترات التي يرتفع فيها الإقبال على السفر لأغراض دينية.
ومع استمرار الحملة الأمنية لمكافحة شركات السياحة غير المرخصة، تظل الحاجة ماسة إلى زيادة الوعي لدى المواطنين بمخاطر الوقوع في فخ هؤلاء المحتالين، لتظل رحلة الحج والعمرة رحلة صادقة تهدف إلى التقرب إلى الله، لا أن تكون مجرد فخ اقتصادي يتسبب في معاناة نفسية ومادية للمواطنين.