أصدرت الدائرة المدنية "أ" – بمحكمة النقض – حكما قضائيا فريدا من نوعه، يهم ملايين المُلاك على الشيوع، رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية بشأن إشكاليات وضع اليد، قالت فيه: " أن المالك على الشيوع إذا وضع يده على جزء مفرز من العقار الشائع للانتفاع به، فلا يحق لأحد الشركاء الآخرين أن ينتزع منه هذا القدر بحجة أنه معادل له في الحقوق، بل كل ما له أن يطلب قسمة هذا العقار أو يرجع على واضع اليد بمقابل الانتفاع بالنسبة لما يزيد عن حصته في الملكية، ولا شأن للقواعد إدارة المال الشائع في هذا الخصوص".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 9635 لسنة 94 قضائية، لصالح المحامى بالنقض ياسر محمد زبادى، برئاسة المستشار عادل إبراهيم خلف، وعضوية المستشارين عبد الناصر محمد أبو الوفا، ووائل عادل أمان وأيمن محمد صابر، وأحمد أبو ضيف، وبحضور كل من رئيس النيابة خالد أحمد عثمان، وأمانة سر محمد عبد الرحمن.
الوقائع.. نزاع قضائى بين شركاء على الشيوع على جزء مفرز بوضع اليد
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 5337 لسنة 2009 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بطرده من العين المبينة بصحيفة الدعوى والتي يمتلك حصة شائعة مقدارها - 13 ط - مشاعاً في كامل أرض وبناء العقار الكائنة به والإخلاء مع الزام التسليم مع الزامه بالريع المستحق من تاريخ شغل العين وحتى الحكم والفوائد القانونية، وذلك لإقامته في الوحدة السكنية محل النزاع بدون مسوغ قانوني وبدون موافقة منه.
وفى تلك الأثناء - رفضت المحكمة الدعوى، بحكم استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 9428 لسنة 127 ق القاهرة، وفيه حكمت المحكمة - بعد أن ندبت خبيراً وقدم تقريره - بتأييد الحكم المستأنف.
ثم طعن المطعون ضده في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 13294 لسنة 83 قضائية، حيث نقضت محكمة النقض ذلك الحكم وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف استناداً إلى ما جاء بحكمها مودع صورة رسمية منه ملف الطعن - من أن محكمة الاستئناف قد أخطأت برفضها الدعوى حين اعتبرت أن المؤجر يمتلك حصة بالعقار، فيحق له التأجير دون موافقة باقي الشركاء حتى ولو لم تكن له أغلبية الأنصبة نافياً على الشريك المشتاع حقه في طلب طرد المستأجر قبل إجراء قسمة المال الشائع.
النقض تُقنن أوضاع الشريك على الشيوع في حالة وضع اليد
وبعد تعجيل الدعوى حكمت محكمة الإحالة بالغاء الحكم المستأنف وللمطعون ضده بطلباته، ثم طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت: وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، حين قضى بطرد الطاعن من الشقة موضوع النزاع والزامه بتسليمها إلى المطعون ضده وبأن يدفع له ريعها على سند من أنه وضع اليد عليها بطريق الإيجار، دون أن يكون للمؤجر له الذي يمتلك في العقار الكائن به العين حصة على الشيوع أغلبية الأنصبة؛ مما يجيز للمطعون ضده - أحد الملاك على الشيوع طلب إخراج الطاعن دون انتظار قسمة العقار مع أنه تمسك بأن المؤجر المذكور - وهو والد الطاعن يمتلك حصة تربو على نصف العقار وبوفاته أصبح الطاعن أحد الشركاء على الشيوع؛ فلا يجوز انتزاعها من تحت يده الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
النقض: لا يجوز إخراج الشريك على الشيوع حال وضع يده على جزء مفرز
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك بأنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المالك على الشيوع إذا ما وضع يده على جزء مفرز من العقار الشائع للانتفاع به، فلا يحق لأحد الشركاء الآخرين أن ينتزع منه هذا القدر بحجة أنه معادل له في الحقوق، بل كل ما له أن يطلب قسمة هذا العقار أو يرجع على واضع اليد بمقابل الانتفاع بالنسبة لما يزيد عن حصته في الملكية، ولا شأن القواعد إدارة المال الشائع في هذا الخصوص.
ولما كان يبين من الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأن عين النزاع كائنة بعقار يمتلك فيه والده حصة شائعة تربو على النصف وذلك عن طريق الشراء من المطعون ضده وآخرين، وأن الطاعن وضع اليد على هذه العين بموجب عقد إيجار حرر له من والده المذكور، والذي بوفاته أصبح أحد الملاك على الشيوع، وكان من شأن هذا بإعتباره أحد الشركاء في العقار الشائع الكائن به الشقة موضوع الدعوى انتزاعها من تحت يده لكون المطالبة بمقابل انتفاعه بالعين بالنسبة لما قد يزيد على حصته في الملكية.
والحيثيات تؤكد: الحل بالقسمة أو قبول مقابل نقدي لانتفاعه بهذا الجزء
لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بطرد الطاعن من شقة التداعي، وبإلزامه بتسليمها إلى المطعون ضده، وبأن يدفع له ريعها عن مدة النزاع على اعتبار أنه وضع اليد عليها بطريق الإيجار، ملتفتاً عن تناول هذا الدفاع الجوهري بما يقتضيه من البحث وخلت أسبابه من رد يشهد بالتفاته إليه ووزنه إياه؛ فإن في قعوده عن تمحيص هذا الدفاع على النحو المشار إليه يصم الحكم بقصور مبطل بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وتضيف "المحكمة": وحيث إنه وإن كانت الفقرة الرابعة من المادة 269 من قانون المرافعات توجب على محكمة النقض عند نقض الحكم المطعون فيه وكان الطعن للمرة الثانية أن تحكم في الموضوع، إلا أن التصدي لموضوع الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يقتصر على ما إذا كان الطعن للمرة الثانية ينصب على ذات ما طعن في المرة الأولى، ولما كان الثابت أن الطعن الأول النصر على النعي على ما قضى به في شأن إدارة أحد الشركاء المال الشائع، وورد الطعن الثاني على القضاء في أحقية المالك على الشيوع في وضع يده على جزء مفرز من العقار الشائع وهو ما لم يكن معروضاً أصلاً في الطعن الأول، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.
لذلك:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة وألزمت المطعون ضده المصاريف ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
المحامى بالنقض ياسر محمد زبادى - مقيم الطعن