الثلاثاء، 15 أبريل 2025 10:21 ص

صور "غيبلى" المولدة بالذكاء الاصطناعى بين الإبداع والتحديات القانونية.. هل أداة للفن أم تهديد لحقوق الملكية؟.. غياب تنظيم قانونى لتحديد حال كانت الصور تمثل "إبداعًا جديدًا" أم مجرد تقليد لعمل فنى قديم

صور "غيبلى" المولدة بالذكاء الاصطناعى بين الإبداع والتحديات القانونية.. هل أداة للفن أم تهديد لحقوق الملكية؟.. غياب تنظيم قانونى لتحديد حال كانت الصور تمثل "إبداعًا جديدًا" أم مجرد تقليد لعمل فنى قديم صور "غيبلي" المولدة بالذكاء الاصطناعي
الأحد، 13 أبريل 2025 10:00 م
كتب علاء رضوان

في الآونة الأخيرة، انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي صور تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي (AI) تُحاكي أسلوب الأنمي الشهير "غيبلي" (Studio Ghibli)، مما أثار موجة من الجدل بين محبي الفن والنقاد على حد سواء، وذلك بعد أن أطلقت شركة "أوبن أية آىّ، المالكة لمنصة الذكاء الاصطناعي شات جي بي تي، أحدث مولد صور لها من خلال تحديث لمنصتها شات جي بي تي 40، يسمح للمستخدمين بإنشاء صور بأسلوب رسومات غيبلي اليابانية الشهيرة.

 

وسرعان ما انتشرت هذه الميزة بعد إطلاق الصور بأسلوب "غيبلي" في "ChatGPT"، حيث الرئيس التنفيذي لشركة "OpenAl" أعلن عن استقبال المنصة مليون مستخدم جديد في ساعة واحدة فقط، وهذا ما فاق التوقعات، حيث اضطرت الشركة إلى اتخاذ إجراءات سريعة لمواجهة هذا الطلب المتصاعد، وفرضت حداً أقصى بـ3 صور يومياً للمستخدمين المجانيين في محاولة لتخفيف العبء Hindustan Times عن الأنظمة. 

 

486295253_1228280775537201_4786639829606864210_n

 

صور "غيبلي" المولدة بالذكاء الاصطناعي بين الإبداع والتحديات القانونية

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية صور غيبلي المولدة بالذكاء الاصطناعي بين الإبداع والتحديات القانونية، فعلى الرغم من مخاوف استوديو غيبلي بشأن القضايا القانونية المتعلقة بالملكية الفكرية، حيث إن الاستوديو الياباني من غير المرجح أن يفوز بدعوى حقوق الطبع والنشر، وهذه الظاهرة ليست جديدة تمامًا، لكنها تنبئ بتحول جذري في عالم الفن البصري، خصوصًا في سياق حقوق الملكية والإبداع - بحسب أستاذ القانون الجنائى والخبير القانوني الدولى محمد أسعد العزاوي.

 

وفى الحقيقى في ذلك التقرير ارتأينا تقسيمه إلى خمسة مطالب؛ حيث سنتناول في المطلب الأول منهُ، صور غيبلي أسلوب فني أيقوني، بينما سنتناول في المطلب الثاني منهُ، الذكاء الاصطناعي أداة للفن أم تهديد لحقوق الملكية، بينما سنتطرق في المطلب الثالث، القلق من فقدان الأصالة في الفن، أما في المطلب الرابع فسنتناول فيه مستقبل الفن العالمي نحو الابتكار أم التقليد، أما في المطلب الخامس والذي كان من نصيب الحلول الممكنة بين التنظيم والشفافية، وذلك على النحو الآتي – وفقا لـ"العزاوى". 

 

ثي

 

المطلب الأول: صور غيبلي أسلوب فني أيقوني

 

تأسس استوديو غيبلي في عام 1985م على يد المبدعين هاياو ميازاكي وإيساو تاكاهاتا، ليُنتج مجموعة من الأفلام التي دخلت التاريخ بفضل أسلوبها الفريد الذي يدمج الخيال مع الفن التقليدي، ويحتفل بالبيئة، والحياة، والحلم، والصداقة، وهذه الأفلام مثل "رحلة تشيهيرو" (Spirited Away)، و"الأميرة مونونوكي" (Princess Mononoke)، و"قلعة هاول المتحركة" (Howl's Moving Castle) أصبحت جزءًا من الثقافة العالمية، وما زالت تُعتبر من روائع السينما – الكلام لـ"العزاوى".

 

ويتميز أسلوب غيبلي بالتفاصيل الدقيقة، والحركة الرقيقة، والألوان الزاهية التي تعكس عالمًا غريبًا وخياليًا، لكن في السنوات الأخيرة، أصبحت هذه الصورة الجميلة مهددة بسبب ظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تستطيع تقليد هذا الأسلوب الفني بكفاءة مذهلة – هكذا يقول أستاذ القانون الجنائى. 

 

487135904_18496860766022548_48383250713221468_n

 

المطلب الثاني: الذكاء الاصطناعي أداة للفن أم تهديد لحقوق الملكية

 

اليوم، بفضل التقنيات مثل "DALL-E"، و"MidJourney"، و"Stable Diffusion"، يمكن لأي شخص تقريبًا إنشاء صور مشابهة لأسلوب غيبلي عبر الذكاء الاصطناعي، وهذه الأدوات تتعلم من ملايين الصور والنماذج المأخوذة من الإنترنت، مما يتيح للمستخدمين إنشاء صور مذهلة بجزء بسيط من الجهد والوقت – لكن - هذا التحول يحمل في طياته قلقًا كبيرًا على حقوق الملكية الفكرية، فبينما قد يُعتبر هذا الفن الإبداعي نتاجًا فنيًا غير تقليدي، إلا أنه يستند بشكل كبير إلى الأساليب والأنماط التي أبدعها فنانون حقيقيون مثل ميازاكي – طبقا لـ"العزاوى".

 

ففي غياب تنظيم قانوني دقيق، يصبح من الصعب تحديد إذا كانت هذه الصور تمثل "إبداعًا جديدًا" أم مجرد تقليد لعمل فني قديم، وفي ضوء ذلك تُطرح تساؤلات كبيرة حول من يمتلك الحقوق على الأعمال التي ينشئها الذكاء الاصطناعي، وهل هي ملك للمطورين الذين قاموا بتدريب الخوارزميات؟ أم ملك للمستخدمين الذين أنتجوا الصورة؟ أم هو ملك للفنانين الأصليين الذين ألهموا تلك الخوارزميات؟

 

ءء

 

المطلب الثالث: القلق من فقدان الأصالة في الفن

 

الجانب الآخر من هذا النقاش هو القلق المتزايد حول فقدان الأصالة في الفن، فالتقليد الدقيق للأنماط الفنية عبر الذكاء الاصطناعي قد يجعل من السهل إضفاء طابع فني معين على أي صورة، ولكن في الوقت نفسه، قد يؤدي إلى إغراق الإنترنت بصور مكررة أو مقلدة دون أن يكون لها قيمة فنية حقيقية.

 

الفن هو مرآة للمجتمع، ويعكس التجارب الإنسانية الفريدة، لكن في عصر الذكاء الاصطناعي، يبرز التساؤل حول ما إذا كانت هذه "الصور الذكية" قادرة على تقديم رسائل عميقة أو مغزى ثقافي مشابه للأعمال التي أبدعها فنانون مبدعون عبر عقود من الزمن.  

 

ططسس

 

المطلب الرابع: مستقبل الفن العالمي نحو الابتكار أم التقليد

 

بينما يفتح الذكاء الاصطناعي أبوابًا جديدة للإبداع، فإنه يثير أيضًا أسئلة عميقة حول معنى الابتكار في الفن، فهل يُعد العمل الذي يتم بواسطة الذكاء الاصطناعي صورة مبتكرة حقًا، أم أنه مجرد محاكاة للأنماط القديمة؟ وهل لا يزال بإمكاننا أن نطلق على تلك الأعمال "فنًا" إذا لم تكن ناتجة عن تجربة إنسانية حقيقية؟

 

الفن ليس فقط عن الشكل الجمالي؛ إنه أيضًا عن الرسالة، والتفسير الشخصي، والتجربة الفردية – لذلك - بينما قد يُسهل الذكاء الاصطناعي إنشاء صور غيبلي مذهلة، فإن السؤال يبقى: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُعبّر عن الإحساس البشري العميق الذي يميز الأعمال الفنية الأصلية؟ 

 

486465736_1228280758870536_7201111509258863727_n

 

المطلب الخامس: الحلول الممكنة بين التنظيم والشفافية

 

لحماية حقوق الملكية الفكرية وضمان استمرارية الفن الفريد، من المهم أن تُوضع سياسات تنظيمية حول استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا المجال، بحيث يجب على الحكومات والمنظمات الفنية التفكير في تشريعات تحمي حقوق الفنانين الأصليين وتحدد قواعد استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات الفن والإبداع.

 

تعتبر الشفافية في كيفية تدريب الخوارزميات أمرًا أساسيًا يمكن فرض شروط صارمة على كيفية جمع البيانات التي تُستخدم لتدريب هذه الأنظمة، بحيث لا يتم التعدي على حقوق الفنانين من خلال استخدام أعمالهم دون إذن – كذلك - يمكن تشجيع الفنون التي تجمع بين الذكاء الاصطناعي والإبداع البشري، بحيث يكون هذا التعاون محط اهتمام، مع التأكيد على تقدير الفنانين المبدعين ودورهم في تشكيل هذه التجارب. 

 

489426546_1617685218880527_8930873489219936913_n

 

خلاصة القول:

 

وفى الختام يقول "العزاوى": صورة غيبلي المولدة عبر الذكاء الاصطناعي هي مجرد حلقة من حلقات النقاش المستمرة حول تأثير التكنولوجيا على الفنون، وبرغم من التقدم المذهل الذي يقدمه الذكاء الاصطناعي، إلا أن التحديات التي تطرأ على حقوق الملكية الأصيلة وقيمة الابتكار البشري تظل حاضرة، وفي السياق ذاته يطرح الذكاء الاصطناعي العديد من التساؤلات حول مستقبل الفن وحقوق الملكية الفكرية، فتقليد أسلوب غيبلي عبر الذكاء الاصطناعي قد يكون خطوة نحو فن جديد، لكنه أيضًا قد يمثل تهديدًا خطيرًا للأعمال الفنية الأصيلة.  

 

ومع استمرار تطور التكنولوجيا، ستكون هناك حاجة ملحة لإيجاد حلول قانونية تضمن حماية الفنانين والأعمال الفنية التقليدية، مع السماح أيضًا بفتح أبواب جديدة للإبداع، لذلك يجب على الحكومات والمطورين وضع سياسات واضحة تُوازن بين حرية الإبداع وحماية حقوق الملكية الفكرية – ختاماً - يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي أداة قوية في يد الفنانين، ولكن يجب أن نحرص على أن يبقى الفن مبتكرًا وأصيلًا، يعكس مشاعر الإنسان وتجربته الفريدة.  

 

د
 
 أستاذ القانون الجنائى والخبير القانوني الدولى محمد أسعد العزاوي

print