حالة من الترقب يشهدها الشارع المصرى في الوقت الراهن خاصة سوق الإيجارات والعقارات، وذلك مع اقتراب شهر 7 الذى حدده حكم المحكمة الدستورية العليا المقضى بعدم دستورية الفقرة الأولى من كل من المادتين "1 و2" من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنتاه من ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى على أن يبدأ تطبيق أثر الحكم من اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي الحالي "الدورة البرلمانية الخامسة لمجلس النواب القائم".
وجاء بحيثيات الحكم أن ثبات القيمة الإيجارية عند لحظة من الزمان ثباتًا لا يزايله مضى عقود على التاريخ الذي تحددت فيه "يشكل عدوانًا على قيمة العدل وإهدارًا لحق الملكية"، مضيفة: أن القوانين الاستثنائية لإيجار الأماكن السكنية تنطوي على خصيصتين: الأولى هي الامتداد القانوني لعقود إيجارها، والثانية التدخل التشريعي في تحديد أجرتها.
امتداد العقد وتثبيت الأجرة "ليس عصيًا على التنظيم التشريعي"
وذكرت المحكمة أن امتداد العقد وتثبيت الأجرة "ليس عصيًا على التنظيم التشريعي"، فإذا كان الامتداد القانوني قد حدد نطاقًا بفئات المستفيدين من حكمه، دون سواهم، فإن تحديد الأجرة يتعين دومًا أن يستند إلى ضوابط موضوعية تتوخى تحقيق التوازن بين طرفي العلاقة الإيجارية، وشددت المحكمة الدستورية العليا على وجوب أن يتدخل المشرع لإحداث هذا التوازن، "فلا يمكّن المؤجر من فرض قيمة إيجارية استغلالًا لحاجة المستأجر إلى مسكن يأويه، ولا يهدر عائد استثمار الأموال - قيمة الأرض والمباني - بثبات أجرتها بخسًا لذلك العائد فيحيله عدمًا".
علاقة تعديلات قانون الإيجار القديم بـ"الطربوش"
وفى هذا الشأن يقول الخبير القانوني والمحامى وائل أبو شوشه: حينما نتحدث عن قانون الايجار القديم نحن نتحدث عن عصر "الطربوش" و"كيلو اللحمة أبو قرش"، لأن القانون حينما صدر في عام 1920 لم يكن يعلم أن كيلو اللحمة سيكون بـ500 جنيه، وهو ذات المبلغ الذى كان = سعر فيلا وقتها من بابها، ولكننا نتحدث عن العدالة التى جعلت المحكمة الدستورية في حكم تاريخى تتعرض لهذه المسألة، وآثارته في ظل التضخم الرهيب، والأمر لن يكون في التعديل لصالح طرف على طرف، إنما سيكون لضبط مسألة العدالة بين الطرفين.
وبحسب "أبو شوشه" في تصريح لـ"برلماني": وهناك حلول ستلجأ إليها الحكومة، ومنها التفرقة بيه ميسور الحال والغير قادر، والشقق الغير مستخدمة، ومسألة تمديد العقد للورثة الغير مبرر، ووجود محل سكن أخر للمستأجر، ومسألة الايجارات الزهيدة، ومسألة إمهال المستـأجر، وهناك حلول قد تلجأ إليها الحكومة منها اعطاء قروض حسنة على مدد طويلة أو اعانات أو سكن اجتماعي بديل للمستأجر، كما أن هناك توجه الى التقييم العادل للشقق من خلال لجنة خبراء من الضرائب العقارية وليس على مزاج المستأجر، وردد قائلا: "لابد من التعديل والإلغاء للطربوش بتاع زمان".
عدم دستورية الأحكام
ووفقا لـ"أبو شوشه": والقوانين التى تصدر إذا لم تكن لتحقيق العدالة دائما تصدر أحكام بعدم دستوريتها، لأن القانون يصدر دائما لتحقيق العدالة وليس من اعلاء طرف على طرف أخر، ومن الأمثلة الغريبة التى نعيشها في مسألة علاقة المستأجر والمؤجر اليوم أن بعض المستأجرين يقومون بإعادة بيع الشقة للمؤجر بأرقام غريبة لإرجاعها الى المستأجر مقابل الخروج الآمن بأن يقول المستأجر "ادينى مليون جنيه وأنا أخرج"، أو من قبيل هذا، مما أصبحت الايجارات القديمة مسألة صعبة للغاية بسبب صعوبة إنهاء العلاقة بعد وفاة المستأجر الأصلى.
التفرقة بين الأسر الميسورة الحال والغير ميسورة
كما أن المستأجر – الكلام لـ"أبو شوشه" – يكون له أماكن سكن أخرى ويغلق المسكن المؤجر دون استعمال، لأنه يدفع مبالغ زهيدة، وهذا ما سيتعرض له التعديل الجديد، ومن المتوقع أيضا إلغاء المدد الطويلة الـ59 سنة، إلا إذا اتفق الطرفان عل غير ذلك، لأن العقد في الأصل شريعة المتعاقدين، وجدير بالذكر أن القانون الجديد سيفرق بين الأُسر ميسورة الحال والغير ميسورة الحال، وهناك حلول مطروحة في صالح الطرفين المؤجر والمستأجر، مما يدعونا لعدم القلق، وأن القانون يجعل المتحكم في التقييم الخبراء وخاصة الضرائب العقارية، كما أن القانون سيفرق بين الأحياء السكنية، فليس من المعقول أن نعامل سكن المهندسين بحى ميت عقبة أو سُكان جاردن سيتى بحى السيدة زينب، فالحلول المطروحة كلها تصُب في مصلحة المجتمع والأسرة المصرية.
ويضيف الخبير القانوني: ولابد أن يتفهم المواطن المصرى أن التعديل أصبح حتمى مع التضخم وزيادة الأسعار، وأول التعديلات التى سيتعرض لها القانون الجديد ستكون للإيجار التجارى والإدارى، وبالنسبة للسكنى سيتم إمهال المستأجرين، واطلاعهم على المستجدات، ولكن هناك مراحل لتطبيق القانون - وليس الأمر كن فيكون - حتى يستقر المجتمع، وإذا أردنا أن نتحدث في هذا الشأن فإننا نتحدث عن 2 مليون و800 الف وحدة خاضعه لهذه المسألة والتى يعانى الكثير منها في ظل أن هناك ملاك مظلومين، وأيضا لا ننسي أن هناك مستأجرين غير ميسوري الحال.
المستفيدين من هذه التعديلات الدولة أولا قبل الملاك والمستأجرين
وأكثر المستفيدين من هذه التعديلات الدولة أولا قبل الملاك والمستأجرين، لأنها ستحصل على ضرائب عقارية قد تُدر أكثر من 200 مليار جنيه خلال العام الأول من تطبيق القانون، فمن شأن القانون الجديد حال صدوره اعادة فتح نصف مليون وحدة سكنية مغلقة، حيث أن عدد الوحدات السكنية المغلقة حاليا والمؤجرة بالقانون القديم يبلغ مليونا و800 ألف وحدة سكنية، حوالى ثلثها وبما يقرب 500 الف وحدة مغلق تماما، وفى حال تعديل القانون وزيادة القيمة الايجارية سيترك المستأجر تلك الوحدات وسيصبح المعروض كثيرا، الأمر الذى سيترتب عليه توافر عدد كبير من الوحدات السكنية، مما يسهم فى تقليل القيمة الايجارية للشقق التى يتم تأجيرها وفقا للقانون الجديد، كما سيوفر للشباب وحدات سكنية كثيرة للزواج، بالإضافة لتشجيع اصحاب المنازل على عمل صيانة وتجديد للعقارات وبالتالى دورة العمالة ستزيد .