حزمة من التوصيات الهامة التي أقرتها الدراسة البرلمانية حول "الشباب وسوق العمل غير الرسمي مخاطر راهنة ومقاربات واعدة" والتي وافق عليها مجلس الشيوخ برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، وأحالها إلى رئيس الجمهورية، نحو دمج الاقتصاد غير الرسمي في نظيرة الرسمي، وفي مقدمتها ما يتعلق بأهمية تحسين الإطار التشريعي بما يضمن المرونة في الاندماج وإعطاء مزايا تمويلية وقروض ائتمانية لمن يسعى للعمل بشكل شرعي.
وفي هذا السياق، أشارت الدراسة إلى أن الأنظمة والقواعد المعقدة - في بعض جوانبها- التي تفرض على العمل الرسمي تمثل أحد الأسباب المؤدية للتوجه إلى العمل غير الرسمي، لذا فثمة ضرورة للعمل على تطوير الإطار التنظيمي والمؤسسي لسوق العمل الرسمي، من خلال إدخال تعديلات على التشريعات والقواعد الناظمة للحد من العمليات الإجرائية طويلة الأمد.
وأوضحت الدراسة البرلمانية، أن تحسين الإطار التشريعي لا يعنى بالضرورة الحد من القواعد والقوانين أي رفع القيود الموضوعة، لأن الهدف ليس إلغاء القوانين والقواعد وإنما جعل هذه القوانين والقواعد داعمة لروح المبادرة، من خلال تسهيل وتمكين تطبيق المبادئ الأساسية عبر تقديم الدوافع والضمانات والحماية.
وفى هذا الخصوص، ألقت الدراسة البرلمانية الضوء علي بعض الضوابط الناظمة للممارسات الجيدة في العملية التشريعية، في مقدمتها الحفاظ على برامج تشريعية وتنظيمية شاملة للإصلاح مع تبسيط الإدارة الرسمية للأعمال التجارية وترشيد تسجيل الأعمال التجارية ونظم الترخيص، تعزيز العمل على إصلاح القوانين التي تجعل من الأسهل توظيف العمال من خلال عقود مرنة.
وشددت الدراسة علي أهمية التعامل مع القطاع غير الرسمي بقدر من المرونة، خاصة من جانب الجهات الإدارية التي تتعامل معه مثل التأمينات والضرائب ومكاتب العمل والصحة والتموين، وكذا تشجيع الانضمام إلى القطاع الرسمي من خلال إعطاء مزايا تمويلية وقروض ائتمانية لكل من يسعى للعمل بشكل شرعي، على سبيل المثال أن يكون هناك اشتراط بأن يحصل هذا الكيان غير الرسمي على القرض من خلال تسجيله للنشاط الذي يعمل به.
ولفتت الدراسة البرلمانية إلي أهمية العمل على تحديد الكيفية التي تتم بها الاستفادة من ذلك القطاع من خلال توفير الحكومة لمجمعات أو أماكن مرخصة لمدة زمنية محددة، ولتكن خمس سنوات على سبيل المثال، ويتم تجميع المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، مع وجود إدارة مركزية لخدمة تلك المشروعات. ومن ثم، مساعدة المصانع العشوائية على العمل بشكل شرعي، إلى أن تخرج من تلك المجمعات بعد أن تكتسب الخبرة ويصبح بإمكانها العمل بمكان خاص بها. شريطة أن تنتشر هذه الفكرة على مستوى المحافظات كافة وليست المحافظات الكبرى فقط، حيث تكشف الملاحظة السريعة في مختلف المحافظات عن وجود صور وأشكال عديدة من الاقتصاد غير الرسمي.
وأخيرا أكدت الدراسة ضرورة إعداد الخريطة الاستثمارية (زراعيًا- صناعيًا- تجاريًا) والتعامل الاقتصادي مع الموارد المتاحة، ومحاولة استثمار كل الموارد المحلية عن طريق تصنيعها وتعظيم القيمة المضافة؛ مع الأخذ في الحسبان أن مصر تعد من الدول التي لديها مقومات وموارد طبيعية عديدة تمكنها من اللحاق بركاب الدول الناهضة.
يٌشار إلي أن الدراسة عددت الفوائد التي تعود على الدولة والمجتمع والفرد، من دمج الاقتصاد الرسمي في نظيره غير الرسمي، وفي مقدمتها تعظيم مصالح أصحاب الأعمال غير الرسمية إذا ما تم دمجهم في الاقتصاد الرسمي، بما يساعدهم على نمو وتطور أعمالهم، ويوفر لهم فرص النفاذ إلى الأسواق المحلية والأجنبية، والمحافظة على حقوق العمالة، حيث يتم أداء ذات الأعمال بعقود رسمية تتضمن الحصول على المعاشات والتأمينات ورفع مستوى معيشتهم، وضمان حصول الدولة على حقوقها الضريبية بما يمكنها من تنفيذ خطط التنمية وتقديم خدمات عامة أفضل للمواطنين، فضلًا عن تحقيق أهداف الشمول المالي بما يضمن بدوره إدارة نسب السيولة والسيطرة على معدلات التضخم بشكل أكثر دقة.
يأتي ذلك فضلا عن ضمان حقوق المستهلك في حصوله على سلع وخدمات ذات جودة عالية بعد إخضاع العملية الإنتاجية إلى المنظومة الرقابية ومعايير الجودة، وكذا ضمان استقرار منظومة الاقتصاد الكلي وتعظيم المردودات الاقتصادية المتحققة على المدى الطويل.