قررت لجنة الثقافة والآثار والسياحة والإعلام بمجلس الشيوخ، برئاسة الكاتب الصحفى محمود مسلم، مراجعة الإجراءات التى أتخذتها الحكومة بشأن التوصيات التى أصدرتها اللجنة بناء على طلبات المناقشة والاقتراحات برغبة التى تم مناقشتها على مدار الأربع سنوات الماضية.
وفى هذا الصدد، وجه الكاتب الصحفى محمود مسلم رئيس اللجنة رسالة حادة اللهجة للحكومة، مفادها "لا نقبل أن تكون توصيات اللجنة حبرا على ورق
ودور النواب هو متابعة التوصيات التى أقرتها اللجنة ولم تنفذ".
وأضاف "مسلم": لن نقبل بأى حال من الأحوال تجاهل المسئولين لتوصيات اللجنة، لأننا نقوم بمهمة برلمانية وعلى الحكومة أن تستجيب طالما وعدت بالتنفيذ.
يأتى ذلك على خلفية مناقشة اللجنة خلال اجتماعها اليوم، الاقتراح برغبة المقدم من النائب حسانين توفيق، بشأن وضع محافظة المنيا على الخريطة السياحية، والذى أكد خلاله محمود مسلم، أنه سبق وتم التطرق لقضية المواقع الأثرية فى محافظة المنيا، وغياب الاهتمام به.
وشدد محمود مسلم، على أهمية قطاع السياحة فى مصر بشكل عام، لما تمثله من أهمية كبيرة فى دعم الاقتصاد الوطني.
بدوره استعرض النائب حسانين توفيق، عضو مجلس الشيوخ، الاقتراح برغبة المقدم منه بشأن وضع المنيا على الخريطة السياحية، مشددا على أهمية أن يكون هناك اهتمام بهذا القطاع لما يمثله من أهمية كبيرة فى جلب العملة الصعبة.
وأكد البرلمانى، أن محافظة المنيا لها ميزة نسبية لو تم استغلالها بالشكل الأمثل، حيث تمتلك تنوعا فى الآثار، قائلا: "لا أبالغ لو قلت إنه لا يوجد فى مكان آخر على مستوى العالم مثل المنيا، مشيرا إلى أنه بالرغم من ذلك إلا أنها مهملة تماما فى خطة الحكومة لوضعها على الخريطة السياحية."
وأوضح حسانين توفيق، أن المنيا تتنوع فيها الآثار بداية من الفرعونية وصولا إلى الإسلامية مرورا بالرومانية والمسيحية فى أماكن متفرقة بطول المحافظة وعرضها.
وأشار إلى أن منطقة تل العمارنة من أهم المناطق التاريخية والأثرية والتى كانت عاصمة لمصر القديمة، والتى أقامها الملك إخناتون وزوجته نفرتيتي، وكذلك مقابر بنى حسن الأثرية هى منطقة يُقارب عمرها الـ4000 سنة، وتضم 39 مقبرة من مقابر عهد الدولة الوسطى، ومنقوش على جدرانها عشرات الألعاب المختلفة التى انطلقت منها إلى العالم أجمع مثل "الهوكى وكرة اليد، والجمباز والسباحة".
ونوه حسانين، إلى المتحف الآتوني، قائلا أنه أحد أكبر المتاحف المصرية، على مساحة 25 فدان والذى يحكى فترة الملك اخناتون، وفترة التوحيد لسرد قصة مدينة "أخت آتون" تل العمارنة لكونها جزء من محافظة المنيا، وعاصمة مصر فى ذلك الوقت.
ولفت حسانين إلى أن المتحف الآتونى يضم 14 قاعة عرض، ومسرح، وتحكى القاعة الرئيسية تاريخ مدينة المنيا عبر العصور المختلفة.. أما باقى القاعات تحتوى قطعا أثرية تسرد تاريخ و فن الفترة الأتونية، إضافة إلى مسرح وسينما وقاعة مؤتمرات تسع حوالى 800 فرد ومكتبة أثرية ومنطقة بازارات بها 19 بازارا، و5 بحيرات صناعية تطل على النيل، وعددا من الكافيتريات، إضافة إلى مبنى إدارى به مركز لتدريب العاملين وآخر لإحياء الصناعات والحرف التراثية.
كما استشهد حسانين توفيق، بمتحف ملوى والذى تم إنشاؤه فى 1962 وافتتح للزيارة فى عام 1963 فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر، ويضم قطعا أثرية من تونا الجبل وتل العمارنة والأشمونين، وبه قاعة للمحاضرات ومعمل ترميم للآثار.
واستشهد عضو مجلس الشيوخ، بمنطقة تونا الجبل، والتى تُعد بمثابة الجبانة المتأخرة لمدينة الأشمونين، وتضم الكثير من الآثار التى يرجع معظمها إلى العصور الفرعونية المتأخرة والعصرين اليونانى والرومانى، ويوجد بها سراديب الغموض والإثارة، وهو من أبرز الأسباب التى تجذب السائحين حتى الآن.
وأشار حسانين توفيق، إلى الآثار المسيحية فى المنيا، مؤكدا أنها نقطة هامة لمسار العائلة المقدسة، فضلا عن منطقة البهنسا، والتى تحوى العديد من المعالم الدينية الإسلامية، وتُعد متحفًا مفتوحًا، ويوجد بها مقابر لمئات من التابعين والصحابة، ويذكر الأثريون أنها مدفون بها 70 صحابيًا ممن حضروا غزوة بدر مع الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأكد حسانين توفيق، أن المنيا بها الكورنيش الأفضل والأطول على نهر النيل بطول 1823م وبمساحة تصل إلى 66 ألف متر مربع، وهو لمن لا يعلم الكورنيش الأفضل فى مصر، قائلا: "بالرغم مما تتمتع به محافظة المنيا من كنوز أثرية، إلا أنه لا يوجد فيها فنادق لائقة أو قادرة على استقبال السائحين".
وطالب عضو مجلس الشيوخ، الحكومة ممثلة فى وزارة السياحة والآثار بدراسة مستفيضة هدفها وضع المنيا على الخريطة السياحية، من خلال توفير الدعم اللازم لإنشاء الفنادق والمؤسسات السياحية التى تكون مصدر جذب وإقامة لائقة للسائحين.
واتفق معه النائب محمود مسلم، رئيس لجنة الإعلام والسياحة بمجلس الشيوخ، مع ما عرضه بشأن إهمال المنيا فى الخريطة السياحية، مؤكدا رغم ما تمتلكه المنيا من آثار إلا أنه لا يوجد بها سياحة حقيقية.
وفى هذا السياق أكدت النائبة هيام فاروق، عضو مجلس الشيوخ، أن المتحف الآتونى بالرغم من بدء العمل فيه منذ ما يقرب من 20 سنة، وتمت التوصية بضرورة وضعه على الخريطة الاستثمارية للانتهاء منه.
من جانبه أوضح ثروت فتحى الأزهري، مدير إدارة السياحة والآثار بمحافظة المنيا، أن مشكلة تأخر المتحف الآتوني، كانت فى الدفع النفقى لتوصيل الكهرباء للمتحف الآتوني، والذى كان سببا فى تأجيل نهو مشروع المتحف الآتوني، مؤكدا أنه تم حل المشكلة.
وقال "الازهري" أن إشكالية تخارج الشركة المنفذة للمشروع ودخول شركة جديدة، وهى مشكلة لم يتم حسمها، مشيرا إلى أن المنيا بها 17 فندقا بداية من 4 نجوم و3 و2، موضحا أن عدد النزلاء الأجانب لا يتعدى 30 ألف سنويا.
وأضاف "الأزهري" أن المنيا لم تأخذ حقها فى البرامج السياحية، مشيرا إلى أن المنيا متفردة بوجود كل أشكال وأنواع السياحة، ونحتاج نظرة من وزارة السياحة لمحافظة المنيا للتسويق لبرامجها وما تتمتع من إمكانيات.
وطالب الأزهري، وزارة السياحة بضرورة أن يخصص للمنيا جزءا من الأجنحة التى تشارك فيها على مستوى العالم، مؤكدا أنه لا يوجد أى دعم مادى من وزارة السياحة لمحافظة المنيا.
وشدد "الازهري"، على أهمية إنهاء عمليات تكريك المجرى الملاحى للنيل لزيادة أعداد المراكب العائمة التى تستوعب أكبر عدد ممكن من السائحين، مشيرا إلى أن رئيس مجلس الوزراء، سبق ووجه وزارة السياحة بالتوسع فى المراكب العائمة "الكروز"، إلا أن الوزارة ألقت بالمسؤولية على وزارة النقل، بسبب عمليات التكريك، وتوقف الأمر عند هذا الحد.
من جهته عقب النائب حسانين توفيق، أن قطاع السياحة فى المنيا لا يوجد لديه الإمكانيات الكافية لعمليات التطوير ووضعها على الخريطة السياحية والتسويق.
من جهته أكد الدكتور محمد عبد البديع، رئيس قطاع الآثار المصرية بوزارة السياحة والآثار، أن المنيا تتمتع بتنوع أثرى بالفعل، قد يكون غير موجود فى الكثير من المناطق على مستوى الجمهورية.
وقال "عبد البديع" أن تل العمارنة عاصمة إخناتون، موقع فريد من نوعه، ليس له مثيل، مشيرا إلى أنه يتم القيام بالدور المطلوب من خلال عمليات التطوير وتوفير احتياجات السائحين فى الأماكن الأثرية.
ولفت "عبد البديع " إلى الاكتشافات الأثرية والتى تكون بمثابة دعاية مباشرة وغير مباشرة للسياحة فى المنيا، مؤكدا أن هناك العديد من البعثات الأثرية التى تعمل فى المناطق المختلفة فى المحافظة.