صدر كتاب جديد عن دار "سما" للصحافة والنشر للنائب الكاتب الصحفى مصطفى بكرى، عضو مجلس النواب، يحمل اسم "عشرة أيام هزت مصر"، ويتناول الكتاب الأحداث التى شهدتها مصر فى نهاية عهد الإخوان، ويكشف الكاتب أسرار خطيرة عن الفترة من 23 يونيو إلى 3 يوليو 2013، تتضمن تفاصيل الحوارات والقرارات التى تم اتخاذها من خلف ستار فى هذه الفترة، ومن بينها كيف اتخذت قرارات مهلة الأسبوع فى 23 يونيو؟، ومهلة ال 48 ساعة فى 1 يوليو، وقرار الانحياز إلى ثورة الشعب المصرى ضد الإخوان فى 3 يوليو .
ويتناول الكتاب العديد من الأحداث المهمة التى شهدتها جماعة الإخوان ومكتب الإرشاد، كاشفا ذلك حقيقة المؤامرة الإخوانية التى كانت تستهدف طمس الهوية المصرية وتدمير المؤسسات وصولا إلى إحلال الجماعة محل الدولة، ويضم العديد من المواقف التى وقعت خلال الأسبوع الأخير لجماعة الإخوان الإرهابية، وتفاصيل حرص القوات المسلحة على حفظ الأمن والأمان والاستقرار داخل الدولة، وتحذيرها لجماعة الإخوان من مخاطر الحرب الأهلية.
وكشف الكتاب تفاصيل اللقاء فى مقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع يوم 25 يونيو عام 2013، حيث حضر خيرت الشاطر وبرفقته محمد مرسى، للقاء مع الفريق أول عبد الفتاح السيسى، القائد العام، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، وقد عقد اللقاء بمقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع وبحضور اللواء عباس كامل، مدير مكتب القائد العام، وخلال اللقاء، استمع «السيسى» لحديث خيرت الشاطر، الذى استمر لأكثر من 45 دقيقة.
لقد نقل خيرت الشاطر إلى «السيسى» غضب مكتب الإرشاد والقوى الإسلامية من بيان التحذير الذى أعلنه «السيسى» أمام حشد من رجال القوات المسلحة ظهر يوم 23 يونيو، والذى حدد بمقتضاه مهلة لمدة أسبوع واحد للرئيس مرسى ولبقية القوى السياسية للتوصل إلى حل نهائى للأزمة التى تعيشها البلاد.
قال خيرت الشاطر: «إن البلاد تتعرض لمؤامرة خطيرة تشارك فيها قوى داخلية وخارجية، وإن الأخطر أن هناك مؤسسات فى الدولة تساعد وتسعى إلى نشر الفوضى فى البلاد». وقال: «إنه يعز عليه وعلى جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة أن يصدر الفريق السيسى بياناً هو أقرب إلى الإنذار ضد رئيس الدولة الشرعى، ويمنحه فيه سبعة أيام لإنهاء الأزمة، فى وقت تعلمون فيه من هو السبب وراء الأزمة والتصعيد الحاصل فى البلاد».
وأضاف المهندس خيرت الشاطر: «إن البلاد تتعرض لمؤامرة خطيرة تشارك فيها قوى داخلية وقوى خارجية، وأن الأخطر أن هناك مؤسسات فى الدولة تساعد وتسعى إلى نشر الفوضى فى البلاد».
وقال «الشاطر»: لقد استخدمتم سيادتكم لغة فى مخاطبة رئيس الجمهورية ما كان يجب استخدامها، وساويتم بينه وبين المخربين ودعاة الفوضى من جبهة «الخراب» التي نعرف أهدافها الحقيقية، إنه صراع على الكرسى يا سيادة الفريق بين أناس يريدون القفز دون سند شرعى أو دستورى وبين رئيس منتخب انتخاباً حراً مباشراً.
وقال: لقد تعرضت البلاد فى الفترة الماضية لأعمال عنف وتخريب، وأصارحك القول إننا تعجبنا لموقف الجيش من هذه الأحداث، والغريب أننا نرى الآن جهاز الشرطة ينضم أيضاً إلى الجيش فى نفس موقفه، حيث أعلن وزير الداخلية أكثر من مرة أنه سيحمى المظاهرات السلمية مع أنه يعلم أنها مظاهرات تخريبية، والأخطر أنه صرح بأنه لن يحمى مقرات جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة، وكأنه يمنحهم الضوء الأخضر لإحراقها، مع أنه يعرف ويعلم أن هذه المقرات مستهدفة من هؤلاء المخربين.
وقال خيرت الشاطر: نحن حتى الآن نلتزم الهدوء وطلبنا من عناصرنا التحلى بالصبر حرصاً على أمن البلاد، ولكن الناس لن تسمع كلامى بعد ذلك، وهى ترى المؤامرة تنفذ والجيش يحذر والشرطة تشجع.. أنت تعرف يا سيادة الفريق أول أن مصر بها آلاف الآلاف من المسلحين الإسلاميين دخلوا البلاد فى فترة الثورة وما بعدها، وتعرف أن لديهم أسلحة ثقيلة جاءت إليهم من ليبيا وغيرها، ولا أحد يستطيع السيطرة على هؤلاء.
وقد جاءتنى معلومات موثقة أن هؤلاء لن يقفوا مكتوفى الأيدى وهم يرون المؤامرة تنفذ، ولن يسمحوا أبداً بسقوط الشرعية وسقوط الرئيس، خاصة أنهم يعرفون أن الدولة «العميقة» أفشلت كثيراً من تطلعات وطموحات الرئيس، وكأنها أصبحت طرفاً فى المؤامرة ضده. وقال «الشاطر»: «إن هذا التحذير الذى أعلنته يزيد الأوضاع اشتعالاً ويشجع المخربين على الاستمرار فى مخططهم، وأرجوك ألا تنسى أن الرئيس مرسى هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وأن بإمكانه اتخاذ أخطر القرارات، وهو رئيس له رصيده الشعبى الكبير، كما أن المجتمع الدولى وأمريكا لن يتركوا الأمور تمضى كما يريد البعض، بل سيدافعون عن الشرعية بكل ما يملكون». وقال: «نحن لا نريد أن نفتح الأبواب أمام تدخل دولى فى شئون مصر، ولكن من يظن أن أمريكا والغرب سيظلان صامتين أمام أى محاولة للانقلاب على الشرعية، فهو واهم ولذلك أطلب منك يا سيادة الفريق أن تسحب هذا الإنذار، وأن تحمى الشرعية وأن تحافظ على استقرار البلاد.
ظل «السيسى» صامتاً، يستمع دون أن يحرك ساكناً، كأنه أراد أن يعرف ويتعرف على آخر ما لديهم.
وبعد أن انتهى من حديثه، سأله الفريق السيسى بالقول: «إنتم عايزين إيه بالضبط، لقد أضعتم كل شىء وخربتم البلد، وأفشلتم التجربة وأحبطتم الشعب الذى مارستم عليه القهر والإذلال.. عندما وصلتم إلى السلطة لم نعترض طريقكم وارتضينا بخيار الشعب رغم الإرهاب الذى مارستموه على الجميع، انتظرنا منكم الكثير، لكن للأسف منذ البداية تعمدتم الإساءة للقوات المسلحة وللشعب المصرى.. وإذا كان هناك من مسئول عن الأحداث التى تشهدها البلاد فهو أنتم، بعد أن أصدرتم الإعلان الدستورى فى شهر نوفمبر من العام الماضى والذى دفع البلاد إلى مرحلة خطيرة، فكان إعلاناً للفتنة». وقال «السيسى»: دعونى أقل إن البلاد منذ هذا الوقت وهى تنتقل من مرحلة إلى مرحلة أخطر، وحتى عندما حاولت القوات المسلحة أن تدعو إلى مائدة حوار بين الجميع، رفضتم ذلك، وعلمت أن د.محمود عزت اتصل بالرئيس وطالبه بإلغاء الحوار وعرفت أيضاً أنك لم تكن مشجعاً لهذا الحوار، بالرغم من أننى تحدثت مع د.أحمد عبدالعاطى وأبلغته بالهدف من وراء الحوار، فاتصل بى الرئيس محمد مرسى بنفسه وأيد الفكرة.
لقد تعمدتم وضع القوات المسلحة فى موقف صعب، ومع ذلك تحملنا الإهانة، وصمتنا، وليتكم صمتّم، بل فوجئنا بالمرشد يتقول على القوات المسلحة ويحرض الجنود والضباط على قادتهم، ويا ليت الأمر توقف على ذلك. لقد كنا مستعدين أن نتحمل الإهانة ولكن إهانة الوطن وتهديد أمنه واستقراره أمر لم نكن نستطيع الصمت عليه.
وقال «السيسى»: إن التحذير الأخير كان هدفه حث الجميع، وأولهم الرئيس، على إنقاذ الموقف قبل 30 يونيو، وذهبنا إليه يوم 22 يونيو، وقلنا له إن القوات المسلحة لن تسكت وستطالب جميع الأطراف بضرورة حل المشكلة قبل الانفجار المتوقع، لكن أحداً لا يريد أن يسمع، وإذا سمع، فهو لا يلتزم ولا ينفذ ولا يستجيب.
لقد أسأتم للدين، وكفّرتم المصريين جميعاً بالفتاوى التى لا تمت للدين بصلة، وأريد أن أقول لكما، نحن لا نتهدد، وأنا أرفض اللغة التى تتحدث بها معى، وأرجو ألا أسمع هذا الكلام منك، أو من غيرك مرة أخرى، وأرجو منك ومنكم جميعاً أن «تلموا» عناصركم وتوقفوها عن التطاول على القوات المسلحة، أنا أعلم أن حازم أبوإسماعيل، وغيره لا يقول كلاماً إلا بالتشاور معكم، والجيش لم يعد مستعداً للقبول بالإهانة، وأنا أهدئ من مشاعر الضباط والجنود، لكنى لم أعد أستطيع بعد أن وصلت الإهانات حداً لا يمكن السكوت عليه.
وقال: يؤسفنى أن أقول لك إنكم وضعتمونا أمام خيار من اثنين: «يا إما تقتلونا أو تحكمونا»، وهذا منطق مرفوض.
- هنا تدخل د.سعد الكتاتنى، وحاول تهدئة الأجواء، وقال: «نحن نقدر للقوات المسلحة مواقفها المتعددة وحرصها على الاستقرار والأمن، ولكن نحن الآن أمام مؤامرة تحاك ضد الشرعية، فما هو الحل». - قال الفريق أول السيسى: «المؤامرة هى فى أذهانكم أنتم فقط، هذا شعب مسالم، لكنه ضج من الاستهانة به، انتظر الرخاء على أيديكم فإذا به يواجه القتل والمرض والجوع والخراب، انتظر بناء الدولة فإذا به أمام حكم الجماعة وأمام رئيس لا يخاطب سوى أنصاره من الجماعة والإسلاميين، ونسى أن هناك شعباً قوامه 90 مليوناً، أنا أرفض تهديد الجيش من الميليشيات أو من أمريكا.
وتابع «السيسى»: سواء أصدرت القوات المسلحة تحذيرها أو لم تصدر، فالشعب سيخرج فى 30 يونيو المقبل، وأنا أحذر من غضبة الشعب، وكان بيان القوات المسلحة هو إبراء للذمة أمام الجميع، ونحن لن نسمح أبداً بسقوط الدولة أو إذلال الشعب، ولن يجرؤ ضابط أو جندى فى أن يوجه الرصاص إلى صدور المصريين، لن يكون هناك حل أمنى ولن نسمح به أبداً وجيش مصر سيحمى شعب مصر، وأنا أحذر أيضاً من تهديدات الأخ خيرت الشاطر باستخدام الميليشيات ضد الجيش أو الشرطة أو الشعب، أقسم بالله العظيم أن أولادنا حياكلوهم ويقطعوهم لو فكروا يعتدوا على الشعب، حل الأزمة ليس بالتهديد أو الوعيد، كما يقول الأخ خيرت، ولكن الحل فى أيديكم أنتم.
قال «الكتاتنى»: أعدك بأننا سنفكر فى الأمر جيداً وسنتواصل مع السيد الرئيس، بحيث يتضمن خطابه غداً مفاجآت سارة للشعب تنهي الأزمة وتضع حداً للخلاف.
قال «السيسى»: على بركة الله ونحن فى الانتظار، لقد سبق أن قدمنا ثلاثة تقارير للرئيس حذرنا فيها من خطورة الموقف، لكنه لم يستجب لأى من المطالب المرفوعة، وسأعطيها لكما، ولكن المهم فى الأمر هو الاستجابة السريعة لمطالب الشعب.
قال «الكتاتنى»: سننظر فى الأمر ونبلغك بالموقف النهائى. انصرف الشاطر والكتاتنى، كان الغضب بادياً على وجهيهما. اتجها على الفور إلى مقر جماعة الإخوان بالمقطم، كان المرشد العام محمد بديع وبعض أعضاء مكتب الإرشاد فى انتظارهم، استمعوا إلى عرض «الشاطر» عن وقائع ما حدث، واتفقوا على حشد عناصرهم فى اليوم التالى أثناء إلقاء مرسى لخطابه فى قاعة المؤتمرات بمدينة نصر. وكانت الخطة الأخرى، هى الاستعداد لاستفزاز «السيسى» وقادة الجيش الذين سيشاركون، وأيضاً وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم والقبض عليهم جميعاً، وتجهيز اللجان النوعية للقبض على العناصر المستهدفة والاستعداد لتسلم المنشآت الاستراتيجية والسيطرة عليها.