قبل ساعات من رحيلها، دونت رغبتها فى أن تكون سببا فى إنقاذ حياة مرضى السرطان، فى رسالة كتبتها فى لحظات يأس بعدما تلقت خطاب من المجالس الطبية المتخصصة بوزارة الصحة، ترجوها بألا تهدر وقت المجلس فى إرسال طلب للعلاج لا ينطبق عليه البروتوكول الخاص بالعلاج على نفقة الدولة، فلم تجد أمامها سوى صفحتها على موقع التواصل الاجتماعى على "فيس بوك"، لتكتب حورية سعيد المريضة بالسرطان أخر رسائلها.
قالت حورية فى رسالتها الأخيرة،:"أنا قدمت على قرار نفقة الدولة تقريبا من سنة، ولو كان الرد جاء بالموافقة، ما كانت حالتى تدهورت، إنما للأسف جائنى الرد بالرفض، وكمان متأخر قوى، أنا حاليا أحصل على علاج بديل، لكن مفعوله بطئ جدا، بس الشفاء فى الأول والأخر من عند ربنا، وأنا واثقة انه سيقف بجانبى، ويشفينى إن شاء الله، بس أنا مش هاسكت."
قضيتى ماوقفتش برفض القرار، لازم صوتى يوصل علشان أغير القرار ده، لازم برتوكول العلاج يكون على حسب حالة المريض، مش على حسب قوانين عقيمة، أنا لازم أكون سبب فى انقاذ ناس تانية مش قادرة توصل صوتها ومش لاقية حتى العلاج البديل".
سعيد إبراهيم إبراهيم فياض، والد حورية، حاول التماسك وحبس دموعه التى ملأت عينيه، ويقول، لـ"برلمانى"،:" فى 2010 أصيبت حورية بالسرطان فى الثدى، وأجريت عملية وأزالت الورم، وظلت تحصل على هرمون وكيماوى لمدة 5 سنوات، وفجأة أصيبت مرة أخرى بالمرض فى المكان نفسه وبالعظام، ثم علمنا وقتها عن وجود حقن مناسبة لحالتها وطبيبها أكد أنها الأفضل لحالتها، وبناءا عليه تقدمت حورية بطلب للعلاج على نفقة الدولة للحصول على الموافقة، والحصول على 6 حقن بإجمالى مبالغ حوالى 66 ألف جنيه".
وأضاف فياض،:"جاء رد وزارة الصحة بالرفض، والذى كان عامل أساسى حطم نفسية ابنتى وعجل بوفاتها، بنتى كانت تتألم فى اليوم 50 ألف مرة، خلال 15 يوما قبل رحيلها الألم لم يتركها لحظة، وكانت تحقن بمخدر لتقليل الألم، لكن وزير الصحة لم يرحمها، وتركها فريسة لمرضها، وضاعف منه بعد رفض علاجها فجعلها تشعر باليأس من وجود العلاج، لو كانت بنتى وزيرة أو فنانة كانت اتعالجت".
ووجه حديثه، لوزير الصحة قائلا:"اتقى الله فى المرضى، فنحن أسرة بعد حورية، لدينا حفيدى مصاب بالسرطان أيضا، يحصل على علاجه من أحد المراكز التى تعتمد على التبرعات، ويعطى الطفل فقط جرعات الدواء الكيماوى، لكننا نتحمل باقى التكاليف، رغم أن الدستور كفل العلاج للمواطنين، والدولة مليئة بمرضى السرطان، على الوزارة أن ترحمهم وتوفر العلاج تنفيذا لحقوقهم التى كفلها الدستور".
من ناحية أخرى، قال المركز المصرى للحق فى الدواء،:" أن ما آلت إليه منظومة الصحة فى مصر أصبحت تحتاج تدخلا عاجلا من الرئيس لحماية صحة المصريين، لقد غرقت الوزارة فى بحور من قصص الفساد الإدارى والمالى، لقد أصبح مشهد طرد المرضى خارج المستشفيات مشهد متكرر ويومى لا يتغير ولقد ضج الجميع من الأوضاع المتخاذلة داخل وزارة، من المفترض انها تحمى صحه اكثر من 90 مليون مواطن".
وأوضح محمود فؤاد، رئيس المركز،:"أن حورية ظلت على مدى شهور تتردد على المجالس الطبية محاولة صرف عقار "الهيربستن" المخصص لعلاج سرطان الثدى، ويستخدمه نحو 40% من مرضى الأورام لهذا المرضى حيث تصل نسبة الشفاء عالمية الى 47%، ورغم ارتفاع الاصابة بهذا المرض إلى 44 حاله لكل 100 ألف نسمة، كانت وزارة الصحة لا تقوم بتسعير أدوية الأورام وتتركها لصالح السلاسل الشهيرة التى كانت تبيع العقار بـ22 الف جنيه، وتم إعادة تسعيره بـ8 ألاف جنيها".
وتابع:"ملف أدوية السرطان وأسعارها المبالغ فيها يجب أن يفتح حتى لا يترك الجمهور لافتراس السلاسل الصيدلية له، خاصة أن هناك مافيا للاستيراد تستولى على هذه الأرباح أمام صمت وزارة الصحة".
وطالب فؤاد، رئيس الجمهورية بالتدخل، وفتح تحقيق من الجهات الرقابية حول صياغة، الخطاب الذى وصل لحورية، من المجالس المتخصصة، وفتح ملف الجمعيات التى تدعى علاجها لمرضى الأورام وتقوم بجمع تبرعات بالملايين، بينما يستقبل المركز يوميا حالات تشكو من عدم وجود ادوية للعلاج من هذه الجمعيات.