الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024 04:12 ص

رغم تعدد الإخفاقات وخلاف النواب مع برنامجها.. حالة من الصمت تسيطر على موقف البرلمان من الحكومة.. هجوم وسخونة فى الطوارئ وتجديد ثقة فى النهاية.. والمحصلة تزايد المشكلات واستمرار شهر العسل

3 شهور عسل بين الحكومة والبرلمان

3 شهور عسل بين الحكومة والبرلمان 3 شهور عسل بين الحكومة والبرلمان
الجمعة، 08 يوليو 2016 02:00 م
كتب حازم حسين
بعد عقود من إدارة مصر وفق نظام رئاسى مطلق، منذ ثورة 23 يوليو 1952، جاء دستور 2014 ليضعنا أمام صيغة سياسية مختلفة نوعًا ما عن هذا الميراث الطويل، إذ أقر نظامًا نصف رئاسى، يتمتع فيه البرلمان بصلاحيات كبيرة وباختصاصات واسعة فيما يخص تكليف الحكومة ومراقبتها وعزلها، إضافة إلى إقرار الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وقد وفر الدستور الأخير حيّزًا من الاستقلال البرلمانى عن مؤسسة الرئاسة، فلم تعد للرئيس الصلاحيات السابقة فيما يخص قدرته على إلغاء أو تعطيل قوانين أو قرارات صادرة عن المجلس، ونظم الدستور هذا الأمر بشكل يوسع من صلاحيات البرلمان ويخصم من صلاحيات الرئاسة.
جلسه من البرلمان

الغريب أنه رغم هذا التغير السياسى الكبير، كان من المتوقع أن يعمل البرلمان على استغلال هذه الصلاحيات الدستورية لتأكيد حضوره وتأثيره فى الساحة السياسية المصرية، عبر التدخل فى تشكيل الحكومة، ومراقبتها ومحاسبتها بشكل دائم ومتواصل، واتخاذ إجراءات قوية وحاسمة معها حال التقصير أو الفشل أو الابتعاد عمّا أقره البرلمان فى برنامجها وخطة عملها، وهو ما لم يحدث للأسف منذ بدء العلاقة العضوية بين البرلمان والحكومة بعد عرض المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، لبيان الحكومة على المجلس نهاية مارس الماضى.

الحكومة والبرلمان.. علاقة متذبذبة وشهر عسل عمره 3 شهور


منذ انعقاد مجلس النواب فى العاشر من يناير الماضى، لم يشتبك مع الحكومة بشكل مباشر، نظرًا لما رتّبه الدستور من مهام ومسؤوليات على كاهله فى الأسابيع الأولى لانعقاده، بدءا من إقرار القرارات بقوانين الصادرة فى عهدى الرئيسين: السابق عدلى منصور، والحالى عبد الفتاح السيسى، ثم وضع لائحته الداخلية وتشكيل لجانه النوعية واختيار هيئات مكاتبها ووضع لوائح وآليات وأطر العمل.

بعد انتهاء المجلس من هذه المهمة، التى شمت ما يفوق 300 قرار بقانون، إضافة إلى لائحة تضم أكثر من 400 مادة، وتشكيل 25 لجنة نوعية، بدأ المجلس يلتفت إلى مهامه العضوية الأساسية، والمتمثلة فى منح الثقة للحكومة وإقرار برنامجها، ومراقبتها ومحاسبتها على الأداء، ثم إقرار الموازنة العامة للدولة.
رئيس الوزراء بمجلس الشعب

بدأت العلاقة المباشرة بين الحكومة والبرلمان باستقبال القاعة الرئيسية لمجلس النواب للمهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، لعرض بيان الحكومة على المجلس، نهاية شهر مارس الماضى، وهو ما تلاه توزيع البيان على اللجان النوعية ومناقشته وكتابة تقارير بشأنه قبل التصويت عليه ومنح الثقة للحكومة، ثم التفرغ للموازنة العامة للدولة التى ينص الدستور على ضرورة إرسالها للمجلس قبل موعد بدء السنة المالية بـ 90 يومًا، لمناقشتها وإقرارها.

وسط هذه المهام الكبيرة والمتداخلة، طرأت مشكلات طارئة وقضايا عاجلة وشكاوى تخص جانبًا كبيرًا من القطاعات التنفيذية، فيما يخص وزارات الزراعة والتعليم والصحة والتموين، وغيرها من الوزارات، شهدت تعاملاً طارئًا وحادًّا من بعض اللجان النوعية، ومن بعض النواب، ولكنه لم يكن اصطدامًا أو محاسبة حقيقة كما تشى الصورة، فسرعان ما كانت تخفت حدّة الأصوات، وتقل الانتقادات، ويعود الاستقرار وأجواء السلام وشهر العسل بين الحكومة والبرلمان.
لجنة الشباب بحضور وزير الشباب والرياضه

الرقابة الشكلية والمحاسبة غير الجادة.. نقد وتجديد ثقة


المشكلة التى بدأت تسيطر على مشاهد مجلس النواب وهو يستضيف الحكومة أو أحد وزرائها ومسؤوليها، أن الأمر بدأ يأخذ منحى تمثيليًّا نوعًا ما، وكأنه توزيع أدوار وليس إيمانًا حقيقيًّا بهذه الأدوار وصيغتها، ومن العادى أن تطرأ أزمة كبيرة تتعلق بتوريد القمح لوزارة التموين، ويتم اكتشاف فساد كبير واختلاسات فى شون القمح، ويُستدعى الوزير إلى المجلس ولجنة الشؤون الاقتصادية، ويواجه هجومًا وانتقادات حادة واتهامات بالفشل وسوء الإدارة والمسؤولية عن الفساد، ثمّ يخرج كما دخل سليمًا وآمنًا دون أن يمسسه أى إجراء عملى من المجلس ونوابه، وهو الأمر الذى تكرر مع وزير الصحة فى أزمة ارتفاع سعر الأدوية، وتكرر مع وزير التربية والتعليم فى مشكلة تسريب امتحانات الثانوية العامة، ومع وزير الإدارة المحلية فى مشكلة النظافة وسوء الإدارة وتراجع حالة المحليات، ومع الحكومة كلها فى أزمات البرنامج والموازنة العامة وخطة التنمية والتوقيت الصيفى.

هذه الحالة من التذبذب، والنقد لوجه النقد من النواب، والصمت لوجه الصمت من الحكومة، بدأت تفرض نفسها على فضاء مجلس النواب ولجانه، وأصبحت السمة العامة المسيطرة على علاقة المجلس بالحكومة، إلى حد غياب الفواصل وذوبان الحدود والمسؤوليات، فرغم أن السلطة الحقيقة فى منح الثقة وسحبها ومحاسبة الحكومة وإقالتها للبرلمان وليس العكس، من العادى أن تجد تحدّيًا من الحكومة للبرلمان، ربما حضر الأمر بشكل جزئى فى قانون الخدمة المدنية الذى لم يتم تغييره بدرجة كبيرة، وحضر فى بيات الحكومة وخطة التنمية، وحضر فى الموازنة العامة للعام المالى 2016/ 2017 وعدم التزامها بالدستور، وأيضًا فى خلاف التوقيت الصيفى الذى رفضه المجلس وصممت الحكومة عليه وخرج المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء بتصريح تالٍ لرفض لجنة الإدارة المحلية لمشروع القانون، مؤكّدًا أن التوقيت الصيفى سيعود للتطبيق.
اجتماع مجلس الوزراء

البرلمان والحكومة.. بين رقابة النائب وتأشيرة الوزير


الحالة السابقة من السيولة لم تسيطر فقط على المواقف النهائية للمجلس قبالة الحكومة ووزرائها، ولكنها كانت حاضرة بنفس القوة والوضوح فى جلسات اللجان نفسها، فبينما ينتقد قطاع من النواب ويهاجمون ويعرضون ملاحظاتهم واستفساراتهم ومآخذهم على الحكومة ووزرائها، يرد نواب آخرون بالدفاع عن الوزراء والتماس الأعذار لهم، هذا الموقف شهدته جلسات اللجان مع وزير التموين ومع وزير الصحة، وشهدته جلسة لجنة التعليم مع الهلالى الشربينى على خلفية استمرار تسريب امتحانات الثانوية العامة، إلى حد أن قال أحد النواب لزميلته: "احنا مش جايين نطبل للحكومة والوزراء"، ولا يمكننا بحال من الأحوال فصل هذا التضارب وهذه الميوعة فى المواقف عن الصورة دائمة التكرار فى بدايات الجلسات البرلمانية العامة التى يحضرها وزراء، والتى تشهد التفافًا من النواب حول الوزراء حاملين أوراقهم وطلباتهم التى تنتظر تأشيرات الوزراء، وهو ما أكدته الشكاوى المتتابعة من عشرات النواب، من أن الوزراء يمنحونهم تأشيرات غير حقيقية، تكرر الأمر مع نواب عديدين، وتكرر الانتقاد والدفاع عن الوزراء، وظل الأمر هجوما وفى النقاشات وتجديدا للثقة، وانتظارًا للتأشيرة، وهى الصورة التى لا تنذر بتغير الحال عمّا هى عليه، وتؤكّد أن شهور العسل بين البرلمان والحكومة ستظل قائمة.

اجتماع لجنة الصناعه بحضور وزير الصناعه

لجنة الصحة بحضور وزير الصحة


print