السبت، 23 نوفمبر 2024 10:52 ص

المستشارة تخوض بمفردها معركة شرسة مع الكبار.. كسبت تأييد النساء ونجوم المجتمع وأعادت الحديث عن العدالة الاجتماعية وملأت فراغًا خلّفته أحزاب التاريخ.. والدعم العقابى يربك قائمة "سيف اليزل"

تهانى.. امرأة هزّت "حب مصر"

تهانى.. امرأة هزّت "حب مصر" تهانى.. امرأة هزّت "حب مصر"
الإثنين، 23 نوفمبر 2015 09:21 م
كتب تامر إسماعيل
فى أوج نشوتها بفوزها واكتساحها للمرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، وانتصارها على قائمة حزب "النور" السلفى فى قطاع غرب الدلتا، وهو المنافس القوى الذى توقع منه كثيرون الفوز بقائمة القطاع الذى يعدّ منطقة تمركز ونفوذ كبيرة للحزب السلفى، وفى "مطب سياسى" لم يتوقعه أحد، وجدت قائمة "فى حب مصر" نفسها فى مواجهة أعنف وأشرس من التى خاضتها أمام حزب النور بكل رموزه وقياداته وقواعده السلفية، منافسة أمام امرأة واحدة، تقف بمفردها فى الصراع، وتتزعم قائمة شكلتها فى أجواءٍ فشل كثيرون فى أن يشكلوا قوائم أقل منها قوة وتنوّعًا، تلك السيدة هى المستشارة تهانى الجبالى، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، والمرأة التى خاضت وحدها منافسة حامية ضد قائمة تتألف من 120 عضوًا، بينهم أبرز وأقوى الشخصيات السياسية والإعلامية ورجال الأعمال فى مصر، ولم يتوقف المشهد عند مجرد المنافسة، بل استطاعت "الجبالى" إرباك حسابات القائمة وإشعار كوادرها بأن مقاعد القاهرة لم تعد مغنمًا سهل المنال كما توقعوا من قبل، لتصبح المستشارة صاحبة الحضور المميز والوجه المألوف، وحدها وبعيدا عن نتائج التصويت، ووسط كل المنافسين من القوائم الأخرى، المرأة التى استطاعت أن تهز عرش قائمة "فى حب مصر" الذى تربعت عليه منذ بداية الانتخابات، وخاصة بعد نتائج المرحلة الأولى وانفرادها بالمنافسة فى شرق الدلتا.

"الجبالى".. بدأت هادئة وتصدرت المشهد بالحقوق الاجتماعية


كانت بداية المستشارة تهانى الجبالى فى المنافسة هادئة، عكس نهايتها خلال الساعات الأخيرة من سباق الانتخابات والتصويت، فلم تهتم فى بداية فترة الدعاية بمهاجمة منافسيها، بل ركزت على شرح برنامجها الانتخابى والقضايا التى تتبناها فى قائمة "التحالف الجمهورى للقوى الاجتماعية" وتنوى طرحها بعد نجاحها، وكانت من بين هذه القضايا أمور تخص العدالة الاجتماعية ومراقبة الحكومة، وهو ما لم يهتم به كثيرون من المنافسين، فتمكنت من لفت انتباه المواطنين وإشعارهم أنها جاءت، ليس لمحاباة السلطة أو دعم الحكومة، بل لنصرة المواطن فى أبسط حقوقه، وهو الانطباع الذى فقده كثيرون من منافسيها لدى المواطنين خلال فترة الدعاية.

المستشارة تجيد استغلال هجوم "فى حب مصر" عليها


مع بدء الهجوم الضارى والمعركة المشتعلة بين "فى حب مصر" وتهانى الجبالى منسق قائمة التحالف الجمهورى للقوى الاجتماعية، استطاعت نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا أن تستغل هذا الهجوم لصالحها، إذ تمكنت من توجيه الناخبين إلى أخطاء وعيوب القائمة المنافسة، والتأكيد على اتهامات من نوعية محاباة السلطة، والسعى إلى دعم الحكومة ولو على حساب المواطن، واستغلال اسم الرئيس عبد الفتاح السيسى، ثم أبعدت المستشارة نفسها عن الاتهامات المباشرة للواء سامح سيف اليزل بخصوص رتبته، وصدّرت فى هذه النقطة عضو القائمة الفريق حسام خير الله.

ومع سخونة المشهد، لم تقف تهانى الجبالى متردّدة بشأن خوض المعركة الكلامية، بل بادرت بأن تواجه كل قيادات "فى حب مصر" الذين انهالوا عليها بالاتهامات، وكانت ندًّا وخصمًا قويًّا، وفنّدت كل التهم الموجهة إليها، سواء بالانتماء للنظام الأسبق، أو ضم قائمتها لعناصر شيعية، وتمكنت من صبغ هذه الاتهامات بصبغة انتخابية وأفقدتها قيمتها لدى الناخبين، وردّتها بالاتهامات السابقة المضادة لقائمة "فى حب مصر"، والتى لاقت صدى كبيرًا لدى قطاعات واسعة من المواطنين.

حشد دعم نسائى قوى وكسب تعاطف الرجال


فى وسط المعركة المشتعلة بين المستشارة وقائمة "سيف اليزل"، أعلنت كثير من المنظمات النسائية والفنانات والشخصيات العامة عن دعم قائمة المستشارة تهانى الجبالى، قائمة التحالف الجمهورى للقوى الاجتماعية، ومن بين هؤلاء عضوات بالمجلس القومى للمرأة، والفنانة هالة صدقى، والفنانة إلهام شاهين والسيدة منى مكرم عبيد، وجمعيات نسائية أخرى، إلى جانب تعاطف كثير من الشخصيات العامة من الرجال مع "الجبالى" بسبب جرأتها فى خوض المنافسة ضد "فى حب مصر"، والتى لم يجرؤ كثيرون من الرجال والأحزاب والقوى السياسية على منافستها.

الدعم العقابى يحرج "فى حب مصر"


قبيل عملية التصويت فى المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية، شعرت قائمة "فى حب مصر" بالخطر، نظرًا لكل المشاهد التى رصدناها سابقًا، إضافة إلى نقطة مهمة تتعلق بترجيح كثيرين من المحللين والمتابعين للانتخابات، لأن يكون هناك دعم وتصويت لقائمة تهانى الجبالى عقابًا لقائمة فى حب مصر، نظرًا لوجود من يأخذ على قائمة "حب مصر" تصريحاتها المستمرة لدعم الدولة والحكومة، إضافة إلى حديث كوادرها وقياداتها الدائم عن الثقة من فوزهم وحسمهم للمعركة، والذى تخطى ذلك للحديث عن أن القائمة ستكوّن تحالفًا تحت القبة يضم ثلثى أعضاء مجلس النواب، وهو ما صرّح به النائب عن القائمة والمتحدث باسمها، الإعلامى مصطفى بكرى.

خروج قيادات "حب مصر" عن النص دليل الارتباك


وسط هذه المشاهد، وجّه كثيرون من قيادات قائمة "فى حب مصر" انتقادات وهجومًا قويا على المستشارة تهانى الجبالى، ما أظهر المشهد على أنه هجوم لرجال القائمة على سيدة تنافس بمفردها، إضافة إلى أن أغلب هذه الانتقادات كانت قوية ومختلفة عن لغة وحديث هذه القيادات، ليظهر أسامة هيكل وزير الإعلام الأسبق، ومصطفى بكرى، واللواء سامح سيف اليزل فى ثوب لم يظهروا به من قبل، وباستخدام مصطلحات هجوم من نوعية "اعقلى يا تهانى"، أو التلويح بكشف أسرار عن منافستهم، وكان لهذا الأسلوب فى المواجهة أثر إيجابى تجاه الجبالى، وسلبى تجاه قيادات "فى حب مصر".

نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا تفعل ما لم تفعله الأحزاب الكبيرة


فى النهاية، وأيًّا كانت النتيجة التى سينتهى إليها التصويت فى المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية، فإن المستشارة تهانى الجبالى لعبت دورًا مهمًّا فى هذه الانتخابات، وأعطت نموذجا للمواجهة الجادة والحقيقية أمام منافس قوى وشرس، لم تتمكن أحزاب سياسية كبيرة، مثل المصريين الأحرار والوفد، من تشكيل قائمة لمنافسته، رغم القدرة المادية والسياسية والكوادر التى تملكها هذه الأحزاب، إلا أن تهانى الجبالى كانت المرأة التى واجهت سطوة القائمة الأكبر، وهزت "حب مصر"، حتى وإن لم تنتهِ المنافسة بفوزها.

- بدء التصويت فى المرحلة الثانية


print