العديد من المفاجآت والوقائع التاريخية كشفت عنها حيثيات حكم المحكمة الإدارية العليا، الصادر اليوم، برفض طعن الحكومة، على بطلان اتفاقية ترسيم الحدود المصرية بين مصر والسعودية، والمعروفة إعلاميا باتفاقية "تيران وصنافير"، عن مفاجآت تاريخية، ووثائق جعلت فى يقين المحكمة، بأن الجزيرتان مصريتان، ورفضها طعن الحكومة على حكم القضاء الإدارى ببطلان الاتفاقية.
المحكمة: لم يثبت تاريخيا وجود أى نشاط عسكرى أو سيادة لدولة على "تيران وصنافير" سوى لمصر
وأكدت المحكمة الإدارية العليا، فى حيثيات حكمها الصادر اليوم، بأنه لم يثبت تاريخيا، وجود أى نشاط عسكرى أو سيادة لدولة على جزيرتى تيران وصنافير سوى لمصر.
وقالت المحكمة فى حيثياتها، إنه وفى ضوء فهم المحكمة للاتفاقية المبرمة سنة 1906، وخريطة العقبة المطبوعة فى مصلحة المساحة عام 1913 تأكد مصرية جزيرتى تيران وصنافير، وأنه لا وجود لسيادة أخرى تزاحم مصر في هذا التواجد، بل أنه لم تكن هناك دولة غير مصر تمارس أى نشاط عسكرى أو أى نشاط من أى نوع على الجزيرتين، باعتبارهما جزءا من أراضيها.
"المحكمة": بريطانيا اعترفت لمصر سنة 1951 بسيادتها على "تيران وصنافير" وحقها تفتيش السفن المارة بـ"المضيق"
وكشفت المحكمة الإدارية العليا، فى حيثيات الحكم بأن السفير البريطانى فى القاهرة، أبلغ مصر فى 29 يوليو عام 1951، باعتراف بريطانيا بسيادة مصر على جزيرتى تيران وصنافير، واعترافها بحق مصر فى تفتيش السفن المارة فى مضيق تيران وصنافير.
وقالت المحكمة، إن بريطانيا اعترفت بسيادة مصر على الجزيرتين، عبر ما قاله السفير البريطانى فى القاهرة من خلال مذكرته إلى وزير الخارجية المصرى فى 29 يوليو عام 1951 جاء فيها الاعتراف بالسيادة المصرية عليهما بقوله: " لقد خُولت أن أبلغكم أن حكومة جلالة الملك فى المملكة المتحدة مستعدة للموافقة على إتباع التدابير الآتية بشأن السفن البريطانية غير الحربية أو العسكرية التى تبحر رأسا من السويس أو الأدبية إلى العقبة، وتخطر السلطات الجمركية المصرية فى السويس أو الأدبية على
الفور- بعد إتمام اجراءات تفتيش هذه السفن والتخليص عليها - السلطات المصرية البحرية فى جزيرة تيران وذلك لتلافى أية ضرورة لزيارة هذه السفن وتفتيشها مرة أخرى بمعرفة هذه السلطات الأخيرة , ومن جهة أخرى فإن جميع السفن البريطانية ستراعى بطبيعة الحال الإجراءات المعتادة عند مرورها بالمياه الإقليمية المصرية " - وهو ما يبين منه كم كان حرص مصر على سيادتها على الجزيرتين ضمن الإقليم المصرى وقد كانت حينذاك دولة محتلة – وقد أكد وزير الخارجية المصرى وقتذاك فى معقب رده على المذكرة البريطانية السالفة بمذكرته فى اليوم التالي المؤرخة 31 يوليو سنة 1952 بأن " موافقة الحكومة المصرية على الترتيبات والجراءات السالفة لأنها تتفق مع حقوق مصر بالنسبة إلى موانيها ومياهها الإقليمية".
مندوب لبنان أكد للأمم المتحدة سنة 1950 "تيران وصنافير مصرية" منذ عام 1906
كما أظهرت المحكمة الإدارية العليا، فى حيثيات الحكم بأن مندوب لبنان فى الأمم المتحدة، أكد على أن جزيرتى "تيران وصنافير"، مصريتان، وذلك فى ضوء مناقشة الشكوى المقدمة من اسرائيل بوجود قوات على الجزيرة فيما وصفته اسرائيل بأنه استحواذ مفاجئ.
وقالت المحكمة فى حيثياتها: وفى هذا الشأن أكد مندوب لبنان أمام ذات المجلس – على نحو ما قدمه المطعون ضدهم فى حافظة مستنداتهم بجلسة
"أن ما ذكره مندوب اسرائيل بشأن الجزر الواقعة فى مدخل خليج العقبة – جزيرتى تيران وصنافير - من إدعائه أنهما وقعتا تحت الستحواذ المفاجئ لمصر وتلا ذلك تصريحا صدر عن الحكومة المصرية فى رسالة وجهتها إلى سفارة الولايات المتحدة فى القاهرة مضمونها أن مصر لم تستحوذ على هذه الجزر فجأة بل كان ذلك الاستحواذ فى العام 1906.
الإدارية العليا: مصر أبلغت الأمم المتحدة فى 1954 بمصرية "تيران وصنافير" ووجود قوات عليهما منذ 1906
كما كشفت الإدارية العليا، وجود قوات للجيش المصرى على الجزيرة فى الحرب العالمية الثانية، وفقا لما أدلى به مندوب مصر فى مجلس الأمن، فى جلسته رقم 659 بتاريخ 15 فبراير سنة 1954، والذى أبلغ الأمم المتحدة بسيادة مصر على الجزيرتين منذ 1906، واستخدامهما كقواعد حربية عليهما فى الحرب العالمية الثانية ( 1939 -1945 ) لحماية سفن الحلفاء من الغواصات المعادية.
وقالت المحكمة فى حيثياتها: ويدعم ما سبق بشأن اعتبار أرض الجزيرتين ضمن الاراضي المصرية، ما ورد على لسان المندوب المصرى أمام مجلس الأمن فى جلسته رقم 659 بتاريخ 15 فبارير 1954، أن سيادة مصر على الجزيرتين المذكورتين باعتبارهما ضمن الإقليم المصرى ، وأن مصر تفرض سيادتها على جزيرتى تيران وصنافير منذ عام 1906 حيث استخدمتهما فى الحرب العالمية الثانية كجزء من نظام مصر الدفاعي وأن التحصينات فى هاتين الجزيرتين قد استخدمت لحماية سفن الحلفاء من هجمات الغواصات المعادية.
مفاجأة.. المحكمة تكشف: خطاب سرى يثبت وجود قوات عسكرية مصرية على "تيران وصنافير" فى عهد الملك فاروق
وقالت المحكمة فى نص حيثياتها للحكم، بوجود خطاب سرى يحمل الرقم 3، ومؤرخ بتاريخ 22 فبراير 1950، عن تموين قوات سلاح الحدود الملكى الموجودة بجزيرتى تيران وصنافير، ما يقطع بمصرية الجزيرتين.
وقالت المحكمة فى حيثياتها فى الصفحة 30،: " تأكد للمحكمة مصرية الجزيرتين، بما ورد بكتاب وزارة الخارجية السرى المؤرخ 25 فبراير 1951 الموجه لوكيل وزارة الحربية والبحرية: " أنه بالإشارة إلى كتاب الوزارة رقم 3 سرى المؤرخ 16 يناير 1951 بشأن ملكية جزيرة تيران الواقعة عند مدخل جزيرة العقبة أرفقت كتاب وزارة المالية، الذى يتبين منه أن هذه الجزيرة تدخل ضمن تحديد الأراضى المصرية "، وهو ما تأكد كذلك من كتاب قائد عام بحرية جلالة الملك المؤرخ 22 فبراير 1951 بقصر رأس التين بالسكندرية الموجه لوزارة الحربية والبحرية عن تموين قوات سلاح الحدود الملكى المصرى الموجودة بطابا وجزر فرعون وتيران وصنافير وأرفق به كتابا سريا لرياسة الجيش مما يدل على ممارسة مظاهر السيادة المصرية على تلك الجزيرتين".
مفاجأة.. "الإدارية العليا": البحرية المصرية قبضت على سفينة بريطانية عام 1950 لدخولها حرم "تيران وصنافير"
كما أوضحت المحكمة بأن مصر تمارس السيادة على جزيرتى تيران وصنافير منذ سنوات عديدة، وأهم مظاهر تلك السيادة، هو قيام مصر، بإيقاف إحدى السفن البريطانية فى 1 يوليو سنة 1951، لمرورها حرم "تيران وصنافير"
وقالت المحكمة فى حيثياتها: " ومن بين تلك التطبيقات التى تنطق بالسيادة المشروعة - والقاطعة في الدلالة على وجود اعتراف دولي لسلطة مصر على مضيق تيران - حادث الباخرة الانجليزية امباير روش EMPIRE ROACH، فى 1 /7/ 1951، محملة محملة بشحنة من الأسلحة إذ أوقفتها السلطات المصرية المختصة وقامت باحتجازها أربع وعشرين ساعة تحت حراسة عسكرية ، الأمر الذى أغضب السلطات البريطانية واتخذت إجرا ء دبلوماسيا على إثرها عرض وزير خارجية
بريطانيا فى ذلك الوقت – هربرت موريسون – فى مجلس العموم البريطانى تلك الحادثة فى الجلسة التى عقدت فى 11 يوليو عام 1951 وأبلغ السفير المصرى فى لندن استياء بريطانيا لهذا الحادث بل طلب من السفير النجليزى فى القاهرة –مستر ستيفنسون – تقديم احتجاج رسمى إلى الحكومة المصرية على هذا الحادث وقدمه بالفعل فى 11 يوليو عام 1951 ثم أصدر بيان ا اَخر بشأن هذا الحادث فى 16 يوليو عام 1951 وبعد يومين فى 19 يوليو 1951 أرسلت الحكومة المصرية ردها على مذكرة احتجاج السفارة البريطانية فى القاهرة المشار إليها رفضت فيه.
الاحتجاج المذكور وأوضحت أن السفينة سالفة الذكر كانت فى منطقة محرمة عندما طُلب إليها التوقف لكنها أهملت كافة الإشارات التى أصدرتها السلطات المصرية بواسطة السفينة " نصر " ولم تتوقف إلا بعد أن أطلقت عليها السفينة المصرية المذكورة قذيفة للإنذار، كما أن قائد السفينة رفض إبراز أوراقها فاقُتيدت إلى شرم الشيخ وتم تفتيشها هناك وجاء فى ختام المذكرة المصرية بأن مصر تتمسك بحقوقها فى السيادة على مياهها الإقليمية تمسكا أكيدا .