الجمعة، 22 نوفمبر 2024 08:59 ص

بعد تورط الحكومة فى مفاجأة التعويم بالموازنة الحالية.. كيف ستواجه ألغام العام المقبل.. 18 جنيها متوسط سعر الدولار.. مطالب زيادة المرتبات.. ارتفاع الدين وفوائده.. شبح التضخم واتساع العجز

18/2017.. الموازنة الأصعب فى تاريخ مصر

18/2017.. الموازنة الأصعب فى تاريخ مصر 18/2017.. الموازنة الأصعب فى تاريخ مصر
السبت، 28 يناير 2017 08:00 م
كتب تامر إسماعيل
ليس منطقيا أن يضع أحدا تساؤلات عن كيفية مواجهة الحكومة لتداعيات قرار تعويم العملة الصادر فى 3 نوفمبر الماضى، بحكم أنه قرارا استراتيجيا يستوجب اتخاذه ضمن حزمة إجراءات متكاملة تضمن تحقيق النتائج وثبات السوق، إلا أن تتابع الأحداث والأزمات عقب ذلك القرار أثبت أن الحكومة لم تتخذ قرارها بمنهجية ووفق خطة شاملة، وسواءا كان ذلك حقيقيا أو أن الأمور انفرطت دون قصد بعد القرار، فإن هذه الأزمات تلك تفرض على الجميع أن يذكر الحكومة أن هناك ماهو أبعد مما يحدث هذه الأيام، وهو موازنة العام المقبل 2017/2018، والتى من المفترض أن تشهد تأثيرات النتائج الإيجابية للقرار، وفق وعود المسئولين بالحكومة، أو تشهد مطبات وألغام خطيرة، وفق مايفرضه الواقع الحالى لمؤشرات الأسواق والأسعار.

جلسة-من-البرلمان

الدولار من 8.8 جنيها بالموازنة الحالية لـ18 جنيها بموازنة العام المقبل


الأزمة التى لايعرف أحدا كيف ستواجهها الحكومة عند صياغة موازنة عام 2018 هى السعر الجديد للدولار، الذى أصبح متوسطه بعد قرار التعويم 18 جنيها، بعد أن كان 8.8 جنيها فى موازنة العام الحالى.

أزمة ارتفاع سعر الدولار ستلقى بأثارها على العديد من بنود الموازنة من بينها الأموال الموجهة للاستثمار المباشر، حيث ارفتعت أسعار كافة المنتجات والمواد المتلعقة بالبناء والانشاءات والزراعة وغيرها.

كذلك البند الخاص بمصروفات الحكومة والذى يبلغ 40 مليارا فى العام الحالى، ووفقا لمعدلات التضخم وارتفاعات الأسعار الجديدة، فإن الحكومة أمام خيارين، إما تخفيض إنفاقيا 40% لتعويض فارق الأسعار، او أن ترفع مخصصات إنفاقها لتوفر احتياجاتها، مما سيمثل عبئا كبيرا.

والأخطر من ذلك هو الشق المتعلق بالمبالغ المخطط لشراء المواد البترولية، التى تستوردها الحكومة بالدولار، والتى ستواجه ارتفاعا شديدا موازيا لارتفاع سعر العملة.

218 مليارا بند الأجور مرشحة للزيادة بسبب العلاوات الجديدة


صاحب الانفجار الذى حدث فى الأسواق والتزايد المتكرر والجنونى فى أسعار كل السلع والخدمات –الترفيهى منها والأساسى-، تزايدا موازيا فى مطالب زيادة المرتبات فى القطاعين العام والخاص، وطالب عددا كبيرا من نواب البرلمان بأن تخصص الحكومة علاوة استثنائية، سماها النواب "علاوة الغلاء"، فيما أصر اخرون أن تفرض الحكومة على القطاع الخاص وعلى نفسها زيادة المرتبات بمايتماشى مع الزيادات الكبيرة فى الأسعار.

وتمثل هذه المطالب –إذا ما استمرت- عقبة كبيرة أمام الحكومة عند إعداد موازنة 2017/2018، فبعد أن كانت تحلم بخفض –ولو قليل- فى المرتبات بموازنة العام المقبل بعد تطبيق قانون الخدمة المدنية الذى يتضمن ضوابطا صارمة فى صرف المكافآت والبدلات، أصبحت الآن أمام مطالب زيادات جديدة قد تجعل بند الأجور يتخطى بكثير الـ218 مليارا التى تأن منهم موازنة العام الحالى.

قفزات جديدة وكبيرة فى حجم الدين الخارجى وفوائده


نفس الأزمة تنطبق على بند فوائد الدين الخارجى الذى يمثل 292 مليارا فى الموازنة الحالية وتدفع بالعملة الأجنبية، وهو الرقم الذى سيرتفع بالتبعية بعد أن دخلت الحكومة فى صفقة ديون جديدة وكبيرة مع البنك الدولى وصندوق النقد الدولى، ورغم أن السداد به تسهيلات جيدة –من وجهة الحكومة-، إلا أن تلك القروض وغيرها ستجعل هذا البند يرتفع بزيادة فوق الزيادة الطبيعية لسعر الدولار، حيث ستدفع الحكومة من الموازنة فوائدا لتلك الديون بسعر دولار يرتفع أكثر من 100% عن قيمة الدولار حين قامت الحكومة بالاقتراض.

معركة خاسرة للحكومة فى خفض العجز والسيطرة على التضخم


كل هذه الحقائق سيكون لها النتيجة الأهم والأخطر، وهى اتساع الفجوة بين مصروفات وإيردات الموازنة وزيادة العجز الذى توقعت الحكومة فى بداية العام المالى 2016/2017 أن يصل إلى 9.8%، فى إطار خطة لخفضه إلى 8% فى 2017/2018.

إلا أن واقع الأرقام الذى أعلن ته وزارة المالية على لسان مسئولها الأول عمرو الجارحى، أن العجز فى النصف الأولى من العام المالى الحالى وصل إلى 5.1%، وهو مايشير إلى وصوله إلى 10.2% على الأقل فى نهاية العام المالى، مع استبعاد أثار التعويم الخطيرة.

عمرو-الجارحي

ورغم تحدث الوزير عن ارتفاع حصيلة الإيرادات وتفاؤله باستقرار العجز، إلا أن المؤشرات الرقمية تنبىء بعكس ذلك، خاصة مع حدة تأثيرات قرار التعويم التى ستتبلور فى النصف الثانى من العام المالى الحالى من خلال ارتفاع المصروفات تبعا لزيادة الأسعار، وانخفاض الإيرادات، التى حذر منها عدد من نواب البرلمان، بينهم النائب طلعت خليل عضو لجنة الخطة والموازنة، والذى حذر فى تصريحات لـ"برلمانى" من تراجع حصيلة الضرائب والسياحة وقناة السويس بسبب التأثيرات السلبية للتعويم وبسبب الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة التى قللت من فرص زيادة الاستثمار الخارجى.

شريف-إسماعيل-2

ووفقا لكل هذه المؤشرات فستكون حكومة المهندس شريف إسماعيل –إن استمرت- امام تحديا كبيرا فى إعداد موازنة العام المالى المقبل، فضلا عن محاولات صعبة او شبه مستحيلة للخروج الأمن لموازنة العام الحالى 2016/2017.









print