قضت الدائرة السادسة "تعليم" بمحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، بقبول الدعوى المقامة من محمود محمد فهمى المحامى، وكيلاً عن 60 ولى أمر طلاب بالجامعة الأمريكية، وألزمت الجامعة الأمريكية فى مصر بقبول سداد المصاريف الدراسية بالجنيه المصرى دون أى مكون من الدولار الأمريكى.
وصدر الحكم برئاسة المستشار منير عبد القدوس نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين عصام أبو العلا وخالد سالم ومحمد المتولى وإمام فهمى ومحمد حسين ومحمود زكى وطارق منيسى نواب رئيس المجلس، ومفوض الدولة ماجد عز الدين، وسكرتارية محمد يوسف، ومحمد سيد وحسام محمد.
واختصمت الدعوى، التى حملت رقم 25981 لسنة 70 قضائية، كلاً من رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب ووزير التعليم العالى ورئيس الجامعة الأمريكية.
وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها، إن مفاد ذلك أن التعليم كمقوم من المقومات الأساسية للمجتمع، وبيّن المشرع الدستورى أن هدفه بناء الشخصية المصرية والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار وترسيخ القيم الحضارية والروحية وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وألزم المشرع الدولة بمراعاة تحقيق هذه الأهداف سواء فيما يتعلق بمناهج التعليم أو بوسائله، بما يكون متعيناً معه قيامها بهذه المسئولية أيا ما كان صعيد تلقى العلم وأيا ما كان الشخص الاعتبارى القائم عليه مصرياً كان أو أجنبياً، بما لا يجوز معه البتة التقاعس عن القيام بما هو من موجبات ذاك الالتزام، وذلك لمراقبة من قبلها لكل ما يتعلق بالشخصية المصرية بناءً أو هوية أو تفكيراً، فضلاً عن مراعاة القيم الحضارية ترسيخاً لها، وتثبيتاً لمفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، ولا ريب أن قيامها بذلك يقتضى بحكم اللزوم إشرافها على جميع معاهد العلم، المصرى منها والأجنبى الذى يمارس دوره على أرض الدولة.
وأشارت الحيثيات إلى أنه فى ضوء ما تضمنته الاتفاقية المبرمة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية عام 1962 والتى كان من أهدافها إنشاء مراكز ومؤسسات ثقافية فى أى من الدولتين ووفق القوانين والنظم المطبقة فى كل منهما والالتزام بما تنص عليه من أحكام، أنشأت الجامعة الأمريكية بالقاهرة وصدر القرار الجمهورى رقم 146 لسنة 1976 المشار إليه بشأن البروتوكول الخاص بوضع وتنظيم هذه الجامعة والتى تعتبر معهداً ثقافياً يخرج عن نطاق تطبيق أحكام قانون المعاهد العالية الخاصة رقم 52 لسنة 1970 والذى نص صراحة فى الفقرة الثالثة من المادة الأولى منه على أنه "لا يعتبر معهداً عالياً خاصاً (أ) المراكز والمعاهد الثقافية التى تنشئها الدول الأجنبية أو الهيئات الدولية فى الجمهورية العربية المتحدة وفقاً لمعاهدات ثقافية".
وقد تناولت المادة "1" من هذا البروتوكول ما تهدف إليه الجامعة بحسبانها معهداً ثقافياً، مؤكدة على عدم تعارض أى من الأهداف التى عددتها هذه المادة مع القوانين المعمول بها فى مصر، وموجبة وفق المادة "3" منه موافقة السلطة المصرية ممثلة فى وزارة التعليم العالى على استخدام غير المصريين فى الوظائف الإدارية الرئيسية أو وظائف هيئة التدريس وموافقتها كذلك على المطلوب تجديد استخدامهم من هؤلاء مع حق الحكومة المصرية فى تعيين مستشار مصرى على نحو ما نصت عليه المادة "4" من البروتوكول للمشاركة فى إدارة الجامعة والإشراف على أوجه نشاطها، وبحيث يكون هو حلقة الاتصال بين السلطات المصرية المختصة والجامعة، وأكد البروتوكول أن الجامعة تعمل فى سبيل تحقيق الأهداف التى أنشئت من أجلها بوصفها معهداً ثقافياً لا يهدف البتة إلى الربح المادى، وهو الأمر الذى استوجب النص على الإعفاء من الضرائب المنصوص عليها فى المادة "6" من البروتوكول، وأكد على تشكيل لجنة مشتركة بوزارة التعليم للنظر فى الاعتراف بأية درجات أو شهادات غير تلك التى نصت عليها الفقرة الأولى من المادة "8"، كما أوجب موافقة وزارة التعليم العالى على إنشاء درجات أو معاهد جديدة غير القائمة فعلاً إذا رغبت الجامعة الأمريكية فى إنشائها.
واستندت المحكمة فى حيثيات حكمها، إلى أنه صدر القرار الجمهورى رقم 146 لسنة 1976 (بعد موافقة مجلس الشعب وقتها) بشأن البروتوكول الخاص بوضع وتنظيم الجامعة الأمريكية بالقاهرة بين حكومة جمهورية مصر العربية (وزارة التعليم العالى) ومجلس أمناء الجامعة الأمريكية بالقاهرة، والموقع فى القاهرة بتاريخ 13/11/1975.
واعتبرت الحكومة الأمريكية هذه الجامعة معهداً ثقافياً يدخل فى نطاق المادة الأولى فقرة (د) من الاتفاق الثقافى المشار إليه وفى حكم المادة الأولى فقرة(أ) من القانون 52 لعام 1970، وتنص المادة (6) على أن " لا تهدف الجامعة الأمريكية بوصفها معهداً ثقافياً إلى ربح مادى، وبناء عليه فإن الحكومة المصرية اعترافاً منها بذلك توافق على إعفاء جميع الأجور والمرتبات التى تصرف خصماً من اعتماد (PL480) من الضرائب المحلية".
وتابعت المحكمة، أن وزارة التعليم العالى ليست فقط سلطة إشراف وإنما هى فى نطاق ما نصت عليه الاتفاقية سلطة تصرف واتخاذ قرار كما هو الشأن بالنسبة لاستخدام غير المصريين لشغل الوظائف وفق نص البند (ج) من المادة "3" من البروتوكول، وكذا تعيين المستشار المصرى الذى يمثل حلقة الاتصال بين السلطات المصرية وبين إدارة الجامعة، وكذا القرار بإنشاء درجات أو معاهد جديدة غير القائمة فعلاً وقت إنشاء الجامعة، وبالتالى فالسلطة المصرية ممثلة فى وزارة التعليم العالى هى فى ضوء أحكام الاتفاقية سلطة تصرف، كما أنها سلطة إشراف، إذ الإشراف يتمحض رقابةً تعنى فيما تعنيه إثناء الخاضع لها عن تحقيق ما قصد إليه بالمخالفة للقانون قبل اتخاذ التصرف المحقق لقصده، وإن اتخذه إبان تثاقل سلطة الإشراف عن النهوض بما سلف كان لزاماً عليها رد الأمر إلى صائب حكم القانون.
وحيث إنه مما تجدر الإشارة إليه أن للدولة المصرية السيادة المطلقة بشأن ما يقدم على أراضيها من أنشطة وخدمات وأن من مظاهر هذه السيادة أن ترعى المقوم الأساسى من مقومات المجتمع المتمثل فى تعليم قومى وطنى يخضع للإشراف الكامل من قبلها باعتبار أن التعليم كان ولا زال من أكثر المهام خطراً وأعمقها اتصالاً ببناء الشخصية المصرية وترسيم حدود الهوية الوطنية وأوثقها ارتباطاً بالقيم الحضارية والروحية، ومن ثم كان لزاماً على الدولة أن تهيمن على عناصره الرئيسية وأن توليه رعايتها أيا ما كان القائم به، سواء فى ذلك المعاهد والجامعات الحكومية أو الخاصة أو الأهلية أو ذات الطبيعة الدولية وسواء المصرى منها أو الأجنبى، ة ولذا حرصت الدساتير المتعاقبة منذ سنة 1956 وانتهاءً بالدستور الحالى على النص صراحة على أن تتولى الدولة الإشراف على التعليم، ترسيخاً لمظهر سيادة الدولة الذى لا يجوز التنازل عنه أو التفريط فيه، وإن الجامعة الأمريكية فى مصر وإن كانت تعد مؤسسة تعليمية أمريكية أقيمت على أرض مصر تقبل المصريين بنسبة لا تقل عن 75% من عدد طلابها وفقا لأحكام البروتوكول المشار إليه إلا أن هذه الجامعة تخضع للإشراف الكامل لوزارة التعليم العالى، ومن ثم لا يستقيم لها أن تعمل بمعزل عن القوانين المصرية، على اعتبار أن البرتوكول المشار إليه صريح فى أن العلاقة بين الجامعة الأمريكية بالقاهرة والحكومة المصرية ممثلة فى وزارة التعليم العالى تحكمها كافة القوانين المصرية دون غيرها، كما أنه من مظاهر السيادة فرض التعامل بعملة وطنية فيما يستأهل اقتضاء مقابل عند تقديمه – بما فى ذلك الخدمات – وذلك بحسبان أن التعامل بالعملة الوطنية واجب قانوني، فإنه لا خلاف فى أن سداد المصروفات الدراسية من الطلاب داخل مصر يجب أن يكون بالعملة الوطنية حتى لو كان مقدم خدمة التعليم معهداً ثقافياً أنشأته دولة أجنبية أو هيئة دولية فى جمهورية مصر العربية وفقاً لاتفاقية ثقافية بحكم خضوعها للقوانين الوطنية المطبقة فى شأنها وجوباً هو ما ينسجم مع أحكام الدستور والقانون.
وأوضحت المحكمة فى حيثيات حكمها أن وزارة التعليم العالى تقاعست عن القيام بدورها وكان لزاماً عليها اتخاذ ما يلزم من قرار إدارى محواً لقرار الجامعة المخالف لأحكام القانون، ومن ثم يكون امتناعها عن ذلك قراراً سلبياً بالامتناع عن إلغاء قرار الجامعة فيما تضمنه من تقدير جزء من المصروفات الدراسية نسبته 50% منها بالعملة الأجنبية وتحصيله من الطلاب بهذه العملة أو بما يعادلها بالجنيه المصرى وفقاً لسعر الصرف وقت السداد، مخالفاً للقانون ومرجحاً إلغاؤه عند الفصل فى موضوع الدعوى – وهو ما يغدو معه الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار السلبى، دفعاً لا قوام له متعيناً عدم قبوله – ويضحى بالتالى ركن الجدية متوافراً فى طلب وقف تنفيذ ذاك القرار.
وأشارت إلى أن الاستمرار فى تنفيذ القرار المطعون فيه يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها فيما لو لم يقض بوقف تنفيذه، تتمثل فى التأثير سلباً على حق التعليم كحق دستورى ومقوم أساسى من مقومات الدولة وما يؤدى إليه ذلك من المساس بالمستقبل التعليمى للمدعين والخصوم المتدخلين وتخلفهم عن اللحاق بركب زملائهم بالجامعة الأمريكية بالقاهرة بعدم تمكنهم من إنفاذ مؤدى قرار الجامعة التى تقاعست الجهة الإدارية عن إلغائه.
وأوضحت المحكمة أنه لا ينال مما تقدم ما ذكرته الجامعة الأمريكية بالقاهرة فى مذكرة دفاعها وما قدمته من مستندات من أنها خصصت منحة مقدارها خمسة ملايين دولار أمريكى فى العام الدراسى الحالى 2016/ 2017 لسداد المصروفات الدراسية للطلبة غير القادرين حسب كل حالة على حده لأن ذلك ليس من شأنه إضفاء أية شرعية على ما اتخذته الجامعة من قرار مجاف ومناهض لصحيح حكم القانون.
وجاء منطوق الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة من كل من أحمد سعيد عبد العظيم أحمد خليل، ومحمد تامر محمود فهمى، ومحمد عبد اللطيف عبد القادر عجلان، وبعدم قبولها لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليهما الأول والثانى، ثانياً بقبول الدعوى شكلاً، وبعدم قبول تدخل كل من أحمد وجيه محمد حافظ، وأحمد محمد يسرى، وقبول تدخل باقى طالبى التدخل فى الدعوى، وثالثاً بوقف تنفيذ قرار وزير التعليم العالى السلبى بالامتناع عن إلغاء قرار الجامعة الأمريكية بالقاهرة فيما تضمنه من إلزام الطلاب بأداء نسبة 50% من المصروفات بالدولار الأمريكى أو ما يعادله بالجنيه المصرى وفقاً لسعر الصرف المعلن من البنك المركزى يوم سداد المصروفات، وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية والجامعة مصروفات الطلب العاجل، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها.
"تعليم النواب": نحن أول من طالبنا بهذا والقضاء حل الأزمة
على صعيد مجلس النواب وموقفه من الحكم القضائى اليوم، قال الدكتور عبد الرحمن البرعى، وكيل لجنة التعليم بمجلس النواب، إن مجلس النواب أول من ناقش ملف الجامعة الأمريكية، والمطالب التى صعدت فى الفترة الماضية من الأهالى نتيجة لقرارات بتحصيل الرسوم بالدولار، لافتا إلى أن حكم القضاء الإدارة اليوم بإلزام الجامعة الأمريكية بتحصيل رسومها بالجنيه، أمر جيد، وهو حل للأزمة.
وأضاف وكيل لجنة التعليم فى البرلمان فى تصريح خاص لـ"برلمانى"، أن القرار جاء فى الجامعة نتيجة لارتفاع الأسعار، وارتفاع الدولار بعد قرار تحرير سعر الصرف، ولكن هذا الأمر كان مرفوضا من الأهالى، وشهدت الفترة الماضية اعتراضات وتظاهرات من الأهالى المعترضين، مؤكدا أن الجامعة ستلتزم بالحكم، وستطبق تحصيل رسومها بالجنيه.
كانت قد قضت الدائرة السادسة "تعليم" بمحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، بقبول الدعوى المقامة من محمود محمد فهمى المحامى، وكيلاً عن 60 ولى أمر طلاب بالجامعة الأمريكية، وألزمت الجامعة الأمريكية فى مصر بقبول سداد المصاريف الدراسية بالجنيه المصرى دون أى مكون من الدولار الأمريكى.