يبدو أن الرئيس الأمريكى يتخذ قرارات غير محسوبة فى وقت يتزايد فيه الترصد له من قبل الداعين للتخلص منه عن طريق بدء إجراءات عزله، لاسيما فى ظل الغضب المتزايد تجاه جراء ما أظهره من دعم للجماعات العنصرية والقوميين البيض، خلال أحداث العنف فى تشارلوتسفيل بولاية فيرجينيا.
وبعد 7 أشهر فقط داخل البيت الأبيض، اتخذ ترامب، نهاية الأسبوع المنصرم قرار جديد يزيد من اتهامات العنصرية التى تطارد الرئيس الأمريكى منذ حملته الإنتخابية، حيث ذهب إلى العفو عن قائد الشرطة السابق فى إحدى قطاعات ولاية أريزونا يدعى "جو أربايو"، الذى كان قد أدين بالعصيان المتعمد لقرار أحد القضاة فى قضية متعلقة باستهداف المهاجرين غير الشرعيين.
ورأت مجلة فورين بوليسى الأمريكية، إن العفو عن أربايو قد يتسبب فى أزمة دستورية، فضلا عن أن القرار قد يدفع الرئيس الأمريكى خطوة أقرب نحو العزل إذ أنه يمثل خطوة مصيرية لهذه الرئاسة.مضيفة أن ترامب لا يعرف ولا يقدر تماما مخاطر حماسته وفرحته بسلطة العفو، لكن الأمل فى مستشارى البيت الأبيض لضبط هذا السلوك
وقال البيت الأبيض فى بيان، أمس الجمعة: "هذا الرجل ظل يعمل على مدى 24 عاما قائدا للشرطة بمقاطعة فينكيس لحماية المواطنين من ويلات الجريمة والهجرة غير المشروعة، قائد الشرطة جو اربايو يبلغ من العمر الآن خمسة وثمانين عاما، وبعد أكثر من خمسين عاما من الخدمة الممتازة لبلادنا، فهو مرشح جدير بالعفو الرئاسى".
وأدين أربايو بتهمة إزدراء المحكمة لتجاهله أمرا قضائيا بوقف احتجاز المهاجرين المشتبه فيهم غير الحاملين لوثائق. وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، فإن أربايو كان معروف بالقسوة تجاه المهاجرين غير الشرعيين وقد طالبته المحكمة بالتوقف عن نهجه المتشدد تجاههم إلا أنه لم يستجيب.
وقد جاءت الإدانة الجنائية بناء على دعوى قضائية منذ عقد تتهم أربايو بالانتهاك المنتظم لحقوق اللاتينيين وتوقيف الأشخاص بناء على أمور عنصرية واعتقالهم لمجرد الاشتباه بأنهم مهاجرين غير شرعيين ثم تحويلهم لسلطات الهجرة.
وقد طالبت محكمة فيدرالية من أربايو فى 2011 التوقف عن اعتقال الناس لمجرد الاشتباه فى وضعهم الخاص بالهجرة بينما لا يوجد دليل على كسرهم أى قوانين، غير أنه أصر على أن تكتيكاته قانونية وسيواصل استخدامها، ومن ثم تم الحكم عليه الشهر الماضى بازدراء جنائى للمحكمة وهى تهمه تبلغ عقوبتها السجن 6 أشهر.
وأوضحت مجلة فورين بوليسى، أن أى رئيس يستخدم سلطة العفو عليه أن يلتمس توصية وزارة العدل ويعلنها للجمهور، ومع ذلك فإن الوزارة الحالية أكدت الإدانة موضع العفو، ومن ثم فإن الرئيس يتجاهل الآن هذه التوصية، إذ أن السلطة له وليست للنائب العام، ولكن الرؤساء عادة ما يكونوا حساسين لتوصيات وزارة العدل، لأنه سلطة العفو أحيانا لا تتسق مع الإعتقاد بأن الحكومة الأمريكية هى حكومة القوانين وليس الرجال، ومن ثم تكون مشاركة وزارة العدل بمثابة اختبار لإساءة استخدام هذه السلطة الاستثنائية.
وأضافت المجلة: "من الصعب للغاية أن نتصور أن النائب العام جيف سيشنز، سوف يوصى بالعفو عن ضابط إنفاذ قانون مدان بالعصيان عمدا وبشكل علنى لأمر محكمة اتحادية، كما أن إحجام سيشنز عن منح رئيسية غطاء سيكون أكبر فى قضية تنطوى على التنميط العنصرى وتحدى الحدود الدستورية لإنفاذ القانون المحلى، والسلوك غير المهنى على مدى فترة طويلة من السنوات، وحتى يومنا هذا، حيث يرفض اربايو تحمل المسؤولية عن أفعاله".
وتخلص فورين بوليسى بالقول، إن على الرغم من أن ترامب قد يفلت من المحاسبة، إلا أن هذا الإجراء سيكون له تأثيرًا على الدعوات المستقبلية لعزله. وخلافا للعفو عن نفسه، أو أفراد الأسرة، أو مساعديه فى قضية التدخل الروسى فى الانتخابات الرئاسية، الذى كان ترامب قد تحدث عنه قبلا، فإن العفو عن أربايو لن يؤدى على الأرجح إلى المطالبة الفورية ببدء تحقيق تمهيدا للعزل.
ومع ذلك، أوضحت المجلة، أنه إذا زاد الضغط من قبل دعاة العزل، أو تم إجراء تحقيق رسمى بشأن العزل على أساس "التواطؤ" مع روسيا أو على أسس أخرى، فإن عفو آربايو سيكون واقفا فى الخلفية ليضر بشدة بموقف الرئيس الأمريكى، وسيعزز بشكل لا يصدق يد من يقولون أن دونالد ترامب لا يحترم سيادة القانون، أو يفهم معنى الحلف الدستورى.
وقد أدان الديمقراطيون فى الكونجرس العفو سريعا على تويتر ووصفه البعض بانه "فاحش وغير مقبول على الإطلاق" و "عار"، مشيرين إلى أن الرئيس الأمريكى استغل الانشغال فى الإعصار المدمر الذى يضرب ولاية تكساس، لتمرير العفو. فيما أشاد مؤيدو ترامب بالقرار كعلامة على أن الرئيس يبقى على تعهده خلال حملته الانتخابية بالقضاء على الهجرة غير الشرعية.