الجمعة، 22 نوفمبر 2024 02:55 م

"داعش" مهد الطريق لسيطرتهم على محافظة كركوك.. واستفتاء كردستان يحيى مخططات الغرب لتقسيم الشرق الأوسط.. مطامع السيطرة على النفط تخضعهم لسيطرة أمريكا وإسرائيل

حلم "الاستقلال الوهمى" للأكراد

حلم "الاستقلال الوهمى" للأكراد استفتاء الأكراد
الخميس، 21 سبتمبر 2017 07:00 م
كتبت سارة كيره
يعتزم الأكراد، إجراء استفتاء على استقلالهم، يوم 25 سبتمبر المقبل، فى خطوة ليس الغرض منها إلا إحداث المزيد من البلبلة فى المنطقة لصالح إسرائيل.

ويجهز الأكراد، لإجراء الاستفتاء على استقلال 6 ملايين مواطن، ويريدون استقطاع بقاع كبيرة من أكبر دول من حولهم وهى، إيران والعراق وتركيا وسوريا، مستهدفين من ذلك مساحة شاسعة من الأرض لإقامة 6 مليون مواطن، موزعين بالفعل فى تلك الدول، ولكن يبقى السؤال، هل هو حقا استقلال أم تنفيذ لأجندة عفى عليها الزمن، واستشهد الكثير وسالت الدماء لمقاومتها؟.

بعد الحرب العالمية الأولى، اجتمع عدد من دبلوماسيى أوروبا فى مصنع للخزف فى ضاحية "سيفر" بباريس، ليوقعوا معاهدة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط من رماد الإمبراطورية العثمانية، وفقاً لأهوائهم ومصالحهم، وليس هناك أدنى شك فى أن الأوروبيين طالما يبحثون عن، بل ويسعون إلى خلق حدود خارج بلادهم، تتفق مع مصالحهم الخاصة وتوسيع نفوذهم على المناطق الغنية بالثروات.

ولكن فشلت معاهدة "سيفر"، بسبب احتفاظ تركيا بحدودها كما نعرفها اليوم، ونجحت فى رسم حدود الشرق الأوسط إلى حد ما، ولكنها تراجعت وفشلت بعد مقاومة كبيرة وسعى الشعب العربى إلى الاستقلال من الاحتلال الأجنبى، وعلى رأس المقاومة العربية آنذاك، يأتى القائد السورى يوسف العظمى، الذى لولا انتصاره العظيم فى معركة ميلسون، لاستطاعت القوى الأوروبية تنفيذ مخطط برنارد لويس حينها.

ومع سعى الأكراد للاستقلال وتدشين إقليم ذو حكم ذاتى، يعيد السؤال نفسه مرة أخرى، "هل عادت أحلام إعادة تقسيم الشرق الأوسط تتلألأ فى الأذهان الاستعمارية مجدداً؟"، وهنا يجدر الذكر أنه أيًا كانت الإجابة على السؤال، فيبدو أن المشهد فى العلاقات الدولية وطابعها اليوم لن يسهل تنفيذ المخطط أو محاولة تطبيقه مرة أخرى، وتظل أحلام الأكراد الواهية خطوة فى ذلك المخطط، فعلى الرغم من المحاولات المستميتة لتفتيت وتقسيم الدول العربية إلى دويلات صغيرة على أسس طائفية وعرقية، فلن يكون هناك الكثير من الحظ لهم هذه المرة.

يدعى الكثير من القوميين الأكراد، أن حدود تركيا مخطئة، وفى الواقع، يشير البعض إلى انعدام الجنسية الكردية، كخطأ قاتل فى حدود ما بعد العثمانيين فى المنطقة، لكن عندما حاول الإمبرياليون الأوروبيون إنشاء دولة كردية من خلال معاهدة "سيفر"، أو المعروفة باسم "خطة برنارد لويس"، قاتل العديد من الأكراد إلى جانب الأتراك وتباينت الولاءات السياسية حينها، وتعالت أصوات الاتحاد الكردى – التركى على أصوات العرقية، حيث أدرك الأكراد حينها أنهم سيقعون تحت السيطرة البريطانية، ولن يحظوا بالاستقلال التام.

وبمعرفة كيف، ولماذا فشلت أول خطة أوروبية لتقسيم الشرق الأوسط؟، يمكننا أن نفهم بشكل أفضل حدود المنطقة الحالية، فضلا عن تناقضات القومية الكردية المعاصرة والتحديات السياسية التى تواجه تركيا الحديثة.

ويعيد التاريخ نفسه اليوم، فرجع الأكراد يحلمون بدولة مستقلة، ونجحت الولايات المتحدة فى إقحامهم فى حرب الرقة السورية، ودعمتهم اقتصادياً فى كركوك، وراهنت عليهم ليكونوا "منطقة نفوذها" فى ثانى أغنى منطقة بالنفط فى العالم.

فالعراق، هو ثانى أكبر منتج للنفط فى منظمة الأوبك، ويعمل حاليا على ضخ 4.32 مليون برميل من النفط يوميا، وتعتزم أغنى منطقة بالنفط العراقى فى الشمال، إجراء الاستفتاء حول استقلال الأكراد، ويثير ذلك المخاوف الإقليمية من الصراع، وزيادة حدة التوتر على توزيع ثروات النفط وعوائده.

وعملا بمبدأ "فرق تسد"، نجد أكبر شركات النفط الأمريكية، تعمل فى هذه المنطقة، دون موافقة الحكومة العراقية المركزية على تواجد تلك الشركات على أراضيها. فتعمل شركة شيفرون الأمريكية للنفط، فى إقليم كردستان العراق، منذ توقيعها اتفاقية نفطية مع الأكراد عام 2012، دون موافقة الحكومة المركزية، وفى هذا الصدد، قال وزير النفط العراقى، جبار اللويبى، إن الشركة تعمل هناك دون الحصول على موافقة من الحكومة العراقية المركزية فى بغداد، وانتقد ذلك بشدة.

وتقع محافظة كركوك العراقية، تحت سيطرة الأكراد منذ دخول "داعش"، إلى العراق فى 2014، ولكن ليس فقط "داعش"، من مهد الطريق إلى مساعى تفتيت العراق وسوريا، فمنذ سقوط الرئيس العراقى الراحل صدام حسين، يرى الأكراد أن حلم إقامة دولة مستقلة لهم بات قريباً، وأغرتهم الولايات المتحدة بذلك، ولكن هل سيكونون الأكراد مستقلين فعلاً حال انفصالهم عن العراق؟.

الواقع يؤكد أن كردستان التى يحلمون بها لن تكون مستقلة أبدًا، فسيقعون تحت سيطرة ونفوذ إسرائيل، وواشنطن، ولن يتملكوا قراراهم، وإجراء الاستفتاء ما هو إلا عبث بأحلامهم الواهية، ولن يوافقهم المجتمع الدولى على استقلالهم، نظراً لوجود دولاً غربية تعانى من خطر انفصال بعض الأقاليم عنها، ووجود جماعات مطالبة بالانفصال بالفعل، مثلما هو الحال فى إقليم كتالونيا، بإسبانيا، واسكتلندا، وأيرلندا، بالمملكة المتحدة (بريطانيا). 

فى العلاقات الدولية، يصعب عليهم تحقيق آمالهم، التى هى فى الحقيقة أجندة تخريبية، بسبب اعتراض الحكومات الغربية على الاستفتاء الذى ينوون إجرائه، ولن توافقهم إلا إسرائيل، لأنها صاحبة الصالح الأكبر فى تفتيت الدول العربية.

وفى المقابل، لن توافق إيران أو تركيا أو بريطانيا أو ألمانيا، ولن توافقهم حتى الولايات المتحدة، اعتبارا لعلاقاتها العميقة والمتأصلة مع الجانب التركى الذى يرفض استقطاع جزءاً من أراضيه للأكراد، ويرى فيهم تهديداً للأمن القومى التركى، ولن تضحى واشنطن بحليفها الأكبر وعضو الناتو، تركيا.

 


الأكثر قراءة



print