بعد فضيحة الرشاوى للحصول على حق استضافة كأس العالم 2022، تواصل قطر أساليبها غير الشرعية لتمديد نفوذها داخل المؤسسات الدولية الكبرى عبر الأموال، فلقد أصبحت الدويلة الخليجية الصغيرة أشبه ببطل فيلم "مرجان أحمد مرجان" الفاسد الذى كان يعبر بصورة كوميدية عن شراء النفوذ وكل ما يتهيأ لنفسه بالأموال، وبينما كان رجل الأعمال "مرجان" مجرد شخصية خيالية من صنع الكاتب، فأن قطر للأسف حقيقة تعبر عن واقع مظلم داخل مؤسسات من المفترض أن تتحلى بالنزاهة والشفافية.
وكشفت وسائل إعلام فرنسية أن قطر دعت مؤخرا العديد من أعضاء المجلس التنفيذى لليونسكو فى رحلة مدفوعة الأجر إلى الدوحة. وذلك فى إطار حملتها لحشد الأصوات لمرشحها الذى يخوض السباق أمام ستة آخرين من فرنسا ومصر والصين وفيتنام وأزربيجان ولبنان.
وقالت شبكة فرانس 24 الإخبارية، إن الدول السبع تتنافس على قيادة المنظمة الأممية للتربية والعلوم والثقافة التى تهدف إلى بناء السلام فى عقول الرجل والنساء، وينظر إلى الوكالة باعتبارها علامة على المكانة، وهى وسيلة لتوسيع نطاق نفوذ الدولة التى يحظى مرشحها على منصب المدير العام، فى عالم مؤسسات الأمم المتحدة.
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن سفير أوروبى سابق لليونسكو، تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، قوله "إن المنظمة ابتعدت عن هدفها لتصبح مجلسا للاشتباكات التى تحدث فى أماكن أخرى، وهذا يتم ترجمته إلى محاولات اختطاف سياسى ومالى"، وتقول فرانس 24 إن من هنا يبدأ التشكيك فى المرشحين.
وكشف شيمون صامويلز، مدير قسم العلاقات الدولية لدى مركز سيمون ويسنثال، الأمريكى، إن قطر قامت بحملة ضغط كبيرة من أجل فوز مرشحها لمنصب مدير عام هيئة اليونيسكو، مشيرا إلى أن هذا الضغط اشتمل على حوافز مالية للدول الأخرى لكسب تأييدها.
وأضاف صامويلز، فى تصريحات لموقع ألجيماينر الإخبارى، الثلاثاء، إن قطر قامت بدفع أموال فى كل مكان وخاصة فى جميع أنحاء أفريقيا من أجل ضمان الأصوات لمرشحها حمد بن عبد العزيز الكوارى.
وحصل الكوارى وزير الثقافة القطرى السابق على 19 صوتا، متصدرا الجولة الأولى، التى أجريت أمس الاثنين، فى انتخابات منصب الأمين العام لمنظمة اليونسكو، وجاءت بعده المرشحة الفرنسية أودرى أزولاى وزيرة الثقافة والإعلام السابقة بـ 13 صوتا، وحلت السفيرة مشيرة خطاب المرشحة المصرية فى المركز الثالث برصيد 11 صوتا.
ويحتاج الفائز للحصول على أغلبية برصيد 30 صوتا من أصل 58 صوتا هم الدول الأعضاء فى المجلس التنفيذى لمنظمة اليونسكو.
وتعانى منظمة اليونسكو أزمة نقدية منذ أن توقفت الولايات المتحدة عن تمويلها فى 2011، بعد دخول "دولة فلسطين" كعضو. وفى وقت مبكر من حملته الانتخابية، قال الكوارى إن قطر ستكون قادرة على تعويض مبلغ 400 مليون دولار الذى فقدته اليونسكو نتيجة للقرار الأمريكى.
وأقرت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونسكو، المنتهية ولايتها، بأن من سيخلفها عليه أن يكون قادرا على جمع الأموال ولكنها أشارت أيضا إلى ضرورة قدرته على توحيد الأعضاء. وفى مقابلة مع صحيفة لوموند الفرنسية أضافت "المنظمة حلم للعالم، لكنها تواجه صعوبات مالية وسياسية".
وبعد انسحاب الولايات من تمويلها، قامت اليابان، وهى ثانى أكبر مانح لليونسكو، بتعليق مساعدتها أيضا بعد أن أدرجت المنظمة وثائق متنازع عليها سجلت جرائم حرب يابانية خلال الحرب العالمية الثانية فى ذاكرة العالم لديها. وهذه النكسات المالية تركت المؤسسة، التى يقع مقرها فى باريس، بميزانية سنوية لا تتجاوز 326 مليون يورو فقط، بحسب مصدر تحدث لصحيفة اللوموند.