فى إشادة جديدة بخطة الإصلاح التى تقودها الحكومة المصرية برئاسة المهندس شريف إسماعيل، قال صندوق النقد الدولى، إن النمو الاقتصادى فى مصر يرجع إلى انتعاش واسع القاعدة فى مختلف الصناعات، فيما يعد مؤشرًا على أن الإجراءات الاقتصادية مثل تعويم العملة، بدأت تؤتى ثمارها رغم ارتفاع مستوى التضخم.
وبحسب ما ذكرته وكالة "بلومبرج" الأمريكية، فى تقرير لها اليوم الثلاثاء، فإن الناتج الإجمالى المحلى قد زاد بمعدل 4.6% فى النصف الأول من عام 2017، وهى أسرع وتيرة منذ سبع سنوات، الأمر الذى أدهش بعض خبراء الاقتصاد الذين كانوا يتوقعون معدلات نمو أقل، حيث يتوقع صندوق النقد أن ينمو الاقتصاد المصرى بنسبة 4.5% فى عام 2018، من 4.1 هذا العام.
ونقلت "بلومبرج" عن جهاد عازور، رئيس قسم الشرق الأوسط ووسط آسيا بصندوق النقد الدولى، قوله إن عودة ظهور النمو كما نراه تأتى لأن قطاعات متنوعة للاقتصاد ذات قاعدة عريضة بدأت تستفيد بما فى ذلك التصدير والسياحة، لافتًا إلى أن التحويلات تشهد تتحسن وكذلك القطاعات التقليدية الأخرى.
وأوضح "عازور"، أن الخطة تقوم على أن تستفيد مصر من تحسن التنافسية وتجعل الاقتصاد أكثر اعتمادا على الصادرات لتحقيق النمو، مشيرا إلى أن هذا جزء من حزمة السياسات التى قدمتها الحكومة فى مصر ودعمها صندوق النقد.
وتأتى التصريحات الجديدة ضمن سلسلة من الإشادات بالخطوات الجريئة التى اتخذتها الدولة المصرية فى مسار الإصلاح الاقتصادى، للنهوض بقطاع الاستثمار بعد أعوام من الركود الذى طال قطاعات حيوية داخل مصر فى أعقاب ثورة 25 يناير.
وفى وقت سابق، وصف صندوق النقد الدولى برنامج الإصلاح الاقتصادى بـ"ثورة تصحيح"، على سياسات أدت فى الوقت الماضى إلى خللا واضحا فى الاقتصاد المصرى.
ومنذ قرار الحكومة تحرير سعر الصرف ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادى، وما واكب ذلك من موجة تضخم، استطاعت الدولة المصرية عبر عدة وسائل من بينها طرح السلع بديلة وتوفير المزيد من المنافذ الحكومية التابعة لوزارتى التموين والزراعة، السيطرة على معدلات ارتفاع الأسعار، وهو ما أرغم صندوق النقد على الاعتراف بحرص الحكومة على دعم الفقراء، رغم تحركاتها فى رفع الدعم عن بعض السلع.
وفى منتصف الشهر الماضى، أكد المبعوث التجارى البريطانى إلى مصر، جيفرى دونالدسون، على أن مصر لديها فرص استثمارية واعدة. وقال دونالدسون على هامش زيارة أجراها إلى القاهرة، إن كبرى الشركات البريطانية مهتمة بالتعاون مع مصر بفضل ما تنتهجه الحكومة المصرية من إصلاحات جذرية فى الاقتصاد، مشيرًا إلى أن 70 % من الشركات البريطانية الـ14، يبحثون عن فرص للقيام بأعمال تجارية فى مصر للمرة الأولى.
وأشادت العديد من الهيئات الاقتصادية ودوائر مراكز الأبحاث الدولية بتحركات الحكومة فى هذا الشأن، وفى تقرير سابق، قالت صحيفة وول ستريت جورنال، إن الرئيس عبدالفتاح السيسى، اتخذ من خلال برنامج الإصلاح "رهانا محفوفًا بالمخاطر لإنقاذ الاقتصاد"، مؤكدة على أن القرارات الجريئة التى تتخذها الحكومة المصرية فى هذا الشأن تحظى بإشادة العديد من دوائر الاقتصاد الدولية ومراكز الأبحاث.
ويعتبر خفض الدعم من بين الشروط التى وضعها صندوق النقد الدولى فى اتفاقه مع الحكومة المصرية لمنحها قرضا بقيمة 12 مليار دولار، تهدف للمساعدة على تحقيق استقرار الاقتصاد بعد سنوات من الاضطراب، وتشير الصحيفة إلى أنه بسبب تفاقم العجز وتقلص احتياطيات النقد الأجنبى، لم يكن أمام مصر خيارا سوى قبول الدواء المرير.
وبالتزامن مع تحركات الحكومة المصرية فى برنامج الاقتصاد، وفى ظل تقديرات صندوق النقد الدولى الإيجابية لمستقبل الاستثمارات داخل مصر، يتوقع مراقبون نقلة نوعية فى الاقتصاد قبل نهاية العام المقبل، حيث قالت مجلة "بريك بالك" الاقتصادية، إن اكتشاف حقل "ظهر" الذى يقدر احتياطيه بـ 30 تريليون متر مكعب، وهو أكبر حقل فى البحر المتوسط، إلى جانب مشروع شركة بريتش بتروليوم فى دلتا النيل، من المتوقع أن يغير الاقتصاد المصرى بشكل كبير. فهذان المشروعان معا سيعززان على الأرجح الإنتاج بحوالى 50% على مدار العقد القادم، وهو يمثل تخفيف أعباء كبيرة عن البلاد.