رحلة العذاب للحصول على "البنسلين"

تصاعدت أزمة حقن البنسلين فى مختلف محافظات مصر، رغم احتياج قطاع كبير من الأطفال والشباب إليها، فحقن البنسلين لابد أن تؤخذ بشكل دورى لبعض المرضى كل 15 يوما، والبعض الآخر كل شهر، وهى تؤخذ عند الإصابة بروماتيزم بالقلب، نتيجة التعرض لميكروب السبحى بعد الإصابة بالتهاب شديد بالحلق وإهمال علاجه بعد تكرار الإصابة، ويشعر المريض المصاب بروماتيزم بالقلب، بصعوبة فى الحركة والشعور بآلام بالقلب، وآلام بالمفاصل، وصعوبة الحركة.

 

«اليوم السابع» أجرى تحقيقا مع بعض المرضى وأهاليهم عن المعاناة التى يتعرضون لها للحصول على حقنة بنسلين.

 

وقال محمود حسين، الذى كان موجودا أمام شباك صرف حقن البنسلين بصيدلية الإسعاف، إن البنسلين نادر جدا، وصعب الحصول عليه، أنه جاء للحصول على حقنة بنسلين لزوجة ابن أخيه، مضيفا «الحمد لله استطعنا أن نحصل عليه، حيث إن الحقنة بـ100 جنيه فى السوق السوداء، والمهم هو أن نجده وغيرنا لا يستطيع الحصول عليه، حيث يتم إعطاؤنا علبتين كل شهر، يتناول المريض حقنة كل 15 يوما».

 

 

أما محمد حسنى عبد الله، فيقول «قمت بعملية توسيع الصمام الميترالى بالقلب، مما يتطلب تناول حقن البنسلين بشكل منتظم كل شهر، وكنت أقوم بصرفه من أى مكان من الصيدليات، ولكن ليس معى روشته، فرفضوا إعطائى العلاج، حيث إن الحقن يتم صرفها بروشتة، وأنا معى الدفتر الخاص بمعهد القلب الذى يوضح أننى أحتاج لتلقى حقنة من البنسلين كل 15 يوما، ومعهد القلب غير متوافر لديه حقن البنسلين، حيث لابد من أخذ حقن البنسلين طويل المفعول، وحاليا لم آخذه منذ شهر.

 

 

وقال محمد الجزار والد الطفلة مروة محمد الجزار عبد الله: «16 سنة»، إن ابنته أصيبت بحمى روماتيزمية، وتشتكى أنها غير قادرة على الحركة أو المشى وقال الأطباء إنها مصابة بالميكروب السبحى، مشيرا إلى أنه يسكن فى القليوبية، و«مستشفى قها»، هناك ليس فيها حقن البنسلين، مضيفا أنه كل شهر يحضر إلى صيدلية الإسعاف للحصول على حقنتين من البنسلين.

 

أما الطفلة ميرائيل منصور جاد الله، فقد اصطحبها أبوها معه أثناء عملية البحث على حقنة بنسلين، ولاحظت منذ الوهلة الأولى لها أنها مريضة ورغم تعبها، واصفرار بشرتها إلا أنها جاءت مع والدها للبحث عن دوائها وهى تعانى من روماتيزم بالقلب، تبلغ 10 سنوات من عمرها بالصف الثالث الابتدائى، وأصيبت بروماتيزم بالقلب ويتم علاجها حاليا منه لأول مرة .

 

 

ومن جانبه قال أشرف فوزى درويش، من العزيزية مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية الذى جاء إلى القاهرة من أجل حقنة بنسلين: «إن الشرقية لا تتوافر بها الحقن، حيث تعانى ابنتى «أمنية» من روماتيزم بالقلب وهى بالصف الثالث الإعدادى، وتحتاج إلى إجراء عملية استئصال اللوزتين، ولكن ليس معى ثمن العملية، لذلك فهى تستمر فى تناول حقن البنسلين حتى تجرى العملية، ولها حوالى عامين ونصف العام تتناوله، لكنه غير موجود فى الصيدليات.

وأضاف ياسر محمد محسن، «ابنة أختى مصابة بروماتيزم بالقلب، وعندها 17 سنة حيث يتم إعطاءنا حقنة البنسلين بـ جنيهات، ويتم بيعها بـ10 جنيهات، ونأخذ معها قرصين كيتوفان، علشان يكمل السعر».

 

وأضاف جورج سليمان كامل، «زوجتى تعانى من روماتيزم بالقلب، وهذه الحقنة كان يتم صرف المستورد الأصلى منها من حوالى أسبوع بـ9 جنيهات فقط، حاليا الموجود منها هو البديل المصرى، وهى أقل فعالية عن المستوردة».

 

ومن جانبه أكد ناصر أحمد أن ابنته بالصف الثانى الابتدائى، 9 سنوات، تعانى من روماتيزم القلب، وأحضر من القليوبية إلى القاهرة لشرائها من صيدلية الإسعاف، وقاموا بصرف حقنة واحدة فقط، موضحا أنه قبل المجىء إلى القاهرة لفينا للبحث عنها فى جميع المستشفيات ولم نجدها»!!

 

من جانبه قال الدكتور علاء الغمراوى مدير البرنامج القومى لروماتيزم القلب، إن الإصابة بروماتيزم القلب نتيجة التهاب الحلق، أو اللوزتين بالميكروب السبحى فى حالة عدم تناول العلاج المناسب، فى المدة المناسبة، والذى يؤدى إلى الإصابة بالحمى الروماتيزمية وروماتيزم القلب بنسبة كل 100 يصابون بالتهاب فى الحلق هناك 3 فقط منهم يصابون بروماتيزم القلب فى حالة عدم أخذ العلاج المناسب وهو 10 أيام مضاد حيوى أو حقنة واحدة من البنسلين طويل المفعول بدلا من الـ10 أيام، موضحا أن التهاب الحلق يأتى نتيجة الازدحام والتكدس، والوجود فى غرف لا يدخلها الشمس والرطوبة العالية، مشيرا إلى أن التهاب الحلق يدمر القلب.

 

وقال إن وزارة الصحة أطلقت حملة منذ نوفمبر 2016 بمبادرة من الدكتور أحمد عماد راضى، وزير الصحة لحماية قلوب المصريين من روماتيزم القلب وكانت هذه المبادرة تنفذ فى عدة محاور:

 

المحور الأول: إطلاق حملة للتوعية فى جميع محافظات مصر من خلال 30 مركزا لروماتيزم القلب فى كل المحافظات قامت بإنشائها وزارة الصحة، وتم العمل بها منذ نوفمبر 2016، حيث تم تجهيز هذه المراكز بجهازين للموجات الصوتية للقلب، أحدهما جهاز محمول بحجم اللاب توب، والآخر موبايل «إيكو» «موجات صوتية على القلب»، الذى لا يوجد فى مصر منه سوى فى مراكز روماتيزم القلب.

 

المحور الثانى: إطلاق حملة للمسح الطبى لأطفال المدارس فى جميع المحافظات للاكتشاف المبكر عن روماتيزم القلب.

المحور الرابع: الاهتمام بصحة المرأة الحامل، حيث يقوم البرنامج بالكشف الطبى وإجراء الموجات الصوتية على الحوامل فى الشهور الأولى من الحمل، حتى تتم الولادة بدون أى مشاكل صحية، موضحا أن عدد المرضى كبيرا، لأنه من قبل هناك اعتقاد خاطئ بأن تشخيص الحمى الروماتيزمية يتم على أساس ارتفاع نسبة التحاليل لسرعة الترسيب، حيث إن هذه التحاليل قد ترتفع فى أمراض أخرى، أما التشخيص السليم فيتم بناء على الدلائل الكبرى مثل التهاب صمامات القلب، أو الالتهاب الحاد بالمفاصل، وهذا يتم بناء على بروتوكول التشخيص المطبق فى مراكز القلب، وأقسام القلب بمستشفيات وزارة الصحة، لذا ندعو المواطنين لعدم الاعتماد فقط على التحاليل المعملية، ولكن عليهم أن يتوجهوا إلى مراكز روماتيزم القلب التى تقدم الخدمة بالمجان، موضحا أن آخر قافلة نفذها البرنامج ببحيرة المنزلة بالدقهلية أثبتت نتائج الكشف أن 93% من الذين تم تشخيصهم سابقا بالحمى الروماتيزمية ويأخذون بنسلين طويل المفعول اتضح أن تشخيصهم خاطئ، موضحا أن 7% هم المصابين بالحمى الروماتيزمية من خلال الكشف «بالإيكو» الموجات الصوتية على القلب»، والكشف الإكلينيكى.

 

وأشار الدكتور أحمد الكردانى أستاذ جراحة القلب بطب عين شمس، إلى أن الحمى الروماتيزمية تأتى فى الأماكن المزدحمة التى تعانى من سوء التغذية، وعدم التهوية، حيث تبدأ بالتهاب بالحلق واللوز، ويؤدى ذلك إلى حدوث الميكروب السبحى الذى يتطور إلى الإصابة بالحمى الروماتيزمية، وهذه الحمى تصيب القلب، وتؤدى إلى حدوث تلف بالصمامات، والتهاب بعضلة القلب، ونتيجة تكرار الإصابة بالميكروب السبحى، والحمى الروماتيزمية يؤدى إلى حدوث تلف شديد بصمامات القلب، لذلك عندما يصاب الطفل بأعراض الحمى الروماتيزمية التى تكون عبارة عن التهاب المفاصل، وظهور طفح جلدى متميز، وبالتالى لابد من علاج الطفل بالبنسلين، والأسبرين، وبعد شفاء الطفل من أول إصابة لابد من أن يتناول الطفل البنسلين طويل المفعول حقنة شهريا، حتى يصل إلى 40 سنة، وهى حقنة طويلة لمنع تكرار الإصابة بالميكروب، وكذلك لابد من استئصال اللوزتين، عند تكرار الإصابة.