تستمر توابع الاحتجاجات التى عصفت بإيران الأسبوع الماضى، ففى الوقت الذى خرجت فيه تظاهرات تندد بإخفاق الرئيس فى تحقيق انتعاش اقتصادى ومعيشة كريمة للمواطنين، حمل الرئيس التيار المتشدد المسئولية، وقال حسن روحانى ، "ستكون إهانة إلى الإيرانيين إذا حصرنا مطلبهم فى المجال الاقتصادى فحسب.. داعيا إلى فتح التواصل الإجتماعى أمامهم" فيما نظر إلى تصريحات الرئيس على أنها محاولة منها على امتصاص غضب الجماهير الإيرانية.
وبحسب وكالة تسنيم، قال روحانى خلال استقبال وزیر الاقتصاد و الشؤون المالیة الایرانی "تفتخر حكومتنا بحریة المعلومات و لکن البعض لا یرغبون فی الفضاء الإلكترونى، و یعتقدون ان المواطنین یجب علیهم أن یشاهدوا الاذاعة و التلفزیون فقط".
وأضاف "لكن نری أن مؤسسة الاذاعة و التلفزیون یجب ان تعکس صوت الشعب و لا تعکس صوت حزب واحد دون سائر الأحزاب". فى إشارة إلى المحافظين الذين يهيمون على مفاصل صنع القرار.
ميدانيا بعد أسبوع دامى فى إيران، جراء تظاهرات احتجاجية اشتعلت الخميس 28 ديسمبر الماضى، واستمرت لأكثر من اسبوع، تبدو إيران فى اليوم الثانى عشر هادئة نسبيا نهارا، إلا أن هذا الهدوء الحذر يتحول إلى غضب مشتعل فى المساءًا، بحسب مقاطع فيديو تبثها المعارضة على مواقع التواصل الإجتماع، فرغم قمع قوات الأمن للمتظاهرين المحتجين على الأوضاع الاقتصادية والغلاء المعيشى والمعارضين لسياسة توسع نفوذ طهران خارجية على حساب شعبها، إلا أن المسيرات الليلية تتحدى القبضة الامنية، يتخللها صدام وكر وفر مع عناصر الأمن.
وفاة متظاهر فى السجن
وعلى خلفية، القلاقل التى امتدت إلى أكثر من 80 مدينة وبلدة فى الريف وشارك فيها آلاف من الشبان وأبناء الطبقة العاملة الغاضبين من الكسب غير المشروع والبطالة والفجوة الآخذة فى الاتساع بين الفقراء والأغنياء، القى القبض على المئآت من المحتجين، وبحسب تقارير راديو هيئة الإذاعة البريطانية (بى بى سى) تم اعتقال أكثر من 1700 شخص كما لقى 22 شخصا حتفهم منذ بدء المظاهرات.
وفى أحدث حلقة فى توابع الإحتجاجات، توفى شاب داخل سجن ، ايفين، القى القبض عليه منذ أيام، وبحسب النائب في البرلمان الإيراني محمود صادقي، الذى أكد وفاة المعتقلين في الاضطربات الأخيرة في سجن أفين" مضيفا " احذر الرئيس والمسؤولين الأمنييين والقضائيين من كهريزك الثانية" (فى إشارة إلى وقائع قتل واغتصاب المعتقلين خلال احتجاجات 2009).
لكن النائبة الإصلاحية طيبه سياوشي قالت في تصريح لوكالة إيلنا أنها تابعت عبر وزارة الاستخبارات والقوات الأمنية أسباب وفاة الشاب الإيرانى داخل السجن، ووفقا للمعلومات التى حصلت عليها من الجهات الأمنية، أن الشاب"انتحر" داخل السجن.وأعلنت النائبة أن الشاب الذى يبلغ من العمر 22 عاما انتحار شاب إيرانى، داخل سجن ايفين شمال طهران بعد إلقاء القبض عليه.
تخصيص مكان للاحتجاجات لوأد التظاهرات المناهضة
ميدانيا تواصل السلطات الإيرانية مساعيها لوأد التظاهرات، وبحسب مواقع الكترونية إيرانية، فقد صوت مجلس مدينة طهران على قرر عاجل لتخصيص أماكن للاحتجاجات والتجمعات"، وبحسب القرار فانه على مجلس البلدية خلال شهر اختيار مكانا فى العاصمة طهران لتخصيصه لأى تجمعات إحتجاجية.
فيما تساءلت صحيفة "ابتكار" حول القرار، هل هو مشروع وهمى؟ أم دعم رمزى لحقوق المواطنة؟، وقالت أن ما حدث الأسبوع الماضى فى البلاد، احتجاج، تحول سريعا بطريقة أو بأخرى إلى أعمال شغب، وفقد ماهية الإحتجاج.
لكن المراقبين يروا أن هذا القرار يصب فى مصلحة الدولة الإيرانية التى تعمل على وأد أى حراك جديد يندد بسياساته والفقر والفساد المتفشى داخل المجتمع، وبتخصيص أماكن للاحتجاجات فلن يكون هناك مكانا لمعارضى النظام، الذين قد يلجأوا إلى شبكات التواصل الإجتماعى.
قوات الباسيج تواصل التمرده
وفى السياق نفسه دشنت المعارضة الإيرانية، حملة احراق قوات الباسيج الإيرانية لهويتها وكارت عضويتها فى هذه المؤسسة، إعلانا من جانبهم عن تضامنهم مع المحتجين فى إيران، والتحامهم بصفوف المعارضة لسياسات طهران. ونشر حساب "صداى مردم" المعارض لطهران، على تطبيق تلجرام المشهور بين النشطاء الإيرانيين، صورا ومقاطع فيديو لعدد من أعضاء الباسيج، وهم يحرقون هويتهم وشهادات التقدير التى منحتها إياهم مؤسسة الباسيج.
وتواصل المعارضة الإيرانية عبر شبكات التواصل الإجتماعى وتطبيق "تلجرام"، حراكها داعية الشعب الإيرانى للنزول مجددا إلى الشوارع، فيما تتواصل المعارضة فى الخارج تظاهراتها أمام مقار البعثات الدبلوماسية الإيرانية فى عواصم أوروبية مختلفة، منددة بسياسات النظام.