بخسائر مفتوحة وأزمات متتالية، تواصل الدول الداعمة للإرهاب إخفاقاتها المتتالية بعدما اجتازت قائمة التمويلات التى قدمتها ـ ولا تزال ـ للكيانات والتنظيمات الإرهابية كافة التقديرات والتوقعات، لينقلب السحر على الساحر، وتسقط العواصم التى راودتها أحلام النفوذ العابر للحدود عبر إثارة الأزمات داخل مجتمعات وشعوب المنطقة فى دوامات من الفوضى.
ومن إمارة قطر التى أوت ولا تزال عناصر من تنظيم القاعدة وطالبان، ودعمت ولا تزال جماعة الإخوان، وصولاً إلى تركيا التى وفرت الغطاء السياسى والمالى للتنظيم الدولى للجماعة الإرهابية وأنفقت الملايين على عناصر تلك الجماعة ومنابرها الإعلامية، يبدو أن العام 2018 سيحمل الكثير من الاخفاقات على صعيد الاقتصاد لكلاً من تركيا و قطر، والذى سيمتد بدوره ليكون شرارة أولى لاحتجاجات محتملة لتردى الأوضاع المعيشية للمواطنين.
وفى تركيا، قال الخبير الاقتصادى، الكاتب الصحفى التركى بجريدة "دنيا" تانير بركسوى، إن الحكومة التركية لجأت إلى سحب 3.9 مليار دولار أمريكى لسد العجز الجارى فى الموازنة الذى بلغ 4.2 مليار دولار، مؤكدًا أن سحب هذا المبلغ الكبير سيؤثر سلبًا على الاقتصاد فى تركيا.
ولفت "بركسوى" إلى أن تركيا سبق وأن تعرضت لأزمة اقتصادية كبيرة فى عام 2001، إلى جانب الأرجنتين، بعد سحب احتياطى النقد الأجنبى تمامًا، مشيرًا إلى أن تركيا نجحت فيما بعد فى سداد ديونها لصندوق النقد الدولى، وذلك على عكس ما حدث مع اليونان عندما تعرضت للأزمة الاقتصادية فى 2010 بعد سحب احتياطى النقد الأجنبى، أعلنت عجزها عن سداد الديون المستحقة، وبدأ الاقتصاد فى التدهور.
وأوضح بركسوى، أن الاستثمارات المباشرة والمحافظ الاستثمارية هى الحل الوحيد لسداد تركيا عجزها الجارى، لافتًا إلى أن الحل الآخر هو السحب من احتياطى النقد الأجنبى، وأنه فى حالة عدم جدوى هذا الحل ستصبح الدولة عاجزة عن سداد ديونها الخارجية.
وعلق بركسوى، على مؤشر سداد المدفوعات المعلن من قبل الحكومة التركية يوم الإثنين الماضى، مؤكدًا أن الأرقام سجلت ارتفاعًا كبيرًا، وحذر من أنها وصلت إلى مرحلة دق أجراس الخطر.
وأكد أن عصر وفرة الاحتياطى الأجنبى التى عاشتها تركيا انتهت، مشيرًا إلى أن العجز الجارى سجل خلال عام 2016 نحو 28.6 مليار دولار، وارتفع فى عام 2017 ليسجل 39.4 مليار دولار أمريكى.
وأشار إلى أن الخطر الثانى هو زيادة نسبة الدين من عمليات تمويل العجز الجارى، قائلًا: "لقد تم سحب 3.9 مليار دولار من احتياطى النقد الأجنبى لسد العجز الجارى الذى سحب 4.2 مليار دولار أمريكى فى نوفمبر الماضى، وحذر من خطورة سحب هذا المبلغ الضخم من مصدر واحد وتأثيره السلبى على الاقتصاد".
وعلى جانب آخر، تراجع عدد السياح الأجانب الوافدين إلى تركيا بنسبة 6.51%، ليصل إلى 1.159 مليون سائح٬ مقارنة مع الفترة ذاتها من العام السابق التى وصل فيها العدد إلى 1.24 مليون شخص، وسجل عدد السياح الانخفاض السنوى التاسع عشر على التوالى، على الرغم من أنه الأصغر منذ يناير من عام 2016 وسط المخاوف الأمنية التى أحاطت بالبلاد.
ومن أنقرة إلى الدوحة، يطوى تنظيم الحمدين صفحة الشهر السابع من المقاطعة العربية التى كبدت اقتصاد إمارة قطر خسائر قدرها خبراء بما يقرب من 77 مليار دولار فى قطاعات عدة، وهو ما دفع وكالة ستاندرد آند بورز، لتخفيض تصنيفها الائتمانى للديون القطرية الطويلة الأجل إلى AA-، ووضعت الديون القطرية الطويلة الأجل على قائمة المراقبة الائتمانية ذات التداعيات السلبية، بما يعنى احتمالات كبيرة لخفض جديد فى التنصيف.
وأكدت الوكالة هروب أموال صناديق استثمارات المحافظ إلى خارج قطر جراء أزمتها مع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، مع تراجع الريال القطرى إلى أدنى مستوياته فى 11 عامًا، وتوقعت الوكالة أن يتباطأ النمو الاقتصادى القطرى ليس فقط من خلال تراجع التجارة الإقليمية بل أيضا تضرر ربحية الشركات بسبب توقف الطلب الإقليمى وتعرقل الاستثمارات وضعف الثقة فى الاستثمار.
وأكدت وكالة ستاندرد آند بورز، أن جودة أصول البنوك القطرية ستبقى رهينة لتطورات المقاطعة العربية بسبب ضعف قدرة اقتصاد الدوحة على تجاوز تداعيات المقاطعة، موضحة أن "الاقتصاد القطرى قد يتضرر بشدة جراء قطع العلاقات مع مصر والسعودية والإمارات والبحرين".