فمن يقومون على عملية التجنيد لم يتوقفوا فى تونس حتى اللحظة بل إنهم يمارسون انشطتهم وتحركهم بين الولايات التونسية بكامل حريتهم على الرغم من العمليات التى تقوم بها وزارتى الداخلية والدفاع، حيث تمكنت فرقة الأبحاث والتفتيش التابعة للحرس الوطني التونسي بصفاقس من تفكيك شبكة لتسفير الفتيات إلى سورية بهدف الالتحاق بتنظيم «داعش» الإرهابى.
تفاصيل الشبكة التى تم الكشف عنها أوضحت أنها كانت تنشط لتجنيد الفتيات فى أربع ولايات مختلفة وهى تونس وصفاقس والقيروان وسوسة، وتتحرك الشبكة بحريتها بين الولايات الأربع وتقوم باتصالاتها على الرغم من التشديدات الأمنية، وهو ما ينذر بأن الوضع أصبح خارج عن سيطرة القوات التونسية.
والملاحظ فى العناصر التى ألقت قوات الحرس الوطنى القبض عليهم أن أعمارهم تتراوح بين 22 و29 سنة ، مما يدق ناقوس الخطر حول تحول الشباب التونسى إلى فريس سهلة للتجنيد فى التنظيمات الإرهابية والوقوع فى شباك التطرف.
الكشف عن شبكة تجنيد التونسيات يأتى بعد أيام من بيان لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" والتى أعلنت أن الفصائل الكردية فى سوريا احتجزت مئات النساء الأجنبيات اللواتى انضممن إلى تنظيم "داعش" الإرهابى، العدد الأكبر منهم تونسيات.
وأوضح مدير البرنامج الخاص بمتابعة الإرهاب ومكافحته فى المنظمة فى حديث لصحيفة "دى فيلت" الألمانية، أن الحديث يدور عن نحو 800 امرأة بعضهن مع أطفال، وأعلنت الإدارة الكردية، أنها لا ترغب في ملاحقة هؤلاء النساء قضائيا وتفضل إعادتهن إلى دولهن، لكن عددا من تلك البلدان تعارض ذلك خوفا من أن تشكل هذه الخطوة خطرا على أمنها.
وحتى هذه اللحظة فإن عدد التونسيات فى صفوف تنظيم داعش غير معروف بدقة، وفى مايو الماضى أكدت القاضية روضة العبيدي رئيس الهيئة التونسية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، أن المرأة التونسية فاعلة في الجرائم الارهابية حيث إنهن يشغلن مناصب قيادية في تنظيم داعش الإرهابي مثلها مثل الرجل، لافتة إلى أن عدد النساء الإرهابيات غير محدد بدقة، وأشارت إلى أن الموقوفات فى جرائم إرهابية حاليا لا يتجاوز عددهن العشرة، وأن 40 فى المائة من المورطات فى الإرهاب لهن مستوى جامعى.
وتؤكد جمعيات غير حكومية وخبراء أمنيون فى مراكز مستقلة على وجود مئات المجندات ضمن جهاد النكاح فى صفوف تنظيم داعش المتطرف فى سوريا وليبيا، وفى إحصائية لعام 2017، قال مصدر مسؤول بوزارة الداخلية التونسية، إن عدد التونسيات المتواجدات فى بؤر التوتر يبلغ حوالي 120 امرأة، وجاء فى أرقام أوردها المركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات أن 700 امرأة تونسية التحقن بصفوف تنظيمات متشددة فى سوريا.
ولم يترك تنظيم داعش مجالا فى تونس إلا وطرقه لتجنيد أعضاء جدد، وكان آخر تلك المجالات الرياضة القتالية، حيث قامت تونس منذ شهر بتكثيف الرقابة على لاعبى الرياضات القتالية بعد ان كشفت وزيرة الشباب والرياضة التونسية ماجدلين الشارنى، عن التحاق بطلين رياضيين من تونس، بتنظيم داعش الإرهابى، مشيرة إلى أنّ أصحاب الرياضات القتالية هم الأكثر عرضة للاستقطاب والتطرف على حدّ تعبيرها.
وأضافت الوزيرة، أن الوزارة اجتمعت برؤساء جمعيات وجامعات الفنون القتالية لتكثيف المراقبة وحماية هذه الفئة من الرياضيين، مشدده على أن "مجهودات الوزارة لا تمنع وجود حالات شاذة وانحرافات نتابعها عن كثب، منها انضمام رياضيين إثنين لما يسمى تنظيم داعش الإرهابى وإيداع 5 أساتذة تربية بدنية السجن بقرار قضائى بعد ثبوت تورطهم فى قضايا ذات صبغة إرهابية".
وبتقوم الوزارة بمراقبة القاعات الرياضية الخاصة لاسيما تلك التى تحتضن أنشطة الرياضات الدفاعية وذلك بالتعاون مع وزارة الداخلية. كما تحرص على مراقبة كل أشكال التمويل الأجنبى للجمعيات الرياضية المختصة فى الرياضات الدفاعية من خلال الاجتماع بهم ودعوتهم لتقديم كشوفات مالية للتثبت منها وقد تم ربط صرف المنح العمومية بإلزامية تقديم تلك الكشوفات".
ووسط هذا السوس الذى ينخر يوميا فى عظام الدولة التونسية فمن الطبيعى أن تكون فريسة سهلة لعمليات إرهابية خاصة فى ظل تدهور الوضع فى ليبيا، حيث حذر وزير الدفاع التونسى عبدالكريم الزبيدى، من وجود تهديدات إرهابية على الحدود الجنوبية الشرقية لبلاده مع ليبيا.
وقال الزبيدى، وفق تصريحات نقلتها وكالة الأنباء التونسية أمس، إن التهديدات ناجمة عن تدهور الوضع الأمنى وتعقد الوضع السياسى في ليبيا، مشيرا إلى أن المهربين أصبحوا يلجأون لاستعمال السلاح، خاصة مع تلقيهم الدعم من ميليشيات ليبية، على حد وصفه.
وأضاف الزبيدى، تونس أوقفت أكثر من 120 شخصا بعد تسللهم عبر الحدود البرية مع ليبيا منذ بداية العام الجارى، مشيرا إلى أن الحاجز الترابى على الحدود مع ليبيا غير كاف، ويستلزم إيجاد منظومة إلكترونية للمراقبة.