لا تزال شركات توظيف الأموال هى الوهم الدائم الذى لا ينتهى فى مصر، فعلى الرغم من التحذيرات المستمرة منذ ثمانيات القرن الماضى إلا أن الضحايا فى تزايد مستمر، وأصبحت ظاهرة "المستريح" مسلسلاً ممتداً حلقاته فى جميع محافظات مصر، ويكون بطلها الدائم تاجر جشع يستغل طمع المواطنين فى الكسب السهل والحصول على أرباح ثابتة بقيمة عالية، ليقوم فى البداية بسداد بعض الأقساط من أموالهم المدفوعة، والانتظام لفترات فى سداد العائد، ليزيد من إغراء ضحاياه، ليقع عدد كبير من الفرائس فى الفخ، ثم يجمع المتهم الأموال ويفر هاربا، ويختفى فجأة.
الرغبة فى الثراء السريع والسهل، علاوة على التعاملات الودية، يعتبران الأسباب الرئيسية فى الكارثة، على الرغم من عدم وجود ما يسمى بشركات توظيف الأموال وليس لها أى أوراق رسمية أو تصاريح خاصة بها أو تراخيص يتم منحها لأصحاب تلك الشركات وإنما هى فى الأصل عملية نصب ممنهجة.
خبير قانونى: لا وجود لمسمى شركات توظيف الأموال فى القانون ولا تحمل تصاريح أو تراخيص
من جهته قال المحامى بالنقض محمد مهران الخبير القانونى، أنه لا يوجد أصلاً فى القانون ما يسمى بشركات توظيف الأموال وليس لها أية أوراق رسمية أو تصاريح خاصة بها أو تراخيص يتم منحها لأصحاب تلك الشركات وإنما هى فى الأصل عملية نصب ممنهجة، يقوم بها بعض الأشخاص المتخصصون فى "تفتيش" جيوب الغلابة والاستيلاء على أموالهم بعد أن يقوموا بنصب شباكهم حولهم للإيقاع بهم من خلال عروض وهمية ومكاسب زائفة يبدأون فى تسديدها ثم يختفون فجأة دون مقدمات.
مهران: التعاملات المالية فى مصر خاصة فقط بالبنوك والبورصة
وأكد مهران، إن التعاملات المالية فى مصر خاصة فقط بالبنوك والبورصة، وهى عبارة عن وضع أموال لشراء أسهم أو الحصول على فوائد شهرية أو سنوية أو ودائع طويلة الأجل، وغير ذلك لا أساس له من الصحة، وكذب تام وعمليات نصب تحت أى مسمى.
التعامل مع البنوك والمشروعات الوطنية لبناء الاقتصاد
ونصح الخبير القانونى بضرورة التعامل مع البنوك الوطنية، لأنها تعتبر مكسبا مضمونا علاوة على أنها مساهمة فى بناء اقتصاد الوطن، مؤكدا أنه يجب على المواطن عدم التعامل مع أى شركة إلا إذا كانت قائمة ومسجلة فى الغرفة التجارية أو وزارة الاستثمار ولها سجل تجارى، لأن التعاملات الودية سبب الأزمة، فلا بد أن يتعامل الأشخاص مع كيان قانونى قائم بذاته.
المقرحى: "طالما الطماع موجود فلا بد أن يكون هناك نصاب"
من جهته يقول الخبير الأمنى اللواء فاروق المقرحى مساعد وزير الداخلية الأسبق، إنه منذ عام 1983 وحتى الآن مازلت ظاهرة المستريح وتوظيف الأموال مستمرة، وذلك بسبب رغبة المواطنين فى الكسب السهل والسريع، مؤكدا أن "الطمع" هو أساس الأزمة، وتابع:" طالما أن الطماع موجود فلا بد أن يكون هناك نصاب يغريه ويلهف أمواله".
خبير أمنى: جميع المعاملات تتم فى الخفاء
وأضاف المقرحى، إن الأزمة تكمن فى أن المعاملات تتم جميعها فى الخفاء، حيث يتردد الكثيرون على النصاب، وعندما تقع الكارثة، يلجأون إلى الشرطة لتحرير المحاضر، و المعاملة تتم فى سرية تامة حفاظا على ما يحصل عليه الضحايا من أرباح من أموالهم وتكتشف الواقعة حينما يتوقف النصاب عن السداد.
وأكد الخبير الأمنى، إن الأمان الكامل فى التعامل الرسمى مع البنوك التى قامت برفع قيمة الفائدة لتصل فى بعضها إلى 20%، وكذلك من خلال الدولة والشركات التى يتم الإعلان عنها وعن نشاطها بشكل رسمى، وأن توظيف الأموال عملية نصب كبيرة، ليس لها حلول والحل الأوحد هو الابتعاد عن الوقوع فى براثن النصابين.
فيما يقول الدكتور أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، إن توظيف الأموال هى عبارة عن عمليات نصب ممنهجة يرتكبها مجموعة من الأفراد باستخدام كيانات وهمية لإيهام الضحايا بأن الشركات تعمل على توظيف الأموال والترويج لأفكار ومشروعات وهمية، لإقناع البعض بتحصيلهم ضعف أموالهم المستثمرة بخلاف الحقيقة .
مهران: القانون لا يحمى المغفلين
ويستكمل مهران، إن المجنى عليه يقوم بنفسه بتسليم أمواله بإرادته للنصاب، وأن أغلب الضحايا يقعون تحت طائلة القاعدة القانونية "القانون لا يحمى المغفلين"، لأنهم على علم تام بأن ما يجرى غير منطقى، وغير تجارى إلا أن الطمع أعماهم وجعلهم يتسابقون للحصول على الأموال بأى طريقة.
البنوك ومشروعات الشركات الكبرى الضمان الوحيد
ويختتم مهران، تصريحاته بأن الطرق المشروعة سواء فى البنوك أو الاستثمارات والمشروعات الحقيقة للشركات الكبرى التى يتم الإعلان عنها رسميا فى الجرائد الرسمية وكذلك المشروعات الوطنية التى تخضع لرقابة الدولة والمؤسسات التابعة للدولة، سواء من خلال الشراكة أو شراء أسهم وسندات، هى الطريق الأوحد والأمثل لضمان أموالك.
وكانت الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، قد نجحت فى ضبط 30 شخصًا استولوا على "75" مليون جنيه من المواطنين، بزعم توظيفها على مدى الثلاثة أشهر الأخيرة فى عدد من المحافظات، رغم التحذيرات المستمرة من جرائم الاحتيال على المواطنين، والاستيلاء على أموالهم بزعم توظيفها فى مجالات مختلفة.