علاقات سياسية واقتصادية ودبلوماسية مشبوهة جمعت النظام القطرى مع الكيان الصهيونى على حساب المصالح والحقوق العربية بصفة عامة والفلسطينية بصفة خاصة، ففى تصريحات واضحة أقر النظام القطرى، على لسان سفيره فى فلسطين محمد العمادى، بمساعدة الدوحة لإسرائيل، معتبرًا أن أموال الإغاثة للفلسطينيين التى يتم تحولها تأتى بمباركة من واشنطن.
تصريحات العمادى التى نشرتها صحيفة عكاظ السعودية، قال خلالها إنه التقى مع وزير التعاون الإقليمى الإسرائيلى ومسئولين فى الأمن، إلى ذلك التعاون وأنه دليلًا على نأى الدوحة بنفسها عن حماس، مشددًا على أن بلاده حريصه على أمن فلسطين وإسرائيل فى الوقت نفسه، ولا تساعد حركة المقاومة.
وكشف العمادى، عن استجابة بلاده لطلبات إسرائيلية وأمريكية قائلًا: "توقفت قطر عن استضافة نائب زعيم حماس صالح العارورى.. وكل قرش من الأموال القطرية تحصل عليه غزة تجرى مراقبته لضمان إنفاقه على الاحتياجات الإنسانية".
وأضاف السفير القطرى: "نبلغ واشنطن بالمعلومات الصحيحة بشأن ما نقوم به فى هذا الملف، وهؤلاء الناس (الأمريكيون) معنا"، مشددًا على أن صورة بلاده "تحسنت لأنه عندما نخبرهم بما يجرى على الأرض وما نقوم به هناك، فهذا عمل جيد.
زيارات لإسرائيل
وألمح العمادى، إلى أنه زار إسرائيل 20 مرة منذ 2014، مستطردًا: "كانت الزيارات سرية فى السابق، لكنها لم تعد على هذا النحو الآن".
ولم تكن هذه المرة الأولى التى يؤكد فيها مسئول قطرى التعاون مع إسرائيل فقد سبق أن أكد وزير التجارة والصناعة بالدوحة استعداد بلاده لتزويد إسرائيل بالغاز وبأسعار مخفضة، خلال اتصال هاتفى أجراه بنظيره الإسرائيلى، وأعرب الوزير الإسرائيلى عن امتنانه الشديد لدولة قطر.
والعلاقات القطرية الإسرائيلية ليست وليدة اليوم بل ضاربة بجذورها فى التاريخ، وبدأت تتكشف ملامحها بعد عام واحد من وصول أمير قطر السابق حمد بن خليفة إلى سدة الحكم، حيث بدأت فصول مسلسل التطبيع القطرى مع الكيان الصهيونى، بعد استضافة العاصمة القطرية رئيس الحكومة الإسرائيلى الأسبق شمعون بيريز عام 1996، وخلال هذه الزيارة افتتح بيريز المكتب التجارى الإسرائيلى فى الدوحة، وكان رئيس المكتب يحصل على رتبة سفير فى وزارة الخارجية الإسرائيلية، ومن خلال هذا المكتب تم التوقيع على اتفاقية لبيع الغاز القطرى إلى إسرائيل، وإنشاء بورصة الغاز القطرية فى تل أبيب.
وتمد السلطات القطرية إسرائيل احتيجاتها من الغاز قبل سنوات، حيث أعلنت وبشكل صحيح عن رغبتها فى إقامة علاقات تعاون واسع النطاق مع الجانب الإسرائيلى، بحيث يشمل مختلف الجوانب التجارية والاقتصادية، وذلك من خلال معاهدة التجارة الحرة "الجات".
علاقات سرية
وإلى جانب العلاقات العلنية التى جمعت بين قطر وإسرائيل، كانت هناك علاقات ولقاءات سرية ربطت بين الجانبين، وهى العلاقات واللقاءات التى تم تسريبها من قبل بعض وسائل الإعلام العربية والإعلامية، ومن أبرز هذه اللقاءات السرية، اللقاء الذى جمع بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مع رئيس الوزراء القطرى الأسبق حمد بن جاسم فى باريس.
ليفنى فى قطر
وطبقا لصحيفة الاتحاد الإماراتية، نشر موقع ويكيليكس وثيقة مسربة، كشفت عن أن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطرى الأسبق حمد بن جاسم أطلع الجانب الإسرائيلى بأن الدوحة تتبنى خطة لضرب استقرار المنطقة، وإحداث الفوضى مستعينة فى ذلك بقناة الجزيرة باعتبارها عنصرًا محوريًا فى الخطة، وجاء هذا الأمر خلال لقاء سرى جمع بين بن جاسم ومسئول إسرائيلى.
وفى إطار التعاون الوثيق بين الدوحة وتل أبيب، قامت شركة الخطوط الجوية القطرية بنقل 60 يهوديًا من اليمن إلى إسرائيل عبر الدوحة، وجاءت هذه العملية فى إطار خطة قطرية ـ إسرائيلية لنقل ما تبقى من اليهود فى اليمن إلى إسرائيل، وقدرت بعض الإحصائيات عددهم بـ400 فرد.
الدوحة تمول الحملة الانتخابية لنتنياهو
واعترف مسئولون إسرائيلون بقوة العلاقات التى تجمع بلادهم بقطر، ومن هؤلاء ليئور بن دور المتحدث الرسمى باسم الخارجية الإسرائيلية، والذى سبق أن اعترف بوجود تعاون إعلامى بين إسرائيل وقطر، حيث اعتادت قناة الجزيرة القطرية على استضافة «ليئور» وبعض الدبلوماسيين الإسرائيليين عبر شاشاتها، وفى المقابل قدمت وزارة الخارجية الإسرائيلية كل الخدمات والتسهيلات التى ترغب فيها القناة أو فريق مراسليها فى تل أبيب.
وكشف "ليئور بن دور"، عن أن هناك مسئولين إسرائيليين يسافرون إلى الدوحة لحضور عدد من المؤتمرات، فضلًا عن وجود رجال أعمال إسرائيليين يسافرون للدوحة لإبرام صفقات تجارية ضخمة.
أما وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبى ليفنى، فقد سبق وكشفت فى لقاء لها مع القناة الإسرائيلية الأولى عن تمويل الدوحة للحملة الانتخابية لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، وبلغت قيمة هذا التمويل 3 ملايين دولار.
الأمر نفسه، يؤكد عليه الدبلوماسى الإسرائيلى سامى ريفيل، وهو أول رئيس لمكتب تمثيل المصالح الإسرائيلية فى الدوحة، والذى أقام فى الدوحة لمدة 3 أعوام بداية من 1996 وحتى 1999، وقد ألف كتابًا أسماه: «قطر وإسرائيل.. ملف العلاقات السرية، وفى هذا الكتاب يقول ريفيل: كان من الصعوبة بمكان ترتيب العلاقات القطرية الإسرائيلية لولا حكومة قطر التى ذللت كل الصعاب، حيث حصلنا على تسهيلات كثيرة من مسئولين قطريين كبار وشركات قطرية كبرى.
وأكد ريفيل، على أن الشيء الرئيسى لعلو شأن دولة قطر يعود إلى الدور الذى تلعبه كجسر معلق بينها وبين إسرائيل، مشيرًا إلى الدور الذى لعبته قطر فى دعوة الكثير من الدول العربية على فتح العلاقات تجاه الدولة الإسرائيلية تحت مسميات تجارية علنية وسرية، موضحًا فى الوقت نفسه أن هناك رابطًا وثيقًا بين صعود الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى، أمير قطر السابق، إلى سدة الحكم بعد انقلابه على والده، وبين تسريع نمو العلاقات بين قطر وإسرائيل.