بعد مرور أكثر من عام على رئاسته ورغم المشكلات العاصفة التى يواجهها الرئيس الأمريكى، إلا أن الاقتصاد ظل أحد القضايا الرئيسية التى يعول عليها دونالد ترامب فى محاولة لإنجاح رئاسته، لاسيما وأن الاقتصاد هو الأولوية الأولى للناخبين الأمريكيين.
لكن الرياح قد تأتى بما لا تشتهى السفن لترامب، فقد ذكرت مجلة "نيوزويك"، أن أمريكا تحصل على قدر غير مسبوق من الديون لدفع مقابل التخفيضات الضريبية والزيادة فى الإنفاق، لكن المستثمرين الأجانب، الذين يحملون حوالى 43% من الدين الحكومى يصبحون متقلبين بشأن شراء الدين.
وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية يوم الاثنين الماضى، عن أنها سجلت مبلغا قياسيا من الديون فى الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2018، واقترضت حوالى 488 مليار دولار، أى 47 مليار دولار أكثر من التقديرات الأولية. ورغم أن الولايات المتحدة تأخذ هذه المستويات غير المسبوقة من الديون خلال فترة ازدهار اقتصادى، إلا أن هناك أزمة محتملة تلوح فى الأفق. فالاستثمارات الأجنبية فى الدين الأمريكى حاليا فى أقل مستوى لها منذ نوفمبر 2016، وتتراجع بشكل ثابت منذ 2008، عندما كان الأجانب يمتلكون حوالى 55% من الديون الأمريكية.
ونقلت المجلة تصريحات لخبراء قالوا فيها إن الملكية الأجنبية للديون الفيدرالية أساسية من أجل رفاهية البلاد الاقتصادية، فلا يمكن التواجد بهذه المعدلات من النمو فى ظل توقعات العجز هذه بدون مشاركة أجنبية.
وأوضحت "نيوزويك"، أنه لو اشترى عدد أقل من الأجانب الدين الأمريكى، فإن المستثمرين الأمريكيين سيجبرون على تحمل الركود وشراء الديون بدلا من الاستثمارات النشطة وهى عملية تسمى "المزاحمة".
وقال مارك جولدوين، مدير السياسة فى لجنة الميزانية الفيدرالية المسئولة، وهى جماعة غير حزبية فى الولايات المتحدة، إنه لو اشترى الأجانب دجيونا أقل، فإن الأمريكيين سيشترون أكثر، وسيشترون على حساب القيام باستثمارات إنتاجية فى الأعمال والشركات الناشئة". وتابع قائلا أنه نتيجة لتحويل الدولارات إلى الخزانة بدلا من الاستثمارات الأحرى، فإن الاقتصاد الأمريكى سيشهد نموا أقل للناتج المحلى الإجمالى وتباطؤ فى نمو الأجور.
وتابع جولدوين: "ستكلف التخفيضات الضريبية التى أقرها الجمهوريون فى الكونجرس حوالى 1.9 تريليون دولار على مدار 10 سنوات، كما أن قانون الإنفاق سيكلف 1.3 تريليون دولار أخرى. وبسبب هذه الزيادة فى الإنفاق الفيدرالى، فإن الحكومة تتجه الآن لمواجهة عجز بأكثر من تريليون دولار بحلول 2020".
وأشار مدير السياسة فى لجنة الميزانية الفيدرالية المسئولة، إلى أنه لو استمر الوضع القائم، فإن العزوف الأجنبى عن شراء الأجنبى سيتحول عند نقطة ما إلى ما وراء الشراء المحلى المتزايد ويتحول إلى أمرا مرعبا، فيمكن أن تحدث قفزة كبيرة فى معدلات الفائدة وتحدث بشكل سريع.. ولو اضطرت الولايات المتحدة لعرض 5% عائدات على ديونها بدلا من 2% للبائعين المحتملين، فإن الدين سيصبح أقل قيمة للمستثمرين.
وقال جولدوين، إن الولايات المتحدة حاليا هى أكثر الدول ثراء فى العالم وهى فى وضع جيد يسمح لها يتحمل المزيد من الديون إذا كانت بحاجة إلى ذلك، لكن هذا يمكن أن يكون موقف "كلما كبر حجم الدولة كلما كان السقوط صعبا". ورغم أنه غير مرجح، لكن لو تم بيع الديون الكبيرة، فإن هذا سيكون أمر سىء، ويجعل الأزمة المالية الأخيرة متواضعة مقارنة بما سيحدث.
ولفتت نيوزويك، أيضا إلى وجود قلق من أن الصين، أكبر حامل أجنبى للسندات الأمريكية، ربما تمارس ضغوطا إضافية على الولايات المتحدة فى وجه تهديدات الرئيس دونالد ترامب بحرب تجارية.
وكان السفير الصينى لدى واشنطن قد صرح الشهر الماضى بأن بلاده لم تستبعد تقليص مشتريات الدين الأمريكى كرد انتقامى على التعريفة الجمركية التى يريد ترامب فرضها على الواردات الصينية.