وربما يحل قانون الإدارة المحلية فى بداية صفوف هذه القوانين من حيث الأهمية، خاصة وأن مناقشته استغرقت وقتا طويلا فى البرلمان، وكان متوقع صدوره منذ دور الانعقاد الماضى، وهو ما لم يحدث حتى الآن، وفى كل الأحوال طبقا للدستور، فإن البرلمان لابد أن يصدر هذا القانون قبل يناير من العام 2019.
وتنص المادة ( 242 ) من الدستور على: "يستمر العمل بنظام الإدارة المحلية القائم إلى أن يتم تطبيق النظام المنصوص عليه فى الدستور بالتدريج خلال خمس سنوات من تاريخ نفاذه، ودون إخلال بأحكام المادة (180) من هذا الدستور".
أما قانون العدالة الانتقالية، فقد كان يتوجب على البرلمان ووفقا للدستور، أن يصدره فى أول دور انعقاد له بعد نفاذ الدستور، فتنص المادة ( 241 ) على:"يلتزم مجلس النواب فى أول دور انعقاد له بعد نفاذ الدستور بإصدار قانون للعدالة الانتقالية يكفل كشف الحقيقة، والمحاسبة، واقتراح أطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا، وذلك وفقاً للمعايير الدولية".
وقد وافقت اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، فى 24 أغسطس 2016، ومن حيث المبدأ على مشروع قانون العدالة الانتقالية، ومنذ وقتها لم يطرح لأى مناقشات أخرى، وسط بعض الآراء التى خرجت من النواب، والتى تميل إلى عدم صدور هذا القانون مطلقا، رغم أنه استحقاق دستورى، مؤكدة أن المجتمع المصرى ليس مهيئا لصدور مثل هذا التشريع، خاصة مع استمرار جماعة الإخوان فى نهجهم الإرهابى.
أيضا من بين تلك القوانين التى نص الدستور عليها، ذلك التشريع الخاص بقواعد ندب القضاة، حيث نصت المادة ( 239 ) من الدستور على:"يصدر مجلس النواب قانونًا بتنظيم قواعد ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية، بما يضمن إلغاء الندب الكلى والجزئى لغير الجهات القضائية أو اللجان ذات الاختصاص القضائى أو لإدارة شئون العدالة أو الإشراف على الانتخابات، وذلك خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور".
كما نصت المادة ( 186 ) من الدستور على:"القضاة مستقلون غير قابلين للعزل، لا سلطان عليهم فى عملهم لغير القانون، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات، ويحدد القانون شروط وإجراءات تعيينهم، وإعاراتهم، وتقاعدهم، وينظم مساءلتهم تأديبياً، ولا يجوز ندبهم كليا أو جزئيا إلا للجهات وفى الأعمال التى يحددها القانون، وذلك كله بما يحفظ استقلال القضاء والقضاة وحيدتهم، ويحول دون تعارض المصالح. ويبين القانون الحقوق والواجبات والضمانات المقرره لهم".
ووافقت الحكومة برئاسة المهندس شريف إسماعيل منتصف أبريل الجارى على مشروع قانون بتنظيم ندب القضاة وأعضاء الهيئات القضائية، لكنه لم يصل بعد للبرلمان، بحسب ما يؤكده الدكتور صلاح حسب الله المتحدث باسم البرلمان.
قانون "مفوضية منع التمييز"، أيضا يأتى ضمن قائمة القوانين التى نص الدستور عليها وأوجب ضرورة صدوره، ولكنه حتى الآن غير موجود، ولا مدرج ضمن أجندة البرلمان، حيث نص الدستور على مكافحة كافة أشكال التمييز بين المواطنين سواء كان تمييزا عرقيا أو دينيا أو جنسيا أو اجتماعيا.
وجاءت نص المادة (53) منه كالتالى:"المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم على أساس الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، أو لأى سبب آخر. التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون. تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض".
وكيل اللجنة التشريعية بمجلس النواب النائب أحمد حلمى الشريف ، أكد أن هناك قوانين سينتهى منها البرلمان قبل بداية عام 2019، وهى المدة المنصوص عليها فى الدستور فيما يتعلق بقانون الإدارة المحلية، وقانون تنظيم ندب القضاة وأعضاء الهيئات والجهات القضائية.
وأوضح الشريف، أن البرلمان لن يستطيع أن يصدر خلال دور الانعقاد الحالى قانون الإدارة المحلية ، لكنه أكد على أنه فى بداية دور الانعقاد الرابع سوف ينتهى البرلمان منه، وهو ما يعنى انتهاءه قبل يناير 2019 .
وعن باقى القوانين قال، إن هذه القوانين فى الأجندة التشريعية للمجلس وسوف ينتهى منها خلال الفترة المتبقية من عمره.
من جانبه قال الدكتور صلاح حسب الله المتحدث باسم البرلمان، تعليقا على عدم صدور هذه القوانين حتى الآن من البرلمان رغم النص على مواعيد بعينها فى الدستور لصدورها، قائلا:" هذه المواعيد المنصوص عليها فى الدستور مواعيد تنظيمية، وليست ملزمة، والبرلمان ملتزم بمعايير لصناعة القوانين ، وليست القصة فى السرعة ، لكن الأهم هو أن يصنع البرلمان قانون ليعيش سنوات طويلة"
وتابع حسب الله:"فى جميع الأحوال فإن مجلس النواب يحاول الالتزام من أجل صدور هذه القوانين المنصوص عليها فى الدستور، فقانون الإدارة المحلية وصل لمراحله الأخيرة وقارب على الانتهاء فى البرلمان، وفيما يتعلق بمشروع قانون تنظيم قواعد ندب القضاة، أكد حسب الله أن الحكومة وافقت عليه لكنه لم يصل إلى البرلمان بعد."
بينما يؤكد أستاذ القانون الدستورى الدكتور شوقى السيد، على أن كافة القوانين المحددوة بمواعيد لصدورها فى الدستور هى مواعيد إلزامية وليست تنظيمية، وقال أن هذا تكليف دستورى موجه من المشرع الدستورى إلى صاحب سلطة التشريع، وهو البرلمان، وعلى الأخير الالتزام به.
وأضاف السيد، أن الدستور أبو القوانين، وحين يوجه ويمنح المشرع مهلة تقترب من 5 سنوات، لا يصح أن يتأخر البرلمان أكثر من ذلك.
وتابع السيد، كان لازما على البرلمان أن يسارع الخطى ويصدر التشريعات ويفكر فى فلسفتها ويطرحها للنقاش دون عجلة، خاصة وأن المواعيد التى منحه الدستور لصدور هذه القوانين جيدة، لكن أن يتم التبرير لعدم صدور هذه القوانين حتى الآن والمدة قاربت على الانتهاء، بأنها مواعيد تنظيمية، فهو أمر غير مقبول، خاصة أن هناك نصوص أخرى تركت من غير تحديد مدة مثل كفالة التعويض للمحبوسين احتياطيا، والتعويض عن مدة الحبس والادانة، ومع ذلك فكلها قوانين عاجلة لارتباطها بالحريات.
وقال الدكتور شوقى السيد، أنه يدعو البرلمان لأن يتصفح الدستور ويسارع فى إصدار هذه القوانين بغير عجلة، وأن يلتزم بالمواعيد الدستورية خاصة وأنها رحيمة.