متى يتم دمج الاقتصاد غير الرسمى أو "الاقتصاد الخفى" كما يسميه البعض فى الاقتصاد الرسمى للدولة؟، سؤال ينتظر إجابة الحكومة والبرلمان، إذا يمثل هذا الاقتصاد الخفى من 60 إلى 80 % تقريبا من الاقتصاد المصرى، لكنه بعيد عن المراقبة ولا تستفيد منه الدولة بشىء، فلا يتم دفع ضرائب عنه أو رسوم تراخيص، وهو ما يعد إهدارا للمال العام، فى وقت الدولة فى أشد الحاجة لموارد جديدة وأموال وتخفيض عجز الموازنة العامة.
وفى هذا السياق، رصد بعض البرلمانيين والقانونيين، 6 تشريعات فى حالة إصدارها أو تعديلها، بجانب إجراءات تنفيذية يجب أن تتخذها الحكومة، ستعمل على دمج "الاقتصاد الخفى" الذى يضم أنشطة تجارية وصناعية تمارس بدون تراخيص وبدون محاسبة ضريبية، فى الاقتصاد الرسمى للدولة، وبالتالى سيدخل مليارات الجنيهات لخزينة الدولة، منها قوانين (المحال التجارية والعامة والملاهى، الباعة الجائلين، إعلانات الطرق، الجبانات، وغيرها).
رئيس "محلية البرلمان" 80% من الاقتصاد حاليا غير رسمى ودمجه ضرورة ملحة
قال المهندس أحمد السجينى، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، إن 80% من الاقتصاد حاليًا اقتصاد غير رسمى، والسعى لإصدار تشريعات لدمجه فى الاقتصاد الرسمى، أصبح ضرورة ملحة لعدم إهدار أموال الدولة ومواردها.
وأضاف "السجينى"، فى تصريح لـ"برلمانى"، أن هناك العديد من الأنشطة التجارية والصناعية التى تعمل بدون تراخيص وبدون تشريع ينظمها، وبالتالى لا تدفع رسوم تراخيص ولا ضرائب للدولة، مثل الأنشطة الأخرى المرخص لها، مما يهدر الكثير من الأموال التى يمكن أن تدخل للخزينة العامة للدولة فى حالة دمج هذه الأنشطة والخدمات فى الاقتصاد الرسمى.
وأكد رئيس لجنة الإدارة المحلية، أن الأمر يقتضى أن تعمل الدولة على سرعة تقنين هذه الأنشطة، وإصدار تشريعات تنظمها وتحدد ضوابط لعملها، لافتًا إلى أن لجنة الإدارة المحلية انتهت بالتنسيق مع الحكومة إلى مشروع قانون متوازن لتراخيص المحال التجارية، الذى يدمج قوانين (المحال العامة والمحال التجارية، والملاهى) فى قانون واحد، ويستهدف التبسيط والتيسير على المواطنين فى استخراج التراخيص، ووجود جهة موحدة لإصدار التراخيص، بالإضافة إلى دمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى.
وتابع "السجينى": "إذا أرادت الدولة المصرية أن تنجح وتحرز تقدما فى ملف دمج الاقتصاد الخفى بالاقتصاد الرسمى، فيجب أن يكون هذا الأمر من خلال وضع حزمة سياسات قائمة على الحوافز والترغيب، قبل التغليظ والترهيب، وهذا من خلال أن تتضمن تلك السياسات برامج تدريب وقرارات توجيه خاصة لمأموريات الضرائب بأنواعها، لأن تلك المأموريات والمصالح بالموارد البشرية العاملة فيها بالعقلية والثقافة المتراكمة خلال عقود بتلك الهياكل تعتبر أحد المكونات الرئيسية لوصول المواطنين نحو العمل خفيا بعيدا عن الإطار الرسمى للدولة".
وأردف: "وما تفضل به رئيس الجمهورية من اسشارة خلال مؤتمر الشباب الأخير إلى وزير المالية حول أن تتضمن تلك الحوافز إعفاءات، هو تلميح فى محله وموضوعى ويقابل الواقع، وأرى أن أى اعتراض فى هذا الشأن سيكون فى مقام الاعتراض الخيالى الذى لا يلمس حقيقة الوضع على الأرض، ومن يعترض على الحوافز والترغيب عليه أن يتحلى بالشجاعة ويقف أمام الجميع ويقدم برنامجا وطنيا بمؤشرات واضحة حول رؤيته بدمج الاقتصاد غير الرسمى من حيث الكم والكيف والنوع".
واستطرد رئيس لجنة الإدارة المحلية: "وبناء عليه كافة التشريعات التى نكون طرفا فيها، نتحدث فى هذه المسألة مستهدفين التيسير والتبسيط أولا، لأنه السبيل الوحيد للجذب الرشيد والفعلى لأى ممارسات اقتصادية، ثم يأتى بعد ذلك مسألة التغليظ التى تكون لدينا فى مقام تغليظ حقيقي لأنه تم بناء على تبسيط وتيسير واقعى".
وقال "السجينى"، إنه يجب أن نخطو خطوات جادة فى مسألة مراجعة خريطة الاستثمار، وبالرغم من الشكل العام الذى تقوم به وزيرة الاستثمار، إلا أنه مازال فى المضمون هناك من الملاحظات والتحفظات، وعلى سبيل المثال، "أرى أنه يجب أن يكون هناك اتفاقا بأن الخريطة الاستثمارية تكون على مستوى الوحدات المحلية الأدنى فالأعلى من خلال ترسيخ مفاهيم التسكين الجغرافى المرتكز على الميزة النسبية للثروات، سواء كانت ثروة بشرية أو فى خامات طبيعية، وذلك لكل وحدة محلية على حدة، ولا يتعارض هذا مع مسألة مراكز الأنشطة الاقتصادية مثل مدينة الأثاث أو الجلود، فهى مشروعات جيدة، أتمنى تنزل على مستوى الوحدات المحلية استنادا لما هو متاح من تلك الثروات، وكل هذا يكون من خلال ربط واتساق ما بين جهاز المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، والمسألة تحتاج إلى حزمة من السياسات وليس عمل مجتزأ فى قطاع معين أو عدة قطاعات مجتزئة".
صلاح فوزى: تعديل قوانين الجبانات والإعلانات وإشغال الطرق ضرورة
من جانبه، قال الدكتور صلاح فوزى، أستاذ القانون الدستورى، إن البرلمان بدأ فى اتخاذ خطوات إيجابية فى ملف دمج الاقتصاد الخفى غير الرسمى فى الاقتصاد العام للدولة، منه إنجاز قانون المحال التجارية الذى يدمج قوانين (المحال التجارية والعامة، والملاهى) فى قانون واحد وفيه يتم تنظيم وضع المقاهى والكافيتريات وغيرها لتكون بتراخيص، وقانون تنظيم ساحات انتظار المركبات بالطرق الذى ينظم وضع منادى السيارات (السايس).
وأوضح "فوزى"، أن هناك عدد كبير من الأنشطة الاقتصادية ليس لها سجل تجارى ولا بطاقة ضريبية وليس لها رخصة رغم أن بعض القوانين تشترط وجود رخصة، ومنها الباعة الجائلين، وإشغالات الطرق، وبالتالى يجب إصدار قانون يقنن أوضاع الباعة الجائلين، وإشغال الطرق، وهذه الإجراءات يترتب عليها دمج "الاقتصاد الخفى" فى الاقتصاد العام للدولة، وإذا كان هناك التزامات مالية تؤدى من هذه الأنشطة، ويتم التأمين على العمالة فيها، ليتحول إلى اقتصاد معلن ويكون هناك تنظيم ومحاسبة ضريبية.
وتابع الدكتور صلاح فوزى: "النواب مهتمون بالأسواق والسويقات وبأماكن انتظار السيارات والمنادى وتنظيم المواقف، والباعة الجائلين وإشغالات الطرق وقانون الإعلانات، وكلها ضمن منظومة التشريعات البلدية"، وبالنسبة لقانون الإعلانات، فهناك الإعلانات على السيارات مثل النقل العام والتاكسى وسيارات ركاب النقل الخاص، يتم عمل إعلانات عليها، بالتالى لابد من تنظيمها، كما أن هناك لوائح فى المحليات تنظيم الأسواق والسويقات.
وشدد أستاذ القانون الدستورى، على ضرورة تعديل قانون الجبانات، وتنظيم مهنتى "التربى والحانوتى"، بالترخيص لها، فالجبانة مال عام ملك الدولة ولها مواصفات، وهناك إدارة جبانات فى المحافظة، والبعض يستغل الأمر فيما يعرف بـ"بيزنس الجبانات" حاليا، والمتر وصل إلى 6 آلاف جنيه، فهل يعقل أن سعر متر الجبانة أكبر من سعر متر الوحدة السكنية، هذا الموصوع يحتاج مواجهة خاصة فى الريف، حيث يتم بناء الجبانات على الأراضى الزراعية.